كيف يحمي القانون حقوق المؤلفين الأدبية والمالية؟    صحة غزة تعلن احتمالية إدخال 3 شاحنات أدوية ومستلزمات طبية للقطاع    المبعوث الأمريكي إلى سوريا: لغة السلام والحوار طريق الخروج من الأزمة الحالية    ترامب يقترح إلغاء عطلة مجلس الشيوخ الأمريكي في أغسطس    كوريا الجنوبية: 10 ضحايا و9 مفقودين بسبب الأمطار الغزيرة    الجودو، اليوم انطلاق منافسات الفرق بالبطولة الأفريقية للشباب    تأجيل محاكمة تشكيل عصابي بتهمة الاتجار في الإستروكس بالسلام    مصرع 3 أطفال أشقاء غرقا داخل حوض مياه ببالبحيرة    لقطات صادمة لمقتل رجل ستيني طعنا أثناء صلاته داخل مسجد في تركيا (فيديو)    إصابة عامل بطلق ناري في مشاجرة بمركز جرجا في سوهاج    10 صور ترصد تفاعل الجمهور في حفل عمرو دياب بالساحل الشمالي    إذاعة القرآن الكريم تحيي ذكرى رحيل الشيخ محمود على البنا    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية اليوم الأحد 20 يوليو 2025    رسمياً.. فتح باب التقديم للكليات العسكرية 2025 (شروط الالتحاق والتخصصات المطلوبة)    رسميًا.. موعد بداية العام الدراسي الجديد في المدارس والجامعات وقرارات وزارة التربية والتعليم للمناهج    القاهرة تدعو إلى تطوير الأسواق المالية المحلية لدعم جهود التنمية فى إفريقيا    أسعار الخضروات والفواكه بشمال سيناء اليوم الأحد الموافق 20 يوليو 2025    ألمانيا: قرار ترامب بمواصلة دعم كييف جاء بفضل «ميرتس»    في الساعات ال24 الأخيرة: 136 شهيدا في حرب الإبادة والتجويع المتواصلة على قطاع غزة    أستاذ مناهج يُطالب بتطوير التعليم الفني: له دور كبير في إحداث التنمية (فيديو)    مقررة للنواب.. ترامب يقترح إلغاء عطلة مجلس الشيوخ الأمريكي في أغسطس    توقعات الأبراج حظك اليوم الأحد 20 يوليو 2025.. طاقات إيجابية وتحولات حاسمة بانتظار البعض    أحمد شاكر: اختفيت عمدا عن الدراما «مش دي مصر».. وتوجيهات الرئيس السيسي أثلجت صدر الجمهور المصري    أحمد شاكر عن فيديو تقليده لترامب: تحدٍ فني جديد وتجربة غير مألوفة (فيديو)    في حفل سيدي حنيش.. عمرو دياب يشعل المسرح ب"بابا"    موعد بداية شهر صفر 1447ه.. وأفضل الأدعية المستحبة لاستقباله    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    العلاقات المصرية الإفريقية.. رؤية استراتيجية متجددة    اليوم محاكمة 12 متهمًا في قضية «رشوة وزارة الري»    «اتباع بأقل من مطالب الأهلي».. خالد الغندور يكشف مفاجأة عن صفقة وسام أبوعلي    «دماغه متسوحة.. وطير عربيتين ب 50 مليون».. مجدي عبدالغني يشن هجومًا ناريًا على أحمد فتوح    «حماة الوطن» بأشمون يناقش تعزيز دور الشباب في العمل الحزبي    لويس دياز يبلغ ليفربول برغبته في الانتقال إلى بايرن ميونيخ    مفتي الجمهورية ينعى الأمير الوليد بن خالد بن طلال آل سعود    جولة تفقدية لرئيس جامعة القناة على شئون التعليم والطلاب    وزارة العمل تعلن عن 90 وظيفة براتب 8 آلاف جنيه | تفاصيل    "روحهم كانت في بعض".. وفاة شخص أثناء محاولته اللحاق بجنازة والدته ببني سويف    ضبط 3 وقائع في أقل من 48 ساعة.. الداخلية تتحرك سريعًا لحماية الشارع    الكونغو الديمقراطية و«إم 23» توقعان اتفاقًا لوقف إطلاق النار    علاء مبارك يرد على ساويرس: عمر سليمان «كان رجل بمعنى الكلمة»    ماركا: بعد تجديد كورتوا.. موقف لونين من الرحيل عن ريال مدريد    نجم الزمالك السابق: عبدالله السعيد يستطيع السيطرة على غرفة الملابس    «احترم النادي وجماهير».. رسالة نارية من نجم الزمالك السابق ل فتوح    "عنبر الموت".. شهادات مروعة ..إضراب جماعي ل 30قيادة إخوانية وسنوات من العزل والتنكيل    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    الملاك والمستأجرون وجها لوجه في انتظار قانون الإيجار القديم    هيئة الطرق والكباري ترد على شائعة توقف العمل بكوبري الميمون ببني سويف    تجنبها ضروري للوقاية من الألم.. أكثر الأطعمة ضرراً لمرضى القولون العصبي    هل يؤثر إضافة السكر الطبيعي على كوكاكولا؟ رد رسمي على تصريحات ترامب    شائعة بين المراهقين وتسبب تلف في الكلى.. أخطر أضرار مشروبات الطاقة    حدث بالفن | رقص هيدي كرم وزينة في الساحل وتعليق أنغام على أزمتها الصحية    محمد ربيعة: عقليتى تغيرت بعد انضمامى لمنتخب مصر.. وهذا سبب تسميتى ب"ربيعة"    قافلة بيطرية من جامعة المنوفية تفحص 4000 رأس ماشية بقرية مليج    غلق 6 مطاعم فى رأس البر بعد ضبط أطعمة منتهية الصلاحية    «قولي وداعًا للقشرة».. حلول طبيعية وطبية تمنحك فروة صحية    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرحالة فى رمضان.. الرجل تدب مطرح ما تحب

شهر رمضان في مصر له مذاقه الخاص وعادات وتقاليد تميزه مما جعل العديد من الرحالة يدونون ما يشاهدونه من احتفال باستقبال الشهر الكريم ، لدرجة أن بعض الرحالة أشاروا إلى بعض القضايا الفقهية التى تتعلق بالصوم وممارسة الحياة خلال هذا الشهر الكريم وما يصاحبها من تغيرات تطرأ على سلوك المسلم لدرجة جعلتهم يتمنون أن تسود تلك الروح الرمضانية كل أيام السنة .
الرحالة الإيطالى (برنار دو بريدنباخ) رصد في كتابه المنشور عام 1409م مظاهر بهجة الناس بهذا الشهر، ووصف إنارة المساجد والدروب، وحلقات الإنشاد والذكر، ودق الدفوف حتى تعذر عليه النوم. وكان ذلك شأن الرحالة (فيلكس فابري) (1440-1502م) الذي زار مصر مرتين؛ أولاهما عام 1480م والثانية من 13 أبريل 1483م حتى 30 يناير 1484م، معرباً عن دهشته ليلة دخوله القاهرة لكثرة ما رأى في شوارعها من الأنوار والمشاعل والفوانيس مختلفة الألوان والأشكال،يحملها الكبار والصغار، وشاهد المسحراتي يجوب الشوارع ليلاً، وينادي الناس بأسمائهم. واعتقد أنه أحد رجال الدين...
أما الرحالة الفرنسي «جاك دو فيلامون» الذى زار مصر في عام 1589م وفي كتابه المنشور بعنوان (رحلات السير دوفيلامون) فقد تحدث عن مواكب دراويش الصوفية وحلقات الذكر والمساجد المضاءة وزحام الأسواق ومآدب الإفطار التي يدعى إليها الأصدقاء، واصفاً المصريين بالكرم بقوله: «ولديهم عادة جميلة، إذ يجلسون على الأرض ويأكلون في فناء مكشوف أو أمام بيوتهم، ويدعون المارة إلى الطعام في صدق وحرارة».
وبحسب ما ذكره المؤرخ الفرنسي الشهير (إدم فرنسوا جومار) (1777-1862م)، أحد العلماء الذين اصطحبهم نابليون معه أثناء حملته على مصر عام 1798م في كتابه (وصف مدينة القاهرة وقلعة الجبل), إذ يقول: «تحيا الأعياد الدينية في القاهرة ببذخ شديد؛ فالناس جميعاً يعلمون أن رمضان هو شهر الصوم فيمتنعون عن الطعام والشراب والتدخين، والاستمتاع بأي تسلية لنسيان ذلك الامتناع، ويحتفي المسلمون بليالى رمضان، وبينما يحضرون خلال النهار في جماعات كبيرة، وبورع شديد دروس الفقه في المساجد، تبدو في المساء الشوارع مضاءة صاخبة، وتظل الأسواق والمقاهي مفتوحة حتى أذان الفجر».
وأورد الطبيب الفرنسي (أنطوان بارتيليمي كلوت) (1793- 1868م) المعروف بكلوت بك صديق محمد علي، ومؤسس أول مدرسة للطب في مصر في عهده؛ أورد انطباعاته عن شهر رمضان في كتابه (لمحة عامة عن مصر) فقال: «من مظاهر هذا الشهر صومه، فهو من الفرائض في الدين الإسلامي، وهو لا يقع في فصل معين من فصول السنة، وإنما يطوف بها جميعاً، وتتم دورته في كل ثلاث وثلاثين سنة مرة. على خلاف ما كنا نعتقد في أوروبا بأنه شهر ترفيه وملذات، فإكتشفنا إنه شهر كبح الشهوات»..ومن الأشياء التي لفتت انتباه كلوت بك امتناع بعض المصابين بالحمى عن تناول الدواء مؤثرين الموت على مخالفة واجب الصوم، وإذا تحدث عن وجبة الإفطار قال: «إن الفقراء يتناولون إفطارهم بنهم وشهية، أما الأثرياء فيكتفون بوجبة خفيفة؛ قليل من الخبز أو الحلوى أو الفاكهة إلى أن يصلوا العشاء، ثم يتناولون وجبة الإفطار الدسمة».
وعن أحوال الناس يقول: «إن كثيراً منهم يتخذون طريقهم إلى المساجد لأداء صلاة التراويح، بينما يذهب بعضهم الآخر إلى المقاهي يستمعون إلى حكايات شعراء الربابة والمنشدين، وتتنوع أمسيات رمضان في شوارع القاهرة ما بين مشاهد ألعاب الحواة أو حلقات الذكر حول ضريح أحد الأولياء».
وقد حدثنا أيضاً المستشرق البريطاني (إدوارد وليم لين) (1801-1876م) في كتابه (أخلاق المصريين المعاصرين وعاداتهم) الذي نشر في عام 1836م، عن ليلة رؤية رمضان عام 1835م، فيذكر: «والليلة التي يتوقع أن يبدأ صبيحتها الصيام تسمَّى ليلة الرؤية»، فيُرسَل عددٌ من الأشخاص الثقاة إلى مساحة عدة أميال في الصحراء؛ حيث يصفو الجوليروا هلال رمضان، بينما يبدأ من القلعة موكب الرؤية الذي يضم المحتسب وشيوخ التجار وأرباب الحرف والطحانين والخبازين والجزارين والزيَّاتين والفكهانيين. وتتقدَّم الموكب فرقة من الجنود، ويمضي الموكب حتى ساحة بيت القاضي، ويمكثون في انتظار من ذهبوا لرؤية الهلال، وعندما يصل نبأ ثبوت رؤية هلال رمضان يتبادل الجميع التهاني، ويسير الدراويش في مجموعات يطوفون أحياء القاهرة وهم يصيحون (يا أمة خير الأنام.. صيام.. صيام), أما إذا لم تثبت الرؤية في تلك الليلة فيكون النداء (غدًا متمّم لشهر شعبان.. فطار.. فطار).
ويعد لين أبرز من تحدث عن المسحراتي وعاداته، وذكر نصوص الأغاني التي يتغنى بها والنوتة الموسيقية الخاصة بكل أغنية. كما ذكر أنه يدور في كل ليلة، ولكل منطقة مسحراتي خاص بها، يطلق المدائح لأرباب المنازل؛ ممسكًا بيده اليسرى بازًا صغيرًا وبيده اليمنى عصا أو قطعةً من الجلد يضرب بها عند كل وقفة ثلاث مرات، يرافقه صبي يحمل ناقوسين؛ موحداً الله ومصلياً على الرسول- صلى الله عليه وسلم- (اصح يا غفلان وحد الرحمن.. أسعد الله لياليك يا فلان)، داعيًا بالتقبل والحفظ لأهل الدار، ولا يذكر أسماء البنات، وإنما يقول: أسعد الله لياليك يا ست العرايس، وكان المسحراتي يلزم الصمت عندما يمر ببيت في حالة حزن لوفاة عزيز، وتحدث إدوارد لين عن العشر الأواخر من رمضان، وقال إن غالبية المؤمنين يفضِّلون قضاءها في المشهد الحسيني وجامع السيدة زينب.
وبالوصول إلى الرحالة الأيرلندى (ريتشارد بيرتون) (1821-1890) الذي زار مصر عام 1853م, فيقول أن مختلف الطبقات تراعي شعائر هذا الشهر بإخلاص شديد، رغم قسوتها، فلم أجد مريضًا واحدًا اضطر ليأكل حتى لمجرد الحفاظ على حياته، مضيفاً أن الأثر الواضح لهذا الشهر على المؤمنين هو الوقار الذي يغلِف طباعهم، وعند اقتراب المغرب تبدو القاهرة وكأنها أفاقت من غشيتها، فيطلُّ الناس من النوافذ والمشربيات، فتنتظر لحظة انطلاق مدفع الإفطار من القلعة، ويجلجل صوت المؤذن جميلاً، داعيًا الناس للصلاة، ثم ينطلق المدفع الثاني من قصر العباسية (سراي عباس باشا الأول) وتعم الفرحة أرجاء القاهرة.
أما ألبرت فارمان (1876 - 1969) الذي كان قنصل أمريكا العام في القاهرة بين عامي 1876-1881م فقد رصد في يومياته الحياة الاجتماعية في مصر في نهاية عصر إسماعيل وبداية عصر توفيق، وعن انطباعاته التي سجَّلها عن مظاهر الاحتفال بشهر رمضان يقول: «شهر رمضان يبدأ فيه سفر الحجَّاج»، ويذكر أن رؤية الهلال تبدأ بخروج الرجال إلى التلال العالية خلف القلعة، وفور ثبوته يعودون بالبشرى، ولا بد من إثبات ذلك كتابةً، وفور ذلك تسير المواكب الرسمية والشعبية المبتهجة في أرجاء العاصمة القاهرة، معلنةً بدء صيام رمضان.
المصدر: عرفة عبده على - رمضان فى الزمن الجميل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.