وبعد أن أوقف الكونجرس المساعدات، وحذا حذوهم القطريون بالذات، كان آخر المنضمين لقطار التوقفات، الاتحاد الأوروبى وما يحويه من دول كبرى وبعض الدويلات، وعللوا قرارهم القاسى بما تقوم به الحكومة الإخوانية منذ توليها شئون المصريين والمصريات، فهم لا يرعون فى غير الإخوانى إلاً ولا ذمة فى كثير من الأمور الثقات, ويرتضون لأنفسهم "الهبر" ولغيرهم الفتات، وحقوق الإنسان المصرى مهضومة لديهم حتى" يبان له صاحب " أو يمسك عليهم زلة من الزلات. والمرأة لا مكان لها عندهم إلا فى البيت أو الغيط بجوار البلح الأمهات, ويا حبذا أن تستقر المرأة فى باطن الأرض وتتنزل عليها الرحمات، ويستثنى من ذلك النساء اللاتى هن للسمع والطاعة مستجيبات بل من المحترفات، شريطة أن يكن أيضا من الإخوانيات، أو برجال الإخوان متزوجات، كذلك ما يتبعونه من تهميش لجميع المصريين خاصة إذا كانوا من الأقليات، وكل من طالب بإصلاح فهم يرفضون هذه الطلبات . ولأننا فى ثورة عظيمة هى ام الثورات، وقد أطاحت بالفاسدين والفاسدات، فوقعت مصر فى حجر الاخوان والاخوات وأغرقوها فى بحر الظلمات، وأغرقوا مصر فى المؤامرات، ورفع البلطجية اللافتات، وابتلوا البلد بالمظاهرات، وأسرفوا فى حرق المصالح الحكومية وقطع الطرقات، نحن نعلم مثل تلك المؤامرات، التى لا تريد إلا تعطيل دولاب العمل وما للإنتاج من العجلات. فلما رأى المانحون الغربيون والشرقيون منهم تلك التصرفات، حلف مسئولو الاتحاد الأوروبى برءوس آبائهم من الخواجات، بأن الإخوان وحكومتهم لن يروا منهم " يورو " واحدا أو شيئا من المساعدات، حتى ينصلح حالهم ويأخذون بالهم من المواطنين والمواطنات، وقد عد الإخوان ذلك القرار مصيبة كبيرة من المصيبات، وقالوا لمرشدهم لا قبل لنا اليوم بهذا القرار فاطلب من القطريين الريالات . فقال المرشد أخبروا مندوبنا المرسى فى القصور الرئاسيات، أن المرشد يأمرك بإرسال مساعدك عصام الحداد المتخصص فى الشئون الخارجيات، لأن له خبرة عظيمة فى التعامل مع صلف الاتحاد الأوروبى وما يتخذه ظلما وعدوانا من أمثال تلك القرارات، ولا ترسل كامل ابن عمرو وزير الخارجية لأنه قليل الحيلة ولا يملك إلا أن يريهم بياض أسنانه عبر تلك الابتسامات، فإذا ذهب إليهم فلن يقضى المصلحة وليس بعيدا أن يفرضوا علينا بعض العقوبات. وقد استجاب الحداد لقرار مرشده ابو البيعات، ومر قبل ذهابه إلى المطار بضريح السيدة زينب مختطفا بعض أطفال الشوارع وبعض الشحاذين والشحاذات، ووضعهم على متن طائرته التى ستهبط فى مطار برلين يوم الجمعة ليلة السبت والأحد المعدين عند الأوروبيين من العطلات، ليتفسح ويتسنكح يومين قبل المهمة الثقيلة على حساب الرئاسة التى تصرف على قفا الشعب المصرى" وإن شا لله ما حد حوش يا حضرات ". وقد اجتمع أعضاء الاتحاد الأوروبى فى جلسة استثنائية لمقابلة الحداد الذى ادعى أن لديه أدلة جديدة على كذب جميع الأسباب التى بنى عليها الاتحاد الأوروبى قراره بمنع المساعدات، فكان أن أعطاه القوم الكلمة من المنصات، وقالوا له هات ما عندك من أسباب ووقائع جديدة أيها الحداد هات: الحداد وقد دخل المجلس يتوكأ على عكاز تحت إبطه منكوش الشعر مطرم الأسنان يكسو وجهه السواد والهباب من كل ناحية مهمل اللحية رث الملابس يعلوه البؤس والشقاء، تناول الميكروفون بيد مرتعشة حيث خطب بصوت متوسل ضعيف قائلا: سيداتى آنساتى سادتى الأوروبيين، البيض الحلوين الملظلظين، عينيكو خضر ، وشعركم أصفر، وبلادكم كلها خير، خضرة وميه ووجه حسن، سبحان من أعطاكم، حنوا على بلد صحرا، المواطن فيه غلبان وكحيان، دى حسنة قليلة تمنع بلاوى كتيرة، هنيا لك يا فاعل الخير، والأجر والثواب عند الله. المستشارة الألمانية ميركل: يا خرام ... دى جيتو مسكين خالص يا إينى، دى صخيخ تقارير مخابرات، هكم إخوان دى بزرميط تمام، سوفوا يا جمائة باعتين واخد مسكين خالص وبيقولوا دى مسئول كبير أندهم كمان. نائب راديكالى : إهنا مش فاتهينوا سبيل، إيه أمور شهاته دى .. ،... إمسى من هنا واخد خداد ... واخد شهات .. على الله. نائبة سويدية: هو ليه آمل فى نفسو كده ..مافيس هدوم هلوه ، ما فيس ميه يستهمى، ما فيس دكتور عدل للسنان البايظة دى ؟ الحداد ببكاء مصطنع : آآآآه ، وااااء ، ثم " متشحتفا ": ما فيش يا ست الكل، مبارك خد كل حاجة وسابنا على البلاطة، مش لاقيين ناكل، والاخوان كتر خيرهم هما اللى شايلين الطين فوق روسهم وعمالين يدبروها من هنا، تخرم من هنا، وكلوا عشان يستروا الشعب الغلبان ده، دا انا حتى جايب لكم معايا أخويا العريان عشان يشرح لكم كل الجهود دى بالأرقام عشان احنا عارفينكم ناس مركزين، وتحبوا الشغل الدقيق شويتين، وتعزوا النظام زى عينيكم. نائبة فرنسية تصرخ بأعلى صوتها: لا وخياتك يا مسيو هداد بلاش إريان دى، لا موس عايزين نسوفو، عشان دى هاتصعب علينا كتير، ليه سايبو إريان كده يجيلوا واخد برد يروه فيها يا إينى يا مسكين ؟ !! اهنا نبعت نجيب له هدوم من بند الطوارئ هالا، انتم ما فيش فى قلوبكم رهمة. الحداد يجدها فرصة للخلاص من موضوع الأرقام : خلاص يا ست الكل عشان خاطرك بلاش العريان، وكتر خيركم اللى هاتجيبوا له هدوم جديدة من بند الطوارئ، والله واتكسيت يا عم عصام ... طول عمرك مرزق. نائب إيطالى : بس انتو مش تهترموا هقوق إنسان، كمان فى اضطهاد معارضة، كمان الستات مش ياخد هقوق أندكم، ليه نديكم فلوس تهطوا فى كرشكم وتسيب ناس دى كله غلابة ؟ الحداد فى نفسه : يعنى انت اللى عاملى مفتح فيهم طيب صبرك عليا، ثم متوجها إلى البرلمان: سامحوه يا اسيادى جاهل ميعرفش حاجة، هو فين الانسان أصلا عندنا عشان نحترم حقوقه يا سعادة البيه ؟! أنا جايب لك عينة من البنى آدمين اللى عندنا فى البلد عشان تحترمهم بنفسك وتديهم حقوقهم. يشير إلى باب البرلمان الأوروبى ويستأذن رئيسته، فيفتح الباب وتدخل جموع الشحاذين والشحاذات وأطفال الشوارع الذين اختطفهم خصيصا لهذه الرحلة من جوار ضريح السيدة زينب، وفور أن يشاهد الشحاذون وأطفال الشوارع هذا الكم الهائل من الخواجات حتى يخالون أنفسهم فى أحد المسارح الذى يعج بالشغل، فينطلقون جائرين وصارخين كل حسب طريقته وأسلوبه فى الشحاذة، وما أن يراهم الأعضاء والعضوات بالبرلمان الأوروبى حتى يقفزوا فارين من أماكنهم من هول ما يرون من أشكال قبيحة وعاهات جسدية وعقلية، والنواب يصرخون والشحاذون يجرون خلفهم وكأننا فى فيلم عجيب من أفلام " هيتشكوك "، إلى أن تصرخ ميركل فى الحداد حتى "يلم ثعابينه ". الحداد: ولا يهمك يا ست الكل أنا عامل حسابى كويس ويصرخ : لموهم. ليدخل مجموعة من مخبرى قسم السيدة وصولات وأمناء المباحث وما أن يراهم الشحاذون حتى يثبتوا فى أماكنهم ويضعون رءوسهم بين ركبهم وأيديهم على أقفيتهم ويبدأون فى التوسل والوعد بأن هذه آخر مرة. النائب الإيطالى: تمام كويس واخد هداد، اى دى وهوش كانوا ايزين ياكلونا دى مش بشر دى مخلوقات بدائية عايز ألفين سنة فى نظرية داروين لهد ما يبقوا بشر، أنا كنت فاهم غلط بوظان خالص، دى معارضة مصرية كداب كبير، انتم عايزين مساعدة كتير مع العالم ده. الحداد فى نفسه: مش قلت لك يابن الهبلة دواكم كلكم عندى ..ثم متوجها إلى البرلمان: شوفتوا إزاى يا جماعة حكومتنا مسكينة مع شعبها الغلبان وعرفتم قد إيه إحنا حايشين عنكم بلاوى زرقا لو سيبناهم عليكم هاتقولوا حقى برقبتى. البرلمان الأوروبى بالإجماع: عودة جميع المساعدات لجمهورية مصر العربية على هيئة أقفاص حديدية كبيرة، وسباطات موز، ولب وسودانى لزوم التقشير، وديتول تطهير ولوف لزوم الحموم، وهدوم كستور نظيفة، وامشاط وفلايات، وأجهزة تعويضية لزوم المكسحين، والأجر والثواب عند الله. ................................................................................................................ سفر الخراب: اجرافتى على الأرض ترسمون أحمد السعيد إذا جاءك المتظاهرات والمتظاهرون، قالوا نطلب عيشا وحرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية يكفلها القانون، فقل لهم تبا لكم أيها المغفلون، ما الذى أتى بكم حتى مقر جماعتنا المصون ؟ ، " أجرفيتى " على الأرض ترسمون ؟ !! ، تقولون فيه بسقوط مرشدنا وحكمه أيها المجرمون، ويقول أبو دومتكم أننا خراف يمأمؤون، فتالله لنرفسنّكم بأظلافنا ولننطحنّكم نطحا شديدا بالقرون، حتى تسيل الدماء من الجباه فتصبغ بها الوجوه وتبلل الذقون، ولنسحلن رجالكم ولنبطحن نسائكم الماجنات أيها الماجنون. ما الذى أتى بكم إلينا وماذا تريدون ؟ ألم ندع لكم ميدان التحرير الذى كنتم فيه تفسقون ؟!، واعتصمتم به شهورا طويلة مثلما ترغبون، وحاصرتم قصر الاتحادية وكنتم بجوار أسواره ليلا تبيتون، ونهارا تهتفون، وتسبون وتلعنون، ورسمتم جرافيتكم على جدرانه ونحن مطنّشون. حتى إذا تكبرتم وفجرتم وأكلتم جبنة " نستو " أيها المعفنون، احمرت لنا الحدقات وانتفخت منا الأوداج وفاض بنا الكيل فجعلناكم كعصف مطحون، وأنزلنا عليكم عبادا لنا بصوت عال يصرخون، " همة عزيمة إيمان " فكنتم منهم تفرقون وهرولة تهربون، ولستم على أحد منكم تلوون، ثم جاءت أحكام بورسعيد فكنتم لرجال شرطتنا على كورنيش النيل تضربون، وطمعتم بفندق سميراميس وكنتم له تسرقون، فتركناكم وما تنهبون، فلعب بعقلكم الجنون. وأتيتم عقر دارنا بالمقطم تردحون، وظننتم أننا لكم مستجيبون، وأنكم مثلما كنتم لنا انتخابا تحضرون، فإنكم بنا سوف تذهبون، هيهات هيهات لما تحلمون، إنكم قوم طيبون، وإننا إخوان مسلمون، وإنكم نخبة موتورون، ليس لكم ظهير شعبى إليه تركنون، فأنتم شرذمة قليلون، وإنا لكم لغائظون، هل لكم مثل " معالم فى الطريق " كتابا تدرسون ؟ ، إن لجماعتنا فيه لما يتخيرون، من الأساليب والألاعيب التى بها يحكمون، فتراهم أخطر من حكماء بنى صهيون، ولشعبكم على الشناكل يرقّصون. أما أهلنا وعشيرتنا فهم يتدللون ويتبغددون، فهم الصانعون، وهم الزارعون، وهم التجار وهم الموظفون، وهم المديرون، وهم الوزراء وهم المحافظون، هكذا يقضى نهج الأخونة لو تعلمون، ثم إننا مع رجال النظام القديم لمتصالحون، والسارق والسارقة منهم لا نقطع أيديهما وإنما نصافحها ورجالنا معهم يتقاسمون، وطز بك أيها الشعب المصرى كما قلنا طز فى مصر من قبل وطز لكم أيضا أيها الثائرون، وإن طائر نهضتنا ماهو إلا طائر الرخ العظيم الملعون، لذا فلتعلموا أننا بإذن الله جالسون، على كل المقاعد والكراسى والأرائك فى هذا البلد المصون، وأننا أيضا عازمون، أن نجثم على صدركم إلى يوم يبعثون.