وفقا للإحصائيات والنسب المتاحة، فإن محافظة قنا، لا تزال واحدة من المحافظات التي توجد بها نسبة مرتفعة لحوادث الثأر، وهو ما دفع البعض للتأكيد من أنه لا توجد بقعة على أرض المحافظة تلك، لا توجد بصمة ل"دماء الثأر" عليها، غير أن رحلة البحث والتأكد من هذا الأمر، كشفت جوانب عدة أغفلتها التقارير الإعلامية، والإحصائيات الرسمية، حيث اتضح أن مركز أبو تشت، التابع لمحافظة قنا، به ثلاث قرى لم يدخلها شيطان الثأر. تعد قرية الرفشة، التابعة لمركز أبو تشت شمال محافظة قنا، ويقطنها ما يقرب من 12 ألف نسمة، تعتمد على الزراعة، في مقدمة القرى التي لم تشهد أي خصومة ثأرية أو مشكلة طائفية خلال السنوات الطويلة الماضية، لدرجة دفعت البعض للإشارة إلى أنها قرية "تعشش فوق سمائها السيدة العذراء مريم". من جانبه قال على عبدالباسط، عمدة الرفشة: القرية لم تشهد أي خصومات ثأرية أو فتن طائفية منذ أن توارثنا العمودية أبًا عن جد، والقرية يقطنها ما يقرب من 12 ألف نسمة، يعيش المسيحيون وهم جيران لنا ولم تقع أي فتن أو حتى مشاحنات بيننا وبينهم، وفى الفرح والحزن نكون دائمًا سويًا. عمدة الرفشة، تابع حديثه قائلا: دائمًا نعمل على حل مشكلاتنا بالود والمحبة، خاصة أن القبائل والعائلات الموجودة بالقرية كلهم أبناء عمومة وأصدقاء وتربطهم علاقات إنسانية محترمة ولم تصل مشكلة بين أبناء القرية للمركز، وهذا هو دورنا حل المشكلات وتخفيف العبء على الأجهزة الأمنية، وعندما تحدث مشكلة بسيطة، سرعان ما يتصالح أطرافها في اليوم ذاته، بالمصافحة والسلام على بعضهم البعض وتنتهى المشكلة، وهذا الأمر اعتدنا عليه في القرية، والجميع يخضع للأمر العرفى وحلولنا، فضلًا عن أننا نقوم بدور في حل المشكلات الثأرية وإخماد أي فتن في القرى المجاورة. بدوره.. قال محمد عبدالغنى عبدالرازق "مأذون الرفشة": قريتنا من القرى التي تنعم بالسلام والتي لم تحدث بها أي مشكلات أو مشاحنات، ومن خلال عملى كمأذون لم يحدث هذا الأمر، وحتى إن وجدت بعض الخلافات البسيطة تحل بالجلسات الودية، ومنذ أن وجدت القرية على الأرض لم نشهد حدثا ثأريا أو فتنة طائفية بين أهلها. وفيما يتعلق بحالات الطلاق، أوضح أنها تتم بالتراضى بين الأطراف، والجميع يمتثل لهذا العرف، والشروط التي يتم وضعها لكلا الطرفين، مشيرا إلى أن أي مشاحنات أو خلافات يتم حلها في ديوان عمدة القرية. وعن علاقة مسلمى القرية ومسيحييها، قال: نحمل لهم كل الود والتقدير وهم نفس الحال وأغلبهم تجار يتعاملون معنا ونتعامل معهم في كثير من العلاقات التجارية ولم يحدث أي خلاف بيننا وبينهم بسبب التجارة. القارة.. قدس الصعيد "الرفشة" مجرد بداية، فالرحلة امتدت إلى قرية "القارة" في المركز ذاته، والتي يتضح من أول وهلة أنها تمتاز بالعلاقات الإنسانية الطيبة بين المسلمين والمسيحيين، لم يفرق فيها بين المسلم والمسيحيين ويتشاركون معا في كل شيء. من جانبه قال موسى حمام فايز، أحد أبناء القرية: يوجد وئام بيننا وبين المسلمين ولم تقع أي فتن، ودائما نحرص على تبادل الزيارات بين بعضنا البعض في الحزن والفرح، وعند وقوع أي حادث نجد الجميع يعزى والجميع يبكى حزنًا على المصاب والبيوت مجاورة ونتبادل الطعام والشراب دون أي خلافات أو تفرقة بيننا. نبيل عبدالكريم عزمي، اتفق هو الآخر مع حديث "فايز"، وأكمل عليه بقوله: لا نقصر من بعضنا في المرض أو الحزن جميعنا يقف مع الآخر دون تفرقة لم نسمع يومًا كلمة تسيء للمسيحية ونفس الحال بالنسبة للمسلمين، بل على العكس تمامًا الجميع لا يسأل الآخر "من أنت" فقط نتعامل مع بعضنا بشكل إنساني. كما أن العلاقات بين أبناء القرية تؤكد أننا في سلام ولم يترك مسلم مسيحيا والعكس في أي مصاب لديه، ومنذ أن عهدنا في القرية بالإخوة المسلمين ونحن في حالة صلح وإن وقعت أي خلافات بسيطة يتم حلها مباشرة بالود والمصافحة، ونحن نشعر دائمًا أن السلام يأتى من نقاوة القلب وصحة الضمير. في حين أعلن طلعت ألفى عزمي، أنهم بصدد إنشاء كنيسة بالقرية ولم يعترض أي من الإخوة المسلمين، بل على العكس تمامًا وجدناهم يساعدون دون كلل أو ملل، مؤكدًا أن الخلافات البسيطة يتم حلها بالاحتواء والتجمع في دوار الكبار وتنهى دون أي شيء، بل بالعكس يخرجون في حالة انبساط وسعادة وود أكثر. من جهته قال أسعد ميشيل: التقدير والاحترام صفات متبادلة بين الجميع في القرية، وكثيرون يؤكدون أن روح العذراء مريم الطاهرة ترفرف في أي مكان يحل فيه السلام والمحبة. في ذات السياق أكد على أبو رجيلة، أحد كبار قبيلة الهوارة بالقرية وعضو لجنة المصالحات الثأرية بمركز أبوتشت"، على أن قرية "القارة" من أعرق القرى بمركز أبوتشت، وعدد سكانها يصل إلى 27 ألف نسمة، وهى من القرى النموذجية بمعنى الكلمة، حيث يوجد بها الكثير من المنشآت الخدمية وما يقرب من 5 مدارس ومركز شباب وشونة وبنك و2 وحدة صحية وهى تمتاز بكبر المساحة، ومنازلها مقامة بشكل هندسي. وأضاف: القارة بها نسب متعلمين كبيرة جدًا، ولم تقع بها أي حوادث ثأر أو فتن طائفية، فالجميع هنا يعيش في سلام، دون وقوع مشكلات أو مشاحنات، ومن أكثر الأشياء اللافتة للانتباه أنه داخل القرية لا يمكن التفريق فيها بين المسلم والمسيحي، بل في الكنيسة يوجد المسلم وفى المسجد يوجد المسيحي، وهذا نموذج قد لا يكون موجودًا في أي مكان آخر، والتفريق هنا لا يكون إلا في وقت الصلاة فقط. وأكمل: القرية يتم إنشاء كنيسة بها ولم يعترض أي شخص على ذلك بل نحن ساعدنا في البناء وحكم أي إنشاء على قدم أو حداثة القرية يكون من خلال وجود أقدم كنيسة ومسجد فهذا يدل على العراقة والحضارة، والكنيسة كان صدر لها قرار إزالة بسبب وجود بعض التشققات وأصبحت آيلة للسقوط فقمنا بالمساعدة والمساهمة في بناء الكنيسة الجديدة. جمال مبارك يعلن.. الأميرية قرية آمنة حظيت قرية الأميرية التابعة لمركز أبوتشت شمال محافظة قنا، بزيارة الكثير من الشخصيات العامة والسياسية وأهم تلك الزيارات التي استغرقت ما يقرب من 7 ساعات متواصلة كانت قبيل قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير، عندما زارها جمال مبارك نجل الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، حيث جلس كبار قبيلة الهوارة التي تمثل ثلث سكان القرية. من جانبه قال عادل حافظ، موظف بمحكمة أبوتشت: القرية عدد سكانها نحو 18 ألف نسمة تقريبا تمتلك كتلة تصويتية نحو 10 آلاف نسمة، وتعتمد اعتمادا كليا على الزراعة وبها نسبة تعليم مرتفعة. "حافظ" أرجع سبب تسميتها قرية الأميرية إلى أنه كانت بها إمارة في العهد الروماني، وقبلها في أيام الفراعنة كان يوجد بها مملكة فرعونية، والجميع يعرف أن القرية منذ هذا العهد لم تقع أي خصومات ثأرية أو مشكلات طائفية، مشيرًا إلى أن القرية يوجد بها الكثير من المدارس والمنشآت الحكومية. وفيما يتعلق بزيارة جمال مبارك، للقرية، أكد أنه جاء إليها كونها واحدة من القرى الأكثر فقرا، إلا أنه –على حد قوله- فوجئ بأن القرية يوجد بها الكثير من الخدمات ولا يوجد بها أي فقر بل على العكس يوجد وئام وود وسلام وطمأنينة بين أبنائها وهو ما جعله يعلنها "قرية آمنة مطمئنة " وهذا الأمر غير مسار وتاريخ القرية بالكامل. وفى نهاية حديثه طالب "حافظ" بضرورة أن يكون في القرية مكتب بريد لخدمة أبناء القرية خاصة كبار السن، مشيرًا إلى أن القرية بها عدد كبير من كبار السن وأصحاب المعاشات الذين يحتاجون لوجود مكتب بريد خاص بالقرية وهذا هو فقط ما ينقصنا لنصبح قرية نموذجية بمعنى الكلمة، على حد قوله.