أيام قليلة ويهل علينا شهر مبارك وفضيل هو شهر رمضان المعظم، أعاده الله على الأمة الإسلامية بالخير والبركات، ورمضان في مصر عادة، وفى مدينة القاهرة بصفة خاصة له طعم ومزاج خاص، ولم يتغير كثيرا في طقوسه وأشمال الاحتفال به عما كان عليه منذ أكثر من مائة عام. وقد لفتت طقوس رمضان وعاداته التي تختص بها مصر نظر الرحالة الأجانب الذين أقاموا في البلاد مع أوائل القرن التاسع عشر وقد سجلوا انطباعاتهم في كتب ودراسات عديدة صدرت. وأعد الباحث عرفة عبده بحثا بعنوان «كتابات الرحالة الأجانب عن رمضان منذ مائة عام» من خلال رصد مظاهر التقاليد والمعتقدات الشعبية المتوارثة من بينها مظاهر الاحتفال بشهر رمضان، ومنهم المستشرق البريطانى إدوارد لين الذي عاش في مصر وأسمى نفسه منصور أفندى وشارك المصريين احتفالاتهم طقوس ليلة الرؤيا فيقول: والليلة التي يبدأ صبيحتها الصيام تسمى ليلة الرؤيا فيرسل عدد من الأشخاص النقاة إلى مسافة عدة أميال في الصحراء حيث يصفو الجو لكي يروا هلال شهر رمضان. بينما يبدأ من القلعة موكب الرؤية الذي يضم المحتسب وشيوخ التجار وأرباب الحرف والطحانين والخبازين والجزارين وتجار الخضر والفاكهة تحيط بهم فرق الإنشاد ودراويش الصوفية. يتقدم الموكب فرق من الجنود ويمضى الموكب حتى ساحة بيت القاضى ويمكثون في انتظار من ذهبوا لاستطلاع هلال رمضان. وعندما يصل نبأ ثبوت رؤية الهلال يتبادل الجميع التهانى ثم يمضى المحتسب وجماعته إلى القلعة بينما يتفرق الجنود إلى فرق ومجموعات تحيط بهم المشاعلية والدراويش يطوفون بأحياء المدينة، وهم يصيحون «يا أمة خير الأيام... صيام.. صيام». أما إذا لم تثبت الرؤية فيكون النداء «غدا متمم لشهر شعبان.. فطار.. فطار».