بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مركز منوف بمحافظة المنوفية    استقرار الخضراوات والفاكهة اليوم الجمعة.. البطاطس ب 12 جنيهًا    مصر تجدد قلقها تجاه التصعيد الإيراني الإسرائيلى وتحذر من عواقبه    "الطاقة المستدامة": مصر تنتهي من تنفيذ 80% من محطة طاقة بنبان الشمسية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة.. عز ب 46 ألف جنيه    رئيس حزب الاتحاد: أمريكا تواصل دفاعها الأعمى عن الاحتلال وتتجاهل حق الشعب الفلسطيني    أول تعليق لوزير الخارجية الإيراني بشأن الهجوم الإسرائيلي على أصفهان    الهجوم على مرحلتين| قناة إسرائيلية تكشف تفاصيل اجتياح رفح الفلسطينية.. هل إيران متورطة؟    خبير استراتيجي: الضربات العسكرية المتبادلة بين إيران وإسرائيل تمت باتفاق مع أمريكا    قبل مواجهة مازيمبي| الأهلي يشكر سفير مصر في الكونغو    تشكيل النصر المتوقع أمام الفيحاء.. غياب رونالدو    الأهلي يعلن موعد الاجتماع الفني لمباراة مازيمبي في دوري أبطال إفريقيا    عاجل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة القادمة    الحكومة توضح حقيقة قرار عودة عمل الموظفين بنظام ال«أون لاين» من المنزل أيام الأحد    القبض على عاطل سرقة مبلغ مالي من صيدلية بالقليوبية    100 سنة غنا.. تجارب سابقة وإضافات جديدة: كواليس حفل علي الحجار فى الليلة الثانية    موعد ومكان صلاة الجنازة على الفنان صلاح السعدني    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    بسبب سرعة الرياح.. وقف رحلات البالون الطائر في الأقصر    الإسكان: 900 حملة لمنظومة الضبطية القضائية للتأكد من المستفيدين لوحداتهم السكنية    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الجمعة في الأسواق (موقع رسمي)    "الزمالك مش أول مرة يكسب الأهلي".. إبراهيم سعيد يهاجم عمرو الجنايني    ميرنا نور الدين تخطف الأنظار بفستان قصير.. والجمهور يغازلها (صورة)    ألونسو: مواجهة ريال مدريد وبايرن ميونخ ستكون مثيرة    "التعليم": "مشروع رأس المال" بمدارس التعليم الفني يستهدف إكساب الطلاب الجدارات المطلوبة بسوق العمل    أزمة نفسية.. تفاصيل إنهاء فتاة حياتها بحبة الغلة في أوسيم    استشهد بمواجهة مدريد وسيتي.. دي روسي يتحدث عن فوز روما على ميلان    تعديلات على قانون المالية من نواب الحزب الديمقراطي    إصابة جنديين إسرائيليين بجروح جراء اشتباكات مع فلسطينيين في طولكرم بالضفة الغربية    20 مدرسة فندقية تشارك في تشغيل 9 فنادق وكفر الشيخ وبورسعيد في المقدمة    مخرج «العتاولة» عن مصطفي أبوسريع :«كوميديان مهم والناس بتغني المال الحلال من أول رمضان»    طلب إحاطة لوزير الصحة بشأن استمرار نقص أدوية الأمراض المزمنة ولبن الأطفال    «التوعوية بأهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي لذوي الهمم».. أبرز توصيات مؤتمر "تربية قناة السويس"    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 19 أبريل 2024.. «الدلو» يشعر بصحة جيدة وخسائر مادية تنتظر «السرطان»    وزير المالية يعرض بيان الموازنة العامة الجديدة لعام 2024 /2025 أمام «النواب» الإثنين المقبل    «العشرية الإصلاحية» وثوابت الدولة المصرية    مجلس الناتو-أوكرانيا يعقد اجتماع أزمة حول الدفاع الجوي في كييف    الدولار على موعد مع التراجع    أخبار الأهلي : موقف مفاجئ من كولر مع موديست قبل مباراة الأهلي ومازيمبي    أحمد كريمة: مفيش حاجة اسمها دار إسلام وكفر.. البشرية جمعاء تأمن بأمن الله    مخرج «العتاولة»: الجزء الثاني من المسلسل سيكون أقوى بكتير    شريحة منع الحمل: الوسيلة الفعالة للتنظيم الأسري وصحة المرأة    فاروق جويدة يحذر من «فوضى الفتاوى» وينتقد توزيع الجنة والنار: ليست اختصاص البشر    منهم شم النسيم وعيد العمال.. 13 يوم إجازة مدفوعة الأجر في مايو 2024 للموظفين (تفاصيل)    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    محمود عاشور: لم أكن أعلم بقرار إيقافي عن التحكيم.. وسأشارك بأولمبياد باريس    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    بسبب معاكسة شقيقته.. المشدد 10 سنوات لمتهم شرع في قتل آخر بالمرج    جريمة ثاني أيام العيد.. حكاية مقتل بائع كبدة بسبب 10 جنيهات في السلام    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرائم عصابة الإخوان
نشر في صوت الأمة يوم 22 - 11 - 2012

فى منتصف الستينيات، أصدرت سلسلة «كتب قومية» وهى من سلاسل الكتب الشهيرة فى تلك الفترة هذا الكتاب الذى نعرضه بهذا العدد والذى اختارت له اسم «جرائم عصابة الإخوان» ويقصد بهم جماعة الإخوان المسلمين والذى يوثق وفقاً لوجهة نظر نظام الحكم فى مصر تآمر الإخوان على مصر ونظامها السياسي، ربما اللافت للانتباه فى هذا الكتاب هو أنه لم يكن من تأليف كاتب واحد بل تم تشكيل لجنة من الكتاب قامت بوضع هذا الكتاب الذى يؤرخ لحقبة مهمة من تاريخ مصر الحديث. وطبيعى فى كتاب كهذا أن ينحاز إلى صف النظام الناصرى ضد الإخوان المسلمين فى وقت كان العداء مستحكماً بين الطرفين ولكن البارز فى الكتاب أنه جاء موثقاً بالصور والتحقيقات عن مخططاتهم خلال تلك الفترة. واللافت أيضاً أن الكتاب يحارب بين طياته الإخوان المسلمين بنفس سلاحهم وهو القرآن الكريم وتعاليم الدين الحنيف التى تحرم قطع الطريق واغتيال الأبرياء وترويع الآمنين، ومناسبة هذا الكتاب هو كشف الرئيس جمال عبد الناصر عن مؤامرة الإخوان المسلمين ضد نظام الحكم فى مصر عام 1965 تم خلالها الكشف عن تنظيمات سرية لهم وضبط أسلحة ومتفجرات بحوزتهم علاوة على أموال كان أفراد تلك التنظيمات السرية يتلقونها من قيادى إخوانى هارب يدعى محمد سعيد رمضان اتهمته السلطات حينها بالتحالف مع القوى الاستعمارية والرجعية ضد مصر ونظام حكمها، ويربط الكتاب بين هذا المخطط الإخوانى وبين رفع الأحكام العرفية وإطلاق سراح السجناء السياسيين فى مارس عام 1964 حيث أراد الإخوان استغلال هذا المناخ المتسامح لتنفيذ مخططاتهم لاغتيال عدد من القادة والمسئولين وتفجير عدد من المنشآت المهمة ومنها مبنى الإذاعة والمطار والقناطر ومطار القاهرة وبعض محطات الكهرباء والمصانع علاوة على إلقاء عبوات حارقة على دور السينما والملاهى بل واغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بهدف إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام على حد زعمهم، ويعرض الكتاب للكثير من الأمور المتعلقة بجماعة الإخوان المسلمين ومنها أسلوب تجنيد الأعضاء الجدد ويتعرض الكتاب أيضاً لسرد تاريخ جماعة الإخوان وموقفهم من ثورة يوليو واتصالاتهم المريبة بالإنجليز ومساعيهم لاختراق الجيش والشرطة، وقد يتضح لمن يقرأ هذا الكتاب أن أساليب الإخوان المسلمين لم تتغير كثيراً ربما باستثناء اللجوء للعنف الدموى وقوة السلاح لتحقيق أغراضهم السياسية.
وصوت الأمة تنشر فصولا من الكتاب الخطير تأكيداً لحق المعرفة ودون أن تتبني ماورد فيه.
الفصل الأول
كشف المؤامرة:
أعلن الرئيس جمال عبدالناصر فى 30 أغسطس سنة 1965 عن كشف مؤامرة جديدة دبرتها تنظيمات سرية إرهابية مسلحة لجماعة الإخوان المسلمين المنحلة.
وقد كشف السيد الرئيس النقاب لاول مرة عن هذه المؤامرة الجديدة فى سياق حديث صريح له مع الطلبة العرب فى موسكو إذ كان يتحدث إليهم عن وحدة الطلبة العرب، وجهودهم لتدعيم الوحدة العربية، وأسلوب العمل من أجل تحقيق الوحدة واستراتيجية العمل من أجل فلسطين قضية العرب الأولى، والمؤامرات التى تواجهها الامة العربية من أعداء قضاياها.
ولكى يكون الشباب العربى على بينة من المؤامرات التى يدبرها الاستعمار وأعوانه ضد المد التحررى العربى وقضايا العروبة، كشف لهم السيد الرئيس النقاب عن تآمر جماعة ارتضت ان تضع نفسها فى خدمة الاستعمار وأهدافه تحت ستار العمل من أجل أهداف دينية، وجميع الاديان بريئة مما يدبرونه من قتل الانفس واشاعة الفوضى والارهاب والتدمير والافساد.
لقد أعلن الرئيس جمال عبدالناصر انه بالرغم من إلغاء الاحكام العرفية فى مارس 1964 والافراج عن جميع المعتقلين حتى تتاح الفرصة لجميع المواطنين، بما فى ذلك من كان قد انحرف منهم فى الماضى عن ضلال أو تغرير لكى يشاركوا مثل المواطنين الشرفاء فى بناء مجتمع الرفاهية القائم على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. تلك المبادئ المستوحاة من مبادئ الاسلام وعلى هدى من روحه بالرغم من ذلك اكتشفت خلال شهر أغسطس 1965 مؤامرة دبرتها جماعة الاخوان المسلمين المنحلة، وكشفت تنظيمات سرية لهم وضبطت اسلحة ومفرقعات وادوات تدمير فى حوزتهم كما ضبطت معهم أموالا كانوا يتلقونها من مصادر فى الخارج عن طريق محمد سعيد رمضان أحد اعضاء الاخوان الهاربين فى الخارج والذى يمارس نشاطه ضد ثورة الشعب بالتآمر والتحالف مع الدوائر الاستعمارية والرجعية فى الخارج.
لقد أعلن الرئيس جمال عبدالناصر عن هذه المؤامرة الجديدة التى تدبرها الاخوان المسلمون بالرغم من المعاملة الطيبة الكريمة التى تنطوى على منتهى التسامح مع الشعب الذى فتح صفوفه وقلوبه لهم لكى يعودوا الى حظيرته بعد أن أخذوا كل حقوقهم وآمنوا على معاشهم فعادوا جميعا الى وظائفهم بعد الافراج عنهم وأخذوا رواتبهم واحتسبت مدة السجن أو الاعتقال فى مدة خدمتهم بل إن أسرهم كانت تتلقى المعونات أثناء فترة الاعتقال.
من أخطر القضايا الارهابية:
تعد مؤامرة الاخوان الاخيرة استنادا الى حجم التحقيق وتشعبه، من أخطر قضايا الارهاب.
ومن الاعتبارات الخطيرة التى اكتنفت هذه المؤامرة:
1 ان التنظيم الارهابى الذى تم ضبطه كانت وراؤه مصادر تمويل تنفق عليه عن سعة، كما ان هذه المصادر كانت الى جانب المال توفر له مقادير ضخمة من الاسلحة والذخيرة، كما انها كانت تتولى توصيلها إليه فى داخل الجمهورية العربية المتحدة بطرق متعددة.
2 ان هذا التنظيم الارهابى رسم خططه للعمل داخل الجمهورية العربية المتحدة بقصد التدمير ودون اى مفهوم سياسى أو اجتماعي، وبغير مراعاة لمن سوف يقع عليه الضرر ومن الذى سيخسر فى النهاية اذا نجحت اية خطة من الخطط التى رسمها.
3 ان هذا التنظيم الارهابى اعتمد اساسا فى تجميع صفوفه على الجو الديمقراطى الذى تأكد برفع الاحكام العرفية.
فقد استغل هذا التنظيم صدور العفو عن بعض الذين كانوا معتقلين من جماعة الاخوان المسلمين فأعاد تجنيدهم وضم إليهم عناصر أخرى.
وقد بدأ أول خيط فى هذه القضية الخطيرة يتكشف منذ ما يقرب من ثلاثة شهور، وذلك بملاحظة حركة غير عادية لتهريب وتخزين الاسلحة فى القاهرة وفى عدد من القرى.
وشكلت فى ذلك الوقت هيئة خاصة لمتابعة هذا الخيط الخطير، ولم يكن التقدير ان تتكشف العملية عن الحقائق المذهلة التى تكشفت عنها وعندما تم القبض على بعض الذين تأكد أن فى حوزتهم اسلحة ومفرقعات وبدأ استجوابهم راحت خلايا التنظيم السرى تظهر واحدة بعد واحدة لتكشف عن شبكة واسعة وضعت خططا تكاد لا تصدق للوهلة الاولى لغرابتها وبعدها عن التصور.
اغتيال.. وإرهاب.. وتدمير:
كانت هناك خطط واسعة لاغتيال عدد كبير من القادة والمسئولين، وكانت هناك خطط للقيام بنسف بعض المنشآت الكبيرة بينها بعض المصانع والقناطر ومحطات الكهرباء ومطار القاهرة ومحطة الاذاعة ومبنى التليفونات.
وكانت هناك خطط لالقاء بعض القنابل الحارقة فى عدد من دور السينما والمسارح وفى بعض الشوارع.
لقد كان الاخوان المسلمون يريدون فى ايجاز أن يدمروا انجازات الشعب التى حققها بكفاحه وتضحياته وان يزرعوا الارهاب فى كل مكان.
مجتمع الاسلام عند الإخوان:
ويكشف لنا هذا الحوار الذى دار بين المحقق واحد المتهمين عن العقلية الارهابية المضللة للاخوان المسلمين.
فقد حدث أثناء التحقيق أن سئل أحد المتهمين:
على من سيقع الضرر من نسف هذه المنشآت.. ومن هذه القنابل الحارقة فى دور السينما والمسارح والشوارع؟
وجاء الرد بأن الهدف كان احداث اكبر كمية من الفوضى والذعر وان هذا قد يؤدى الى سقوط النظام.
وماذا كان سيحدث عندما يسقط النظام؟
وكان الرد: يقوم مجتمع الاسلام.
وسكت المتهم حين قال له المحقق: هل يمكن ان يقوم مجتمع الاسلام بنسف المصانع والقناطر ومحطات الكهرباء والمطارات وإلقاء القنابل الحارقة فى دور السينما والمسارح والشوارع وبالقتل وسفك الدماء؟
مقاومة مسلحة:
ولقد حدث خلال عمليات التفتيش التى اعقبت بعض الاعترافات أن ذهب رجال البوليس الى قرية كرداسة لضبط أحد المستودعات الرئيسية للاسلحة والمفرقعات فإذا بعض افراد التنظيم السرى الارهابى يحاولون مقاومة البوليس بالسلاح، وبالفعل لقد وقع بينهم وبين قوات الامن اشتباك مسلح قبل أن يتمكن البوليس من اقتحام مخابئهم والقبض عليهم وضبط ما كان لديهم من الاسلحة والمفرقعات.
استخدام الزوجات:
وكان من أعجب ما كشفه التحقيق أن معظم الخلايا كانت تستر نشاطها عن طريق استخدام الزوجات.
وقد ثبت أن زينب الغزالى التى كانت ترأس جمعية الاخوات المسلمات كانت تقوم بدور رئيسى فى التنظيم الجديد وانها كانت الصلة المباشرة فى الداخل بمصادر التمويل فى الخارج، كما أن سعيد رمضان الذى كان عضوا فى الاخوان المسلمين ثم هرب من مصر وعمل فى نشاط حلف بغداد المعادى لمصر الحلف المركزى الآن هو الصلة بالممولين الاصليين فى الخارج، وكانت زينب الغزالى هى التى تقدم آلاف الجنيهات التى كان التنظيم الارهابى يمول عملياته بها.
وقد كشف التحقيق عن أن التنظيم الارهابى كان يقيم معسكرا للتدريب بقرب مصيف بلطيم يجرى فيه تدريب بعض أفراده على اطلاق النار وعلى عمليات النسف وتخزين واستعمال المفرقعات.
لقد كان الاخوان يريدون بالارهاب والتدمير أن يشيعوا الفوضى فى أركان البلاد ويفسدوا فيها.. وأن يقوضوا انجازات شعبنا الثورية التى شيدها بكفاحه المجيد طوال ثلاثة عشر عاما من ثورته.
اشارة البدء عندهم اغتيال رئيس الجمهورية:
تفتقت العقلية الارهابية العمياء للتنظيم السرى لجماعة الاخوان عن بداية اجرامية شنعاء لتنفيذ مخططهم الانانى للاستيلاء على السلطة، فقد سوغ لهم ضلالهم أن يبدأوا مؤامراتهم باغتيال قائد عربى مسلم كرس كل حياته وجهده وطاقته لرفعة العروبة والعالم العربى موطن الاسلام وقلبه، لقد صوغ لهم ضلالهم ان يدبروا اغتيال زعيم مخلص سعى الاستعمار بأجهزته واتباعه الى التخلص منه لانه من أعدى أعدائه من اصلب معارضيه.
وكانت عملية اغتيال السيد الرئيس هى نقطة البدء بالنسبة لهؤلاء الارهابيين للقيام بأعمالهم التخريبية، وأعدت الخطة على أساس أن يسافر بعض اعضاء التنظيم الى الاسكندرية حيث يقومون باغتيال السيد الرئيس فى الوقت الذى يمكث فيه بعضهم فى القاهرة للقيام بعمليات التخريب المختلفة التى كانت تعتمد على اتلاف التوصيلات السلكية لمبنى محطات الكهرباء وتخريبها واتلاف المواصلات السلكية لمبنى هيئة التليفونات وكذلك اتلاف التوصيلات الكهربائية بمطار القاهرة بواسطة قنابل مولوتوف.
«عايدة» خطاب تباشر خطة الاغتيال:
وعندما قبض على خطاب سيد خطاب وهو من كبار الارهابيين فى التنظيم السرى وجدت لديه وثائق شفوية اوضحت انه كان يتسمى باسم حركى وهو «عايدة» وقد كشفت هذه الوثائق تفاصيل المؤامرة التى أعدها الاخوان لاغتيال الرئيس جمال عبدالناصر وقلب نظام الحكم ومن بين هذه المستندات الخطابات المتبادلة بين عبدالحميد وهو الاسم الحركى ل«سعيد رمضان» الذى كان يمول التنظيم ويتابع حركته من خارج البلاد، وبين «عايدة» الاسم الحركى ل«خطاب» وتبين من هذه الخطابات ان «المزرعة» كانت تعنى «التنظيم» اما أفراد التنظيم فكان يشار إليهم بعبارة «عمال المزرعة» والاسلحة والمفرقعات كان يشار إليها بعبارة «الادوات الزراعية» وكلمة «عبدالوارث» كانت تعنى «التمويل».
لقد تفتقت عقلية الاخوان الاصلاحية عن اسلوب فريد فى الزراعة لعله الوحيد من نوعه فى العالم، انهم يحرثون الارض بالمدافع الرشاشة والبنادق والمسدسات والخناجر ثم يزرعونها بالارهاب ويروونها بدماء الابرياء!!
واعترف الارهابى خطاب سيد خطاب بأنه بدأ الاتصال بسعيد رمضان منذ عام 1959 وأنه تلقى منه أكثر من ثمانية آلاف جنيه بواسطة أجانب كانوا يحضرون الى الجمهورية العربية المتحدة لتمويل مؤامرة الاخوان.
وكان المحور الذى تدور حوله الاحاديث المتبادلة فى الخطابات خطة لنسف قطار الرئيس جمال عبدالناصر بواسطة لغم كهربائى يثبت بخط سير القطار من القاهرة الى الاسكندرية بالاضافة الى مواد ناسفة ومتفجرات تمكنت المباحث الجنائية العسكرية من ضبطها.
وكشف النقاب عن مخطط رهيب كان يستهدف اغتيال السيد الرئيس ونواب الرئيس ورئيس الوزراء وقادة الثورة والعناصر القيادية فى القطاعين المدنى والعسكرى بواسطة مجموعة من الارهابيين الذين صدرت اليهم الأوامر بالانتحار فورا عقب ارتكاب جرائمهم حتى لا يكتشف أمرهم.
وكان محددا لتنفيذ هذا المخطط الرهيب يوم 23 يوليو الماضى حيث يتم ضرب موكب الرئيس وهو فى طريقه لحضور احتفالات الثورة، وفى نفس الوقت تتم عمليات نسف وتدمير وتخريب المطارات والكبارى والقناطر ومحطات توليد الكهرباء ودور السينما والملاهى والسكك الحديدية والمنشآت العامة.
وبعد انكشاف أمر هذه الخطة فى القاهرة وضبط التنظيم السرى الارهابى نقل الاخوان مركز عملياتهم الارهابية الى الاسكندرية، وأعدوا خطة جديدة تتضمن نسف المنصة الرئيسية فى احتفالات 26 يوليو اثناء إلقاء الرئيس جمال عبدالناصر لخطابه، كما أعدوا خطة أخرى فى حالة فشل الخطة الاولى وتقضى بتدمير موكب الرئيس بعد انتهاء الاحتفالات.
وعندما اكتشفوا صعوبة تنفيذ المخطط الكامل دبروا خطة ثالثة للقيام باغتيالات فردية كان توقيتها قبل سفر الرئيس للسعودية مباشرة إلا أن رجال المباحث الجنائية العسكرية كانوا على علم بكل خيوط هذه المؤامرة المتتابعة وتطوراتها وتفاصيلها فألقى القبض على المكلف بعملية اغتيال الرئيس وعلى جميع أفراد التنظيم الارهابى الخطير.
بعد الاغتيالات يأتى الارهاب والافساد:
كان التخطيط الاجرامى يفترض بعد عمليات الاغتيال مقدرة التنظيم الارهابى على الاستيلاء على الحكم، وقد رأى أن يهيئ الجو الملائم حسب تصوره الاسود الكئيب للاستيلاء على الحكم، والجو الملائم فى نظرهم هو دمار.. وخراب.. وظلام.. ودماء تسيل.
ماذا كان سيحدث لو نجحت لا قدر الله مؤامرتهم؟
إن مجرد تصور الكارثة التى كانت ستصيب البلاد من جراء تنفيذ المخطط الاجرامى الذى كشف عنه التحقيق فى مؤامرة جماعة الاخوان الارهابيين الجديدة كفيل بأن يبعث الرجفة فى الاجساد من هول الخراب والدمار والقتل الذى كانوا يبيتونه لبلدنا وشعبنا، وكفيل بأن يثير السخط والاحتقار لهؤلاء الضالين الذين يحاولون التضليل باسم الدين ويخططون للاغتيال، وسفك الدماء، والدمار، وبث الرعب، واشاعة الفوضى باسم الدين لاهواء فى نفوسهم المريضة.
ماذا كان سيحدث؟ صورة كئيبة رهيبة للدمار والخراب الذى دبروه لتغرق الارض بما عليها..
لقد تضمن المخطط الاجرامى للاخوان نسف القناطر الخيرية.. لماذا؟ لتغرق الاراضى بما عليها من حقول وطرق ومنازل وآدميين وماشية، وليختل نظام الزراعة، ولتسود المجاعة.
إن التفكير فى نسف القناطر من أفدح الاعمال وأكثرها شرا واجراما وشذوذا فى التفكير لان القناطر الخيرية هى مفتاح تنظيم المياه وتوزيعها الى الوجه البحرى كله.. ويعيش فوق هذه القناطر جيش من المهندسين والعمال، يقيس ارتفاع منسوب المياه بالشعرة، ويفتح البوابات بالملليمتر.
ومعنى نسف القناطر ان تنطلق المياه وحدها كالوحوش تغمر الارض والبيوت والطرق والمصانع لا يقف امام طوفانها احد، ولا تحدها سدود، تعلو على الجسور وتحطم الكبارى وتغرق فى ساعات ثلاثة ملايين فدان من أجود الاراضى فى الوجه البحرى علاوة على المدن والقرى القائمة والبيوت والناس وكل ما صنعته يد الانسان.
إن هذه القناطر قائمة منذ أكثر من مائة عام تتولى تنظيم المياه وتوزيعها الى ثلاثة رياحات.. التوفيقى والمنوفى والبحيرى، واستمرت القناطر القديمة تعمل حتى سنة 1936 حيث لم تستطع تحمل أى ضغط جديد فبنيت قناطر جديدة خلف القناطر القديمة واستمر العمل فى بنائها ثلاث سنوات وتطلب العمل فيها ازالة مليون متر مكعب من التراب واستعمال 150ألف متر مكعب من الخرسانة وثلاثة آلاف طن من الحديد واقامة 200 ألف متر مكعب من المبانى.
ولكى يتصور المرء بشاعة الجرم الذى دبره الارهابيون فى جماعة الاخوان يجب ان يعرف أن أصغر خلل فى القناطر يحتاج اصلاحه الى سنة كاملة على الاقل يتم خلالها بناء سد واق حول العين التى حدث فيها الخلل ثم تشفط من حولها المياه وتجفف ليبدأ العمل فى ترميم الاجزاء التالفة.. فما بالك اذا كانت القناطر مقسمة الى 80 عينا موزعة بين قناطر دمياط وقناطر رشيد وان التخريب لابد أن يشملها جميعا من شحنات النسف التى دبروها؟
ان اقامة قناطر جديدة اليوم يتكلف على الاقل 40 مليونا من الجنيهات وسنوات طويلة من العمل الشاق وآلاف من العمال.
لقد دبرت جماعة الإخوان هذا التخريب فى الوقت الذى يكدح فيه الشعب لاتمام بناء السد العالى ليضيف إلى الأراضى الزراعية مليونى فدان وهم يريدون إغراق ثلاثة ملايين من الأفدنة فى ساعات.. ان الشعب يكافح الآن ويعمل على بناء قناطر جديدة على طول النيل لامساك كل قطرة ماء بعد انتهاء مشروع السد العالي.. وفى نفس الوقت يدبر آخرون نسف قناطر قائمة تروى أرضنا وتعود بالخير لنا ولهم ولكل الناس.
لماذا كل هذا الخواب؟ لأن جماعة الاخوان تريد ان تصل إلى الحكم عن طريق الدمار والخراب ولا يهم ما يحدث للثروة القومية أو ما يصيب الشعب فى أرضه وقوته ومسكنه ما دام هذا الطريق - فى نظرهم - يؤدى إلى الحكم.
إن هذا الشعب لم يكافح ولم يضح ولم يصبر لكى يأتى بعض الخونة المنحرفين ليعوضوا صبره دمارا وخرابا، ان عناية الله صانت المكاسب الشريفة لهذا الشعب وردت كيدهم إلى نحورهم.
وليسود الظلام..
وكان من بين ما خططوه أيضا نسف محطات الكهرباء، وليس أبشع من نسف القناطر الا تخريب محطات الكهرباء حيث يسود الظلام.. وتتعطل المصانع التى تعمل بالكهرباء، وتتوقف المصاعد فى المبانى العالية،ويتعطل سير عربات الترام والتروللى باص، وتتعطل أجهزة المستشفيات.. وباختصار اصابة المرافق العامة بالشلل وبذلك يتحقق الجو الذى يعتقد الاخوان أنه الجو المناسب لتوليهم السلطة.
لقد اعترف أحد اعضاء التنظيم السرى لجماعة الإخوان، وهو مهندس كهربائى يدعى سعد شريف، بأنه توجه صباح يوم الأربعاء الموافق 18 أغسطس 1956 الى محطة كهرباء شمال القاهرة مع بعض زملائه وعاينوا التوصيلات الكهربائية، ويسر لهم امر الدخول والتجول داخل المحطة زميل لهم فى الارهاب يعمل بالمحطة.
وكان من بين ما اعترف به أن خطة تدمير المحطة تتم على مرحلتين، الأولى باطلاق الرصاص لقتل الحراس وبث الذعر والثانية اتلاف التوصيلات الكهربائية والتدمير بالمتفجرات.
ولو أن الضرر الذى ينجم عن تدمير محطة كهرباء القاهرة يقتصر على الاظلام لكانت المصيبة هينة، ولكن تدمير المحطة معناه أن يتوقف كل شيء.. ففى لمح البصر تتوقف جميع المصانع التى تدار بالكهرباء.. جميع المصانع التى تقدم لك احتياجاتك الضرورية مثل رغيف العيش الذى تأكله لأن معظم المطاحن والمخابز تعمل آليا الآن بالكهرباء.
وفى ثانية تنقطع المياه عن القاهرة كلها لأن محطات المياه تعمل هى أيضا بالكهرباء.
حتى المجارى تضطرب هى الأخرى وتغرق الشوارع لأن محطات ضخ المجارى تعمل بالكهرباء.
وفى لمح البصر تقف كل وسائل المواصلات التى تربط أجزاء القاهرة فلا المترو ولا التروللى باص ولا الترام يستطيع أن يتحرك خطوة واحدة. بل ان الأوتوبيسات والتاكسيات وسائر العربات كانت مهددة بالتوقف هى الأخرى لأن المصانع والورش التى تتولى شحن بطارياتها تعمل بالكهرباء.
حتى المرضى فى المستشفيات والضحايا البريئة التى يصيبها رصاص الارهابيين من جماعة الإخوان أو شظايا قنابلهم المتفجرة والحارقة، ما كانوا ليجدوا انقاذا لحياتهم لأن أجهزة المستشفيات وغرف العمليات كانت ستتعطل من جراء انقطاع التيار الكهربائى.
وكذلك بوابات ومحاور القناطر والكبارى التى تعمل بالكهرباء والتى كانت ستسلم من تخريبهم كانت هى الأخرى ستتعطل.
ومحطات الكهرباء التى دبروا تخريبها فى شمال وجنوب وغرب القاهرة هى من مفاخرنا القومية، فمحطة غرب القاهرة مثلا تبلغ قوتها 261 ألف كيلو وات، وتقوم بدور أساسى فى تغذية خمسة اقاليم.. منها: القليوبية والتحرير والشرقية، وهى أكبر محطة كهرباء فى الجمهورية العربية بعد محطة السد العالي.
ومحطة كهرباء شمال القاهرة تبلغ قوتها مائة ميجاوات وتغذى منطقة مليئة بالمصانع الحديثة.
إن توقف المصانع يعنى توقف أحد قطاعات الانتاج وتعطيل عدة آلاف من الأيدى العاملة.. فلمصلحة من يتم هذا؟ يقينا ليس لمصلحة الشعب ولا مصلحة البلد.
العزلة عن الداخل.. والخارج..
من بين ما خطط له الارهابيون من جماعة الإخوان نسف مبنى التليفونات الرئيسى معتقدين أن ذلك خطوة تكتيكية بارعة لتنفيذ مخططهم الاجرامي.
إن مبنى التليفونات الرئيسى هو وسيلة الاتصال السلكى واللاسلكى التليفونى والتلغرافى مع الداخل والخارج. وأى خلل يحدث فى هذا المبنى معناه توقف الاتصالات بين أجزاء البلد كله وبين بلدنا والعالم الخارجي.. وساعتها لا تعرف القاهرة ماذا يدور فى الأقاليم.. ولا تعرف أى بلد فى الجمهورية ما يدور فى العاصمة.. فبداخل المبنى يوجد «الترنك» الذى يربط بين بلاد الجمهورية وعن طريقه تتم الاتصالات بين أجزاء الوطن.
ومن النتائج التى ستترتب على نسف مبنى التليفونات الرئيسى تعذر الاتصال بالخارج وبذلك تنعزل البلاد تماما فلا نعرف عن انباء العالم شيئا ولا يعرف العالم عنا شيئا.
بل إن تخريب هذا المرفق الحيوى يعود على الحركة الملاحية للسفن والطائرات فى مياهنا أو أجوائنا الاقليمية بأكبر الاضرار.. فهذا المبنى يتولى إدارة وتشغيل المحطات اللاسلكية التابعة لمصلحة الأرصاد الجوية.. ولكل أعمال الطيران والملاحة.
إن الارهابيين من جماعة الإخوان لا يرون أبعد من أنوفهم.. ماذا بعد النسف.. ألم يتطرق تفكيرهم السقيم إلى ما يمكن أن يؤدى إليه نسف عصب الشرايين الرئيسية للمواصلات الداخلية والخارجية.. ألم يتطرق تفكيرهم إلى حالة مريض اثقل عليه مرضه وبحاجة إلى من يطلب له الطبيب على وجه السرعة وكيف يتصل بالطبيب؟ كيف يمكن الاتصال بجمعية الاسعاف على وجه السرعة لاسعاف مصاب معلق بين الحياة والموت وكيف يمكن الاتصال بشرطة النجدة لنجدة طالب نجدة؟ وكيف يمكن الاتصال بمراكز الاطفاء للقيام بواجبها فى حصر نيران اندلعت أو فى انقاذ ضحايا انهيار أو ركاب مصعد تعطل؟
ألم يفكروا فى آلاف المصالح العامة والخاصة التى تتعطل بسبب قطع المواصلات التليفونية وما قد يترتب على ذلك من اضرار وخسائر؟
هذا فضلا عن الخسائر المادية المباشرة التى تمنى بها البلاد نتيجة لنسف هذا المبنى الحيوى الذى استغرق العمل فيه بضع سنين من الجهد الدائم حتى ينفذ بالصورة الدقيقة التى تكفل انتظام الاتصال السلكى واللاسلكى مع الداخل والخارج.
ماذا يجنى إخوان الإرهاب من ذلك؟ وما هى مصلحة الشعب والبلد فى احداث هذه الخسائر وهذه العزلة؟ لا تحسب أن هناك منطقا يمكن أن يبرر هذه الأعمال الإجرامية غير منطق الجنون والحقد الأسود وشهوة السلطة بأى ثمن وأية وسيلة.
نسف مطار القاهرة الدولي:
قد يفكر بعض مدبرى الانقلابات فى احتلال المطارات الرئيسية لفرض سيطرتهم عليها بما يكفل الأمن لانقلابهم ولكن عقلية جهابذة الإخوان ليست عقلية (انقلابية) بقدر ما هى عقلية (مغلوبة) يسيطر الدمار والإرهاب عليها. ولا نعلم أى دين يدعو إلى هذا القدر من التدمير والتخريب!
لقد دبر الإخوان نسف مطار القاهرة الدولى الذى قضينا سنوات فى بنائه واعداده ليكون أكبر وأحدث مطار فى الشرق الأوسط.
لقد بنى المطار على مساحة 700 ألف متر مربع، واستخدم فى بنائه 40 ألف متر مكعب من الخرسانة المسلحة علاوة على 15 ألف طن من الحديد.
وبرج المراقبة فى المطار هو أحدث صيحة فى الملاحة الجوية فكل الأجهزة والآلات التى تملأ البرج الذى يرتفع إلى 50 مترا من أحدث طراز وتكلف انشاء البرج وحده ثمانية ملايين من الجنيهات وهذا البرج يتحكم فى جميع خدمات المطار بحيث يمكن كشف عيوبها لحظة حدوثها.
لقد جهز المطار بأحدث الوسائل التى تسمح بإقلاع وهبوط أكبر النفاثات وتكفل سلامة الطيران وانتظامه.
إن معظم الخطوط الجوية لكبريات شركات الطيران العالمية تمر عبر مطار القاهرة فى رحلاتها بين أركان الأرض الأربعة.
وقد عرف أعداء الشعب فى الخارج قيمة هذا المرفق الحيوى وأهميته الاقتصادية تجاريا وسياحيا فدبروا مؤامرة لمقاطعته عن طريق اطلاق الشائعات الكاذبة حوله.. ويبدو أن أعداء الشعب فى الخارج كانوا أرحم به من أعدائه فى الداخل، انهم دبروا مقاطعته ولم يدبروا تدميره ولكن الإرهابيين من جماعة الإخوان دبروا نسفه حتى يعطوا لأعداء الشعب أكثر مما يبغون! إن الاستعمار والصهيونية ما كانا يفكران فيما أراد إخوان الإرهاب تحقيقه.. باسم الدين! ثم يدعون أنهم لايبغون إلا الاصلاح!
أى اصلاح فى تدمير أحد انجازات الشعب التى يفخر بها والتى تعب وكد فى اتمامها كى ترفع اسمه عاليا بين الأمم المتحضرة!
أى اصلاح فى فرض العزلة على البلاد واضعاف الثقة بها فى الخارج.
أى اصلاح فى التلاقى مع أهداف الاستعمار وأعداء الشعب.
الإذاعة والسينما بدعة فى نظرهم:
لقد وصل بهم ظلام الهوس إلى أن الإذاعة والتليفزيون ودور السينما، وما تذيعه أو تعرضه من مختلف ألوان الفنون والمعرفة، وما تفتحه من آفاق توسع المدارك هى بدع يجب القضاء عليها! وتأسيسا على هذا التفكير الرجعى السقيم اقترحت إحدى خلايا التنظيم السرى كتابة اغتيال عدد من مشاهير نجوم الفن الذين ساهموا فى رفع مكانتنا الفنية عالميا، ونسف دار الإذاعة، وعدد من دور السينما والمسارح والقاء القنابل الحارقة فى الشوارع ودور السينما حتى لا يرتاد الناس المقاهى ويلزمون دورهم.
ولم يتجه تفكيرهم السقيم، ولو للحظة، إلى مئات الأرواح البريئة التى كانت ستذهب ضحية للانحراف المجنون، وشهوة التسلط الأعمى والعمالة الحقيرة.
إن دار الإذاعة التى دبروا نسفها تؤرق مضاجع الدوائر الاستعمارية والصهيونية بدفاعها الدائم عن قضايا التحرر والاستقلال، ولعبت أدوارا تاريخية فى نصرة الشعوب العربية والافريقية ووقفت إلى جانبها فى معاركها ضد الاستعمار حتى كتب لها النصر ومازالت الإذاعة تقف بكل ثقلها إلى جانب هذه القضايا تدعمها بكلمة الحق والشرف.
إن الإذاعة بعد تطويرها ونهضتها أصبحت أداة تثقيف وتوعية وترفيه للشعب بمختلف قطاعاته تقدم له النصح والإرشاد والمعلومات والثقافة والترفيه الذى يسمو بذوقه وحسه.
هذا إلى جانب كونها نافذة العالم علينا وأداة تعريفه بنا والرابطة القوية التى تشده إلينا بتأييدنا لقضاياه العادلة.
إن الإذاعة أنشأت محطة إذاعة القرآن الكريم لكى توصل كتاب الله إلى أسماع وقلوب ملايين المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، ثم يأتى أدعياء الدين ليدبروا اسكات رسالة الإسلام باسم الإسلام فياله من تناقض ويا له من ضلال!
إن الإذاعة احتاجت لتطويرها حتى تصبح لها هذه المكانة وهذه الاهمية فى الداخل والخارج إلى ملايين الجنيهات وسنوات طوال من الجهد الدائم والكفاح المتواصل وأصبحت فعلا أقوى محطة اذاعة فى العالم اذ تذيع على موجة قوتها 250 كليو وات بينما أقوى محطات اذاعة فى العام وهى إذاعات لندن وموسكو وصوت أمريكا قوتها 200 كيلو وات.
النهب والسلب من أساليبهم:
لقد تبين من التحقيق أن الإخوان المسلمين أعدوا عدة خطط للحصول على الأموال التى يحتاجون إليها لتنفيذ مخططهم الإجرامى عن طريق السلب والنهب. واختاروا لمعاونتهم على تنفيذ هذه الخطط إرهابيا قديما وقاتلا محترفا هو حسين توفيق الذى نذكر من سجله إنه حكم عليه قبل الثورة بالإعدام لاشتراكه فى عدة جرائم اغتيال، ثم هرب إلى الخارج حيث اتصلت به مخابرات بعض الدول الأجنبية واستخدمته فى عمليات سرية. وقد عاد حسين توفيق إلى مصر بعد صدور عفو عنه ولكنه بقى يتصرف بنفس الشذوذ الذى طبع سلوكه دائما ثم عاوده الحنين إلى التآمر، والتقت به جماعة الإخوان على طريق التآمر.
وتضمنت خطة السلب والنهب التى أعدها الإخوان بالتعاون مع حسين توفيق السطو على البنوك وسرقة خزائن بعض الجمعيات التعاونية الاستهلاكية.
إن جميع الخطوات التى فكر فيها الإخوان لتنفيذ مؤامراتهم كانت ضلالا فى ضلال وحراما فى حرام، بعيدة كل البعد عن تعاليم وروح جميع الأديان والمبادئ والمثل.
خلق الأزمات مع الدول الكبري:
إن الشهوة العمياء فى السلطة والحقد الأسود على الثورة وانجازاتها قادت الإخوان فى متاهات الانحراف المظلمة التى تتعذر فيها رؤية ابعاد الهاوية التى كانوا يريدون زج البلاد إليها. لقد هداهم تفكيرهم المريض إلى أن أحد الطرق الموصلة إلى الحكم هى تدمير المركز الممتاز الذى حققه شعبنا الأبى لنفسه فى الخارج، والذى أكسبه احترام جميع الدول والشعوب كبيرها وصغيرها.. لقد هداهم تفكيرهم إلى أن طريقهم إلى السلطة هو إساءة علاقات مصر مع الدول الكبرى بقتل سفرائها فى القاهرة فأعدوا خططا لاغتيال سفراء الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا.
وليتصور القارئ مدى ما يمكن أن يترتب على تنفيذ مثل هذه الجرائم فى أيه دولة من الدول لا فى مصر فقط، فإذا دفعه ما يتصوره إلى التساؤل لماذا؟ فأولى به أن يتوجه بسؤاله هذا، اذا إلح عليه وأعياه الالحاح، إلى اخصائيين فى الأمراض العقلية واخصائيين فى السلوك الانحرافي، ولا نظن أنه سيجد عند هؤلاء الإجابة الشافية.
ما دبره الإخوان هو ما يريده الاستعمار:
لقد دبر الإخوان تدمير القناطر، والجسور، ومحطات الكهرباء، ووصلات السكك الحديدية الرئيسية، ودار الإذاعة، ومطار القاهرة.
والعدوان الثلاثى الغاشم علينا عام 1956 ما زالت ذكراه ماثلة فى أذهاننا.
إننا ما زلنا نذكر أن الاستعمار المتحالف مع الصهيونية حاول فى عدوانه علينا عام 1956 تحطيم بعض محطات الإذاعة وبعض المطارات بضربها بالقنابل من الجو وكان يريد تدمير مطار القاهرة الدولى ومحطات الكهرباء ومحطات السكك الحديدية الرئيسية والقناطر والجسور. وكانت قوى الاستعمار تعلن عن أهدافها من محطة اذاعتها فى قبرص، أى أن مخططات جماعة الإخوان تتلاقى تماما مع مخططات الاستعمار وأهدافه وتتلخص فى القضاء على نظام الحكم واحداث أكبر قدر من الفوضى والخراب وشل حركة البلاد واضعافها معنويا وماديا.
قد تجد مؤامرات الاستعمار ما يبررها فى منطق العدوان على الشعوب ولكن ما هو منطق الإخوان؟ ان الرد على هذا السؤال لايحتاج إلى تفكير كثير.
إن الدوائر الاستعمارية وحليفاتها من الدوائر الصهيونية والرجعية أرادت أن تحقق ما فشلت فى تحقيقه بيدها مباشرة بيد آثمة أخرى ارتضت أن تتدنس بالعمالة الحقيرة تحت ستار الدين.
وفات هؤلاء العملاء من أعداء الشعب أن الحقوق التى اكتسبها الشعب منذ ثار على الاستعمار والاقطاع والاستغلال فى 23 يوليو 1952 حقوق لا يمكن أن يتخلى عنها أو يغفل عن حراستها وصيانتها ضد مؤامرات أعدائه. وكما وقف الشعب فى صلابة وايمان ضد العدوان الثلاثى عام 1956 حتى ألحق الهزيمة بأعدائه وحقق النصر المبين فإنه أثبت مرة أخرى يقظته ووعيه وايمانه حينما كشف مؤامرة عصابة الإخوان الأخيرة فأحبطها قبل أن تنال من انجازاته ومن مكاسبه.
تعاون الإخوان المسلمون مع الاستعمار والرجعية
لقد ثبت من التحقيق الذى يجرى حول مؤامرة الاخوان الأخيرة أن التنظيم الارهابى الجديد وضع نفسه فى خدمة أجهزة الاستعمار والرجعية، وربط نفسه ببعض قيادات الإخوان المسلمين التى هربت سنة 1954 واتصلت حينذاك بحلف بغداد وعملت ضمن مخططاته ولحسابه.
تمويل خارجى
وجد التنظيم الجديد ممولين لنشاطه بعضهم من نفس الممولين القدامى لحلف بغداد «الحلف المركزى الآن»، وممولين آخرين دفعهم الحقد على الجمهورية العربية المتحدة إلى الاندفاع فى تمويل هذا النشاط الإجرامى.
وثبت من الوثائق التى تم ضبطها فى التحقيق أن أحد أفراد التنظيم الارهابى واسمه خطاب السيد خطاب، وكان من بين مسئولى التنظيم فى الإسكندرية، قد تلقى من سعيد رمضان مبالغ تزيد على أربعة آلاف جنيه، وكانت المهمة الرئيسية التى كلف بها هى وضع شحنة ناسفة فى قطار يركبه الرئيس جمال عبدالناصر.
واستغل التنظيم الإرهابى الأموال المرسلة من الخارج لأهالى بعض الإخوان المسلمين الفارين فى أوروبا وبعض الدول العربية، فكان التنظيم يستولى على ثلث كل مبلغ يصل من هؤلاء إلى ذويهم فى مصر.
كذلك استغل التنظيم وممولوه فى الخارج عددا من الطلبة العرب الذين يدرسون فى مصر وعددا من أبناء الجمهورية العربية المتحدة العاملين فى الدول العربية فكان يطلب من بعضهم ايصال مبالغ مختلفة لبعض الأفراد فى الجمهورية العربية المتحدة، وكان هؤلاء يقومون بهذه العملية كخدمة إنسانية ولم يدرك معظمهم أن الأموال التى حملوها معهم من الخارج إلى الجمهورية العربية المتحدة كانت تستغل للتآمر والخيانة باسم الدين.
كما استغل ممولو التنظيم السرى من الدول والجهات الأجنبية عصابات التهريب المعادية لتهريب الأموال والأسلحة إلى أعضاء التنظيم.
وتبين من التحقيق أن مبالغ كبيرة وصلت إلى التنظيم الارهابى فى مصر بالعملات الأجنبية وخاصة بالاسترلينى والدولار، وقد وجد أن أحد المقبوض عليهم يحمل فى جيبه 214 دولارا.
الحلف المركزى يوجه نشاط الإخوان
كشف الجانب السياسى للتحقيق فى قضية التنظيم الارهابى للإخوان المسلمين بما يؤكد فوق أى شك دور الحلف المركزى فى تمويل وتوجيه نشاط الإخوان.
فقد ثبت أن سعيد رمضان، وهو حلقة الاتصال بين قيادة التنظيم الارهابى فى مصر وبين مموليه وموجهيه فى الخارج، قام بتحركات مريبة تنقل خلالها عدة مرات بين بيروت وطهران وبينهما وبين بعض العواصم الأوروبية مثل جنيف وباريس وبعض العواصم الآسيوية.
سعيد رمضان يحمل ستة جوازات سفر دبلوماسية، واحد منها باكستانى وآخر إيرانى وثالث عراقى منح له من نورى السعيد وجدد من عبدالكريم قاسم، وجواز رابع أردنى يحمل صفة سفير متجول للمملكة الأردنية الهاشمية، وخامس تونسى وسادس ليبى.
وقد تبين من خلال التحقيق أن سعيد رمضان كان يحصل على مبالغ طائلة من عدة مصادر أبرزها «لجنة مقاومة النشاط المعادى» فى الحلف المركزى، ويجئ بعدها بعض القوى المعادية للجمهورية العربية المتحدة ولسياستها.
وكان الضابط الهارب زغلول عبدالرحمن الذى تمت محاكمته قد اعترف بأن «جماعة مصر الحرة» التى ضمت بعض الهاربين والحاقدين على الثورة قد حصلت دفعة واحدة على مبلغ 250 ألف جنيه استرلينى من الملك سعود، وحدث وقتها خلاف بين جماعة مصر الحرة وبين سعيد رمضان على اقتسام هذا المبلغ ونصيب كل فريق فيه باعتبار أن جماعة مصر الحرة كانت تعمل فى جبهة واحدة مع فلول جماعة الإخوان الهاربين فى الخارج ضد نظام الحكم فى ج.ع.م.
الإخوان المسلمون فى خدمة مخابرات إسرائيل
ومن أخطر ما تنطوى عليه مؤامرة الإخوان أنه من الثابت أن مخابرات الحلف المركزى تنسق معلوماتها السرية باستمرار وبطريقة منظمة مع المخابرات الإسرائيلية، وهكذا وضعت جماعة الإخوان نفسها فى خدمة مخابرات إسرائيل.
متى بدأ التنظيم الارهابى الجديد
اتضح من التحقيق أن التنظيم الارهابى الجديد للاخوان المسلمين بدأ حركته الأولى بعد سنة 1954 مباشرة، أى بعد التصفية الواسعة التى جرت لنشاطهم ردا على عملياتهم الارهابية فى ذلك الوقت.
وفى تلك الظروف كانت بداية النشاط ذات مظهر اجتماعى بحت فقد كانت الحركة كلها تنحصر فى جمع التبرعات لأسر الذين حكم عليهم بالسجن فى قضايا الارهاب.
ولما كان جمع التبرعات لا يحقق الغرض الكافى فإن نواة التنظيم بدأت تضغط على بعض الذين كانوا ينتمون إلى الجمعية ولم ينكشف نشاطهم لكى يدفعوا لها ما يشبه الضرائب تحت تهديد الوشاية بهم إذا تخلوا عن الدفع.
واستمرا الحال على هذا النحو حتى سنة 1960 حين بدأ بعض المحكوم عليهم بالسجن يخرجون بعد قضاء مدة العقوبة، ومن بعضهم تكونت فيما بعد «مجموعات الخمسات» أي الذين قضوا فى السجن خمس سنوات ثم حدثت اخراجات أخرى سنة 1961 حتى سنة 1963 حين خرج جميع المحكوم عليهم من الإخوان المسلمين قبل موعد الانتخابات حتى هؤلاء الذين لم يكونوا قد أتموا مدة العقوبة المحكوم عليهم بها.
وفى ذلك الوقت بدأت تظهر عدة قيادات للتنظيم من أظهرها، كما يبدو من سير التحقيق، سيد قطب وشقيقه محمد قطب، وضم التنظيم أسرا من كل محافظة، وعين التنظيم مسئولا عن كل محافظة وحين أحس بعض الذين كانوا فى التنظيم ذى المظهر الاجتماعي، وبعض الخارجين من السجن أن اتجاها ارهابيا جديدا بدأ يظهر ويستولى على القيادة ويعيد تنظيمها فإن البعض منهم نصح بعدم جدوى الارهاب وأنه فى النهاية ينقلب على أصحابه ومدبريه.
فلسفة الارهاب
كانت كل مجموعة من مجموعات التنظيم الارهابى تضم مندوبا عقائديا، وكانت وظيفة هذا المندوب هى شحن العضو بالروح الدينية واثارته واصدار الفتاوى التى لا تمت إلى الإسلام بصلة، وكان أهم هذه الفتاوى اباحة دم المسلم الذى يحمل سلاحا لمقاومة ارهاب التنظيم السرى للاخوان المسلمين، وكان المندوبون العقائديون من قدامى الإخوان المسلمين هم الذين استطاعوا أن يجندوا هذه المجموعات من الشباب الصغير.
وقد وجد التنظيم فى سيد قطب من يفلسف اتجاهاته الارهابية ويجد لها سندا فكريا مهما بلغ به الحمق والسخف.
ومع جميع المضبوطات من مواد ناسفة ومدافع رشاشة ومن مواد متفجرة أو حارقة كان هناك دائما كتاب اسمه «معالم فى الطريق» ألفه سيد قطب.
وكانت وجهات النظر العجيبة التى حشدها سيد قطب فى كتابه تقول إن العالم كله يعيش فى جاهلية.
وجاء فى معالم طريق الضلال:
«عاد العالم إلى الجاهلية.. العالم كله شرقا وغربا.. مسلما وغير مسلم.. مؤمنا وملحدا.
والجاهلية التى تردى فيها عالم اليوم أشنع من الجاهلية التى سبقت الإسلام وأشد نكرا.. والعالم فى حاجة إلى أن يخرج من جاهليته.. والإسلام فى حاجة إلى بعث.
والبعث يبدأ بقلة تنسلخ عن مجتمع الجاهلية وتخاصمه.. لا تعرف لها فيه وطنا ولا أسرة ولا علاقة ولا قانونا ولا عرفا، وإنما تعرف شيئا واحدا لا مناص عنه هو التحطيم والاهدار بالقوة والعنف، التحطيم الشامل الذى لا يترك صغيرة ولا كبيرة.. فلكى تصل الجماعة المؤمنة إلى قلوب الأفراد مباشرة تحتاج إلى ازاحة كل الحواجز الجاهلية التى تعزل الناس عنها.. أولا وقبل كل شيء.. قبل أى مناقشة أو إقناع لابد من قلب نظام الحكم لأنه جاهلي.. كل نظم الحكم لأنها جاهلية بأسرها، حتى التى تدعى الإسلام فى مواثيقها ودساتيرها، وحتى التى يؤمن أفرادها بالله ولكن يعترفون بما يسمى القيادة السياسية والقيادة الجماعية».
وجاء فى موضع آخر من هذا الكتاب المليء بالانحراف الفكرى والهوس والذى اتخذه التنظيم الارهابى للإخوان دستورا له:
«على الطليعة أن ترفض أية ثقافة غير القرآن.. وأن تتخذ القرآن أمرا للتنفيذ لا للتأمل والبحث.. وأن تنعزل عن المجتمع الذى تعيش فيه وتحيا حياة الغربة فيه وتعتبره أرض حرب لا وطن سلام».
ويواصل محمد قطب شقيق سيد قطب بعد ذلك تفاصيل هذا المنطق فى كتاب آخر اسمه «جاهلية القرن العشرين» فيؤكد «أن خروج المرأة إلى العمل ضد الدين لأنه يجعلها فى غنى عن الرجل ويخرجها من ولايته».
وهكذا نجد أن فلسفة الارهاب التى روج لها مضللو الإخوان تعادى جميع المجتمعات فى الشرق والغرب، فى الدول الإسلامية وغيرها وتتعالى عليها وتدعو إلى العزلة عنها والانقضاض عليها وتدميرها بالارهاب دون مناقشة أو منطق.
والغريب أنهم يدعون إلى هذه الفلسفة الجنونية باسم الإسلام دين السلام والحجة والمنطق الهاديء والتطور.
أسلوب الإخوان فى تجنيد ضحاياهم
التضليل بالدين:
استطاع قادة التنظيم الارهابى أن يضللوا كثيرا من الشبان ويضموهم إلى صفوفهم فكانوا يلجأون فى أول الأمر إلى الشبان ذوى النوازع الدينية الشديدة ويخدعونهم بالشعارات الدينية، وبدأ نشاط التنظيم يستوعبهم فى الجلسات والمناقشات ثم فى النشاط الرياضى بقصد اللياقة البدنية ثم فى التدريب على السلاح دون أن يعلموا ما هو الهدف المحدد لذلك.
وفجأة، وبعد التلقين والتدريب وحمل السلاح تبدأ مكاشفة الواحد منهم بأجزاء من خطط - وليس بخطط كاملة- تقنعهم بأن الهدف هو نصرة الدين بمنع الناس من دخول دور السينما أو المسارح أو الملاهى الليلية وأن ذلك نوع من كفاح الصفوة الممتازة ضد مجتمع الجاهلية.
وعند هذا الحد يكون الواحد منهم قد تورط إلى القدر الذى لا يمكنه من التراجع حتى لو أراد وذلك عن طريق تهديده بكشف أمره، ووصل الحال فى بعض الظروف إلى أن بعضهم هدد بالقتل إذا توقف فى منتصف الطريق، هذا بينما اندفع البعض الآخر- حتى بعد أن عرف الحقيقة- فى الطريق إلى آخره تحت اندفاع الانسياق والجو المحموم الذى كانوا يوضعون فيه.
تدريب أعضاء الجهاز:
كان التدريب يتم فى خلايا خاصة وعلى ثلاث مراحل:
- المرحلة الأولي: الإعداد الروحى- كما يسمونه- وهو يعتمد على اجترار أفكار سيد قطب كما وردت فى كتابه.
- ثم مرحلة الإعداد الجسدى وكان فيها التدريب على الطاعة ضمنا فقد كانت الخلايا تكلف بالمشى مسافات طويلة، عشرين وثلاثين كيلو مترا فى بعض الأحيان، كذلك كان بين بنود الإعداد الجسدى التدريب على المصارعة اليابانية واستعمال الخناجر وطريقة الهجوم على شخص آخر مسلح.
- والمرحلة الثالثة بعد ذلك كانت مرحلة الإعداد العسكرى وهى التدريب على السلاح بأنواعه.. المسدسات والرشاشات ثم القاء القنابل اليدوية وتفجير المفرقعات والمواد الحارقة المختلفة.
وقد تبين أن معظم أعضاء التنظيم السرى للاخوان من الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 سنة وقد اختار الاخوان الشبان ليسهل التأثير عليهم واستغلالهم.
طبيب يغرر به باسم الدين:
من القصص المثيرة التى وردت فى التحقيق قصة الطبيب الشاب الذى استطاع الإخوان التضليل به وجره إلى طريقهم الإجرامى، فقد حضر إليه ذات يوم أحد أصدقائه وراح يناقشه فى أمور الدين، وسأله:
- ما رأيك فى القراءة فى التفسيرات للقرآن من كتاب «فى ظلال القرآن»؟
وقال الطبيب:
- لا مانع لدى..
فطلب منه صديقه الإخوانى أن يشترى الكتاب من إحدى المكتبات وقال له:
- سأخبرك فيما بعد بالخطوة التالية للقراءة والتثقيف الدينى.
ولم يدر الطبيب أن تلك الخطوة كانت الأولى فى سلسلة الخطوات التى شدت به إلى الهاوية التى تردى فيها مع الإخوان الارهابيين فلم يستطع منها خلاصا.
وتعدد اللقاء بين الطبيب وبين صديقه الذى قال له ذات يوم:
- هناك شخص يدعى «عليا» ويسكن فى شارع شبرا وهو متدين ويعرف الله حق المعرفة، ويريد أن يتعرف بك، فهل لديك مانع؟
وعندما لم يبد الطبيب اعتراضا صحبه زميله إلى مسكن على، وهناك واجه الطبيب بالحقيقة التى خفيت عنه طويلا إذا قال له على:
- ما رأيك فى أن تنضم إلينا؟ إن هناك أشياء كثيرة أكبر من عملية القراءة التى تقوم بها.
وتساءل الطبيب:
- وما هى الخطوة التالية؟
- أن نثبت الإسلام على الأرض.
- كيف؟
- لا يمكن إلا أن يكون ذلك بالقوة والقضاء على النظام الحالي.. لابد من حدوث انقلاب.
وقال الطبيب:
- لكن هذا قد يعرضنا للاعتقال والعذاب.
- أليس إيمانك بالقوة الكافية لأن تبيع نفسك فى سبيل الله؟ انك لابد أن تقوى ايمانك حتى تفهم الآية التى تقول: «إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة» وعندها ستصبح قادراً على تحمل أعباء الجهاد فى سبيل الله. ووقع الطبيب الشاب ضحية التضليل بالدين والقرآن.. واصبح عضوا عاملا بالتنظيم الارهابى الخطير..
تنويم مغناطيسى
وقد تمكن التنظيم من التأثير على كثير من الشبان من خريجى الجامعة، منهم الأطباء ومنهم خريجو كليات الهندسة العلوم والتجارة. وقد جند التنظيم كل هؤلاء الشبان بعد أن ضللهم بالخديعة والكذب بل وبالتهديد فى بعض الأحيان فلم يستطيعوا خلاصا من التمادى فى تنظيم اعمالهم الارهابية، ومما يؤكد استغلال التنظيم السرى لقوة الوازع الدينى لدى بعض الشبان ما اعترف به احدهم وهو خريج كلية العلوم، فعندما سئل فى التحقيق كيف تورط فيما تورط فيه كان رده بالذهول أنه لا يعرف كيف تم التأثير عليه إلى هذا الحد، وأضاف قائلا: لكنى شعرت أن التعصب جعلنى فى حالة تنويم مغناطيسى!
وصية طالب جامعى
ومن المآسى التى سببها المضللون فى التنظيم الارهابى للاخوان الانحراف بالشباب المثقف وافساد عقولهم وتجريدهم من أى مقدرة على التفكير السليم، وتوجيه طاقاتهم إلى الارهاب ثم الانتحار بدلا من الانصراف إلى تحصيل العلوم كى يصبحوا مواطنين صالحين يشاركون فى بناء بلدهم. ومما يثير الدهشة والحسرة ما قام به أحد هؤلاء الشبان الذى بلغ به الهوس مبلغه اذ انه عندما قبضت عليه سلطات التحقيق وجدته قد كتب وصيته تحت تأثير نفس حالة التنويم المغناطيسى التى عبر عنها زميله فقد قال فى وصيته ما يلى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له
واشهد ان سيدنا محمدا عبده ورسوله..
أوصى والدتى ووالدى وأخوتى وزوج والدتى ان يعبدوا الله وحده لا شريك له، فاطر السماوات والأرض الذى ليس كمثله شىء.. وان يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويصوموا رمضان، ويحجوا إلى البيت الحرام.. من استطاع اليه سبيلا.. وألا يموتوا الا وهم مسلمون.. وان يطيعوا الله فى كل ما أمرهم.. لا يغيرهم عن الله الزمان.. والناس.. والعرف.. والعادة. وسبيل نجاتهم الكتاب والسنة. وإلى جمال زوج أختى.. عليه بالتوبة والصلاة. وأقول لكم: لا اسلام لمن لا صلاة له.. فسارعوا قبل ان يأتى ملك الموت..
كتبى جميعا اعطوها لاخى صلاح عبدالحق أو مجدى لاعطائها للجماعة تتصرف فيها كيف تشاء.. على أن تعطى بعضها للمساجد.. عدا تفسير محمد فريد وجدى فهو لوالدتي.. واذا لم يعثروا عليهم فتوزع على المساجد.. وملابسى كلها تعطى للفقراء..
ووصيتى هذه للثلث، ثلث ما أملك.. فإذا كانت هذه الاشياء التى ذكرتها ثلث ما أملك فتصرفوا فى الثلث على نحو ما بينت..
اعلموا ان من لقى الله شهيدا فموعده الجنة..
افرحوا من أجلى واستغفروا لي.. وتمنوا أن تكونوا مثلي.. والحمد لله الذى لا تعزب عنه مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض. وآخر دعواى أن الحمد لله رب العالمين..
العبد الذليل: محمود أحمد فخرى
وكاتب هذه الوصية طالب فى كلية التجارة جنده التنظيم للاغتيالات السياسية التى يحتم التنظيم على مرتكبيها أن ينتحروا فورا فى مكان الحادث وقد تم تجهيزه وتدريبه على عمليات الاغتيال بعد أن سيطر عليه التنظيم سيطرة كاملة.
خليها تخرب
وامام سلطات التحقيق أدلى مهندس شاب باعترافات مثيرة عن الطريقة التى انضم بها إلى التنظيم الاخوانى الارهابى وعن خطة ارهابية لاغتيال سيادة الرئيس ونصف عدد من الهيئات والمنشآت..
ذكر المهندس أنه تعرف على صديق له أثناء الدراسة بالجامعة، وربطت بينهما فى أول الامر القراءات الدينية والاشتراك فى جمعية يطلق عليها «جماعة التبليغ» وهى جماعة إسلامية مركزها باكستان.
ولكن المهندس وصديقه لم يقتنعا بفكرة هذه الجماعة.. وفى إحد العطلات الصيفية -وبينما كان الصديقان يمضيانها فى إحدى المعسكرات- تعرفا على عدد من الشبان ألف الصديقان فيهم روح الايمان والهداية، فاعتادوا على اللقاء بصفة منتظمة بعد صلاة العشاء من كل يوم.. وكان هؤلاء الشبان هم الخيوط التى شدت ذلك المهندس وصديقه إلى التنظيم الارهابى فاشتركا فى التدريبات الرياضية والعسكرية التى كان يقوم بها التنظيم. وفجأة وعلى غير ما كانا يتوقعان وجدا نفسيهما يتلقيان التعليمات من التنظيم.. ولم يكن امامهما سوى الاذعان اذ ان التراجع كان يعرضهما لتهديدات الارهابيين ويعرض حياتهما الخطر.. وذات يوم فوجىء المهندس الشاب بصديقه يحضر اليه فى منزله ومعه خمس حقائب مليئة بالسلاح، وأخرج من أحدها مسدسا ومدفعا رشاشا وسلمهما اليه قائلا:
-ياللا بينا!.
وعندما تساءل المهندس عن الأمر أوضح له صديقه ان هناك خطة لاغتيال الرئيس جمال عبدالناصر وانهما سيسافران معا إلى الاسكندرية للقيام بهذه العملية بينما سيمكث البعض الآخر فى القاهرة للاشراف على عمليات التخريب التى سوف يقوم بها الاخوان فور سماعهم بنبأ الاغتيال.
وعندما بدت الدهشة والمفاجأة على وجه المهندس استحثه صديقه بحماس:
-بسرعة.. بسرعة.. ياللا بينا.. خليها تخرب بأه.
وبدأ الارهابيون التحرك، لكنهم قبيل ان ينفذوا أى جزء من مخططهم الارهابى كان الأمر كله قد تكشف لسلطات الأمن، فألقت القبض عليهم جميعا ليلقوا جزاء ما يدبرون.
عناية الله ووعى الشعب
ان عناية الله ورعايته لعباده المخلصين المؤمنين هى التى ردت كيد هؤلاء الضالين المنحرفين المتاجرين بالدين، ووعى شعب الجمهورية العربية المتحدة الذى يبارك الله خطاه فى زحفه المقدس وتطلعه لبناء الحياة الشريفة الفاضلة هو الذى كشف مؤامرة الاخوان وصان مكاسبه من اجرامهم.
ماذا كان يريد الاخوان المسلمون من تنفيذ مؤامرتهم الاجرامية؟ ان من يستعرض تفاصيل مؤامرتهم التى اشترك فى تمويلها كل حاقد على الجمهورية العربية المتحدة لا يملك الا ان تأخذه الرجفة من هول المخطط الارهابى الذى كان من جرائه أن تعود مصر مئات السنين إلى الوراء وان يتحكم فيهاالجهل والتعصب ملتقيا بطريق الاستعمار وعملاء الاستعمار. فمن حلف بغداد المركزي، وبقاياه وفلوله المجرمة، وعملاء الاستعمار واصدقاء اسرائيل، والحاقدين التائهين فى بحور اهوائهم ونفوسهم المريضة، ظهر هذا المخطط الذى كان يريد جر الجمهورية العربية المتحدة إلى الفوضى والرعب والتخلف. والشىء المذهل أن بعض من يدعون الدين راحوا يفلسفون نظريات هدامة ويلبسونها ثوبا زائفا من الشرعية الوهمية، ليجروا وراءهم بعض صغار العقول الذين اندفعوا اندفاعا أعمى وراء مضلين افقدهم الحقد صوابهم وعقولهم. ان المتآمرين يدعون انهم انما يبغون مجتمع الاسلام بالقضاء على الرئيس جمال عبدالناصر ونظام الحكم كما لو كان جمال عبدالناصر الذى أعاد إلى العروبة مجدها وكرامتها، وإلى الاسلام نهضته وازدهاره فدعم الازهر بتطوير جامعته وتدعيمها، وعمل على نشر كتاب الله على أوسع نطاق عن طريق انشاء محطة اذاعة القرآن الكريم، وانشاء مجلس أعلى للشئون الاسلامية، كما لو كان هذا الرجل المؤمن المخلص فى ايمانه يعمل على محاربة العروبة والاسلام فى نظرهم ناسين أو متناسين ان هذا الرجل الذى دبروا قتله اكره الاستعمار على أن يرحل عن أجزاء كثيرة من أرض العروبة والاسلام. لقد استطاع الرجل الذى دبروا اغتياله أن يقود البلاد فى طريق ثورة بناءة فريدة فى تاريخ الثورات وان ينتشل البلاد من هوة سحيقة يخيم عليهم التخلف والفساد، واستطاع ان يعيد للشعب كرامته وارادته المسلوبة وأن يقوده فى طريق ثورة اجتماعية تعمل على اشاعة الرخاء والعدالة لمجموعة الشعب. لقد هال الاستعمار وأعوانه ان تتبوأ مصر بقيادة الرئيس جمال عبدالناصر هذا المركز الممتاز الذى حققته فى الخارج وان تنجز ما أنجزته فى الداخل فى فترة قصيرة، فراح يدبر بجميع الوسائل والحيل المؤامرات للقضاء على الثورة وقادتها، ولما يئس من النيل من الثورة لصلابة القاعدة الشعبية التى تقف عليها راح يبحث عمن يخدمه فى الظلام وللأسف وجد ضالته فى جماعة الاخوان المسلمين التى تدعى انها تهتدى بنور الله وهى تسير فى الظلام.
ليس ما حدث جديدا على الاخوان
لقد حاول الحاقدون والشامتون من اعداء الجمهورية العربية المتحدة مثل اسرائيل وبعض الدوائر الرسمية والرجعية أن يوهموا العالم بأن مؤامرة الاخوان انما هى تعبير عن سخط الشعب، وراحت أجهزة دعاياتهم مثل اذاعة اسرائيل وصحافتها واذاعة الاهواز التى يمولها الحلف المركزى وبعض الاذاعات الرجعية الاخرى تنشر الاكاذيب. وفاتهم ان الذى كشف مؤامرة الاخوان الأخيرة هم أفراد الشعب العاديون الذين ابلغوا السلطات من تلقاء انفسهم بالتحركات المريبة الغامضة التى يقوم بها بعض الاخوان الذين افرجت عنهم الثورة وعفت عن جرائمهم السابقة، وفات هذه الدوائر ان التآمر والارهاب اسلوب يدين به الاخوان قبل الثورة وان لهم سجلا اسود فى هذا الميدان، لم تمح ذكرياته القاتمة بعد من عقول ابناء هذا الجيل.
لإخوان المسلمون أعداء الثورة
قيادة منحرفة:
كى تتجمل الصورة فى ذهن القارئ وتكتمل، نرجع به قليلا الى الوراء فى الصفحات التالية كى نلقى اضواء على اعتناق الاخوان لاسلوب الارهاب والتآمر فى الظلام، ذلك الاسلوب الذي لم يستطعوا التخلص من استغراقهم فيه.
فبعد أن تولى حسن الهضيبى منصب المرشد العام لجماعة الاخوان فى يناير 1950 دعاه الملك السابق فاروق وجلس معه وتحدث إليه وكان ذلك ايذانا بعهد جديد يتعاون فيه القصر مع جماعة الاخوان، وقد قال الهضيبى وقتها قولته المشهورة بأن زيارته كانت «زيارة كريمة لملك كريم».
وبدأ المرشد الجديد يرسم «للدعوة» منهجا جديدا فقرب الاصفياء واتخذ منهم بطانة خاصة وغير من نظم الجماعة بما يخضعها تماما لرأيه، فلا يبرم أمرا ولا يتم عملا دون أن يوافق عليه هو وبطانته، وبذلك صارت له الكلمة العليا فى توجيه الجماعة بما يرضى سياسة القصر.
شهوة الحكم:
بعد أن قامت ثورة الشعب المجيدة فى 23 يوليو 1952 وقف منها الاخوان فى بادئ الامر موقفا سلبيا حتى تأكد لديهم رسوخ اقدامها فما لبثوا أن تحولوا عن هذا الموقف السلبى محاولين فرض وصايتهم على الثورة، فلما وجدوا أن ما أرادوه بعيد المثال سعوا إلى التحرش بها واثارة المتاعب فى طريقها.
اثارة الاضطرابات فى الجامعة:
فكر الاخوان فى طريقة يصطدمون بها بشباب الثورة فاتفقوا على اقامة احتفال بذكرى شهداء معارك القنال عام 1951 فى جامعتى القاهرة والاسكندرية فى يوم واحد.
وقد ذهب افراد جماعة الإخوان صباح يوم 12/1/54 الى الجامعة ولديهم تعليمات بالاستعداد لاظهار قوتهم ومواجهة اية احتمالات حتي لا يكون هناك صوت فوق صوتهم.
الا أن معارك التحرير شارك فيها شباب مصر كلهم والاحتفال بهذه المناسبة ليس احتكارا للاخوان وكان هناك طلبة ينتمون الي منظمات أخرى أرادوا هم ايضا أن يحتفلوا بهذه الذكرى فاصطدم بهم الاخوان وحدثت معارك بين الجانبين اصيب فيها الكثيرون ووقعت اضطرابات دفعت مجلس قيادة الثورة الى اصدار بيان جاء فيه:
إن كانت الثورة قد قامت فى 23 يوليو سنة 1952 فقد ظل تنظيم الضباط الاحرار ينتظر من يتقدم الصفوف مخلصا ليغير المنكر الذي كنا نعيش فيه ويثبت بعمله جدية صدقه واخلاصه لدينه ولوطنه، وكنا على استعداد ان نتبعه فى صف واحد كالبنيان المرصوص حتى نحقق لوطننا العزيز عزة وكرامة وتحررا من الاستعمار والعبودية، ولما طال انتظارنا عقدنا العزم على القيام بالثورة وكنا جادين ولا هدف لنا الا حرية الأمة وكرامتها وان الله تعالى لن يكتفى بإيمان الناس اذا لم يتبعوا هذا الايمان بالعمل وبالعمل الصالح فيقول عز وجل: «إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون».
ومن يوم قيام الثورة ونحن فى معركة لم تنته بعد، معركة ضد الاستعمار لا ضد المواطنين وهذه المعركة لا تحتمل المطامع والاهواء التي طالما نفذ الاستعمار من خلالها ليحطم وحدة الأمة وتماسكها فلا تقوى على تحقيق أهدافها.
وقد بدأت الثورة فعلا بتوحيد الصفوف الى أن حل الاحزاب ولم يحل الاخوان ابقاء عليهم واملا فيهم وانتظارا لجهودهم وجهادهم فى معركة التحرير ولانهم لم يتلوثوا بمطامع الحكم كما تلوثت الاحزاب السياسية الاخرى ولأن لهم رسالة دينية تعين على اصلاح الخلق وتهذيب النفوس، ولكن نفرا من الصفوف الاولى فى هيئة الاخوان أرادوا ان يسخروا هذه الهيئة لمنافع شخصية واطماع ذاتية مستغلين سلطان الدين على النفوس وبراءة وحماسة الشبان المسلمين ولم يكونوا فى هذا مخلصين لوطن أو لدين.
ولقد اثبت تسلسل الحوادث أن هذا النفر من الطامعين استغلوا هيئة الاخوان والنظم التى تقوم عليها هذه الهيئة لاحداث انقلاب فى نظام الحكم القائم تحت ستار الدين وقد سارت الحوادث بين الثورة وهيئة الاخوان بالتسلسل الآتى:
تردد فى تأييد الثورة:
1 فى صباح يوم الثورة استدعى حسن العشماوى لسان حال المرشد العام الى مقر القيادة العامة فى كوبرى القبة وابلغ اليه أن يطلب من المرشد العام اصدار بيان لتأييد الثورة ولكن المرشد بقى فى مصيفه بالاسكندرية لائذا بالصمت فلم يحضر الى القاهرة الا بعد عزل الملك، ثم اصدر بيانا متقتضبا طلب بعده ان يقابل احد رجال الثورة فقابله الرئيس جمال عبدالناصر فى منزل صالح أبورقيق الموظف بالجامعة العربية، وقد بدأ المرشد حديثه مطالبا بتطبيق أحكام القرآن فى الحال فرد عليه الرئيس جمال عبدالناصر أن هذه الثورة قامت حربا على الظلم الاجتماعى والاستبداد السياسى والاستعمار البريطانى وهى بذلك ليست الا تطبيقا لتعاليم القرآن الكريم.
فانتقل المرشد بالحديث الى تحديد الملكية وقال إن رأيه ان يكون الحد الاقصى 500 فدان فرد عليه الرئيس جمال قائلا إن الثورة رأت التحديد بمائتى فدان فقط وهى مصممة على ذلك.
فانتقل المرشد بالحديث قائلا إنه يرى لكى تؤيد هيئة الاخوان الثورة، ان يعرض عليه أى تصرف للثورة قبل اقراره، فرد عليه الرئيس جمال قائلا: ان هذه الثورة قامت دون وصاية احد عليها وهى لن تقبل بحال أن توضع تحت وصاية احد وأن هذا لا يمنع القائمين على الثورة من التشاور فى السياسة العامة مع كل المخلصين من أهل الرأي دون التقيد بهيئة من الهيئات، ولم يلق هذا الحديث قبولا من نفس المرشد.
الثورة تعيد التحقيق ف مقتل حسن البنا:
2 سارعت الثورة بعد نجاحها فى اعادة الحق الى نصابه وكان من أول أعمالها أن اعادت التحقيق فى مقتل حسن البنا فبضت علي المتهمين فى الوقت الذي كان فيه المرشد لايزال فى مصيفه بالاسكندرية.
الثورة تصدر عفوا شاملا عن الاخوان:
3 طالبت الثورة الرئيس السابق علي ماهر بمجرد توليه الوزارة بأن يصدر عفوا شاملا عن المعتقلين والمسجونين السياسيين وفى مقدمتهم الاخوان وقد نفذ هذا فعلا.
اتصالات مريبة بالإنجليز:
4 وفى شهر مايو سنة 1953 ثبت لرجال الثورة ان هناك اتصالا بين بعض الاخوان المحيطين بالمرشد وبين الانجليز عن طريق الدكتور محمد سالم الموظف فى شركة النقل والهندسة وقد عرف الرئيس جمال عبدالناصر من حديثه مع حسن العشماوى فى هذا الخصوص انه حدث اتصال فعلا بين منير الدلة وصالح أبورقيق ممثلين عن الاخوان وبين المستر إيفانز المستشار الشرقي للسفارة البريطانية، وان هذا الحديث سيعرض حينما يتقابل الرئيس جمال عبدالناصر والمرشد، وعندما التقي الرئيس جمال عبدالناصر مع المرشد اظهر له استياءه من اتصال الاخوان بالانجليز والتحدث معهم فى القضية الوطنية الامر الذي يدعو الى التضارب فى القول واظهار البلاد بمظهر الانقسام.
ولما استجوب الدكتور محمد سالم عن موضوع اتصال الانجليز بالمرشد ومن حوله قال: ان القصة تبتدئ وقت ان كان وفد المحادثات المصرى جالسا يتباحث رسميا مع الجانب البريطانى.
فى ابريل سنة 1953 اتصل به القاضى جراهام بالسفارة البريطانية وطلب منه ان يمهد مقابلة بين مستر ايفانز المستشار الشرقي للسفارة البريطانية وبعض قادة الاخوان وانه اى محمد سالم امكنه ترتيب هذه المقابلة فى منزله بالمعادى بين منير الدلة وصالح أبورقيق عن الاخوان ومستر ايفانز عن الجانب البريطانى وتناول الحديث موقف الاخوان من الحكومة وتباحثوا فى تفاصيل القضية المصرية ورأي الاخوان وموقفهم من هذه القضية.
ثم قال الدكتور محمد سالم انه جاء فى رأي قادة الاخوان أن عودة الانجليز الى القاعدة تكون بناء على رأي لجنة مشكلة من المصريين والانجليز وأن الذي يقرر خطر الحرب هي هيئة الأمم المتحدة.
ولعل هذا هو السبب فى تمسك الانجليز بهذا الرأي الذي لم يوافق عليه الجانب المصري للمفاوضات.
ثم قال الدكتور محمد سالم إنه تلا ذلك اجتماع آخر مماثل فى منزله أيضا حيث طلب مستر ايفانز مقابلة المرشد فوعد منير الدلة بترتيب هذا الاجتماع وفعلا تم فى منزل المرشد ودار فى هذا الاجتماع الحديث عن القضية المصرية وموقف الاخوان منها وذكر الدكتور محمد سالم ايضا أن المستر ايفانز دعا منير الدلة وصالح أبورقيق لتناول الشاى فى منزله وقد أجابا دعوته مرتين.
محاولات لبث نشاط داخل الجيش والبوليس:
5- فى أوائل شهر يونيو سنة 1953 ثبت لإدارة المخابرات أن خطة الإخوان قد تحولت لبث نشاطها داخل الجيش والبوليس وكانت خطتهم فى الجيش تنقسم إلى قسمين: القسم الأول ينحصر فى عمل تنظيم سرى تابع للإخوان بين ضباط الجيش ودعوا فيمن دعوا عدداً من الضباط وهم لايعلمون انهم من الضباط الأحرار فسايروهم وساروا معهم فى خططهم وكانوا يجتمعون بهم اجتماعات أسبوعية وكانوا يتحدثون فى هذه الاجتماعات عن الاعداد لحكم الإخوان وكانوا يأخذون عليهم عهدا وقسما أن يطيعوا ما يصدر إليهم من أوامر المرشد.
أما القسم الثانى فكان ينحصر نشاطه فى عمل تشكيلات بين ضباط البوليس وكان الغرض منها هو إخضاع نسبة كبيرة من ضباط البوليس لأوامر المرشد أيضا وكانوا يجتمعون فى اجتماعات دورية اسبوعية وينحصر حديثهم فيها فى بث الحقد والكراهية لرجال الثورة ورجال الجيش وبث الدعوة بين ضباط البوليس بأنهم أحق من رجال الجيش بالحكم نظرًا لاتصالهم بالشعب وكانوا يمنونهم بالترقيات والمناصب بعد أن يتم لهم هدفهم وكان يتزعمهم الصاغ صلاح شادى الذى طالما ردد فى اجتماعاتهم انه وزير الداخلية المقبل.
وقسم ثالث أطلق عليه قسم الوحدات وكان الغرض منه هو جمع أكبر عدد من ضباط الصف فى الجيش تحت أمر المرشد أيضا وكانوا يجتمعون بهم فى اجتماعات سرية أسبوعية وكان الحديث يشتمل على بث الكراهية للضباط فى نفوس ضباط الصف واشعارهم انهم هم القوة الحقيقية فى وحدات الجيش وانهم إذا ما نجح الإخوان فى الوصول إلى الحكم فسيعاملون معاملة كريمة. كما كان هذا القسم يقوم ببث الدعوة لجمع أكبر عدد من صف ضباط وجنود البوليس ليكون تحت امر المرشد العام للإخوان.
ولما تجمعت المعلومات لإدارة المخابرات اتصل الرئيس جمال عبدالناصر بحسن العشماوى باعتباره ممثلاً للمرشد وصارحه بموقف الإخوان العام ثم بموقف الإخوان فى داخل الجيش وما يدبرونه فى الخفاء بين قوات الجيش والبوليس، وقال له: لقد آمنا لكم، ولكن هذه الحوادث تظهر انكم تدبرون أمرًا سيجنى على مصير البلاد، ولن يستفيد منه إلا المستعمر وأننى أنذر أننا لن نقف مكتوفى الأيدى أمام هذه التصرفات التى يجب أن توقف إيقافا كاملاً ويجب أن يعلم الإخوان أن الثورة إنما أبقت عليهم بعد أن حلت جميع الأحزاب لاعتقادها أن فى بقائهم مصلحة وطنية فإذا ما ظهر أن فى بقائهم ما يعرض البلاد للخطر فإننا لن نتردد فى اتخاذ ما تمليه مصلحة البلاد مهما كانت النتائج فوعد أن يتصل بالمرشد فى هذا الأمر وخرج ولم يعد.
وفى اليوم التالى استدعى الرئيس جمال عبدالناصر.. خميس حميدة نائب المرشد وسيد سابق وابلغهما ما قاله لحسن العشماوى فى اليوم السابق فأظهرا الاستياء الشديد، وقالا انهما لا يعلمان شيئا عن هذا وانهما سيبحثان الأمر ويعملان على إيقاف هذا النشاط الضار.
وبرغم هذا التحذير وهذا الإنذار استمر العمل حثيثا بين صفوف الجيش والبوليس وأصبح الكلام فى الاجتماعات الدورية يأخذ طابع الصراحة والحقد فكانوا يقلبون الخطط فى هذه الاجتماعات بحثا عن اسلم الطرق لقلب نظام الحكم، وكان الأحرار المنبثون فى هذه التشكيلات يبلغون اولا بأول عما يدور فى كل اجتماع.
جهاز سرى اخوانى جديد:
6- بعد أن عين الهضيبى مرشدًا عاما للإخوان لم يأمن إلى أفراد الجهاز السرى الذى كان موجودًا فى وقت حسن البنا برئاسة عبدالرحمن السندى فعمل على ابعاده معلنا أنه لا يوافق على التنظيمات السرية لأنه لا سرية فى الدين ولكنه فى نفس الوقت بدأ تكوين تنظيمات سرية جديدة تدين له بالولاء والطاعة بل عمد إلى التفرقة بين أفراد النظام السرى القديم ليأخذ منهم إلى صفه اكبر عدد ليضمهم إلى جهازه السرى الجديد وفى هذه الظروف المريبة قتل المرحوم المهندس السيد فايز عبدالمطلب بواسطة صندوق من الديناميت وصل إلى منزله على أنه هدية من الحلوى لمناسبة المولد النبوى وقد قتل معه بسبب الحادث شقيقه الصغير البالغ من العمر تسع سنوات وطفلة صغيرة كانت تسير تحت الشرفة التى انهارت نتيجة الانفجار.
كانت المعلومات ترد إلى المخابرات أن المقربين من المرشد يسيرون سيرا سريعا فى سبيل تكوين جهاز سرى قوى ويسعون فى نفس الوقت إلى التخلص من المناوئين لهم من أفراد الجهاز السرى القديم.
وكان نتيجة ذلك أن حدث الانقسام الأخير بين الإخوان واحتل فريق منهم دار المركز العام. وقد حضر إلى منزل الرئيس جمال عبدالناصر بعد منتصف ليل ذلك اليوم محمد فرغلى وسعيد رمضان مطالبين بالتدخل ضد الفريق الآخر ومنع نشر الحادث. فقال لهم الرئيس جمال عبدالناصر إنه لن يستطيع منع النشر حتى لا يؤول الحادث تأويلات ضارة بمصلحة البلاد. أما من جهة التدخل فهو لا يستطيع ان يتدخل بالقوة حتى لا تتضاعف النتائج وحتى لا يشعر الإخوان أن الثورة تنصر فريقا على فريق وأنه يرى ان يتصالح الفريقان وأن يعملا على تصفية ما بينهما. فطلب منه فرغلى أن يكون واسطة بين الفريقين وأن يجمعه مع صالح العشماوى فطلب منه الرئيس جمال عبدالناصر أن يعود فى اليوم التالى فى الساعة العاشرة، وأنه سيعمل على أن يكون صالح العشماوى موجودا. وفى الموعد المحدد حضر فرغلى ولم يمكن الاتصال بصالح العشماوى وكان فرغلى متلهفا على وجود العشماوي، ما دعا الرئيس جمال عبدالناصر أن يطلب من البوليس الحربى البحث عن صالح العشماوى واحضاره إلى المنزل، وتمكن البوليس الحربى فى الساعة الثانية عشرة من العثور على صالح العشماوي، فحضر هو وسيد سابق إلى منزل الرئيس جمال عبدالناصر، وبدأ الطرفان يتعاتبان، وأخيرا اتفقا على ان تشكل لجنة يوافق على اعضائها صالح العشماوى للبحث فيما نسب إلى الإخوان الأربعة المفصولين على ألا يعتبروا مفصولين، وإنما يعتبرون تحت التحقيق والعمل على أن يسود السلام المؤتمر الذى كان مزمعا عقده فى دار المركز العام فى عصر ذلك اليوم ولكن لم ينفذ هذا الاتفاق.
اتصال جديد بالإنجليز:
7- فى يوم الأحد 10 يناير 1954 ذهب حسن العشماوى العضو العامل بجماعة الإخوان وأخو حرم منير الدلة إلى منزل المستر كريزويل الوزير المفوض بالسفارة البريطانية الساعة السابعة صباحا، ثم عادا لزيارته ايضا فى نفس اليوم فى مقابلة دامت من الساعة الرابعة بعد الظهر إلى الساعة الحادية عشرة من مساء نفس اليوم، وهذه الحلقة من الاتصالات بالإنجليز تكمل الحلقة الأولى التى روى تفاصيلها الدكتور محمد سالم.
وشهد شاهد من أهلها:
نشرت صحيفة الأهرام فى 28 سبتمبر 1954 مقالا لمحمد البنا الذى كان أحد الإخوان المعدودين الذين تكون منهم أول مكتب للإرشاد بالجماعة فى عام 1930 يستنكر موقف عصابة الإرهاب من الثورة ومن اتفاقية الجلاء جاء فيه:
إن قصة معارضة قيادتكم للثورة بدأت من أول يوم لقيامها ولم تكن قد بدأت بعد اتفاقية الجلاء، ولم تكن قد وضحت سياسة هذه الثورة، ولم يكن الثوار العسكريون تولوا الحكم، وأظن أن السيد الهضيبى لا يستطيع انكار ذلك، وان أنكره فالشهود العدول على ذلك بين ظهرانيكم أحياء يرزقون.
وهل لمعارضته هذه من أول يوم معنى إلا أنه يعارض فى طرد فاروق وزوال عهد الافساد والاقطاع والطغيان.
ولماذا تعارض اتفاقية الجلاء، لماذا تعارض خروج الانجليز من مصر ولحساب من هذا يا أولى الألباب؟
هل قرأتم ما نشرته جريدة حيروت الإسرائيلية لسان حالة المنظمة الإرهابية اليهودية المعروفة باسم (أرجون نسفانى لؤمي) حول الاتفاقية واذاعته وكالات الانباء واشارت إليه الصحف المصرية فى 3 اغسطس الماضى إلى أن هذه الجريدة اليهودية نشرت ما نصه «أن البشرى التى زفت اليها هى أن الإخوان المسلمين والوفد يتحدان ويعملان جبهة واحدة لمحاربة الاتفاقية وقبل أن تنجح الحكومة المصرية فى اجلاء القوات البريطانية عن القناة سيتم جلاؤها عن كرسى الحكم».
هل رأيتم لحساب من نعارض، وهل تقبلون أن تكونوا أنتم الذين تزف بكم البشرى إلى إسرائيل!
نعم لقد قالت الجريدة اليهودية ذلك منذ أكثر من شهر ونصف الشهر وكنت أربأ بالإخوان المسلمين أن يكونوا هم الذين تزف بهم البشرى إلى إسرائيل، ولكن وياللأسف فها هى ذى محطة إسرائيل الآن - وبعد شهر ونصف الشهر مما نشرته الجريدة - تهلل لكم ويا ضيعة الأمل فيكم حين تهلل لكم إسرائيل وحين تنضم إليها فرنسا فى هذا التهليل!!
لقد خرجتم على تعاليم الإسلام حين وقفتم فى واد والبلد كلها فى واد، وحين عارضتم وحدكم خروج الإنجليز من مصر، استغفر الله، فلم تعارضوا ذلك وحدكم بل عارضته معكم إسرائيل.
وخرجتم على تعاليم الإسلام حين وقف مندوبوكم فى بلد شقيق حبيب ينددون بحكومة مصر ويطعنون قضية مصر من الخلف، وأن عبد عبدالحكيم عابدين صهرى وسعيد رمضان صهري، ولكن الحق أقرب إلى منهما والوطن أحب إلى منها.
أيها الإخوان...
اتقوا الله فى أنفسكم واتقوا الله فى دعوتكم واتقوا الله فى وطنكم «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة».
تم نشره بالعدد رقم 623 بتاريخ 19/11/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.