أشفق على المهندس إبراهيم محلب، مساعد رئيس الجمهورية للمشاريع القومية والإستراتيجية، بعد أن كُلف من الرئيس برئاسة لجنة استرداد أراضي الدولة من الذين نهبوها.. وقاوموا كل المحاولات السابقة التي استهدفت إخضاعهم للقانون. يجىء تكليف محلب بالمهمة الصعبة، بعد أن أصاب الناس اليأس من إمكانية استرداد أراضي الدولة، بعد أن وعدوا عشرات المرات بتحقيق تلك المهمة.. ولم تسفر وعودهم عن تنفيذ الواقع.. الذين نهبوا أراضي الدولة لا يأبهون بتصريحات المسئولين، ويواصلون الاستيلاء على مساحات جديدة تحت سمع وبصر أجهزة الدولة المعنية. البداية قديمة.. منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، عندما أعلن عدد محدود من رجال الأعمال عن رغبتهم في غزو الصحراء واستزراعها، لسد احتياجاتنا من الحبوب والفاكهة والمنتجات العطرية وتحقيق خطة الدولة للخروج من الشريط الضيق الذي ضاق بسكانه.. والخروج إلى الصحراء المتسعة. الهدف المعلن نبيل.. تحمس له الشعب. قبل أن تتحمس له الحكومات وتدعمه بكل قوة، تم تخصيص آلاف الأفدنة لهم بأسعار رمزية، بشرط واحد.. ألا يتم تغيير النشاط الذي خصصت الأراضي من أجله.. وهو الزراعة، وأن تسحب الأراضي في حالة عدم الالتزام بهذا الشرط. وكانت البداية خادعة.. أخضر طريق القاهرةالإسكندرية بعد أن كان يكتسي بلون الرمال الأصفر. وأثمر شجر الفاكهة.. وظهرت بشائره في الأسواق.. تم تصديرها إلى الخارج.. وحقق أصحاب تلك الأراضي أرباحا معقولة ولكن يبدو أنها لم تكن كافية لتحقيق أطماعهم، فسرعان ما خالفوا التعاقدات.. وأقاموا منتجعات سياحية تباع بالملايين بعد أن اشتروا الأراضي بملاليم لاستزراعها. الحقيقة أن بعض المسئولين حاولوا أن يتصدوا لتلك المخالفات. لكن تصدى المخالفون للدولة.. وأنفقوا ملايين الجنيهات على الحملات الإعلانية، التي تشكك في التوجه الرأسمالي للدولة والادعاء بأنها تعيق الاستثمار.. وتطارد المستثمرين.. وكانت تلك الاتهامات وحدها كفيلة بأن تدفع أجهزة الدولة إلى التراجع عن محاولة استرداد الأراضي. وبعد ثورتي يناير ويونيو بدأت الدولة تستعيد مبادرتها، وكلفت عدة جهات بإحياء المحاولات السابقة والتنسيق فيام بينها، شملت التكليفات أجهزة التعمير ووزارات الزراعة والتنمية المحلية والداخلية، ولكن سرعان ما نشبت الخلافات فيما بينها.. وبدأت كل جهة «تغني على ليلاها» وتعمل وفق رؤية مختلفة عن غيرها.. وفشلت المحاولات. صحيح أن المهندس إبراهيم محلب سيتفادى تلك الأخطاء.. ويدفع الجهات المعنية إلى العمل في اتجاه واحد، لكن الأمر المؤكد أنه لن يجد الطريق ممهدًا أمام مساعيه لاسترداد حقوق الدولة.. خاصة أن الذين نهبوها سيقاومون.. بالمال والنفوذ!