التعديات على أراضى الدولة ملف شائك، قصر مفهومه الشائع على المخالفة بالبناء على الأراضى الزراعية، وهو أمر فيه إجحاف كبير لقضية أراضى الدولة بصورة شاملة، التى تعرضت على مدار عشرات السنوات، لتعد صارخ سواء بالاستيلاء والنهب أو ب «هبة» التخصيص بمبالغ زهيدة، حقق من استحوذوا عليها أرباحا بالملايين. وفى هذا الملف حاولنا الوقوف على حجم تلك التعديات بصورها المختلفة من خلال بيانات وإحصائيات رسمية من الجهات المختصة وصاحبة الولاية على الأراضي، سواء بهيئة المجتمعات العمرانية بوزارة الإسكان، أو هيئة التعمير والتنمية الزراعية، ومن خلال رؤى القائمين على العمل بمواقع المسئولية بتلك الجهات، حاولنا تحديد أسباب تلك الظواهر، ورؤاهم للحلول وآليات التنفيذ لاسترداد الأراضى المنهوبة ووقف نزيف التعدى على الأراضى الزراعية، بالإضافة إلى الإطلاع والإجراءات التى تتخذ فى الوقت الراهن للتعامل فى هذه القضية من قبل الجهات التنفيذية والممثلة فى شرطة المسطحات المائية، والتى تختص بحماية نهر النيل وأراضى طرح النهر والأراضى الزراعية، وكذلك شرطة المجتمعات العمرانية ودورها فى حماية أراضى ومساكن المجتمعات العمرانية بالمدن الجديدة، كما اطلعنا على رؤى واقتراحات خبراء التشريع فى صياغة لتشريعات جديدة تؤهل وتضمن الحفاظ على أراضى الدولة من النهب والسرقة أو التبوير والبناء بالمخالفة، وخاصة بعد تشكيل لجنة استرداد أراضى الدولة المستولى عليها التى أصدرها الرئيس السيسى أخيرا برئاسة المهندس إبراهيم محلب.
وفى البداية أكد اللواء حامد عقيل مساعد وزير الداخلية، ومدير شرطة البيئة والمسطحات المائية أن رصد وتحرير المخالفات بالتعدى على الأراضى الزراعية وإصدار قرار الإزالة اختصاص وزارة الزراعة، ومهمتنا هى تأمين القائمين على تنفيذ الإزالة، بالإضافة إلى اختصاصنا فى حماية الأراضى الزراعية من الاعتداء عليها سواء بالتبوير أو بالبناء المخالف وتحويلها من نشاط الزراعة إلى سكني، ولقد نفذنا فى مجال حماية الأراضى الزراعية 17128 حالة إزالة لتعديات فى عام 2014، وفى عام 2015 وصل عددها إلى 22139، ونحن نعمل على محور رئيسى يهدف للتعامل مع المخالفة منذ بداية الشروع فيها وبمرحلة مبكرة، وهذا أفضل أسلوب نحرص على اتباعه للقضاء على التعديات، بحيث لا ندع الفرصة للمخالف أن يستكمل بناء المنزل والإقامة به وتأجيره للسكنى ثم نعلنه بارتكابه مخالفة بالتعدي، وحينها يصعب التعامل مع هذه التعديات بالإزالة مع وجود سكان بالمبنى ويحتاجون لتوفير مكان بديل.
تعديل تشريعى ويرى عقيل أن تحقيق الردع للقضاء على المخالفة بالتعدى يحتاج لتعديل تشريعى يضمن المنع المبكر لوقوع مثل تلك الجرائم، ولا يسمح للمخالف بأن يستفيد من مخالفته، ولاسيما أن أغلب التعديات قائمة حاليا بأسلوب فرض سياسة الأمر الواقع، بعد أن منُحت لهم الفرصة ومكنتهم من إقامة هذه المبانى بالمخالفة حين لم يتم التعامل المبكر معهم، ولذا فالأفضل هو منع الجريمة قبل وقوعها، خاصة أن عملية البناء لا تتم بالخفاء كجريمة السطو، بل تتم على مرأى ومسمع من الجميع وتأخذ مراحل عديدة لاستكمالها بداية من حفر الأساسات، وإقامة الأعمدة الخرسانية ورمى المسلحات، فهى جريمة مكشوفة أمام أعين الكافة، فالصمت بالسلب مع تلك الحالات فى حد ذاته يعد جريمة تستوجب العقاب للمنوط بهم متابعة هذا العمل. رقابة مجتمعية وللتعامل بجدية مع هذه القضية علينا أن نقر بأن مهمة الرقابة لهذه الجرائم لا تقتصر على المسئول التنفيذى للحى أو البيئة أو الزراعة، بل يجب أن يتسع نطاقها وتكون بالرقابة الشعبية والمجتمعية، فالمواطنون هم المتضررون الأصليون من تلك الجرائم بالاعتداء على الأراضى الزراعية والتى لا يجوز تخصيصها لأى غرض آخر أيا ما كان، بخلاف زراعتها، ولا يجوز تحويلها لكتل خرسانية، والمواطن يحتاج أن يغير مفاهيمه القديمة والتقليدية بالتمسك بالمكان ويقبل بفكرة التوسع الأفقي، وينطلق خارج الدلتا والمدينة للاماكن الرحبة، بدلا من تكدسنا فى شريط الدلتا الذى لا يعادل سوى 4% من مساحة مصر. المصالحة تشجيع وعن جدوى التعامل مع التعديات على الأرض الزراعية بالإزالة خاصة مع عدم صلاحيتها للزراعة بعد تلفها من إقامة الخرسانات بها قال عقيل إن تنفيذ الإزالة هو أمر حتمى ليكون بمثابة الردع لكل من تسول له نفسه بالمخالفة من الآخرين، أما القول بالمصالحة ودفع الغرامات، هو ما شجع المخالفين على الاستمرار بالتعدي، والواجب أن تكون العقوبة بالحبس وليس بدفع غرامة، وألا تترك الأرض لهم، بل يتم مصادرتها حتى لا يتمتع ويستفيد من مخالفته. وعن أسلوب التعامل مع السكان فى العقارات المخالفة حال إزالتها قال: المفروض أن هناك لجنة إسكان فى كل محافظة تتولى مهمة توفير السكن العاجل لمثل تلك الحالات، مع انه الواجب أن نعلم أن هناك شيئا اسمه التخصص، فليس المفترض عندما نتصدى لمواجهة مشكلة من المشكلات نتعثر بسبب مثل تلك المبررات للتأنى والتراخى فى عدم مجابهتها، كالقول بأن تلك المبانى المخالفة بها سكان وليس لهم مأوي، مع أنهم من الأساس كانوا على علم مسبق بمخالفة العقار قبل سكنه، ورغم ذلك قبلوا الوجود فيه وشجعوا المخالف على الاستمرار فى تعديه، ولا نريد أن يكون السكان هم الوسيلة والمبرر لوقف إزالة العقار المخالف، وهذه حيلة يلجأ إليها الكثيرون بحيث يعلقون بعض الملابس فى »بلكونة« الشقة مع أنها خاوية ليس بها أثاث وعلى المحارة، وكل هذا لإيهام القوة ورجال التنفيذ أن الشقة بها سكان لإثنائهم عن تنفيذ الإزالة بالعقار. التعديات أنواع ومن ناحيته أكد المهندس محمد سيف النصر حسين رئيس الإدارة المركزية للإنشاءات بهيئة المجتمعات العمرانية أن هناك أكثر من نوع للتعديات، فهناك تعديات على الأرض، وتعديات على الوحدات السكنية، وهناك قرارات جمهورية تصدر بإنشاء مدن جديدة توجد فيها أوضاع قائمة من قبل المواطنين بأنشطة مختلفة سواء بالسكن أو الزراعة، وأخطر تلك التعديات التى تحدث بعد صدور القرار الجمهورى بإنشاء المدينة بحيث يكون بمثابة تعدٍ على كردون المدينة، ولاسيما إذا وقع هذا التعدى داخل الكتلة العمرانية المخطط لها بهذا الكردون والذى يعد أخطر صور التعدى والذى يعوق حركة التنمية بالمدينة ويستوجب التعامل معه، وتلك التعديات لا يتأتى نتيجة تقاعس من المسئولين بهذه المدينة، ولكن نظام العمل بها يتم وفق مراحل حسب تطور المدينة، والمعتدى دائما ما يتعمد المخالفة فى مراحل متقدمة بالعمل بالمدينة فى توقيت التخطيط وإقامة المرافق بها، ويتم رصد تلك الحالات ومخاطبة الجهات الأمنية من خلال شرطة التعمير، والتى تقوم بالدراسات الأمنية لإيجاد أفضل السبل لإخلاء هذه الأرض المعتدى عليها بأقل خسائر وبأقصى سرعة حتى لا يكتسب المخالف وضعا قانونيا أو يتكبد كمواطن مصاريف لا طائل منها بالأرض التى لا يملكها من الأساس. والحالات التى يصعب التعامل معهم فى أحيان كثيرة بمدن الصعيد نتيجة النزعة القبلية والعقيدة بأن الأرض هى ملكية خاصة بهم وورثوها عن الأجداد، لدرجة أنه فى تمكن القوات من إزالة تلك التعديات نعمل على تأمينها لعدم إعادة التعدى مرة أخرى، وفى حالة رصد تكرار مثل تلك الحالات نحاول فى البداية التعامل معها بصورية ودية من خلال العمدة أو شيوخ البلد وإن لم نتمكن من الحل، نلجأ للدراسة الأمنية والتى تدعمها قوات من الشرطة أو الجيش فى بعض الأحيان. فالتعامل مع الأوضاع القائمة قبل صدور القرار بإنشاء المدن يختلف عن التعديات بعد صدور القرار خاصة أنها أوضاع مستقرة وثابتة منذ البداية، وعلى سبيل المثال لذلك فى مدينة أخميم الجديدة، وهى إحدى مدن الظهير الصحراوى وجدنا داخل كردون المدينة الذى حدد للمدينة مساحات من الأراضى الزراعية والمزارعين فيها متشبسين بها لأنها مصدر دخلهم الوحيد ولديهم استعداد للتضحية بأرواحهم على ألا تسلب منهم، وأمام تلك الأوضاع لم تجد اللجنة المشكلة من التخطيط العمرانى وتخطيط الأراضى والمحافظة وهيئة المساحة والمجتمعات العمرانية حل مع مثل تلك الأوضاع سوى بالإقرار بوجود زراعات قائمة قبل صدور القرار بإقامة المدينة ويتم استبعاد هذه الأراضى من الكردون، لتتبع المحافظة والتى توافق على هذا الإجراء. وتتحول مساحة المدينة من 8000 فدان إلى 4000 فدان ولا تصلح لإقامة المدينة وتضم للمحافظة لإقامة وحدات سكنية تابعة بها رغم وجود القرار الجمهوري. المدن الجديدة ولتفادى مثل تلك الأوضاع ووجود مبان أو زراعات سابقة لصدور القرار الجمهورى بإنشاء مدينة جديدة يرى سيف النصر أن الواجب قبل إصدار القرار إجراء دراسة دقيقة على الطبيعة لتلافى أى أخطاء وطبقا لمسح الأرض، بحيث يتم تحديد حجم وموضع الأوضاع القائمة ومدى حيازة أصحابها على مستندات من عدمه، بحيث يتم وضع الكردون بعيدا عن تلك المناطق. وعن إرجاع البعض زيادة التعديات على الأراضى الزراعية لتعنت وزارة الإسكان مع المواطنين وصعوبة تخصيص الأراضى والوحدات السكنية لهم أكد سيف النصر أن الهيئة تخرج معدلات وحدات سكنية بالتكلفة إذا تم قياسها بدول كبرى كالولاياتالمتحدة، فستتفوق مصر، فمشروع الإسكان الاجتماعى على سبيل المثال بدأ العمل به في منتصف عام 2012 وحدات سكنية تم الانتهاء منها فى بداية 2013، وتمكننا حتى وقتنا هذا من بناء 40 ألف وحدة في 18 مدينة، كما نطرح مائة ألف وحدة أخري، كما سنطرح خلال هذه الفترة 145 ألف وحدة سيتولى الجيش إنشاء 45 ألف وحدة منها بخلاف، الإسكان المتوسط الذى يتولى إقامته، وهذا العدد الرهيب من الوحدات السكنية يصعب على دول أخرى انجازه خلال الفترة التى أقيمت فيها بمصر . أما القول بان وزارة الإسكان السبب فى زيادة التعدى على الأراضى الزراعية فهذا ليس له أساس من الصحة، خاصة أن 90 % من نوعية تلك التعديات نتيجة الارتباط بالمكان والقرب من العمل والأسرة فالمواطن الذى يوجد فى إحدى القرى ويعمل بأحد مراكزها ما الذى سيدفعه لطلب السكن فى مدينة من المدن الجديدة كالعبور على سبيل المثال، فالمواطن يفضل أن يقيم منزله على قطعة الأرض التى ورثها عن أسرته ويتحايل بصورة أو بأخرى لتسهيل دخول المرافق من كهرباء ومياه، بحيث لا يرغب فى الحصول على وحدة سكنية بالمدن الجديدة إلا الذين سبق لهم العمل بالخارج وعادوا يأملون الحياة فى بيئة رحبة وهادئة. لجنة الحفاظ على الأرض أما المهندس كمال فهمى نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية فأكد أن ملف التعديات على أراضى الدولة يحظى من الدولة اهتمام بالغ، وقد كُلف المهندس إبراهيم محلب بقرار جمهورى لتشكيل لجنة للحفاظ على أراضى الدولة والقضاء على الفساد، وهذه اللجنة مشكلة فيها كل هيئات الدولة ذات الولاية على الأراضى كالتنمية الصناعية والإصلاح الزراعى وهيئة التنمية الزراعية، بالإضافة للجهات الأخرى صاحبة الولاية ممثلة فى هذه اللجنة بالإضافة إلى كل الوزارات المعنية والداخلية والقوات المسلحة، وشاركنا جميعا فى عقد اجتماعات دورية مع اللواء أحمد جمال الدين مستشار رئيس الجمهورية لمحاربة الإرهاب والفساد، ونتج عن أعمال هذه الجلسات تشكيل لجنة لتنفيذ ما تم بحثه لاسترداد حقوق الدولة من البلطجية وواضعى اليد على الأراضى المنهوبة. وعن دور لجنة استرداد أراضى الدولة والتى شُكلت من قبل قال من خلال هذه اللجنة شاركنا فى الاجتماعات التى عقدت فى الرقابة الإدارية واتخذت خطوات كثيرة من خلالها وكانت ابرز إعمالها إعادة 56 ألف فدان بمدينة السادات كان تم التعدى عليها، وتم استردادها ووضعنا يدنا عليها وبدأ العمل فيها بناء على تعليمات رئيس الوزراء فى حينه بهدف تنميتها وأدخلنا فيها شبكة طرق ومياه، وتأمين الأرض بشركات حراسة خاصة، بالإضافة إلى حماية شرطة الإسكان والتعمير، وخلال الفترة المقبلة سنعقد فى هذه المنطقة مؤتمرا اقتصاديا كبيرا جدا لتنمية مدينة السادات بما فيها ال56 ألف فدان والذى يتوقع أن يكون عائد الاستثمار منها يزيد على المائة مليار جنيه. حصر شامل وعن مدى إمكانية حصر الأراضى المتعدى عليها قال فهمى إن لدى الهيئة واللجنة المختصة حصر شاملا ووافيا بكل الأراضى المتعدى عليها والتى تزيد على 16 ألف فدان أما أراضى وضع اليد فتزيد عن 28 ألف فدان بالمدن الجديدة، وجميعها صادر بشأنها قرارات إدارية سواء كانت بالحجز آو الإزالة، والأمر متوقف على الدراسات الأمنية، ومن خلال عمل اللجنة المكلفة بالملف نتوقع أن يبدأ التنفيذ الفورى لهذه القرارات. وعن أكثر المناطق التى تشهد وقائع تعد على الأراضى أوضح أن التعديات بصورة صارخة نجدها فى بعض مدن الصعيد، كمدينة أسيوط وسوهاج وقنا، أما فى وجه بحرى فتتمثل فى مدينة برج العرب، ونحن نضع أيدينا على قطع من الأراضى المتعدى عليها فور تلقينا الدراسات الأمنية، فمؤخرا قمنا باسترداد 14 فدانا بمدينة دمياط الجديدة، وسبق ذلك استرداد 20 فدانا أخري. التقنين وعن تقنين الأراضى أوضح فهمى أن الأرض يمكن تقنينها إذا كان واضع اليد يملك مستندات تدعم موقفه، أو أن يكون وضع الأرض بناء على المخطط الاستراتيجى المحدد لها يسمح بذلك، ولاسيما أن كل مدينة لها مخطط يحدد معالمها، بحيث تشمل أراضى للتوسعات المستقبلية تنفذ على مدى مراحل التنمية، ينتج عن ذلك وجود أراض شاغرة بأطراف المدينة مما يشجع البعض للاعتداء عليها بوضع اليد وهذه الظاهرة انتشرت بصورة ملحوظة بعد ثورة 25 يناير، ولكننا تمكننا من استرداد مساحات كبيرة من تلك الأراضى فى أسيوط وقنا وطيبة بعد التنسيق مع وزارة الداخلية بناء على الدراسات الأمنية التى تعدها. واستطرد مؤكدا أن اللجنة المشكلة لاسترداد الأراضى ومحاربة الفساد لن يتمكن أحد من عرقلة عملها وستتصدى لكافة صور التعدى على أراضى الدولة والفساد بناء على القرار الجمهورى بتشكيلها، حيث ستعمل بالفترة المقبلة من خلال اللجنة الفنية بها على تحديد أولويات العمل ومراجعة قرارات الإزالة الصادرة والوقوف على مدى مطابقتها للقانون ووضع جدول زمنى للقضاء على ظاهرة التعدى على الأرض والتى طالت مساحات كبيرة بالدولة وتحتاج لوقت لنتمكن من استردادها ونتوقع أن يتم انجازها خلال الشهرين القادمين. مشروع قانون وعن التعديلات التشريعية التى تؤهل لحماية أراضى الدولة من كافة صور التعدى والاستيلاء أوضح فهمى أن هناك مشروع قانون يجرى دراسته حاليا تم إعداده من قبل لجنة مشكلة من مجلس الوزراء بهدف توحيد جهات الولاية على أراضى الدولة بحيث تختص جهة واحدة بالولاية على أن تتمثل فيها الجهات المختلفة، ومن المتوقع أن يخرج هذا القانون قريبا ولاسيما أن تعدد جهات الولاية يتسبب فى كثير من المشاكل، حيث يمكن البعض من استغلال ذلك النظام كثغرة للاستيلاء على الأرض حيث يتوجه لإحدى هذه الجهات ويتعاقد معها على الرغم من علمه بعدم ولايتها على هذه الأرض، فتداخل العمل بين الولايات ينتج عنه كثير من المشاكل، أما توحيد الولاية فسيؤدى لحزم كافة المشاكل ويحدد إطارا واحدا للعمل وفقه. شرطة التعمير أما اللواء أبو مسلم يوسف مدير الإدارة العامة لشرطة التعمير والمجتمعات العمرانية فأوضح أن الإدارة إحدى الإدارات المتخصصة بوزارة الداخلية ومن أهم مهامها المحافظة على ممتلكات الهيئة من أراض ومبان، وتنفيذ كل القرارات الصادرة من وزير الإسكان ورؤساء الأجهزة بشأن المخالفات البنائية والإزالة للتعديات بصورها المختلفة، بالإضافة إلى مكافحة كل صور الفساد بالهيئة وأجهزتها وأراضيها واستعادة الأراضى المغتصبة والتى تمكنا خلال عام 2015 من استرداد وإزالة التعديات على أراض بإجمالى 69767 فدانا و20 قيراطا فى المدن الجديدة بالسادات وبرج العرب و6 أكتوبر والنوبارية الجديدة والفيوم الجديدة والعاشر من رمضان وسوهاج الجديدة وبنى سويف الجديدة، بالإضافة إلى استرداد أراض بإجمالى 223192 مترا فى عشر مدن جديدة، كما تم استرداد 68 وحدة سكنية و9 محال تجارية، بحيث بلغت القيمة المالية للمساحات والمحلات المستردة نحو 228 مليار جنيه. وأضاف أن مهمة رصد المخالفات منوط بها أجهزة المدن، ومع ذلك فى حال وقوفنا على إحدى هذه المخالفات نبلغ بها رئيس الجهاز والذى يستصدر قرارا لإزالته ونقوم بتنفيذه فور إقراره، وعمليات الإزالة نقوم بها بصفة يومية بناء على البيان الذى لدينا بالمخالفات والتعديات الموجودة، ولقد تمكنا خلال العام الماضى من استرداد نسبة 80% من إجمالى الأراضى المتعدى عليها وفى خلال العام الحالى سيتم استرداد باقى الأراضى المغتصبة التابعة لوزارة الإسكان بالتنسيق مع الجهات الأمنية والمعنية، فيجرى حاليا التحضير للقيام بحملات خلال الأيام المقبلة لاسترداد وحدات سكنية بالقاهرة الجديدة ومدينة بدر بالتنسيق مع مديرية أمن القاهرة، كما ستوجه حملات لاسترداد أراض فى مدينتى بنى سويف الجديدة وقنا. لاتهاون ولا استثناءات وأكد يوسف أن حملاتنا لاسترداد الأراضى لا تفرق فى عملها بين كبير وصغير أيا ما كان موقعه أو نفوذه، فالمغتصب لا يتم التهاون معه بل تزال تعدياته فى بداية عمل الحملة قبل الآخرين حتى لو كان احد ضباط الشرطة أو قياداتها، فنحن لا ننظر لوظيفة أى فرد ولكن نهتم بحالة التعدى التى اقترفها لإزالتها، ولقد قمنا بالفعل بسحب أراض من بعض كبار رجال الأعمال. وعن المعوقات التى تعرقل تنفيذ القرارات لاسترداد جميع الأراضى أكد أن المعوق لتنفيذ القرارات مرتبط بالأحداث التى تتعرض لها البلاد، فنحن كشرطة تعمير ننفذ بإمكانات قوة الإدارة كل ما يمكن تنفيذه. مخالفات الصحراوي من جهة أخرى أوضح المهندس عماد كامل رئيس الإدارة المركزية للمبانى بهيئة التعمير والتنمية الزراعية بوزارة الزراعة أن المخالفات على الأراضى بالطريق الصحراوى معظمها تغيير نشاط من الزراعة إلى المبانى ولا تعد تلك الحالات من التعديات على أراضى الدولة، والتعامل معها يتم بدفع فارق السعر بدلا من أن يحاسب بسعر المتر للأرض بمبلغ 220 جنيها، فتتم مطالبته ب 357 جنيها زيادة فى السعر عن كل متر . وأضاف أن الذى حفز البعض على تحويل النشاط بالاراضى التى حصلوا عليها من أراض زراعية إلى مساكن هو إقبال المواطنين على الشراء منهم لانخفاض أسعار الوحدات السكنية لديهم رغم تميزها وقربها من الحيز العمرانى، فبمبلغ نصف مليون جنيه يتمكن المواطن من امتلاك منزل بحديقته على مساحة 500 متر، وهذا ما أدى لعزوفهم عن الوحدات السكنية التى تشيدها وزارة الإسكان بأسعار مبالغ فيها، ولو أن هذه المنتجعات تكلفتها باهظة لما التفت أحد إليها من الأساس. وعن حصر مساحة الأراضى التى تم تغيير النشاط بها وحجم المبالغ المستحقة منهم أوضح كامل أن إجمالى مخالفات المبانى بالأراضى الجديدة تصل إلى نحو 87809 أفدنة بقيمة 67102053750 جنيها، منها بطريق مصر إسكندرية نسبة أكثر من 7% واقل من 7% مساحة 55395 فدانا، وتبلغ قيمة المخالفة 18708037996 جنيها، المبلغ المسدد منهم 202011861 جنيها بحيث إن المبلغ المستحق هو 18506026135 جنيها. بالإضافة إلى مخالفات بطريق مصر الإسماعيلية بنسبة أكثر من 7% لمساحة 31456 فدانا بقيمة47165126400 جنيها، سدد منهم 2525185جنيها، بحيث أصبح المبلغ المستحق 47162601215 جنيها. ومخالفات المبانى بطريق السويس بنسبة أكثر من 7% بمساحة 956 فدانا بقيمة 1433426400جنيه، وهو نفس المبلغ المستحق حيث لم يسدد شيء من قيمة هذه المخالفات. وقال إن تقنين الأوضاع فى الأراضى المستصلحة، فى الفترات السابقة كان يتم بناء على مواد القانون رقم 148، والذى كان يشترط أن تكون تلك الأراضى مستزرعة قبل عام 2006 موضع التقنين، وهذا القانون تم إلغاء العمل به بمرسوم بقانون رقم 82 لسنة 2014، وفى الأسبوع الماضى صدر قرار من مجلس إدارة الهيئة بالنظر فى فتح باب تقنين هذه الأراضى بصرف النظر عن توقيت الزراعة من خلال اتباع ضوابط معينة يتم العمل وفقها. مناطق متطرفة وعن مدى وجود حصر بإجمالى الأراضى التى تحتاج لتقنين أوضاعها أوضح كامل انه لا يوجد حصر دقيق لهذه الأراضى حيث إن الصحراء مترامية الأطراف وهناك أشخاص يتعمدون الزراعة فى مناطق متطرفة بعيدة عن الأنظار، ويصعب تحديدها نتيجة زيادة وكثافة الزحف العمراني، غير أن هناك سبلا تمكننا من رصد كل تلك الأراضى ويتم بناء على جهود من الدولة لاستخدام القمر الصناعى فى التصوير الجوى ومطابقته مع خرائط الاستشعار عن بعد، فى إطار عمل جماعى وليس فرديا كما يحدث حاليا، وهذه الآلية ستمكن من تحديد المناطق التى تستزرع ونبدأ فى تقنين أوضاعها بحيث يمنح المزارعون فترة زمنية لتقديم طلبات التقنين، ثم يتم المعاينة على ارض الواقع للتأكد من أنها مستزرعة فعليا وبناء عليه تتم عملية التقنين على أن يتم البيع بسعر ثابت مهما اختلفت جهة الولاية وأن يكون الفارق الوحيد »للتميز الذى يتمتع به المكان« فقط، أما الأراضى التى يثبت تعمد وضع اليد عليها للتربح منها دون استزراعها فيتم سحبها بصورة فورية. التصوير الجوى ويؤكد ضرورة أن يكون التصوير الجوى هو نهاية المطاف لتقنين الأوضاع فى الأراضى المستصلحة، بحيث إذا تم رصد حالات جديدة بعد هذا التصوير يتم محاسبته ويطبق عليه أقصى عقوبة بالقانون وسحب الأرض منه حتى تتمكن الدولة من الحفاظ على خططها الإستراتيجية فى استخدام أراضيها. أما عن المخالفات بالتعدى بالبناء على الأرض الزراعية فقال أن هذه المشكلة تتمثل لدى الدولة فمن الضرورى لحماية الأراضى الزراعية أن تخفض وزارة الإسكان من أسعار الوحدات التى تشيدها، وأن تخفض الاشتراطات البنائية لكى تعمر المجتمعات الجديدة، خاصة ان انجح مدينتين لدى الإسكان حاليا مدينة 6 أكتوبر والعاشر من رمضان لقربهما من العمران، أما المدن الأخرى فغير ناجحة لعدم توافر عوامل الجذب بها، وأهم هذه العوامل توافر فرص العمل وليس السكن، فالمواطن يسعى فى البداية إلى إيجاد فرصة عمل وبعدها يبحث عن السكن، غير أن وزارة الإسكان تقوم بالأمر بصورة عكسية وتبدأ بالإسكان قبل التفكير فى فرص العمل، والقرى المصرية جميعها أساسها فرصة العمل والسكن بها للإيواء من أجل العمل، وهذا ما يفسر فشل وزارة الإسكان فى قرى الظهير الصحراوى والتى لا يقبل عليها أحد نظرا لوجود فرصة السكن وانعدام فرص العمل بها. ويرى كامل أن تلخيص حل مشكلة التعديات على الأراضى الزراعية فى ثلاثة حلول تبدأ بتخفيف القيود والأسعار فى وزارة الإسكان، وجعل المجتمعات العمرانية الجديدة عوامل جذب بتحقيق فرص عمل بها عن طريق تخفيض أسعارها فى المناطق الصناعية ومنح الأراضى بحق الانتفاع أو بالمجان على أن تحصل قيمة المرافق وذلك للتشجيع على الخروج من الوادى والدلتا، هذا بالإضافة إلى تغليظ العقوبة للتعدى على الأرض الزراعية بالإزالة والسجن بعد العمل وفق الأحوزة العمرانية بين العزب والقرى المعتمدة بالكامل وهذا سيؤدى لتحجيم هذه المشكلة بحيث يتم اعتبار المبانى خارج نطاق هذا الحيز والتى تقع بين القرى أو العزب، ارض زراعية وأى مبنى عليها يعتبر مخالفا وتجب إزالته بصورة فورية وتسوى بالأرض وفقا لقرار رقم 116 لسنة 1983 الخاص بتبوير الأرض. أما فى حال التصاق المبانى بين القرى يتم تقنين وضعها، وجميع الحالات التى يجرى تقنينها تتم محاسبتهم على تغيير الغرض، على أن يطبق نص المادة 16 من القانون 119 والتى تطبق القانون رقم 222 لسنة 55 والذى ينص على تحصيل قيمة إقامة المرافق من السكان فى تلك المناطق وبهذه الآلية تحل مشكلة الترفيق فى هذه القري، فالعمل وفق الأحوزة العمرانية المعتمدة سيحل 90% من نسبة المشكلة وبدلا من أن نتعامل مع مئات الحالات سيقتصر على العشرات لإزالتها، ويساعد ذلك على تخطيط تلك القرى بالكامل ويتم ضمها فى قاعدة بيانات لحل مشكلة المرافق والصرف بها، وعدم السماح لإقامة مبان جديدة بالمخالفة تحت أى مسمي. المواجهة التشريعية ومن ناحية أخرى أكد المستشار الدكتور خالد القاضى الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة أن النموذج الأكثر ذيوعا لظاهرة التعدى على أراضى الدولة هو تخصيص مساحات شاسعة من الأراضى الصحراوية المملوكة للدولة بوضع اليد أو بالشراء أو بحق الانتفاع «بملاليم» لاستزراعها واستصلاحها، ثم ما بين عشية وضحاها نجد واضع اليد أو المشترى أو المنتفع قد حاد عن غرض التخصيص وأقام المنتجعات الفخيمة وباعها «بملايين» ويحصد بذلك مليارات الجنيهات، ضاربا عرض الحائط بكل التشريعات والقوانين واللوائح، مسجلا فى صحيفة سوابقه خروقات يجرمها القانون ولكنه لا يأبه بها ويتحدى سلطة الدولة لقناعته اليقينية التى لا يداخلها ريب بحصده ثمار ما جنت يداه من آثام وجرائم!! وقد كشف تقرير رسمى أصدرته الإدارة المركزية لحماية الأراضى التابعة لوزارة الزراعة قبل عام تقريبا عن أن إجمالى عدد حالات التعديات على الأراضى الزراعية منذ 25 يناير 2011 بلغ مليونا و240 ألف حالة بإجمالى مساحة 53 ألفا و688 فدانا ... ولكن فى ذات الوقت نجد أن ثمة طرفا ثالثا، وهم المشترون وعائلاتهم لإحدى الوحدات أو الفلل أو حتى القصور والمزارع حتى ولو الوهمية منها قد ترتبت لهم حقوق فى السكن والمرافق وخلافه، وأصبح فى حكم المستحيل(إعادة الوضع على ما كان عليه) وتشريد آلاف الأسر والاستثمارات التى أنفقت مع ما يكون قد صاحبها من قروض بنكية بالمليارات أو شراكات أجنبية أو غيرها من العقود التى يتعذر معها تدارك تداعياتها، لاسيما إذا ما تفتت حيازة أو ملكية تلك الأراضى بعد إعادة تخصيصها من الأصل .. وأضاف قائلا: وهنا يثور تساؤل هام عن كيفية المواءمة بين تلك الأوضاع وبين حق الدولة فى تحصيلها فارق السعر العادل لتلك الأراضي؟ وممن؟ وما سندها القانونى فى ذلك؟ ثم ما هى آلية تخصيص أراض جديدة لمستثمرين جادين وحقيقيين لتحقيق مصطلح التنمية المستدامة؟ وللإجابة على تلك التساؤلات نقرر بداية أن المشرع المصرى قد أدرك منذ زمن ليس بالبعيد خطورة ظاهرة التعدى على أراضى الدولة، وتتابعت المواجهة التشريعية لها، ذلك أنه حتى عام 1964 كان المشرع يبيح وضع اليد على أراضى الدولة، ولكن بعد أن برزت أهمية استخدامات أراضى الدولة ورأت وجوب خضوعها إلى الدولة فجرمتها المادة 374 مكرر عقوبات، فضلا عن قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 الذى حظر إقامة المبانى على الأراضى الزراعية، والقوانين المعدلة له قانون رقم 116 لسنة 1982 و قانون رقم 2 لسنة 1985 ونصا على تجريم المساس بالرقعة الزراعية وضرورة الحفاظ عليها. ثم صدر القانون143 لسنة1981 فى شأن الأراضى الصحراوية وحدد وسائل تملك أراضى الدولة، وأناط المشرع بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية أن تتوخى الدولة خطة فى مجال الأراضى وحظر القانون وضع اليد أو التعدى على أراضى الدولة الصحراوية وفرض عقوبة (بالمادة23) منه وهى عقوبة الحبس سنة أو غرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، وهى لا شك أنها عقوبة تخييرية هزيلة!! ثم صدر قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 متضمنا بعض الأحكام التى تحدد المخالفات والعقوبات، ولكن أيضا دون تحقيق الردع الحازم لمزيد من تلك المخالفات !! وأضاف : وفى عام 2014 جرت محاولات لصياغة قانون موحد لأراضى الدولة، تضمن أحكاما وقواعد تكفل تقنين أوضاع المخالفين من ناحية، وتجريم الأفعال اللاحقة لتطبيقه بما يحظر ارتكاب مخالفات جديدة، وقد انتهت معظم الهيئات التشريعية وقتها من صياغته، ولكنه لم يصدر لاعتراض جانب من خبراء الإسكان عليه لأن القانون تم إعداده فى عجلة ودون طرحه للحوار المجتمعي، كما انه سيأتى بآثار سلبية كثيرة أهمها زيادة المخالفات وليس الحد منها، كما انه سيكرس لفساد المحليات من خلال عملية تحصيل الغرامات وكتابة التقارير والإجراءات الكثيرة التى كان سيحتاجها تطبيق القانون الجديد. ومن ثم تبدو الحاجة ملحة إلى إعادة النظر فى جميع التشريعات القائمة والمقترحة، وصياغة تشريعات جديدة تكفل المواجهة الفاعلة لتلك الظاهرة. ويرى أن تلك التشريعات ينبغى أن تراعى ثلاثة اعتبارات، الاعتبار الأول: توحيد التشريعات المرتبطة من حيث فلسفة التشريع وموضوعه وأطرافه ( المخاطبين بأحكامه )، بحيث نصل إلى مجموعة من المدونات التشريعية المتكاملة على غرار المدونة العقابية، ومدونة القانون المدنى، ومدونة قانون التجارة، وقانون العمل الموحد، وقانون الضريبة الموحد، وقانون البناء الموحد، ومشروع قانون الصناعة الموحد، ومشروع قانون التعليم العالى الموحد، ومشروع قانون الغذاء الموحد، وهذا سيؤدى إلى سهولة الإلمام بتلك المدونات والقوانين الموحدة والشاملة، وبالتالى تيسير تطبيقها والحد من فرص تعارضها والطعن فيها بعدم الدستورية، بما يقود إليه من استقرار المراكز القانونية وتوفير الأمان التشريعى .. الاعتبار الثاني: كفالة التغلغل الاجتماعى لأحكام التشريع فى نسيج حياة وعلاقات المجتمع، ولا يكفى لذلك أن تقف سلطة الدولة وراء القاعدة التشريعية تمدها بالهيبة والنفوذ، بل لابد لتحقق هذه الفاعلية من اقتناع أفراد المجتمع بأن تطبيق أحكام التشريع شرط لازم لحسن سير حياتهم الاجتماعية وضبط علاقاتهم.. والعمل على نشر ثقافة الوعى بمبررات وجدوى تلك التشريعات والقوانين، ولعل فى استطلاع رأى عينة من المواطنين فى مشروعات الأدوات التشريعية قبل صدورها ما يخفف أو يقلل من مظاهر العوار التشريعى الذى يمكن أن يظهر بعد صدوره، وييسر من ثم تنفيذها طواعية واختيارا.. أما الاعتبار الثالث والأخير: فهو العناية الفائقة بالصياغة القانونية الدقيقة للتشريع فهو العنصر الخاص من عنصرى القاعدة القانونية حيث أن العنصر الأول هو العلم (المادة الخام) ويأتى بعد ذلك عنصر الصياغة القانونية التى تتولى تحويل المواد الخام إلى نصوص تشريعية ميسورة قابلة للفهم والتطبيق..فبعد أن يجمع المشرِّع المواد الأولية التى يصنع منها القواعد القانونية، وبإعمال واستعمال وسائل الصياغة القانونية يتم وضع المعطيات فى قوالب أو نماذج تشريعية تجعلها ميسورة التطبيق. وللصياغة مقوماتها ومهاراتها المتمثلة فى مهارات وقدرات لغوية وقانونية تمكِّن الصائغ من نسج أحكام تعبر عن معنى النص وغاياته دون لبس أو غموض. والصياغة القانونية وطريقة وضعها تعنى فن الوسائل القانونية التى يجب على المشرِّع أن يحيط بها ويستوعبها فهى التى تعينه على تحقيق الغرض الذى رسمته له السياسة التشريعية والأهداف المحددة للتشريع. مفهوم شامل ومن ناحية أخرى يرى عفيفى كامل عفيفى أستاذ القانون وعضو مجلس الشعب أن التعدى على ارض الدولة يجب ألا يقتصر مفهومه على المخالفة بالبناء على الأرض الزراعية، والذى يعد تعديا غير مقنن فهناك المقنن أيضا، فالتعدى على الأرض بالقانون تجاوز أثره المخالف للقانون، وأهدرت مليارات الجنيهات على الدولة، وحدث هذا من عمليات الخصخصة لأصول وأراضى المؤسسات القطاع العام، وتخصيص الأراضى الجديدة بالملاليم، بينما أسعارها الأصلية تقدر بالملايين، فوفق تقدير البنك الدولى لأصول شركات القطاع العام من منشآت أو أراض تؤول لها بمبالغ تتعدى ال500 مليار جنيه فى الوقت التى قدرتها الأجهزة بالدولة ب 83 مليار جنيه، كما بلغت قيمة ما تم إهداره من التعدى على أراضى الدولة سواء بالاستيلاء واستخدامها فى غير الغرض المخصص لها مائة مليار جنيه، بحيث تجاوزت تلك التعديات قدر التعدى المخالف للقانون، وذلك التعدى يتأتى فى صور عديدة أخرى غير السالف ذكرها باستيلاء البعض على أراض للدولة تابعة للسكة الحديد أو الري، وبأراض تؤول ملكيتها لمصريين وأجانب وخلت منهم إما للوفاة، أو مغادرة البلاد، وفى حالات كثيرة يسهل مهمة هؤلاء اللصوص من ضعاف النفوس والبلطجية بعض الموظفين لتوثيق عقود ملكية لتلك الأراضى، أو باللجوء لتزوير أوراق ملكية للأرض بالشهر العقارى بأختام مزورة، وللأسف الشديد لا يوجد حصر دقيق بحجم تلك الأراضى تمكن من الوقوف على تلك التعديات والتعامل معها. ويرى عفيفى أن تلك الجرائم المتمثلة فى التعدى على ارض الدولة بشتى الصور لن يتم إحكامها إلا من خلال صياغة تشريعات جديدة تخلو من الثغرات التى ينفذ منها البعض ويتخذونها الذريعة والداعم لجرائمهم كما حدث خلال الفترات السابقة، كما نحتاج تعديل تشريعات الإدارة المحلية بحيث نقضى على كل الثغرات التى ينفذ منها بعض المسئولين لارتكاب المخالفات دون محاسبة، كما يجب أن يتم اختيارهم بناء على ضوابط ومعايير ومواصفات تراعى الكفاءة والالتزام بالشفافية على أن لا يظل المسئول فى موقعه لمدد طويلة بل تجرى تنقلات بصفة دورية، على يتم تشديد العقوبات فى حال المخالفة. أما بالنسبة لمخالفات الأراضى الزراعية فيرى عفيفى أنه من الضرورى تقنين الأوضاع الحالية مقابل دفع غرامات تعادل قيمة العقار المخالف، على ان يتم وقف كافة صور التعدى المستقبلية برصد المخالفة فى مهدها وإزالتها فور تحديدها.