في قلب ميدان التحرير، وعلى بعد خطوات قليلة من مبنى مجلس الوزراء، يجلس عم رمضان فارس، أشهر بائع جرائد في مصر شاهدا على مسيرة الصحافة في مصر، ورث المهنة عن أبيه، وعاصر الصحافة في عز مجدها، حين كان منصب صاحب الجريدة ورئيس تحريرها يعادل مقام رئيس الجمهورية كما يروى هو بنفسه في شهادته عن سبب تراجع مبيعات الصحف المطبوعة في السنوات الأخيرة. فارس يرى أن الهواتف المحمولة أنهت عصر الصحافة الورقية، مشيرا إلى أن الجرائد الورقية تنشر "أخبار بايتة" تنشرها المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية قبلها ب24 ساعة، مشددا في الوقت نفسه على أن فقدان الصحف الورقية للمصداقية أحد أسباب إحجام القراء عن شراء الصحف.. وإلى نص الحوار..- عرفنا بنفسك في البداية، ومتى وكيف بدأت هذه المهنة؟ اسمى "رمضان فارس"، 63 عاما، بدأت أعمل في هذه المهنة منذ خمسين عاما، وأخذتها بالوراثة عن والدي، رحمه الله، ورزقنى الله بأربعة أبناء، اجتهدت في عملى من أجلهم. - ما الاختلاف الذي طرأ على مهنة بيع الجرائد في وقتنا الحالى عن السابق؟ هذه المهنة تغيرت بدرجة كبيرة جدا، فمنذ خمسين عاما كان صاحب الجريدة يعتبر رئيس جمهورية، أما الآن فلم يعد هناك مثل هذه القيمة للصحف والصحافة، وربما يرجع ذلك لعدة متغيرات أحدثت تحولات كبيرة في طرق المعيشة والعمل وغيرهما، فمنذ نحو خمسين عاما كان عدد سكان مصر نحو 45 مليون نسمة، أما حاليا فعدد السكان قارب على 95 مليون نسمة، كما أن نسبة البيع والشراء انخفضت جدا، ففى السابق كانت هناك خمس جرائد حكومية فقط، وأربع جرائد معارضة طوال الأسبوع، أما الآن فهناك نحو مائة جريدة تصدر يومياواسبوعيا وشهريًاً. - وما نسب التوزيع في السابق والآن؟ نسب التوزيع والمبيعات اختلفت بشكل كبير، ففى السابق كانت جريدة الأخبار تطبع نحو 2 مليون نسخة، وكذلك الأهرام أيضا، أما الآن فعدد نسخ الأخبار لا يتجاوز ال200 ألف نسخة، ومثلها جريدة الأهرام، وتعود نسخ للمطبعة مرة أخرى ك"مرتجعات" بنسبة 30%، وهناك اختلاف في الأسعار أيضا، فكان سعر الجرائد في السابق ملاليم قليلة لا يشعر بها الناس، فالبيئة بأكملها تغيرت، ولا يوجد نسب للبيع والشراء، ولا نستطيع تحديد جمهور معين للصحف الورقية. - برأيك ما السبب وراء قلة إقبال الجمهور على الصحف الورقية؟ السبب الرئيسى يرجع لعدم مصداقية الصحف في محتواها وأخبارها، فالجريدة اليوم هي عبارة عن رياضة ووظائف خالية وإعلانات ووفيات، فالقارئ يشترى الجريدة من أجل هذا فقط، أما عن العوامل الأخرى التي تسببت في ضعف إقبال الجمهور على الصحف الورقية، فيمكن أن يكون منها انتشار التليفونات المحمولة والقنوات الفضائية، التي جعلت الأخبار تنتقل بسرعة جنونية من مكان لآخر وبين كافة فئات الناس، بالإضافة إلى التهديد الخطير الذي شكلته المواقع الإلكترونية على الصحف الورقية، فالأخبار الآن تنقل في نفس الوقت الذي تحدث فيه، مما جعل أخبار الصحف الورقية "أخبار بايتة" ليس لها قيمة. - هل هناك فرق بين نسب توزيع الصحف القومية والحزبية والخاصة؟ لا يوجد فرق بين الصحيفة الحزبية والحكومية والخاصة، فنسب البيع تتقارب من بعضها البعض بشكل كبير، فسوق الصحافة الورقية بأكمله يعانى من كساد ويتكبد خسائر فادحة، فمعظم الصحف تبيع بنسبة 35% فقط من إجمالى النسخ المطبوعة - ما هو مستقبل الصحف الورقية من وجهة نظرك؟ المستقبل لا يعلمه إلا الله عز وجل، ولكنه يعطينا بعض المؤشرات حتى نستطيع أن نستعد لأى شىء يحدث، وكل المؤشرات تقول أنه ليس هناك مستقبل للصحف الورقية، فحالتها تسوء أكثر وأكثر.