سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السيدة زينب أم العواجز.. طوفان هادر من المصريين يحيون ليلتها الكبيرة بذكر مآثر آل البيت.. الشيخ ياسين التهامي أشهر مداحينها..المريدون يقدمون اللحوم للفقراء تقربًا لآل البيت
مدد ياأم العواجز ياسيدة.. هكذا اعتاد المصريون التواصل مع ذكرى السيدة زينب رضي الله عنها صاحبة المكانة الخاصة في النفوس، حتي إنهم يترقبون مولدها لإقامة سرادق كبير يكون أشبه بمهرجان شعبى بحضور عشرات الآلاف من المريدين من كافة الطوائف. يردد الآلاف في صوت واحد مسموع " حي" وهم في حالة من الوجد والعشق لذكرى أم العواجز. يحتفل المصريون من الصوفية وعشاق آل البيت اليوم بالليلة الختامية أو ليلة السيدة زينب "المولد" لتستقبل الوافدين من المحافظات لإحياء الاحتفالات، وخاصة في الليلة الختامية التي تشهد زحامًا كبيرًا من الطرق الصوفية وكل عشاق مولد السيدة. وتقيم الطرق الصوفية السرادقات المخصصة للطقوس التي تقيمها، ولم ينس عشاق السيدة هذا العام الاحتياط لحالات انقطاع الكهرباء والتي أصبحت تشغل مصر الآن حيث يتم التغلب عليها بتوفير مولدات كهربائية جهد عالى لتغذية المنطقة. وفي مسجد السيدة زينب- حيث يوجد الضريح- والمنطقة المحيطة بها، تبدأ أجواء الاحتفال بمولد السيدة التي أحبت المصريين وأحبوها فالسيدة وآل البيت يحتلون مكانة كبيرة في قلوب المصريين، وسكان الأقاليم يعتبرون زيارتهم للسيدة زينب بركة فكل من يأتي من الأقاليم لابد أن يمر على مساجد آل البيت- السيدة والحسين-. وفي الليلة الكبيرة- ليلة السيدة- يسرع المصريون لحضور المولد، الذي ارتبطوا به روحيًا- على اختلاف ألوان طيفهم وطوائفهم، إنها النفحة التي ينتظرونها من العام للعام لإظهار حبهم لآل بيت النبي، والاستمتاع بأجواء الاحتفالات، الشوارع تكتظ بالناس الذين تصل أعدادهم لعشرات الآلاف، إنها الليلة الختامية، والزحام شديد، فأهل القري يأتون إلى المكان في الليلة السابقة يبيتون على الأرصفة وفي الشوارع حتي لا تفوتهم المشاركة في المولد. وفي الليلة الختامية يصعب رؤية أي شيء من مسجد السيدة زينب إلا قبته العالية التي تتلألأ الأنوار من مآذنها، ويصعب اختراق الحشود التي تحيط بالمكان والتي تمتد لعدة كيلومترات من جميع الاتجاهات. ومنذ اللحظة الأولي لانطلاق الاحتفالات يترامي لمسامعك أصوات الزوار مرددة "الله حي".. "مدد يا ستنا مدد".. "يا أم العواجز يا طاهرة" وبالقرب من المسجد، تجد عددًا هائلًا من سرادقات الطرق الصوفية، التي تمهد لليلة الكبيرة، بحلقات الذكر والأناشيد في حب آل البيت. وداخل المسجد، تجد أصوات البكاء والنحيب التي تصدر من مئات المحبين للسيدة زينب، ومريديها الملتفين حول ضريحها. مشاهد الزائرين للمسجد، متباينة فهناك أصحاب المناصب في ملابسهم الأنيقة وهناك من يلبس جلبابًا أبيض ويأخذ في الصياح "بركاتك يا أم العواجز يا طاهرة.. ولادك على بابك لبوا الندا.. اوعي تكسفيهم". وسط العشرات يقف رجل مسن لا يظهر من وجهه سوى عينيه ولحيته البيضاء الكثيفة يحكي قصة مولد السيدة زينب، التي جاءت إلى مصر لترعى الفقراء والمساكين، الذين أتوا لزيارتها باعتبارها من آل البيت، وبعد وفاتها استمر الناس في عاداتهم التي لم تنقطع بزيارة السيدة. وبعد صلاة المغرب بمسجد السيدة زينب- في الليلة الختامية- تبدأ مراسم الاحتفال بافتتاح المولد، ويبدأ الحديث عن مآثر السيدة زينب، وحب المصريين لأهل بيت رسول الله الأطهار، وتناولوا من تراثهم ومآثرهم ما أضفى على المكان حالة من الخشوع والحب الإلهي للبيت النبوي. وتشهد حلقات الذكر التي تقيمها الطرق الصوفية أجواء روحانية عطرة، وارتفاع أصوات المداحين بحب البيت النبوي، ومقرئي القرآن ومرددي الأدعية. وتقام فعاليات أخرى على هامش الاحتفالات، ومنها سرادقات الحلوى وهي خاصة بإمتاع الأطفال الذين يصطحبهم آباؤهم للمولد لنيل البركة ولإسعادهم في تلك الأجواء، فإلى جانب انتشار سرادقات الحلوى بمختلف أنواعها وأنواع من الياميش، يكون هناك الأراجوز الذي يغني للأطفال، وبمجرد أن يبدأ صاحب "الأراجوز" في إقامة مسرحه الصغير، يبدأ التجمع من الكبار قبل الصغار في الالتفات حوله، وتمتلئ شرفات المباني القديمة بالسيدات والفتيات للاستماع إلى الحكايات الممتعة. حكايات كثيرة تسمعها من مريدى السيدة الذين لم يتخلفوا مرة واحدة عن حضور ليلتها. فها هو الحاج أحمد يحكي أنه قضي 60 عامًا من عمره في مولد السيدة زينب ففى كل عام يصطحب أولاده وهم صغار ليدخلهم السيرك والأراجوز ويشتري لهم الطرطور.
عجوز أخرى تسرد حكايتها مع المولد لتقول" أنا بحضر مولد السيدة زينب من 4۰ سنة، أنا جاية من بنها، وقاعدة على الرصيف من أول يوم مولد، أنا وجيراني من البلد، علشان نحضر المولد ونقرأ الفاتحة للطاهرة، أصل إحنا متعودين نحضر المولد قبلها بأكثر من أسبوع ننزل على مصر وبيكون معانا أكلنا وشربنا اللي يكفينا، وأول لما بنيجي بنفرش الخيم في الشوارع، ولما نرجع البلد بأخد أي حاجة كده بركة من المولد زي الحلاوة، الحمص، الهريسة للأولاد". تبدأ الطرق الصوفية بتحضير المؤن من الشاي والسكر واللحم والأرز قبل مولد السيدة بعشرة أيام على الأقل، وعن عادتهم في ذبح الخرفان، والأبقار أثناء الاحتفال بالمولد، فهم يرون أنهم يسعون في مولد السيدة للتقرب من الله من خلال إطعام الفقراء. مسجد السيدة زينب أنشئ عام ۱۳۰۲ هجرية الموافق ۱۸۸4 /۸5 ميلادية، والسيدة زينب بنت الإمام على بن أبى طالب، وبنت السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد شهدت مع شقيقها الإمام الحسين، رضي الله عنهما، موقعة كربلاء وشاهدت استشهاده، وتشرف الواجهة الرئيسية للمسجد الآن على الميدان المسمى باسمها- والمشهور أن اللمسجد مبني فوق قبر السيدة زينب. ويروي بعض المؤرخين أن زينب رحلت إلى مصر بعد معركة كربلاء ببضعة أشهر واستقرت بها ۹ أشهر. والليلة الختامية لمولد السيدة زينب يحييها أكبر المداحين في حب آل البيت النبوي، ومن بينهم الشيخ ياسين التهامي، والذي يحظى بشعبية عالية بالأقاليم المصرية وخصوصًا بالصعيد.