تطابق نهج التربية داخل جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة من بيعة السمع والطاعة الى العمالة والفتنة فى الدين .. السكرى ود. حتحوت وماضى وسلطان ونوح والمليجى الشكل الهرمي المحكم, ذو الأبعاد الغامضة, هو ما يسعي إليه الاتجاهان عند تشكيلهما للتنظيم. فلا يمكن لدي الإخوان, وهم يشيعون أنهم تنظيم علني, أن تعرف عدد العضوية أو أماكن التمركز أو بعض المسئولين الكبار, كمسئول المالية أو التنظيم الخاص وكما تتسم القاعدة بوجود متحدثين إعلاميين, مختبئين بحكم الظروف, فللإخوان ناطقون رسميون, كما لهم أيضا جناحهم السري وهياكلهم التمويلية التي لايعرف عنها أحد شيئا. السمع والطاعة: السمع والطاعة هو المبدأ السائد في كلا التنظيمين إذ لا يمكن, ولا يسمح, بالخروج عن وجهة نظر الأمير أو المرشد أو القائد تحت أي ظرف وبأي شكل من الأشكال, والثمن في كل الأحوال هو الطرد من جنة الجماعة والتشهير بالكادر, بدءا من اتهامه بالعمالة لقوي الأمن, ومرورا بأصغر التهم وهي الفتنة في الدين. وليس ما حدث مع المهندس أبو العلا ماضي, والمحاميين مختار نوح وعصام سلطان والدكتور عبدالستار المليجي وآخرين لا يتسع المجال لذكرهم ببعيد. يقول فتحي يكن مؤسس فرع الإخوان في لبنان, في كتابه التربية الوقائية في الإسلام والذي يعتبر دستور جهاز التربية داخل الجماعة, حول البيعة وحكمها الشرعي, وكذا الطاعة وحكمها الشرعي: البيعة هي العهد علي الطاعة.. كأن المبايع يعاهد أميره علي أن يسلم له النظر في نفسه وأمور المسلمين, لا ينازعه في شيء من ذلك, ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر علي المنشط والمكره( فتحي يكن: التربية الوقائية في الإسلام, ص18). والطاعة هي الامتثال للأمر.. وإذا لم تحصل الطاعة حلت المعصية والفتنة.. والمؤمن قد تخفي عليه مقدمات الفتنة, فلا يحس بها إلا حين تقع فعلا.. ولذلك وجب عليه أن يكون محترسا في جميع أقواله وأفعاله وتصرفاته حتي لا يكون فتنة للذين آمنوا( المرجع السابق: ص20) وهو نفس المنهج الذي يسعي لتأكيده أسامة بن لادن في توجيهاته المنهجية, حيث يقول إن إقامة الدولة الإسلامية ونشر الدين لابد له من ثلاث: 1) جماعة. 2) سمع وطاعة. 3) هجرة وجهاد.( أسامة بن لادن: توجهات منهجية, ج1, ص7) التمايز الوحيد, في الموقف من العنف, بين جماعات الإسلام السياسي وجماعات العنف, يتمثل في التوقيت: أي أن الأمر ينحصر في السؤال.. متي وليس كيف؟! يقول أبو العلا ماضي, في محضر نقاش أجريته معه عقب خروجه من جماعة الإخوان عام1996: إن فكرة العنف المؤجل مازالت مسيطرة علي قطاع كبير داخل الإخوان وبخاصة القيادات المحركة للجماعة: محمود عزت, وخيرت الشاطر, ومحمد عبدالله الخطيب. ويضيف أن معظم المصادر التي تستقي منها القيادة المناهج التي يجري تدريسها داخل أطر الجماعة التنظيمية تحض علي العنف وتنمي الشخصية العسكرية, ويذكر علي سبيل المثال: أ- رسالة التعاليم للإمام حسن البنا: التي أعدت للتدريس داخل النظام الخاص ثم تم تعميمها. ب في ظلال القرآن: لسيد قطب. ج معالم في الطريق: لسيد قطب. د التربية الوقائية: لفتحي يكن. ه جند الله ثقافة وأخلاق: لسعيد حوي(عبد الرحيم علي: الإخوان المسلمون..أزمة تيار التجديد,ص34) ولاتختلف بالطبع تلك المواد مع مايأتي في وثائق وكتب عبد الله عزام وتلاميذه, حول اقتران الجهاد وتطابقه مع مفهوم القتال. إضافة لانبهار معظم قادة القاعدة, وفي مقدمتهم أيمن الظواهري, بسيد قطب, ومن سبقوه كابن تيمية والمودودي. موقف القاعدة عمليا من العنف واضح لمزيد من التفاصيل عن موقع العنف في فكر تنظيم القاعدة راجع: عبد الرحيم علي: تنظيم القاعدة..عشرون عاما والغزو مستمر), بيانه جلي في كل ماتقوم به عناصرها في العالم أجمع, بدءا من نيروبي ودار السلام ومرورا بنيويورك وواشنطن ولكن ماذا عن الإخوان؟ الإخوان واستخدام العنف: من أكثر القضايا والمواقف التي أثارت ومازالت لغطا وتأويلا ومجاهرة وإنكارا بالنسبة لمسيرة الإخوان المسلمين, موقف الإخوان من العنف والإرهاب, ومثلت هذه القضية مرتكزا أساسيا لأغلب المؤرخين والدارسين لتاريخ الجماعة, بل عكست تباينا واضحا في التعامل معها, حتي داخل صفوف الإخوان,بين من ينفي بشدة وحزم أي صلة للجماعة بالإرهاب والعنف, وبين من يبرر له ويصوغه لضرورات تاريخية خاصة عند الحديث عن الجهاز الخاص للإخوان المسلمين. نحن إذن أمام منطقة قد تبدو غائمة وضبابية في تاريخ الإخوان فكريا وحركيا, والغموض يبدأ من البدايات أي حول سؤال: متي بدأ العمل بالنظام الخاص داخل صفوف الجماعة؟! وتوسعت جماعة الإخوان المسلمين إبان حكومة الوفد(1942 1944) بشكل هائل, وتحولت إلي قوة مليونية يخشي بأسها بشكل جدي, وبغية استيعاب التوسع التنظيمي الهائل خلال هذه الفترة فإن الجماعة قامت بإحداث نظام الأسر في هيكلتها التنظيمية, وهو نوع من نظام خلايا لايزيد عدد أعضاء كل منها علي خمسة أعضاء ويبدو أن البنا شكل خلال هذه الفترة النظام الخاض أو ما سيعرف خارج الجماعة ب الجهاز السري وليس هناك تاريخ دقيق لدء تشكيل هذا النظام ويشير البعض إلي أن البنا حدد يومئذ وظائف هذا التشكيل ب شن الحرب علي الاستعمار البريطاني وقتال الذين يخاصمون الجماعة وردعهم وإحياء فريضة الجهاد وهو مايعني فيما يعنيه أن البنا قد فكر لأول مرة بإيجاد تشكيل مؤسساتي يتصدي لمن يخاصم الدعوة ويردعه( د. فيصل دراج, د. جمال بارود: موسوعة الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية ج1, ص78) وقد حدد أعضاء الإخوان أنفسهم تاريخ إنشاء الجهاز الخاص مابين1930 1947, وهو ما يدل علي غموضه وسريته التامة( المرجع السابق: ص124) تألف النظام الخاص من ثلاث شعب أساسية هي: التشكيل المدني وتشكيل الجيش وتشكيل البوليس, وألحقت بالنظام تشكيلات تخصصية مثل جهاز التسليح وجهاز الأخبار وقد عمل الجهاز الأخير كجهاز استخباري للجماعة( د.رفعت السعيد: حسن البنا..متي وكيف ولماذا؟ ص193) ويعتبر الكثير من المؤرخين أن إنشاء النظام الخاص جاء كتطور منطقي وطبيعي لفكر حسن البنا, ففي رسالة المؤتمر الخامس1938 يجيب حسن البنا في وضوح وجلاء عن سؤال هل في عزم الإخوان المسلمين أن يستخدموا القوة في تحقيق أغراضهم والوصول إلي غايتهم؟..فالإخوان المسلمون لابد أن يكونوا أقوياء ولابد أن يعملوا في قوة(السيد يوسف: الإخوان المسلمون..هل هي صحوة إسلامية؟ج3,ص9) والقائد الإخواني الكبير محمود عبد الحليم, حينما يؤرخ لتاريخ الجماعة, لايتردد في الاعتراف ومحاولة التبرير لاستخدام الجماعة للعنف والإهارب في الأحداث المروعة التي شهدتها القاهرة عام1948, فيقول: الحكومة سدت المنافذ أمام الشباب لإنقاذ الوطن فاضطر الشباب إلي المخاطرة باقتحام البيت من منافذ أخري, ويواصل: كانت أعمالا بطولية رائعة قوضت صرح الأمن الذي أقامة حكام مصر للمستعمر ينعم فيه ويستمتع( محمود عبد الحليم: أحداث صنعت التاريخ ج1,ص445) ويكفي أن نسجل أن هذه الأعمال البطولية قد راح ضحيتها الكثيرون من عابري السبيل والبسطاء من عامة الشعب!! الجهاز الخاص والإرهاب: رؤية من الداخل: لا خلاف أن بدايات هذه البذرة الإرهابية كانت في تربة جماعة الإخوان, وحتي هم يقرون بذلك وأحيانا يتباهون به, ويتسابقون في نسبته الي أشخاصهم دون غيرهم من رموز أخري للجماعة ولايحتاج الأمر الي كبير عناء فقط نراجع مجموعة من كتابات الإخوان أنفسهم حول الإرهاب والتنظيم السري, وهي كثيرة ومنها علي سبيل المثال: محمود عبد الحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ: رؤية من الداخل ثلاثة أجزاء. أحمد عادل كمال: النقط فوق الحروف..الإخوان والنظام الخاص. صلاح شادي: حصاد العمر الشهيدان: حسن البنا وسيد قطب. محمود الصباغ: حقيقة النظام الخاص ودوره في دعوة الإخوان المسلمين. يقول محمود الصباغ: الإرهابيون نوعان: إرهابيون لأعداء الله, وهؤلاء هم أرق الناس قلوبا وأرهفهم حسا, وإرهابيون لأحباب الله وهؤلاء هم أغلظ الناس قلوبا وأكثرهم قسوة ووحشية. ومثل هذا التعبير,كان المنطق الذي استندت اليه الجماعة في الدفاع عن إرهابها وعن جهازها الإرهابي يقولون أحيانا إنه أنشئ ضد الانجليز والصهاينة, وفي أحيان أخري يوسعون الدائرة فيقولون انه استهدف أعداء الله, وتبقي المشكلة في تعريف من هم اعداء الله, فالإخوان يقررون ان اعداء الله هم تحديدا اعداء الجماعة, وقد قرر محمود الصباغ ذلك صراحة أكثر من مرة. وحتي عندما قتل اعضاء في الجهاز الإخواني الارهابي القاضي أحمد الخازندار, غضب المرشد العام غضبا شديدا, واستنكر الحادث علنا, لكنه كان في واقع الأمر غضبا لاختراق احتكاره لكل السلطات في الجماعة, ذلك ان رئيس الجهاز السري عبدالرحمن السندي قد قرر الاغتيال ودبره دون إذن من حسن البنا, ولهذا تقرر تقديم السندي لمحاكمة داخلية في إطار الجماعة, وكانت المحاكمة هي المهزلة بعينها لانها بررت القتل وبرأت ساحة مدبرة بحجج مثيرة للسخرية. تشكلت المحكمة الاخوانية من: فضيلة المرشد العام حسن البنا, صالح عشماوي, الشيخ محمد علي, الدكتور خميس حميدة, الدكتور عبدالعزيز كامل, محمود الصباغ, مصطفي مشهور, أحمد زكي حسن, أحمد حسنين, د. محمود عساف, اي أكبر قادة جماعة الإخوان, ومعهم قادة الجهاز الخاص, اما المتهم فهو رقم1 في الجهاز اي مسئولة الأول عبدالرحمن السندي, قال المتهم انه تصور أن عملية القتل سوف ترضي فضيلة المرشد, ولأن المرشد يعلم ان السندي يقول الصدق فقد أجهش بالبكاء ألما لهذا الحادث الأليم. (محمود الصباغ: حقيقة النظام الخاص, ص139) والتركيب التنظيمي للجهاز الارهابي, وفق رواية الصباغ, منفصل تماما عن الجماعة, لكنه متداخل مع قمة قياداتها. فقادة الجهاز من قمم الجماعة: عبدالرحمن السندي, مصطفي مشهور, محمود الصباغ, أحمد زكي حسن, أحمد محمد حسنين ومعهم خمسة من أكبر قادة الجماعة, د. صالح عشماوي د. محمد خميس حميدة, الشيخ محمد فرغلي د. عبدالعزيز كامل, د. محمود عساف. لا مجال إذا للادعاء بان الجهاز كان يعمل منفصلا عن الجماعة, فقادة الجماعة هم جزء اساسي من قيادته, وفوق هؤلاء جميعا المرشد العام حسن البنا, وهم يبرزون الارهاب, حتي الآن لم يزالوا يغفلون ذلك, فالكتاب الذي نعرض له, كتبه محمود الصباغ احد قادتهم الكبار, وقد كتبه عام1989, وكتب مقدمته مادحا في الكاتب وكتابه الاستاذ مصطفي مشهور المرشد العام الراحل الكتاب إذن وثيقة اخوانية فماذا يقول؟ انه يتحدث عن اعضاء جماعته او بالدقة اعضاء جهازها الارهابي( لقد تعلم كل منهم كل ما شرعته عقيدته الاسلامية من قواعد القتال والشهادة, ولا حاجة لأحد منهم لعالم يفتي له هل يعمل او لا يعمل, ولا قائد يقول له هل يتطوع او لا يتطوع وكلهم قارئ لسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم في اباحة اغتيال اعداء الله.( المرجع السابق: ص142). وعن حادثة محاولة نسف محكمة الاستئناف, يقول صلاح شادي: أبلغني الأخ عبدالحليم محمد أحمد انه كان من ضمن الاشخاص المكلفين بعملية نسف محكمة الاستئناف, وان المرحوم سيد فايز هو الذي أمرهم بنفسه بتنفيذها ويمضي صلاح شادي قائلا: ومن جهتي فانني أثق تماما في عمق احترام سيد فايز لأوامر المرشد, كما أثق تماما في صحة أقوال الأخ عبدالحليم محمد أحمد التي اكدها ايضا شفيق انس الذي قام بمحاولة النسف وهذه شهادة مسلمين عدلين. باختصار يحاول صلاح شادي بأسلوب رقيق ان يقول إن قرار نسف محكمة الاستئناف قد تم بناء علي اوامر من المرشد العام الشيخ حسن البنا إلي سيد فايز الذي كان مسئولا عن الجهاز السري بعد القبض علي السندي في قضية السيارة الجيب, ونعرف حجم الخداع عندما نقرأ بيان البنا الذي أدان فيه حادث محكمة الاستئناف, ووصفه لمدبريه بأنهم صغار النفوس وانهم ليسوا اخوانا وليسوا مسلمين,( صلاح شادي: حصاد العمر, ص152) والمثير للدهشة انه وبعد خروج الإنجليز, وبعد قيام حكومة تحارب الصهيونية,1954 كان الجهاز السري يعزز وجوده بل ويلقي بظلاله علي الجماعة كلها, فقد كون المرشد قبيل سفره إلي الأقطار العربية في اوائل يوليو1954 لجنة قيادية مهمتها مواجهة موقف الحكومة من الإخوان بما يلزم مما تهيئة قدراتهم علي ضوء الأحداث, وهذا طبيعي, لكن المثير للدهشة هو تكوين اللجنة, فاللجنة مكونة من يوسف طلعت, قائد الجهاز السري, صلاح شادي, المشرف علي الجهاز السري وقائد قسم الوحدات وهو جهاز سري ايضا, والشيخ فرغلي, صاحب مخزن السلاح الشهيربالإسماعيلية, ومحمود عبده, وكان من المنغمسين في شئون الجهاز السري القديم( المرجع السابق: ص154). ونقرأ في كتاب النقط فوق الحروف كيف كان الإخوان يتدربون علي استخدام السلاح في جبل المقطم, يقول أحمد عادل كمال وكان الترتيب ان يكون هناك بصفة دائمة وفي مكان مرتفع من يرقب المجال بمنظار مكبر, وكانت هناك حفر معدة ليوضع بها كل السلاح والذخيرة ويردم عليها لدي أول اشارة من الأخ الذي يتولي المراقبة, وبهذا تبقي المجموعة في حالة معسكر عادي وليس معها ممنوعات, واستمر ذهاب المجموعات وعودتها بمعدل مرتين كل يوم ولمدة طويلة. ولعلنا نتأمل عبارة استمر ذهاب المجموعات بمعدل مرتين كل يوم لمدة طويلة فهي توضح كيف كان التدريب علي الإرهاب يتم علي نطاق واسع, لكن حدث في19 يناير1948, ان اغفل الأخ المكلف بالمراقبة اداء واجبه ففاجأ البوليس هذه المجموعة بسلاحها وقنابلها, ويحكي أحمد عادل كمال القصة ببساطة مثيرة للجدل: وحتي حالة كهذه كان هناك إعداد لمواجهتها, فقد أجاب اخواننا المقبوض عليهم بأنهم متطوعون لقضية فلسطين, وهي إجابة متفق عليها مسبقا, وفي نفس الوقت كانت هناك استمارات تحرر بأسمائهم في مركز التطوع لقضية فلسطين, كما تم الاتصال سريعا بالحاج محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين ورئيس الهيئة العربية العليا, وشرحنا له الوضع علي حقيقته, وكان متجاوبا تماما معنا, فأقر في التحقيق بأن المفبوض عليهم متطوعون من أجل فلسطين, وان السلاح سلاح الهيئة العربية العليا, وبذلك أفرج عن الإخوان وسلم السلاح إلي الهيئة العربية العليا( أحمد عادل: النقط فوق الحروف, ص159). ونواصل.