«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفاطميون ألغوا رؤية هلال رمضان.. وكانوا يصومون بعد اليوم الثلاثين من شعبان

في ظل الصوم خلال شهر رمضان المبارك. هناك عادات وتقاليد تزخرف الحياة اليومية للصائمين وتضفي عليها نكهتها الخاصة المميزة. منها ما هو موغل في القِدَم. ومنها ما يتجاوز الألف سنة. والكثير الكثير منها مشترك ما بين معظم أصقاع العالم الإسلامي، وإن كان لبعضها مكانة أكبر هنا مما هي هناك. ولكن بعض هذه العادات والتقاليد واجه في العصر الحديث ظروفا جديدة، كان معظمها ناشئ من نمو المدنية الحديثة وتضخمها، واقتحام التكنولوجيا لحياتنا اليومية، وبداية تسللها منها إلي عادات وتقاليد عريقة. ويمكن للائحة المتغيرات هذه أن تطول بنسب مختلفة بين مكان وآخر، ولكن يبقي لهذه العادات مصدرها الوحيد وهو: الرغبة في التعبير عن البهجة بحلول الشهر الفضيل، وتمييز محطات الحياة اليومية خلاله، والتي تبقي قبل كل شيء أيام صوم وتعبد تقربا إلي الله عز وجل. والحقيقة أن ما ابتكره المسلمون لرمضان الكريم من فنون وما عرفوه من نظم وعادات وأطعمة ومشروبات يعد من علامات ميلاد الحضارة الإسلامية بعد أن فتح المسلمون مراكز الحضارات القديمة في اليمن والعراق ومصر وفي الشام حيث استقرت عاصمة الدولة ألف شهر - أكثر من 88سنة- في دمشق منطلق الفتوحات من الصين إلي الأندلس والمدينة التي شهدت موائد قصورها أول ما عرف العالم من أطعمة رمضانية، قبل أن تتولي بغداد ثم القاهرة مهمة ابتكار وتطوير ما ارتبط بشهر الصيام من فنون. ولقد ارتبط شهر رمضان في وجداننا بالعديد من الفنون والعادات والمظاهر الجميلة التي تعطيه مذاقا خاصا مثل تلاوة القرآن وصلاة التراويح وإضاءة المساجد وإقامة موائد الإفطار والسحور التي يدُعي لها المحتاجون والغرباء. كما ارتبط رمضان بالمسحراتي والفوانيس ومدفع رمضان والكنافة والقطايف والخشاف وفن القوما وحلقات الذكر والإنشاد الديني ولذلك حظي رمضان منذ العصر الإسلامي الأول وحتي عصرنا بنصيب لا بأس به من العادات والنوادر والفكاهة في الأدب العربي خاصة الشعر مما يجعل الصائمين في مناخ يمتزج فيه الحس الديني بالوهج والدفء الاجتماعي بالترفيه والفكاهة المحببة للنفس. صيام الرسول لم يفرض صيام شهر رمضان منذ قيام الدعوة الإسلامية بل كان النبي - صلي الله عليه وسلم - يصوم في كل شهر ثلاثة أيام ثم فرض صيام شهر رمضان كله في السنة الثانية من الهجرة وتوفي الرسول الكريم وقد صامه تسع سنوات. الاحتفال برمضان أول من بدأ فكرة الاحتفال بقدوم رمضان كما تسجل كتب التاريخ هو سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -عندما بدأ بتزيين المساجد وإنارتها من بداية أول يوم في شهر رمضان حتي يتمكن المسلمون من إقامة صلاة التراويح وإحياء شعائر الدين، روي أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - مر علي المساجد في رمضان فوجدها محاطة ومزدانة من الداخل والخارج بالقناديل فقال" نور الله علي عمر بن الخطاب في قبره كما نور علينا مساجدنا". التهنئة بحلول شهر رمضان المبارك من أجمل تقاليده الاجتماعية، وأعرقها، فتبادل التهاني فرصة لتوطيد أواصر العلاقات الاجتماعية بين ذوي القربي والأصدقاء والمعارف. المطالع الفلكية للكواكب تختلف المطالع الفلكية للكواكب في العالم الإسلامي اختلافا ظاهرا خاصة الشمس والقمر ،والفقهاء متفقون علي وجوب مراعاة التوقيت الخاصة بكل بلد وذلك في العبادات كلها فلا يصلي أهل بلد أي وقت من أوقات الصلوات الخمس بحلول ذلك الوقت في بلد غير بلدهم بل عليهم أن ينتظروا حلوله شرعاً حسب مطلع البلد الذي هم مقيمون فيها إلا في بداية الصيام أول شهر رمضان وفي نهاية الصيام فقد أباح الفقهاء هنا قولا وعملاً متابعة من تثبيت رؤية الهلال في بلدهم أول شهر رمضان وفي نهايته بشرط الاشتراك بينهم في جزء من الليل أو النهار ،وقد حدث هذا في عصر الخلفاء الراشدين فصام أهل الحجاز يوم السبت وصام أهل الشام يوم الجمعة تمسكاً بمطلع كل بلد. ولو كانوا جميعا قد صاموا يوم الجمعة أو السبت لكان صيامهم صحيحاً لأن التمسك بالمطلع في هذه الفريضة ليس واجباً كما تقدم وقد نسبت هذه الرواية لابن عباس رضي الله عنه.. هلال رمضان استوجب صوم شهر رمضان العناية بأربعة أنواع من الأهلة وهي هلال شعبان -لارتباطه بأول رمضان- وهلال الشك. ويوم الشك هو اليوم التالي للتاسع والعشرين من شعبان ويقع فيه الشك لأنه إما يكون مكملا لشعبان ثلاثين يوما وإما أن يكون أول أيام رمضان. وهلال رمضان. وهلال شوال وهذه القيمة الدينية للأهلة استتبعت قيمة أدبية أخري فكثر وصف الشعراء للأهلة الثلاثة الأخيرة علي مر العصور فهلال شعبان العناية به دينية بحتة ( في الأشعار الشعبية التي تقص أخبار الزناتي خليفة وأبي زيد الهلالي يوصف الوجه الجميل بأنه كهلال شعبان، وقد التفت البعض إلي هذا المعني فثبت لديهم أن هلال شعبان يبدو غاية في الإشراق، بصورة تميزه عن سائر الشهور، وتجعله هلال شعبان بلا جدال). أما هلال رمضان فتعني به الدول الإسلامية وشعوبها عناية فائقة وترصد مطالعة حتي تتثبت من رؤيته وكان الرسول - صلي الله عليه وسلم - إذا رأي هلال رمضان قال: "اللهم اجعله هلال رشد وخير آمنت بالذي خلقك " ثلاث مرات ثم يقول: " الحمد لله الذي ذهب بشهر شعبان وأتي بشهر رمضان". وهلال رمضان في أغلب أحواله نحيل، ويبني علي نحوله أن تراه عيون، ويغم علي عيون. لذا كان الخلفاء والأمراء يخرجون إلي الأماكن العالية مع القضاة والشهود لرؤية هلال رمضان، يقول الأصمعي: "صعدت مع الرشيد رحمة الله عليه ننظر هلال رمضان" وذكر السيوطي في حسن المحاضرة : "أن أول من خرج لرؤية الهلال في مصر القاضي- غوث بن سليمان- الذي توفي عام 168 ه وقيل أن أول قاضي خرج مع الشهود لرؤية الهلال هو- عبدالله بن تهيعه- الذي تولي قضاء مصر سنة 155 ه. عندما خرج بنفسه لرؤية الهلال بفعل اضطراب وقع الناس فيه إذ أكد بعضهم رؤية الهلال، والبعض نفاها". وحافظ سلاطين المماليك علي الاحتفال بليلة رؤية هلال رمضان ففي عام 920ه وفي عهد السلطان المملوكي "الأشرف قنصوه الغوري" خرج جميع كبير من العلماء والوجهاء يتقدمهم قضاة المذاهب الأربعة بالمدرسة المنصورية، وحضر- الزيني بركات بن موسي -المحتسب فلما ثبتت رؤية الهلال وانفض المجلس ركب المحتسب ومشي أمامه السقاؤون بالقِرَب وأوقدوا الشموع في الدكاكين وعلقوا المواقد والقناديل علي طول الطريق إلي بيت المحتسب. ويروي المستشرق الإنجليزي -إدوارد لين - مشاهد رؤية الهلال في مصر عندما زارها سنة 1240ه فيقول: "إن العادة جرت في مصر ليلة الرؤية أن يسير موكب المحتسب ومعه أصحاب الحرف كالطحانين والخبازين والجزارين تصحبهم فرق الموسيقي وجماعة من الجند. وعند سماع خبر الرؤية، يعود بعض الجند إلي القلعة ويطوف الباقون في أحياء القاهرة وهم ينادون بأعلي أصواتهم: يا أمة خير الأنام.. صيام.. صيام.. صيام". وقد ظلت عادة الاحتفال بالمواكب منتظمة في مصر حتي منتصف الخمسينات من القرن العشرين، ثم تلاشت تحت وطأة الضغوط المختلفة. واليوم يرصد الهلال في جميع البلدان الإسلامية جماعة من الناس الموثوق بهم، وتعلن نتيجة الرصد رسميا دار الإفتاء عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية. نوادر في هلال رمضان اجتمع الناس ليلة رؤية هلال رمضان فقال لهم - أبو مهدية - المضحك كفوا فما طلب أحد عيبا إلا وجده!. وخرج أهل الشام لرؤيته فكانوا يحدقون في الأفق ولا يرون شيئا فصاح رجل من بينهم لقد رأيته فاستعجبوا من قوة أبصاره وقالوا كيف أمكنك أن تراه من بيننا؟ فطرب الرجل لهذا الثناء وصاح وهذا هلال أخر بجواره. وكانت رؤية هلال رمضان وهلال العيد (شوال) من المهام المكلف بها قاضي القضاة في العصر المملوكي وحدث سنة 1511م أن أخطأ قاضي القضاة في الرؤية مما ترتب عليه أن الناس في مصر المحروسة أي (القاهرة) صاموا يوم السبت بينما صام أهالي الإسكندرية ودمياط يوم الجمعة ونظرا لعدم وجود وسائل إعلام في ذالك الوقت لم يعلم الناس بهذا النبأ في حينه وعندما علموا هاج الشعراء وماجوا فقال أحدهم: ياقاضيا بات أعمي عن الهلال السعيد أفطرت في رمضان وصمت في يوم عيد وقال آخر: إن قاضينا لأعمي أم علي عمد تعامي سرق العيد كأن العيد من مال اليتامي الفاطميون يرفضون الرؤية لما دخل الفاطميون مصر رفضوا رؤية هلال رمضان وأصبح صوم رمضان بدون رؤية الهلال لأنهم يكملون شهر شعبان ثلاثين يوما كاملة ويذكر أن جوهر الصقلي أفطر هو وأصحابه عام 358 ه بدون رؤية الهلال وصلوا صلاة عيد الفطر بمصلي القاهرة ولم يعجب ذلك أهل مصر فصلوا في اليوم التالي له لأن القاضي أبا الطاهر الزهلي التمس رؤية الهلال كما جرت العادة ولم يدم هذا الوضع طويلا ففي عهد الحاكم بأمر الله عاد وأباح الصوم علي رؤية الهلال. موكب الرؤية كان موكب الرؤية، حتي سبعينات القرن العشرين، يتم في معظم العواصم والأقاليم، وكان ترتيب الفئات المشاركة فيه، وتحديد مساره، قد أصبحا معتادين من فرط التكرار كل عام. ولذا كان الجمهور المشاهد يتجمع وحده علي جانبي المسار انتظاراً لوصول الموكب المتوقع. وكان الموكب ينطلق بعد صلاة العصر يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان من موضع التجمع، الذي قد يكون موضعاً ذا دلالة تاريخية، مثل بيت القاضي أو الساحة المواجهة للمسجد الجامع. ويدور الموكب دورة طويلة يجتاز فيها شوارع المدينة الرئيسية ونواحيها، ويمر بأسواقها إلي أن يصل إلي الساحة المقابلة لمبني المحافظة أو مبني رئاسة الإدارة المحلية في المدينة. وعادة ما يكون ختام الدورة الأولي عند المغرب، حيث يتم التأكد من نتيجة استطلاع هلال رمضان، وما إذا كان اليوم التالي يوماً مكملاً لشهر شعبان أم سيكون غُرَّة رمضان.فإذا كان غُرة رمضان، بدأت الدورة الثانية من الموكب ليتبادل الناس التهنئة والمباركة بحلول الشهر الكريم. وليقوم المسئولون بتوزيع الهدايا أو ما أشبه. ومن ثم ينصرف الجمع للإعداد لدخول شهر رمضان. ويتكون هذا الموكب عادة من ثلاث فقرات: الفقرة الأولي: تحوي المشاركة الرسمية ممثلة في طابور عرض عسكري يرتدي الزي الرسمي، ويسير مشية استعراضية، ثم كوكبة من الخيالة تمشي خبباً ، ثم فرقة من الموسيقات النظامية تعزف المارشات. الفقرة الثانية: تحوي مشاركة الطوائف والطرق وبيارقها المُتَايزة وبألوان أقمشتها المخصوصة، وإيقاعات دقاتها وآلاتها المعهودة، مع الذكر والتفقير في أثناء المسير. الفقرة الثالثة: فتحوي ما يمكن أن نسميه المشاركة المدنية، حيث تعتمد علي مشاركة الأهالي أنفسهم، خاصة من أرباب المهن والحرفيين التقليدين. إذ تتولي عربات الكارو التي تجرها الخيول، ثم أصبحت سيارات النقل (اللوري) ونصف النقل بديلا لعربات الكارو. وعلي سطح تلك المركبات الأشبه بخشبة المسرح، كان أبناء كل حرفة يتمثلون كيفية مزاولتهم لحرفتهم. لكنهم كانوا يستخدمون مُعدات وأدوات مكبرة. وقد يعمد بعضهم إلي صور من التمثيل الكاريكاتيري وابتكار المشاهد الساخرة. وعموما، كانوا يفتنون بأساليب مختلفة في أداء هذا الاستعراض. وربما لحق بمجموعة الحرفيين هؤلاء عدد من المقلدين والمتنكرين ومثيري المرح والدعابة. فمنهم من يصبغ وجه بالدقيق أو اللون الأبيض، أو يرتدي ما تواضع عليه بأنها ملابس الشعوب الأخري الغربية كالهنود الحمر وما إلي ذلك. يصف ابن إياس موكب الرؤية عام 920ه قائلاً: "وأما في ليلة رؤية الهلال حضر القضاة الأربعة المدرسة المنصورية، وحضر الزيني بركات بن موسي المحتسب ،فلما ثبتت رؤية الهلال وانفض المجلس ركب الزيني بركات من هناك. فتلاقاه الفوانيس والمنجانيق والمشاعل والشموع الموقدة، فلم يحص ذلك لكثرته. و وقدوا له الشموع علي الدكاكين وعلقوا له التنانير والأحمال الموقدة بالقناديل من الأشاطيين إلي سوق مرجوش إلي الحباشية، إلي سويقة اللبن، إلي عند بيته. ثم يتوجه القضاة الأربعة والمحتسب إلي السلطان، لتهنئته بحلول شهر رمضان. ثم يعرض الوزير والمحتسب اللحم والدقيق والخبز والبقر والغنم علي السلطان(تموين الولائم السلطانية). كما جرت العادة حيث يحمله الحمالون علي رؤوسهم وأمامهم الطبل والمزامير، ويمر هذا الموكب في طرقات القاهرة المضاءة بالفوانيس والشموع المعلقة في الشوارع والدكاكين. كما كان الناس يطلقون البخور بطول الطريق ". كان هذا وصف ابن إياس لموكب العاصمة والدائرة المرتبطة بالسلطة العليا. أما ابن بطوطة فيصف موكب مدينة صغيرة في ريف إقليم الغربية
هي - أبيار- فيقول:" ولقيتُ بأبيار قاضيها عز الدين. .حضرتُ عنده مرة -يوم الركبة-، وعاداتهم فيه: أن يجتمع فقهاء المدينة ووجوهها بعد العصر من اليوم التاسع والعشرين من شعبان بدار القاضي. ويقف علي الباب نقيب المتعممين، وهو ذو شارة وهيئة حسنة، فإذا أتي أحد الفقهاء أو الوجوه تلقاه ذلك النقيب ومشي بين يديه قائلا: باسم الله، سيدنا فلان الدين، فيسمع القاضي ومن معه، فيقومون له. ويجلسه النقيب في موضع يليق به. فإذا تكاملوا هنالك ركب القاضي وركب من معه أجمعون وتبعهم جمع من المدينة من الرجال والنساء والصبيان. وينتهون إلي موضع خارج المدينة وهو مُرتقب الهلال عندهم. وقد فرش ذلك الموضع بالبسط والفرش فينزل فيه القاضي ومن معه. فيترقبون الهلال ثم يعودون إلي المدينة بعد صلاة المغرب، وبين أيديهم الشمع والمشاعل والفوانيس. ويوقد أهل الحوانيت بحوانيتهم الشمع. ويصل الناس مع القاضي إلي داره ثم ينصرفون. هكذا فعلهم في كل سنة". وقد مر الاحتفال بموكب رؤية هلال رمضان بأطوار وتنويعات وصور مختلفة تغيرت فيها معالمه، كما تبدلت فيها وظائفه بالنسبة للمجتمعات الشعبية التي مارسته، لقد انتقل الاحتفال من مجرد قيام عدد محدود من الأفراد بالتوجه إلي مكان خلوي أو مرتفع تتيسر فيه إمكانية رؤية بزوغ أول هلال من قمر شهر رمضان. ثم يعود هؤلاء المستطلعون للإدلاء بشهادتهم علي رؤية الهلال. ثم أصبح القاضي عنصراً محورياً في هذه الجماعة الاستطلاعية، الأمر الذي أضاف بعض المراسم. ثم دخل المحتسب محوراً آخر، الأمر الذي وسع من مراسم الموكب الاحتفالي وإجراءاته ووظائفه، وقد تعددت هذه الوظائف الجديدة وتحور بعضها، وتبادل بعضها البروز إلي أمامية الصورة أو الانسحاب إلي الخلفية. وأصبح للموكب طابعه الكرنفالي الحاشد، الذي تجاوز الاقتصار علي الدور الإعلامي عن هلال رمضان. وبذا اندرج موكب الرؤية مع المواكب الأخري التي تجري في المناسبات الاجتماعية والاحتفالية الدورية التي تنظمها المجتمعات الشعبية، والتي تمتد من أسلاف لها تعود إلي عهود سابقة، كما تُوفّق أوضاعها مع احتياجات المجتمعات الشعبية ومستحدثاتها.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.