ما بين الفشل في القيام بالدور الأساسى من وجودها، والإلقاء بأسباب هذا الفشل على عاتق الدولة، واتهامها بتهميش دورهم في المشاركة في صناعة القرار السياسي، تعيش الأحزاب في مصر حالة من فقدان الاتزان، وغياب الرؤية، غارقة في دوامة تشكيل التحالفات. وبعد فشل كل تحالف جديد -وما أكثرها-، يخرج علينا أصحاب الحناجر السياسية يفندون أسباب الفشل في بعض النقاط، منها غياب الرؤية لدى الأحزاب، وعدم الالتزام بالوثيقة التي يوقع عليها أطراف التحالفات المختلفة، وهكذا أسباب، فيما يرى آخرون أن جميع التحالفات الانتخابية هي إرهاصات وقتية إلى أن تعلن الدولة عن نواياها تجاه العملية الانتخابية. حجة التهميش ويرى توحيد البنهاوي أمين عام الحزب العربي الديمقراطي الناصري، أن جميع التحالفات الانتخابية التي تم تشكيلها في الفترة السابقة فشلت في الوصول إلى تشكيل تحالف انتخابى قوى يقود البرلمان المقبل. ونفى "البنهاوى" أن يكون سبب إفشال التحالفات الانتخابية هو أن هناك تهميشا للأحزاب من قبل الدولة، يعوق قيامها بدورها السياسي. مصالح ضيقة وأوضح القيادى "الناصرى" أن إعلاء المصلحة الحزبية الضيقة، والشخصية لدى بعض الأحزاب الأعضاء في التحالفات المختلفة، هو ما كتب على هذه التحالفات ألا تخرج للنور. وافترض "البنهاوى" بقاء "جبهة الإنقاذ" بعد أن قامت بدور إيجابى قبل ثورة 30 يونيو في الحياة السياسية في مصر، مشيرًا إلى مقترح قدم من سامح عاشور نقيب المحامين بالإبقاء على المكتب السياسي للجبهة مع ضم عدد من النقابات العمالية بعد الثورة، ولكن المقترح تم رفضه من أحزاب الجبهة بسبب البحث عن المصالح الشخصية. عدم جاهزية الأحزاب وحول إلقاء عبء فشل التحالفات الانتخابية على عاتق الدولة، والتحجج ببعض التحفظات على قانون النواب، وتأخر إصدار قانون الدوائر الانتخابية، يقول:" أن وراء هذه الحجج هو عدم جاهزية هذه الأحزاب، والتي من مصلحتها الخاصة تأجيل الانتخابات لحين جاهزيتها". وكشف "البنهاوى" عن استعداد الحزب الناصرى لتشكيل تحالف اشتراكي ناصرى يضم عددا من الأحزاب الاشتراكية والناصرية مع بعض القيادات العمالية، وأنه يتم التفاوض الآن مع الحزب الاشتراكي المصرى، وحزب الكرامة، وحزب التيار الشعبى، والنقابات العمالية، وأنه سوف يتم الإعلان عن تدشين التحالف في مطلع الأسبوع المقبل. نائب الخدمات وفى ذات السياق يفند الخبير السياسي حسين عبدالرازق، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع، أسباب فشل التحالفات الانتخابية واتهامها للدولة بالتهميش في عدة نقاط يقول:" أن التشتت الحاصل في الوقت الحاضر له مجموعة من الأسباب، منها نظام الانتخابات التي أصرت السلطة الحاكمة على وضعه دون أن تأخذ في الاعتبار دور الأحزاب". وأضاف أن هذا النظام الانتخابى يحدد 80% من مقاعد البرلمان يتم شغلها بالنظام الفردى، وهو بدوره ما أخرج الأحزاب من المشهد السياسي والحياة السياسية. وأوضح "عبد الرزاق" أن النظام الفردى يتم تطبيقه في جميع دول العالم، وهو أول نظام انتخابى عرفه العالم، ويحقق نجاحات كبيرة، ولكنه في مصر يجعل انتخاب المرشح بعيدا عن معايير انتمائه أو مرجعيته أو برنامجه الانتخابى، إنما على أساس عائلته أو عشيرته، أو حسب قدرته على الدعاية المالية وتقديم خدمات شخصية للناخبين، أو لقرية أو مجموعة من المواطنين، ما يجعلنا نعانى وسوف نعانى من "نائب الخدمات". وأكد الخبير السياسي أن الانتخابات البرلمانية المقبلة حال الإعلان عنها سوف يتغلب عليها أصحاب الملايين، وهو السبب الرئيسى وراء ظهور التحالفات الانتخابية. وأشار "عبدالرازق" إلى أن من يقوم بالدور الرئيسى في الدعوة للتحالفات الانتخابية شخصيات غير منتمية للأحزاب، في الوقت الذي يجب أن تدعو الأحزاب بعضها ممن بينهم إيديولوجية مشتركة. وتساءل: هناك عدد من قيادات الأحزاب الجديدة ليس لهم أى خبرة في العمل السياسي، إلا بعد ثورة 25 يناير، ويحسب لهم هذا العمل، ولكن أن يكونوا رؤساء للأحزاب هو ما يحتاج إلى التساؤل.