منذ 04 عاماً تقريباً والتعدى على الأراضى الزراعية قائم على قدم وساق، وهو ما أفقد مصر أجود الأراضى الزراعية التى اغتالتها أيدى البنائين بكتل أسمنتية بدلاً من ثمار الأرض التى اعتادت أن تطرح فى مواسمها المختلفة، وفى هذا الملف نقدم بعضا من قصص وطرق التعدى على الأرض فى محافظات مصر لعل العيون ترى والأذان تسمع وننقذ البقية الباقية من ثروتنا المهدرة!! أكتر من 100 ألف حالة تعد على الاراضى الزراعية بالدقهلية، بعد الثورة بجميع نواحى المحافظة , هذا ما اكدته أحدث الدراسات فى المجال الزراعى، مشيرة إلى تلاحظ اختفاء الاراضى الزراعيه فى قري اويش الحجر، ونقيطة مركز السنبلاوين لما لتلك الاراضى من موقع متميز على ضفاف نهر النيل. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل وصل, طبقا للدراسة,إلى داخل طلخا، وقراها وخاصة ميت الكرما، وسرسق، وجوجر ،فضلا عن توغل المعتدين فى السنبلاوين وتمى الامديد، ودكرنس، وميت غمر، والمنزلة ونبروة وبلقاس وشربين ومنية النصر ليظهر جليا التعديات التى دائما ماتتخذ من الاراضى الزراعية المطلة على الطرق السريعة والطرق الرئيسية مكانا لها ليتم عمل بناء منازل ومخازن واقامة اسوار علي مساحات كبيرة من الاراضى . بحيرة المنزلة كان لها نصيب الأسد فى هذه التعديات فقد تم تجفيف اكثر من 50 فدانا على حرم البحيرة، وبناء منازل شامخة عليها ومنها اراض قامت المحافظة بتخصيصها لبناء وحدات سكنية . عبد الجواد سويلم -وكيل لجنة الزراعة فى المجلس المحلى السابق- قال: خسرت محافظة الدقهلية آلاف الافدنة الزراعية التى تعد من اجود الاراضى الزراعية فى مصر، خاصه وان الدقهلية ليس لها نشاط اخرغير المجال الزراعى , مشيرا إلى أن قانون 119 لسنة 2008 زاد الامر صعوبة والزيادة السكانية تزداد، ولم يعد هناك ارض فضاء للبناء فما كان من الاهالى إلا أن قاموا بالتعدى على اراضيهم الزراعيه للتوسعة، ولو تم تخصيص اراض صحراوية ، وتوزيعها للاهالى فلن يكون الامر هكذا، وطالب سويلم بتشديد العقوبات وتفعيل القوانين غير المفعلة وزيادة قوات الامن للتعامل مع هؤلاء المعتدين بالقوة . وكيل لجنة الزراعة أضاف بأن تلك التعديات كان لها انعكاسها على الاسعار فى زيادة ثمن الاراضى، حيث يتراوح ثمن القيراط حاليا ما بين 30 الى 70 الفا على حسب المنطقة، وهو مايغرى الفلاح بعمل مشروع، ويبتعد عن الفلاحة فى ظل الازمات التى تواجهه من نقص مياه للرى ،وغلاء تكاليف مستلزمات الزراعة وتشديداتها ورفض استلام محصوله . اللواء صلاح المعداوى -محافظ الدقهلية -عبر أيضا عن هذه المشكلة وقال: بالفعل تمر الدقهلية بكارثة محقق وسرطان يهدد الرقعة الزراعية بها وأن امكانيات الشرطة والمحافظة لا تستطيع القضاء على البناءات الخرسانية التى اقيمت , موضحا بأن المحافظة تحاول جاهدة بكل الطرق الحفاظ على ماتبقى من الرقعة الزراعية . المحافظ أضاف أنه اقترح وضع رادع عن طريق عمل قانون لتجريم البناء بالحبس المشدد وتشريع قانونى يحذر بيع حديد التسليح إلا لمن يحمل رخصة من الجهات الادارية المختصة باعتبار ان حديد التسليح هو العنصر الرئيسى فى تنفيذ البناء وبذلك سنقضى على تلك الظاهرة . 400 ألف فدان بمحافظة الشرقية تم التهام نصفها على الأقل، المحاصيل الجديدة هي العمارات والأبراج السكنية، اختفت المساحات الخضراء لتظهر أعمال البناء والزلط والرمل والأسمنت والحفر وتبوير الأراضي، هل هذا يبشر بتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح والأرز؟! ففي مدينة الزقازيق تم إقامة الأبراج علي الأراضي الزراعية وخاصة منطقة الزراعة التي تقع علي بعد أمتار قليلة من مديرية الأمن لدرجة أن مواد البناء كانت تعوق حركة المرور تماما في مداخل ومخارج المدينة وتقلصت الرقعة الخضراء تماما إن لم تكن قد اختفت وخاصة في مدخل المدينة من جهة محافظة الدقهلية حيث التحمت المباني والعمارات ببعضها البعض وكأنها تجمعات سكنية دون مراعاة لحرمة الرقعة الزراعية. أما مدينة القنايات فلم يعد بها متر أخضر وتم السطو علي الرقعة الزراعية فاختفي إنتاج الأرز والذرة الشامية وعندما نسال الأهالي يقولون إننا في أمس الحاجة إلى هذه المباني التي كلفتنا كل ما نملك لأننا لا سكن لنا. وكذلك ديرب نجم تحولت فيها الرقعة الزراعية إلى سراب مثلها مثل الإبراهيمية التي إذا سرت فيها لن تقع عيناك على مساحة خضراء بل تقع على أعمال البناء والحفر والإنشاءات الجديدة مما يمثل تحديا واضحا للدولة والقانون. ومع أن طبيعة بلبيس صحراوية وامتداد الجبال حتي حدودها مع مدينة العاشر من رمضان إلا أن التعدي على المساحة الخضراء كان له نصيب الأسد حيث تحولت منطقة بساتين الإسماعيلية إلى كتلة سكنية صماء ولم يعد بها إلا القليل من المساحات الخضراء التي على وشك الانقراض تماما بمباركة المسئولين حيث كانت هناك اتفاقيات مبرمة مابين موظفي الإصلاح الزراعي والأهالي فكان الموظف يأتي إلى المعتدى ويعقد معه الصفقة فيقول له بعد أن يحصل على الوليمة وهي عشرة آلاف جنيه كأني لم ألتقيك ومن ناحية أخرى يقوم بتحرير محضر لحماية نفسه من المساءلة وهكذا تمر العملية مرور الكرام وهناك العديد من حالات التعدي لم تحرر لهم محاضر من الاساس بفعل فاعل وأثبتت المباني أنها قديمة قبل عشرين عاما وذلك طبعا بمقابل مالي خيالي المهم الأمور تعدي بسلام وهذا ما حدث أيضا في مشتول السوق التي كانت تشتهر بزراعات القطن والأرز والفول السوداني وتحولت في هذه الفترة الحرجة إلى كتل سكنية صماء والبركة في الرشاوي والمحسوبية وفساد المحليات بالإضافة لما حدث في أبو حماد من سطو على الرقعة البسيطة وتحويلها إلى مساكن وورش صناعية علي امتداد جوانب المركز. ومن الأهالي الذين تعدوا على الأرض الزراعية محمد صبري مدرس يقول لقد ورثت عن والدي ثلاثة قراريط ولا أجد مكاناً أسكن فيه وأسرتي المكونة من خمسة أفراد والعائد من زراعة هذه المساحة الصغيرة لا يثمن ولا يغني من جوع فلم يكن أمامي إلا أن أخذت قرضا بضمان الوظيفة وأقمت منزلا لابنائي يؤوينا من حر الصيف وبرد الشتاء وهذه أرضي وملكي ولم اتعد علي ارض أحد أو حتى أرض الدولة لقد وضعت كل ما أملك في هذا المنزل فهل من المعقول ان تهدمه الدولة وأين اذهب وأبنائي؟ محمد عبد النبي «فلاح» يقول الأرض الزراعية كل حياتي لم أكن يوما اعرف غيرها ولكن الحاجة الماسة دفعتني لأضع تحويشة العمر في بناء منزل لابنائي علي مساحة قيراط وامتلك فدانين وليس من المعقول أن أستأجر منزلا لأبنائي وأنا صاحب ملك بعدما ارتفع سعر الأرض بصورة مفزعة حيث وصل سعر الفدان إلى مليوني جنيه في بعض المناطق والمتر تعدي سعره الالفي جنيه. محمود عبدالله «موظف بالإصلاح الزراعي» مضيفا في الفترة الماضية لم يكن لنا أن نخاطب أو نمنع أحدا من البناء على الأرض الزراعية وإلا فتكوا بنا فكان دورنا يقتصر فقط على تحرير المحاضر عن بعد وتقديمها للمسئولين لاتخاذ الإجراءات اللازمة أما الآن فالوضع اختلف تماما وباستطاعتنا منع التعدي على الأراضي الزراعية بمعاونة الشرطة ونحن لا نعرف حتي الآن ماذا سيتم مع كل من تعدى على الأرض الزراعية التي لم تعد صالحة للزراعة بعد البناء عليها وحفر اللبش وصب الخرسانات والأسمنت لمسافات بعيدة. المستشار محمود المراسي يشرح الموقف القانوني بقوله القانون ضعيف أمام التعدي على الأراضي الزراعية ولابد من تغليظ العقوبة فالمواطن الآن يعلم أن القضية تستغرق وقتا طويلا وفي النهاية فهي جنحة تنتهي بالغرامة أو الإزالة ولايوجد هناك إزالة كاملة وفور انصراف القوات يقوم المتعدي بالبناء ثانية وتكملة ما تم إزالته وهذا ما شجع الكثيرين من أصحاب النفوس الضعيفة علي التهام الرقعة الزراعية في انتظار العقوبة الهزلية. محمد عبد الحميد موظف بحماية الأراضي بالشرقية يقول فور تحرير محضر ينتهي دورنا ويبدأ دور القضاء والجهات التنفيذية ولابد من حماية الموظفين الذين يتعرضون لإهانات من المتعدين على الأراضي الزراعية إلى حد الضرب ولابد من توضيح الأمور للمواطنين وتوعيتهم بخطورة ذلك على الإنتاج والدخل القومي ومدى تأثيره على تراجع الناتج القومي ولجوءنا للاستيراد من الخارج بالعملات الصعبة مما يضر بمصالح البلد والمواطنين.