كارثة محققة تعانيها محافظة الدقهلية بعد أن توغل سرطان التعدي علي الأراضي الزراعية, في أعماق الرقعة الخضراء التي تقلصت تدريجيا لتتحول المحافظة التي ليس لها نشاط آخر غير الزراعة إلي مجرد كتل خرسانية. ليس أمام أهلها سوي الحسرة وسط تخاذل المسئولين واكتفائهم بتحرير محاضر بالمخالفات, التي وصلت إلي أكثر من100 ألف حالة تعد علي الأراضي الزراعية فقط بعد الثورة بجميع نواحي المحافظة. وأكد عبدالجواد سويلم, عضو مجلس محلي سابق, أن الأراضي الزراعية اختفت بالفعل في قري بعينها وهي: أويش الحجر ونقيطة بمركز المنصورة لما لتلك الأراضي من موقع متميز علي ضفاف نهر النيل, وكذلك الأمر داخل طلخا وقراها, خاصة ميت الكرما وسرسق وجوجر, كما توغل المعتدون في السنبلاوين وتمي الأمديد ودكرنس وميت غمر والمنزلة ونبروه وبلقاس وشربين ومنية النصر, ليظهر جليا التعديات التي دائما ما تتخذ من الأراضي الزراعية المطلة علي الطرق السريعة والطرق الرئيسية مكانا لها ليتم بناء منازل ومخازن وإقامة أسوار علي مساحات كبيرة من الأراضي علاوة علي قيام المعتدين بتبوير الأراضي الزراعية لتوسيع مقابرهم, كما ظهر في قرية ميت الكرما ومركزي نبروه والمنزلة. وعلي الرغم من تنفيذ أكثر من20 حملة إزالة منذ اندلاع الثورة للقضاء علي التعديات, فإن جميعها لم تأت بشيء سوي إزالة ما يقرب من100 حالة تعد فقط علي الطريق الدولي جمصة المنصورة. ليس هذا فحسب, بل امتدت أيادي العابثين بخيرات مصر, وطالت البناء والتعديات علي ضفاف نهر النيل بالمنصورةوطلخا والقري التابعة لها, ليظهر نهر النيل عبارة عن شريط ضيق بعد كثرة التعديات ببناء أبراج دون ترخيص, وبعلم المسئولين في وضح النهار دون التصدي لها. أضاف عمرو سالم عبدالحي, محامي من مدينة المطرية, أنه في بحيرة المنزلة تم تجفيف أكثر من50 فدانا علي حرم البحيرة, وتم البناء عليها سواء المنازل الشامخة والفيلات الفخمة, وعلي الفور قامت المحافظة بتخصيص بعض تلك الأراضي لبناء وحدات سكنية, مما يظهر أمرا خطيرا, وهو قيام المسئولين باغتصاب الأراضي الزراعية الهامة المطلة علي الطرق وانتزاعها من أصحابها وتبويرها لاقامة مشروعات خدمية, وتوسيع للطرق, مما كان له الاثر السلبي علي المواطنين, فتجرأو وتمادوا في الاستيلاء علي الرقعة الزراعية بدعوي أن الحكومة بتعمل كده. وتحدث صلاح أبوالعينين, وكيل المجلس المحلي السابق, قائلا: لقد خسرت محافظة الدقهلية آلاف الأفدنة الزراعية التي تعد من أجود الأراضي الزراعية في مصر, خاصة أن الدقهلية ليس لها نشاط آخر, وسبب تلك الهجمة الشرسة أن المحافظة ليس لديها ظهير صحراوي يتم التوسع فيها في البناء, ناهيك عن قانون119 لسنة2008 الذي زاد الأمر صعوبة مع الزيادة السكانية التي تزداد ولم يعد هناك أرض فضاء للبناء, فما كان من الأهالي إلا أن قاموا بالتعدي علي أراضيهم الزراعية للتوسعة, ولو كان المسئولون قد قاموا بحل المشكلة بتخصيص أراضي صحراوية وتوزيعها علي الأهالي, لكانت الأراض الزراعية قد أصبحت في منأي عن الخطر.وقال أبوالعينين: إن التعديات كان لها انعكاسها علي الأسعار في زيادة ثمن الأراضي, حيث يقدر ثمن القيراط حاليا ب30 ألفا الي70 ألفا علي حسب المنطقة, وهو ما يغري الفلاح الذي يريد الاستفادة المادية بالابتعاد عن الفلاحة والزراعة في ظل الأزمات التي يواجهها من نقص مياه للري وغلاء تكاليف زراعة المحاصيل, وندرة الأسمدة المدعمة التي يتم بيعها بالسوق السوداء, وعند جني المحصول لا يجد الفلاح من يشتري منه انتاجه نظرا لتخاذل الدولة عن دورها في شراء المحاصيل بسعر ملائم.وصرح اللواء صلاح المعداوي محافظ الدقهلية بأن الدقهلية بالفعل تمر بكارثة محققة وسرطان يهدد الرقعة الزراعية بها, ولكن امكانات جهاز الشرطة والمحافظة لا تستطيع القضاء علي البناءات الخرسانية التي اقيمت ونحاول جاهدين بكل الطرق الحفاظ علي ما تبقي من الرقعة الزراعية, وقمنا بإعداد حملات عديدة بقدر استطاعتنا, وتمت ازالة التعديات علي100 فدان علي الطريق الدولي ونبروة وطلخا, و علي النيل وبحيرة المنزلة من أصل50 ألف قرار إزالة صادر, ونسعي لاعداد حملات أخري, ولكن الكارثة هي ان المخالفين بعد أن نقوم بإزالة البناء المخالف يقومون بالبناء, كما أمرت بتشديد الرقابة, ومحاولة منع أي حالات جديدة.وقال: اقترحت سن قانون لتجريم البناء بالحبس المشدد, وتشريع قانوني يحظر بيع حديد التسليح إلا لمن يحمل رخصة من الجهات الإدارية المختصة باعتبار أن حديد التسليح هو العنصر الرئيسي في تنفيذ البناء, وبذلك سنقضي علي تلك الظاهرة.