مواد «متحفية» وألاعيب قانونية تسكن بيت «العدالة العاجزة» ما بين "قوانين بالية"، و"عدالة عاجزة"، و«ألاعيب المحامين»، تتوه الحقيقة، وتضل الطريق، وينتصر الباطل، وينكسر الحق، وتقوى الرذيلة، وتنحسر الفضيلة، ويكثُر المجرمون، ويقلُّ الملتزمون، ولذلك تحتل مصر مركزا متقدما في عالم الجريمة والانفلات الأخلاقى، التقارير والإحصائيات المعنية تُسجل حدوث جريمة كل 5 ثوان، المصريون يبتكرون مع إشراقة كل يوم جرائم، لم تخطر يوما على بال الشيطان الأكبر، عندما أعلن العصيان، ليس أدناها "تبادل الزوجات"، وليس أعلاها " اغتصاب فتاة البامبرز"، يكاد "إبليس" وجنوده يضربون أخماسا في أسداس، من شيطنة البشر، بعض البشر صار يفوق "إبليس" قُبحا ومكرا ودناءة وإثما، قانون العقوبات الحالى، لا يواكب جرائم المصريين، مواده لم تعد رادعة، بل مُحرّضة على اقتراف الخطيئة تلو الأخرى، نظر بعض القضايا يستغرق سنوات طويلة، دون مبرر منطقى، أو مُسوغ قانونى مقبول، وبعض المحامين يتقمص دور "حسن سبانخ"، في فيلم "الأفوكاتو"، يتباهى بالتحايل على القانون، وإضاعة الحقوق، وأكل الحرام، وحبس المظلوم، وإطلاق الظالم، واضطهاد الضعيف، وتدليل القوى، وتضليل العدالة "العاجزة بطبعها" والواقع يقول: إن نفرًا من القضاة خانوا الأمانة التي حُمّلوها، وتفرغوا لدهس القانون، مجلس النواب يغضُّ الطرف عن الدور المنوط به، ويتفرغ لتصدير الأزمات، وخلق الصراعات، في الوقت الذي يجب عليه فيه أن يكون ضمير الشعب الذي اختاره، لم ينشغل المجلس حتى الآن، رغم ما تضمه لجنته التشريعية والدستورية من قامات قانونية رفيعة المستوى، بهذه الفوضى الأخلاقية التي تضرب بقوة في نسيج المجتمع المصرى، السادة النواب مُستغرقون في البحث عن مصالح شخصية، والاستفادة من "النفوذ الدستورى"، القانون يقف "عاجزا مشلولا"، أمام قضايا لا تُعدُّ ولا تُحصى، مثل: امتناع طبيب أو مستشفى عن إغاثة مريض يحتضر، والخروج عن الآداب العامة، وإهانة الأديان، والتهرب من الضرائب وتبوير الأراضي الزراعية واحتكار الطعام والدواء والغش والتدليس والفساد، والاستيلاء على المال العام والخاص، وغيرها، هذه حقيقة لا تقبل جدلا، والوقائع متجددة ولا تنتهى، شيوخ القضاء والفقهاء الدستوريون أجمعوا في حوارات مع "فيتو"، على ضرورة الانتفاضة ضد العقوبات المتحفية، التي لا تشكل رادعا لمحترفى الإجرام والخروج عن القانون، وطالبوا بإعادة النظر، في قانون العقوبات، لمواكبة التجاوزات التي عرفها المجتمع المصرى في السنوات الأخيرة، واستحداث عقوبات مغلظة للجرائم الجديدة التي لم يضعها المُشرع في حسبانه، ربما لأنها لم تكن موجودة، أو لأن المصريين كانوا أدنى ابتكارا لفنون الحرام، وطالما بقى المسجد والكنيسة والمدرسة والجامعة والفن عاجزين عن مقاومة هذا الزحف غير المسبوق من الانفلات الأخلاقى، وطالما بقى القبح مُسيطرا على السينما والدراما والمسرح والتليفزيون، فإنه لا بديل عن القانون لصد هواة من يخترقونه ويتجاوزونه.. وآن الأوان لنقول للقوانين القديمة والعقوبات الهزيلة: عفوا.. أيها القانون، لم تعد صالحا لزماننا، ولا بد من قوانين جديدة، لعلها تعيد المجتمع إلى صوابه المفقود، وعقله المسلوب، ورشده المهدور..