الجهود التي تبذلها لجنة «استرداد أراضى الدولة» برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساعد الرئيس للمشروعات القومية تستحق التقدير والتشجيع، فقد تمكنت اللجنة من استعادة 43 ألف فدان، منها 37 ألف فدان تابعة للتنمية الزراعية بدأت بالفعل الإجراءات لعرضها في 8 مزادات علنية، واجهت اللجنة مشكلة أن المسافة حتى الكيلو 84 مصر - الإسكندرية أصبحت مجتمعا عمرانيا كاملا، والمشترون للعقارات لهم أوضاع مستقرة منذ سنوات، وترى اللجنة أن هذا الأمر يجب أن يتم مراعاته عند إجراءات التقنين وتثمين الأراضي. وإذا كانت اللجنة أكدت أنه لم يعد مجديا إعادة الأراضى التي تم تغيير النشاط فيها إلى طبيعتها التي خصصت لها وهى الزراعة، وهذا صحيح، فإن ذلك لا يعنى القبول بالأمر الواقع والتسليم بالمخالفة الصريحة للقوانين، وإلا فإن التجاوزات لن تتوقف ونهب أراضى الدولة سيستمر، ولست أتفق مع المهندس محلب في تعامله مع المشكلة، فهو يرى أن اللجنة تتعامل مع نتاج سلبيات قديمة خلقت الآن أمرا واقعا، والقانون لم يحقق أي نتيجة معهم، وبالتالى لا بد من حلول غير تقليدية أو استثنائية، ويخلص المهندس محلب إلى نتيجة مؤداها أن اللجنة لا يمكن أن تتجاهل هذا الواقع، وتلزم الملاك الجدد بتحمل أخطاء وجرائم الآخرين. الأمر المؤكد أن الدولة لو أرادت أن تطبق القانون على الذين نهبوا الأراضى لما استفحلت تلك الظاهرة البشعة، التي وجدت كل التشجيع من حكومات مبارك، والأمانة تقتدى أن تذكر المواقف المشرفة للجيش المصرى ووزير الحربية المشير طنطاوي، الذي حاول أن يتصدى للوزراء الذين شجعوا على نهب الأراضي، وبيع القطاع العام، ولكن تيار الفساد كان أقوى، فحاول الوقيعة بين وزير الدفاع والرئيس الأسبق مبارك. لقد فتحت اللجنة الباب أمام طلاب التصالح الذين يرغبون في تقنين أوضاعهم، باعتبارهم مواطنين تعرضوا لعمليات نصب، ولا بد أن تتعامل معهم اللجنة بتوازن حتى تتفرغ «للحيتان الكبيرة» الذين نهبوا الأراضي.. وتربحوا منها. ولم تتخذ اللجنة حتى الآن خطوات مؤثرة نحو محاسبة الذين نهبوا أراضى الدولة ممن وصفهم محلب «بالحيتان الكبيرة» وأسماء هؤلاء معروفة للجميع، ومنهم من يتصدر المشهد السياسي والإعلامي، ومنهم من يمتلك قنوات فضائية وصحف ما زالت تدافع عن حق رجال الأعمال في الحصول على أراضى الدولة بالمجان لاستصلاحها واستزراعها، بينما الواقع يؤكد أنهم يبحثون عن مصالحهم الشخصية، دون اعتبار للمصالحة الوطنية، وفى أغلب الأحوال على حساب تلك المصالح.