قال لي ضابط شاب بأسى: نحن ندفع ثمن معركة لا ناقة لنا فيها ولاجمل. وكان يقصد أن سياسات التنظيم السري للإخوان ،هي التي تؤدي إلى ما يحدث من مواجهات دموية في الشارع، ومن ثم فالحل ليس أمنياً، ولكن لابد من حل سياسي. هذا بالطبع صحيح، فالتظاهرات والاعتصامات والعصيان المدني وغيرها من الاحتجاجات سببها أن التنظيم السري للإخوان لا يريد أي توافق وطني حقيقي، فقادته يصرون على أن يسيطروا، ومعهم حلفاؤهم، بالكامل على الدولة المصرية بكل مؤسساتها ودستورها وقوانينها .. الخ. ويؤمنون بأن ما تفعله القوى المعارضة سيبرد بمرور الوقت، وسوف يستسلمون، وسيأتي الوقت عاجلاً أو آجلاً الذي يستطيعون فيه سجن واعتقال من يريدون. ومن لا يطاله هذا أو ذاك تتولاه الاغتيالات. فهم يخوضون معركة إلهية، وليس معركة سياسية يمكن فيها الأخذ والرد والتراجع وتقديم التنازلات، وهذا يفسر أنهم أسوأ من نظام مبارك في كل المجالات، وعلى رأسها اداء جهاز الشرطة. إذن التنظيم السري للإخوان لن يلجأ الى الحل السياسي، ولن يقدم تنازلات لخصومه السياسيين وسوف يأخذ الشوط حتى نهايته. ومن ثم فسوف يسعى بكل قواه لأن يدفع رجال الشرطة لمواجهة أكبر وأكبر وسوف تزيد وتتسع بمرور الوقت. وسوف يغذي لدى رجال الشرطة «نعرة» أنهم اسياد البلد، كما قال وزير العدل للزميلة لميس الحديدي في برنامجها «هنا العاصمة». وسوف يشحنهم قيادات الإخوان بضرورة أن يدافعوا عن انفسهم، ولذلك صرفوا لأمناء الشرطة 50 الف طبنجة، بالإضافة الى التسليح بالخرطوش والغازات وغيرها. وربما يصل التنظيم السري للإخوان الى أن يمارس بيديه اغتيالات واصابات لرجال الشرطة حتى يدفعهم دفعاً الى مزيد من المواجهات الدموية. هذا بالإضافة الى الذين سوف يسقطون فعلاً نتيجة المواجهات مع المحتجين، فلن يظلوا الى الأبد يتلقون الضربة على الخد الأيسر ليعطوا القتلة الخد الأيمن. هذا لا يعني بالطبع أن كل رجال الشرطة أبرياء من القتل والسحل والتعذيب، ولكني احدثكم عن القاعدة الأكبر، ومن يخطئ منها لابد من عقابه عاجلاً أو آجلاً. احدثكم عن جهاز مدني لابد أن نسعى لاستعادته حتى يكون في خدمة الشعب. المؤكد أن كراهية المصريين سوف تزاداد لرجال الشرطة، وستكون اشد مما كانت عليه قبل الثورة. وسوف يضيع الجهد القليل الذي تم بذله لتحسين صورتهم. وسوقف يسقط منهم دماء. فإلى متى سيدفع رجال الشرطة ثمن جرائم التنظيم السري للإخوان؟