ننشر قائمة فئات المعلمين غير المستحقين لحافز التدريس    انتهاء فعاليات اليوم الأول من التصفيات النهائية للمسابقة المعلوماتية الأكبر فى مصر «ديجيتوبيا» DIGITOPIA    محمد موسى يفضح لعبة الإخوان: تجارة بالدين وخدمة لأجندات استخباراتية    طيران ناس السعودية تعلن عن بعض التأخيرات بعد استدعاء طائرات إيرباص    هل يحتوى ترامب التصعيد بين الصين واليابان أم يشعله؟    وزير الإعلام السوري: الهجمات الإسرائيلية تهدف لجرّ سوريا إلى مواجهة عسكرية    زلزال بقوة 5.8 درجة يهز الحدود بين المكسيك وجواتيمالا    بيرو تعلن حالة الطوارئ على حدودها مع تشيلي وسط تزايد محاولات الهجرة    توروب: الحكم احتسب ركلة جزاء غير موجودة للجيش الملكي    أبطال المشروع القومى للموهبة بكفر الشيخ يحصدون 6 ميداليات والمركز الثالث    خبر في الجول - عامر حسين يقترب من الإشراف على الكرة في الاتحاد السكندري    والدة شيماء جمال: لا تهاون مع من يحاول استخدام اسم ابنتي لمصالح شخصية    خبير تكنولوجيا يحذر من تجاهل التحولات الرقمية وسقوط ملايين الوظائف    محمد موسى يكشف أخطر أدوات الفوضى الرقمية واستهداف المجتمعات    تعرف على المستندات المطلوبة من حجاج الجمعيات بكفر الشيخ    تحرير 88 مخالفة لمحلات مخالفة لقرار الغلق خلال 24 ساعة بالجيزة    محمد موسى يفتح النار على مروجي شائعات شيماء جمال: ارحموا من تحت التراب    وصول هانى رمزى لمهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح وتكريمه بحفل الختام    استشارية تربية تكشف تأثير الذكورية المفرطة على العلاقات الزوجية والأسرية    استشارية نفسية تحذر: الذكورية المفرطة تهدد الصحة النفسية للأسرة بأكملها    خبير تربوي: الطبيعة الفسيولوجية للرجل لا تبرر السيطرة المفرطة    عالم الأزهر يكشف مخاطر الخوض في حياة المشاهير على السوشيال ميديا    نجاح أول جراحة للقلب المفتوح بالمجمع الطبي الدولي بالأقصر    الحكم على التيك توكر «قمر الوكالة» بتهمة نشر الفسق والفجور| اليوم    استقالة مدير مكتب زيلينسكى تربك المشهد السياسى فى أوكرانيا.. اعرف التفاصيل    النيابة العامة تُنظم حلقة نقاشية حول تحقيق التوازن بين سلامة المريض وبيئة عمل آمنة    خبر في الجول – الأهلي يقرر تقديم شكوى ضد الجيش الملكي والحكم    أحمد دياب: بطل الدوري الموسم القادم سيحصل على أكثر من 50 مليون جنيه    أنغام تعود لجمهورها في أمسية ساحرة أمام الأهرامات    الحب سوف يُبقينا على قيد الحياة؟!    أجواء رومانسية من حفل زفاف أروى جودة والإيطالى جون باتيست.. صور    وزير الثقافة يحيي روح الحضارة المصرية خلال مناقشة دكتوراه تكشف جماليات رموز الفن المصري القديم    الصباحى: ركلة جزاء الجيش الملكى غير صحيحة.. ورئيس الحكام يهتم برأى الاعلام    مصرع عاملين دهساً أسفل عجلات القطار بكفر الدوار    القبض على 3 متهمين بسرقة سيارات نصف النقل في أطفيح والصف    بعد تعادل الأهلي مع الجيش الملكي.. ترتيب المجموعة الثانية بدوري الأبطال    وزير الإسكان ومحافظ كفر الشيخ يفتتحان محطة مياه شرب قرية دقميرة اليوم    لحظة الحسم في الإدارية العليا: 187 طعنًا انتخابيًا على طاولة الفصل النهائي    المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات: نحتاج رؤية جبال من المساعدات تصل إلى غزة    أخبار 24 ساعة.. مصر تفوز بعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية    كيف ينتشر فيروس ماربورغ وأخطر أعراضه؟    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في احتفال مرور 20 عامًا على تأسيس مركز الإبراهيمية للإعلام    سفير مصر لدى أثينا: وفد رجال أعمال يونانى يزور مصر لتعزيز العلاقات الاقتصادية    وزير قطاع الأعمال العام يشهد افتتاح المعرض المصاحب للمؤتمر الوزاري الأفريقي    مصر تفوز بعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية للفترة 2026 - 2027    وزير قطاع الأعمال يلتقي وزيري الصناعة الصيدلانية والصحة الجزائريين لبحث توسيع آفاق التعاون الدوائي    محمود بسيونى يكتب: جيل الجمهورية الجديدة    رفعت فياض يكشف حقيقة عودة التعليم المفتوح    تكريم حفظة القرآن الكريم بقرية بلصفورة بسوهاج    المفتى السابق: الشرع أحاط الطلاق بضوابط دقيقة لحماية الأسرة    بث مباشر.. إكس تويتر| مشاهدة مباراة الأهلي ضد الجيش الملكي اليوم في دوري أبطال إفريقيا – قمة لحظة بلحظة    أكاديمية الشرطة تستقبل وفدًا من طلاب الثانوية في زيارة تثقيفية لتعزيز الوعي    زيارة مفاجئة لوكيل صحة أسيوط لمستشفى منفلوط المركزي اليوم    سعر اللحوم في مصر منتصف تعاملات اليوم الجمعة    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    مشاركة مصرية بارزة في أعمال مؤتمر جودة الرعاية الصحية بالأردن    رئيس شعبة الدواجن: سعر الكيلو في المزرعة بلغ 57 جنيهاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان في عيون الرحالة والمؤرخين
نشر في محيط يوم 23 - 07 - 2012

اهتم المؤرخون بتسجيل مظاهر الإحتفال بشهر رمضان المعظم ، وبوصف عادات وتقاليد الناس في نهاره وليله ، ووجد مثل هذا الإهتمام لدى عدد كبير من الرحالة الأجانب ، الذين سافروا لمعايشة "سحر الشرق" والكتابة عن ورسمه ، حتى كان أحدهم ليستأجر المسكن في أحد الشوارع الرئيسية ليطلع عن قرب على احتفالات الشهر البهيجة .

وبالإطلاع على بعض كتابات هؤلاء وهؤلاء عن رمضان في مصر الإسلامية ، ترسم في الذهن صورة لشهر رمضان قديما بعطرها ونسائمها الجليلة ، تنقذنا ولو إلى حين من لفح الحياة العصرية وويلاتها على قلب الإنسان .

يوم الركبة

ففي وصفه للإحتفال برؤية هلال رمضان في مصر عام 727ه قال الرحالة الأشهر ابن بطوطة : " وعاداتهم في يوم الركبة أن يجتمع فقهاء المدينة ووجوهها بعد العصر بدار القاضي ، ويقف على باب الدار نقيب المتعممين ، وهو ذو شارة وهيئة حسنة ، فإذا أتى أحد الفقهاء أو الأعيان تلقاه ذلك النقيب ومشى بين يديه قائلا : بسم الله سيدنا فلان الدين ، ويجلسه النقيب في موضع يليق به ، فإذا تكاملوا هنالك ، ركبوا جميعا وعلى رأسهم القاضي وتبعهم من بالمدينة من الرجال والصبيان ، حتى إذا ما انتهوا إلى موضع مرتفع خارج المدينة - وهو مرتقب الهلال عندهم - وقد فرش ذلك الموضع بالبسط والفرش ، فينزل القاضي ومن معه يرتقبون الهلال ، ثم يعودون إلى المدينة بعد صلاة المغرب وبين أيديهم الشموع والمشاعل والفوانيس فيكون ذلك دليلا على ثبوت رؤية الهلال فيوقد التجار الشموع بحوانيتهم وتكثر الأنوار في الطرقات والدروب والمساجد " .

ومن جانبه يصف "ابن إياس" احتفال أهل مصر برؤية الهلال عام 920ه فيقول : " ... وأما في ليلة رؤية الهلال ، حضر القضاة الأربعة بالمدرسة المنصورية ، وحضر الزيني بركات بن موسى المحتسب ، فلما ثبتت رؤية الهلال وانفض المجلس ، ركب المحتسب ومشت قدامه السقاءون بالقرب ، ووقدوا له لشموع على الدكاكين وعلقوا له التنانير والأحمال الموقودة بالقناديل من الأمشاطيين إلى سوق مرجوش ، إلى الخشابين ، إلى سويقة اللبن إلى عند بيته (بيت الزيني بركات) .

ويقول الرحالة "ناصر خسرو" ، الذي زار مصر في القرن الخامس الهجري عن استعدادات رمضان بجامع عمرو بن العاص "إنه كان يوقد في ليالي المواسم والأعياد أكثر من 700 قنديل ، وإن المسجد يفرش بعشر طبقان من الحصير الملون بعضها فوق بعض ، وكانت تعطر المساجد بالبخور والكافور والمسك " .

كرم أهل مصر

وعن كرم وجود أهل مصر في رمضان يقول عبد الرحمن الجبرتي في عجائب الأسفار إنه توجد لهم سنن وطرائق في مكارم الأخلاق لا توجد لغيرهم " ففي بيوت الأعيان كان السماط يمد مبذولا للناس ولا يمنعون من يريد الدخول ، وكانت لهم عادات وصدقات في المواسم الدينية خاصة في ليالي رمضان ، يطبخون فيها الأرز باللبن ، والذرة ويملأون من ذلك قصاعا كثيرة ، ويفرقون منها على من يعرفونه من المحتاجين ، ويجتمع في كل بيت الكثير من الفقراء ، فيفرقون عليهم الخبز ويأكلون حتى يشبعوا ويعطونهم بعد ذلك دراهم ، ولهم غير ذلك صدقات وصلات لمن يلوذ بهم ، خلاف ما يعمل ويفرق من الكعك المحشو بالسكر والعجمية وسائر الجلوى" .

هذا كما تشهد الأسواق والحركة التجارية نشاط غير عادي خلال الأيام الرمضانية ، وفي ذلك يقول المقريزي عن سوق الشماعين بالنحاسين في مصر خلال القرنين الثامن والتاسع الهجريين : " كان به في شهرمضان موسم عظيم ، لكثرة ما يشترى ويكترى من الشموع الموكبية ، التي تزن الواحدة منها عشرة أرطال فما دونها ، ومن المزهرات عجيبة الزي مليحة الصناعة ، ومنها ما يحمل على العجل وزن الواحدة منها قنطارا وما فوقه .. فيمر في ليالي شهر رمضان من ذلك ما يعجز البليغ عن حكاية وصفه " .

ليلة الرؤية

شغف كثير من الرحالة الأجانب بحياة المسلمين بما فيها من عادات وتقاليد تغلفها الإنسانية الكاملة وكتبوا الكثير في وصف أيام وليالي رمضان ، وعادات المسلمين فيه ، حتى أن بعضهم كما يقول الكاتب والباحث المصري عرفه عبده علي (مجلة العربي ديسمبر 2000) أخذه الشغف حتى أنه شارك المسلمين عاداتهم وصلاتهم بالمساجد كالمستشرق البريطاني الشهير "إدوارد لين" ، الذي اختلط بمسلمي مصر ، وسمى نفسه "منصور افندي" ، ومما كتبه في وصف ليلة رؤية هلال رمضان في مصر عام 1835م :" والليلة التي يتوقع أن يبدأ صبيحتها الصيام ، تسمى ليلة الرؤية .. فيرسل عدد من الأشخاص الثقاة إلى مسافة عدة أميال في الصحراء حيث يصفو الجو ، لكي يروا هلال رمضان .. بينما يبدأ من القلعة موكب الرؤية الذي يضم المحتسب وشيوخ التجار وأرباب الحرف : الطحانين والخبازين والجزارين والزياتين والفكهانية ، تحيط بهم فرق الإنشاد ودراويش الصوفية ، وتتقدم الموكب فرقة من الجنود .. ويمضي الموكب حتى ساحة بيت القاضي ، ويمكثون في انتظار من ذهبوا لرؤية الهلال .. وعندما يصل نبأ ثبوت رؤية هلال رمضان ، يتبادل الجميع التهاني ثم يمضي المحتسب وجماعته إلى القلعة بينما يتفرق الجنود إلى مجموعات يحيط بهم " المشاعلية" والدراويش ، يطوفون بأحياء المدينة وهم يصيحون : يا أمة خير الأنام .. صيام .. صيام ، اما إذا لم تثبت الرؤية في تلك الليلة ، فيكون النداء " غدا متمم لشهر شعبان .. فطار .. فطار " .

مائدة الإفطار

وحول إفطار رمضان يقول "لين" : " توضع مائدة الإفطار - طوال شهر رمضان - في غرفة الإستقبال ، حيث يستقبل رب الدار ضيوفه ، وتعد صينية فضية كبيرة تزدان بأطباق المكسرات والزبيب والحلوى وأواني الشربات والماء ، وفي الحسبان دائما الضيوف الذين قد يهبطون بغته ، وتجهز أدوات "الشوبك" للتدخين .. بعد أذان المغرب ، يتناول رب الدار مع أسرته وضيوفه أكوابا من شراب الورد أو البرتقال ثم يؤدون صلاة المغرب وبعدها يتناولون شيئا من المكسرات ويدخنون .. وبعد تناول شراب منعش يجلسون لتناول إفطارهم ، غالبا من اللحوم وأطايب الطعام ، ثم يؤدون العشاء ويعقبها صلاة التراويح ، التي تؤدى جماعة في المسجد ، ثم يتدفق الناس إلى الشوارع ، ويتحول الليل إلى نهار ويرتاد العامة المقاهي ليستمعوا إلى المنشدين ورواة السير الشعبية ، ويعقد دراويش الصوفية حلقات الذكر وختمة القرآن في منازل شيوخهم كل ليلة ، ويدور المسحراتي في كل ليلة ، ولكل منطقة مسحراتي خاص بها يطلق المدائح لأرباب المنازل ممسكا بيده اليسرى "بازا" صغيرا وبيده اليمنى عصا أو قطعة من لجلد يضرب بها ، عند كل وقفة ثلاث مرات ، يرافقه صبي يحمل فانوسين ، موحدا الله (سبحانه وتعالى) ومصليا على الرسول (صلى الله عليه وسلم) وصائحا : اصح يا غفلان .. وحد الرحمن .. أسعد الله لياليك يا فلان ، داعيا بالتقبل والحفظ لأهل الدار ، ولا يذكر أسماء البنات ، وإنما يقول : أسعد الله لياليك يا ست العرايس " .

ويقول العالم والرحالة المستشرق الأيرلندي "ريتشارد بيرتون" عن أيام رمضان في مصر العام 1853م :

" تراعي مختلف الطبقات شعائر هذا الشهر بإخلاص شديد - رغم قسوتها (في نظره) فلم أجد مريضا واحدا اضطر ليأكل حتى لمجرد الحفاظ على حياته .. وحتى الآثمون الذين كانوا قبل رمضان قد اعتادوا السكر والعربدة - حتى في أوقات الصلاة - قد تركوا ما كانوا فيه من إثم فصاموا وصلوا .. والأثر الواضح لهذا الشهر على المؤمنين هو الوقار الذي يغلف طباعهم .. وعند اقتراب المغرب تبدو القاهرة وكأنها أفاقت من غشيتها ، فيطل الناس من النوافذ والمشربيات يرقبون لحظة خلاصهم ‍، بينما البعض منهمك في صلواته وتسبيحه ، وآخرون يتحلقون في جماعات أو يتبادلون الزيارات . أخيرا انطلق مدفع الإفطار من القلعة .. يا للسعادة .. ويجلجل صوت المؤذن جميلا داعيا الناس إلى الصلاة ، ثم ينطلق المدفع الثاني من قصر العباسية (سراي عباس الأول) وتعم الفرحة أرجاء القاهرة .. التي كانت صامته ، وينتقل إحساس الترقب المبهج إلى اللسان الجاف والمعدة الخاوية والشفاه الواهنة ، فتشرب " قلة " من الماء .. " .

ثم تقبل الأيدي على تناول الطعام ، كي تقوى على قيام ليالي الشهر الفضيل ، وإحياؤها بالعبادة وقراءة آيات الذكر الحكيم والدعاء بأن تنهض الأمة الإسلامية من محنتها ، وتستعيد مجدها وعزها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.