سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أطفال الشوارع «مجرمون تحت الطلب».. الحكومة تركت مليونى طفل فريسة للجماعات المتطرفة والمجهول.. «الطاغية مهمته أن يجعلك فقيرًا وشيخ الطاغية مهمته أن يجعل وعيك غائبًا»..
«مستنى أيه من طفل ربوه بالزعاق.. غير المشاكل والخناق»، عبر هويس الشعر العربى هشام الجخ، بهذه الجملة عن أضرار استخدام العنف في تربية الأطفال، وما يؤدى إليه من تأثير على سلوكيات الأطفال وتجعل منهم مشاغبين ومثيرين للقلق ومفتعلين للعديد من المشاكل، فما بالنا بالطفل الذي لا يعرف معنى كلمة أسرة، أو أهل، ولم يتلق أي نوع من التربية، ولم يجد من يعلمه الصواب من الخطأ، بالإضافة إلى أن البطالة والفقر والأوضاع الاقتصادية العثرة التي يعانى منها سواد المواطنين، قد تكون الأسباب الرئيسية في تحول أطفال الشوارع إلى تنظيمات مشبوهة غير رسمية تحتكر الساحات والشوارع، وأبواب المساجد والمدارس والمستشفيات والمصالح العمومية الأخرى، وإشارات المرور والمواصلات العامة. «حماية الأطفال»، شعار مبادرة أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهى تتمثل في «إستراتيجية» بعيدة المدى تستهدف «قاطنى الشوارع»، و«العاملين في الشارع»، و«أسر الشوارع»، ثلاث فئات لأطفال يعيشون في خطر، وعددهم 2 مليون طفل تقريبًا، وذلك بالتنسيق مع وزارتى «الداخلية والتضامن الاجتماعي»، بالإضافة إلى المجلس القومى للأمومة والطفولة، وأكثر من 19 جمعية من جمعيات المجتمع المدنى العاملة في حماية الأطفال. الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسي، وضع العديد من التحليلات التي تكشف عيوب المجتمع، الذي ساهم في تفشى ظاهرة أطفال الشوارع في مصر، التي أصبحت مرضا مستعصيا يصعُب علاجه، مؤكدًا أن الشعب المصرى كله لصوص وليس أطفال الشوارع فقط على حد قوله، فكبار المسئولين نجد فيهم معدومى الضمير الذين يسرقون هبات البلد، وأطفال الشوارع يسرقون لأنهم لو لم يسرقوا لماتوا من الجوع. «فرويز» قال ل«فيتو» إن أطفال الشوارع قنبلة وانفجرت، وعلى الدولة والمجتمع أن يعدا العدة لمواجهة عشرات الآلاف منهم؛ لأنهم ناقمون على الدولة والمجتمع، موضحًا أن الأسباب المؤدية إلى تشرد هؤلاء الأطفال متعددة، على رأسها الطلاق، وخاصة إذا كانت الأسرة فقيرة؛ حيث إن الفقر يتسبب في عدم قدرة الأسرة على رعاية أبنائها وتغطية احتياجاتهم الرئيسية من مأكل ومشرب وملبس وعلاج، فلا يجد الطفل غير الشارع، وأحيانا يطرد الأب ابنه للخروج للشارع رغمًا عنه، وعند وقوع مشكلة أسرية داخل المنزل تؤثر على الطفل سلبيًا فلا يجد الطفل إلا الشارع ملاذًا لا بأس به، كما أن انقطاع الأطفال عن الدراسة يطيل وقت فراغهم، وبذلك ينضمون إلى قافلة التشرد. استشارى الطب النفسي، أكد أن النتائج المترتبة على انتشار هذه الظاهرة خطيرة، ولها تأثير كبير على المجتمع ككل، خاصة أن هذه الشريحة لم تنجُ من إدمان السجائر والخمور والمخدرات رغم سنها الصغيرة، ووضعية هؤلاء الأفراد في كل مكان تضطرهم للمبيت في الشوارع؛ حيث يكونون عرضة لكل التقلبات المناخية من برد شديد أو حر مميت، ما ينتج عنها انتشار الأمراض والأوبئة المختلفة بينهم مثل السل والسرطان والفشل الكلوي. أوضح «فرويز» أن طفل الشارع محروم من التربية والمأكل والملبس، وهكذا يتعلم السرقة والنهب بوسائل مختلفة، على رأسها التسول لتحصيل الرزق في إشارات المرور ومواقف السيارات وقرب المطاعم، ومن يفشل في التسول ينضم لمافيا البشر، الذين يستغلون عوز هؤلاء الأطفال للمال فيبيعون أجسادهم بأثمان بخسة، ويعملون في الدعارة والأعمال المشبوهة، وفى بعض الأوقات يتطور الموضوع ليبيعوا أعضاءهم كأنها قطع خردة. «بلاش نحبسهم ويا ريت نسفرهم إلى توشكى»، هكذا قال «فرويز»، معتبرًا أن الحل الأمثل لعلاج هذا الجيش من أطفال الشوارع ليس بحبسهم في السجون؛ لأن تقييدهم لن يفيد الدولة في شيء بل سيكبدها مصاريف رعايتهم داخل السجون، فضلًا عن أنهم سيرتكبون جرائم قد تصل للقتل داخل السجون، والحل الأمثل لإعادة تأهيلهم هو إرسالهم إلى أرض الفيروز في توشكى، والعمل في الزراعة وإصلاح الطرق رغما عنهم، تحت إشراف القوات المسلحة. وأوضح أن عملية نقلهم إلى توشكى قد تكون حلا جافا لكنه الأمثل، مطالبًا القوات المسلحة بإعداد فريق من صف الضباط والمجندين؛ للإشراف على عملية إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال، وبقليل من مساعدة الإخصائيين النفسيين والاجتماعيين، سنجد نتائج مبهرة لهؤلاء الأطفال في أقل من عامين، وإذا حاول أحدهم الهرب لن ينجو من رمال الصحراء والحيوانات البرية المتوحشة، وقوات الجيش منوطة بأن تحذرهم من محاولات الهرب، وتخويفهم بجثث من يهرب ليكون عبرة للباقين. «الجمعيات الأهلية كلها بتاعة سبوبة».. عبر «فرويز» عن رفضه لمشاركة الجمعيات الأهلية في حل مشكلة أطفال الشوارع في مصر، معتبرًا أن تلك الجمعيات يهمها مصلحتها في المقام الأول، ولا تسعى إلى صالح البلد، ولا تمارس دورًا تنمويًا داخل المجتمع، فهى عبارة عن مسرح لتحقيق «سبوبة» تعمل تحت ستار العمل الخيري. الدكتورة وفاء المستكاوي، الخبيرة الاجتماعية، مدير الإدارة العامة للدفاع الاجتماعى بوزارة التضامن الاجتماعى سابقًا، أكدت أن أبعاد ظاهرة أطفال الشوارع متشابكة وجوانبها متعددة بين ما هو اجتماعى ونفسي، كما أن نتاجها يهدد بنية المجتمع في المستقبل، الأمر الذي يدفع نحو ضرورة التصدى لهذه الظاهرة تجنبًا لمخاطرها، ولا بد من التعامل معها من خلال فلسفة ومنهج وجوب تحويل الطفل المنحرف إلى إنسان سوى قادر على التكيف مع المجتمع؛ ليكون عضوًا فعالًا فيه، بانتشالهم من العشوائيات ودمجهم في المجتمع، حتى لا يشعروا بالعزلة. وأوضحت أن مشكلة أطفال الشوارع لم يطرأ عليها جديد، بل تتفاقم رويدًا رويدًا، وزيادة الفقر والعشوائيات والأسر الطاردة لأطفالها كما هي، وزادت القسوة في معاملة الأطفال؛ بسبب الفقر الزائد وغلو الأسعار، الذي يساعد على التصدع الأسري. وأكدت أن التدريب العسكري لأطفال الشوارع في مدارس القوات المسلحة، لن يؤتى النتائج المثمرة المنتظرة منه، ويعتبر حلا غير سليم؛ لأن أطفال الشوارع غير مؤهلين نفسيًا للانصياع للأوامر، وتعلم الانضباط الذي نشاهده في المدارس العسكرية، مشيرة إلى أن طبيعة طفل الشارع تجعله يرفض هذه المدارس، خصوصًا أنه دائم الحركة، ما يجعل الدراسة العسكرية التي تتسم بالانضباط صعبة عليهم. «المستكاوي» طالبت بإنشاء هيئة تكون مسئوليتها التنسيق بين وزارة التضامن الاجتماعى ووزارة الصحة، ومختلف الهيئات المنوطة برعاية الأطفال «رجال الأعمال أولى بهم».. قالتها مدير الإدارة العامة للدفاع الاجتماعى بوزارة التضامن الاجتماعى سابقًا، مطالبة بتوزيع أطفال الشوارع على شركات ومصانع رجال الأعمال، وأن يتكفلوا بعملية إعادة تأهيلهم.