المتهم عاكس شقيقة المجني عليه ورفض معاتبته هو وشقيقه، واعتدى عليه بسكين مسددا إليه عدة طعنات توفي على أثرها قبل وصوله للمستشفى، وتحفظ الأهالي على المتهمين حتى وصول الشرطة حوارٍ ضيقة، محال ارتصت على جانبي الطريق، ضجيج صبية يلعبون في الشارع، صوت آتٍ من راديو مقهى قديم، كلاكسات «توك توك» تدوي في المكان، شجيرات عالية صدعت جذورها الرصيف، تسمع ضجيجا خافتا من خلف النوافذ لقاطني الشارع، السماء ملبدة بالغيوم حيث توارت خيوط الشمس، وبحلول الظلام تبدلت الأجواء، لحظات سكون قطعت ضجيج الصبية وصخب المارة، لتعلن عن سقوط شاب قتيلا في الشارع الذي ارتوى بالدم على يد ذوى قلوب لا تعرف الرحمة، وأناس ساروا خلف خطوات الشيطان، وتصدر الغل المشهد، مشاعر خوف وفزع ارتسمت على الوجوه، ليحكم الحزن قبضته على الحارة الضيقة. الأجواء تبدو عادية في شارع سلامة عفيفي بمنطقة الزاوية الحمراء بالقاهرة، الأحد الماضي، فتح أصحاب المحال أبوابها في الصباح في انتظار "زبون"، اكتظ الشارع بطلبة المدارس يحاولون اللحاق بمدارسهم وسط زحمة سائقي "التوك توك"، طالبة بالصف الأول الثانوي تسير في طريقها لإحضار "الإفطار" فوجئت بشاب يخرج يده من "توك الأجواء تبدو عادية في شارع سلامة عفيفي بمنطقة الزاوية الحمراء بالقاهرة، الأحد الماضي، فتح أصحاب المحال أبوابها في الصباح في انتظار "زبون"، اكتظ الشارع بطلبة المدارس يحاولون اللحاق بمدارسهم وسط زحمة سائقي "التوك توك"، طالبة بالصف الأول الثانوي تسير في طريقها لإحضار "الإفطار" فوجئت بشاب يخرج يده من "توك توك" ويجذبها من "الطرحة" التي ترتديها حتى كادت تسقط تحت عجلاته، تعرفت عليه وذهبت تشكو جارها "يوسف" لشقيقها الأكبر "عبد الرحمن" صاحب ال22 عاما، شاب يجلس داخل محل صغير لصيانة الأجهزة الكهربائية ملك والده، معروف في منطقته بالسمعة الطيبة ورزقه الله حب كل من يقابله. في الجهة المقابلة من منزل "عبد الرحمن خالد" تقطن عائلة الشاب "يوسف أسامة" المعروف بتحرشه بالفتيات، وفي المقابل روت الفتاة على أسرتها تفاصيل مضايقتها من جارهم "يوسف"، فقرر شقيقها معاتبة والد يوسف، إلا أنه وجد منه ردا غريبا منكرا الواقعة. ظهر يوم الإثنين، دارت بين والد "المتحرش" ووالد "عبد الرحمن" مشادة كلامية انتهت بتهديد الأول للثاني بقتل أولاده، وحال تدخل عقلاء المنطقة لمنع تفاقم الأمور، انصرف والد الفتاة إلى مكان عمله، والباقون إلى منازلهم، لكن تجدد الشجار في المساء، وانتهى بسقوط "عبد الرحمن" قتيلا، إذ انهال عليه "يوسف" بسكين مسددا إليه طعنات عدة وسط ذهول الجيران. الحزن يخيم على وجوه أهالي شارع سلامة عفيفي، لافتة كبيرة علقها أصدقاء المجني عليه في الشارع أمام منزله وكتبوا عليها "شهيد الرجولة"، وسرادق عزاء كبير جلس فيه "خالد عبد البر" يستقبل المعزين، وبينما الحزن بدا جليا على وجه الرجل الستيني، جلستُ بجواره بعد تقديم واجب العزاء، وراح الرجل يسرد تفاصيل الواقعة. "بنتي خرجت تجيب إفطار يوم الأحد، تفاجأت بالمتهم يوسف يشدها من الطرحة وكان هيوقعها تحت التوك توك، جات زعلانة وقالت لأخوها الكبير عبد الرحمن، ولما اتصل يعاتب والد المتهم بيقوله يرضيك اللي ابنك عمله، قال له إنتم بتتبلوا عليه وشتمه في التليفون"، بهذه الكلمات بدأ "خالد عبد البر" والد المجني عليه حديثه ل"التحرير" مشيرا إلى أن والد المتهم لم يكتفِ بالسباب الذي وجهه لنجله، بل توجه له في محل عمله قائلا: "هخلي عيالي يقتلوا عيالك"، جملة تهديد أطلقها والد المتهم لوالد المجني عليه في الشارع أمام بعض الأهالي بعد مشادة كلامية انتهت ظهر الإثنين الماضي قبل أن يتدخل الجيران وينصرف كلا الطرفين. "كنت فاكر إن الموضوع خلص، وحوالي الساعة 6 بالليل يوسف شتم ابني عبد الرحمن هو وناس تانية معاه وابني ضربهم، فجأة لقيت والد المتهم وعمه وأخوه ماسكين محمد ابني وعايزين يضربوه ووالد المتهم مسك فيَّ وفجأة يوسف خرج من البيت ومعاه سكين وضرب عبد الرحمن ابني في الرقبة والرأس وكان غرقان في دمه". محمد خالد، شقيق المجني عليه، التقط طرف الحديث قائلا: "خدت أخويا في التوك توك لمستشفى اليوم الواحد بس توفى لأنه نزف دم كتير والأهالي مسكوا المتهم ووالده وأخوه وسلموهم للشرطة وعم المتهم هرب وتاني يوم المباحث قبضت عليه ودي مش أول مرة يتعرض لأختي في الشارع". شقيق المجني عليه قال، إن شقيقه كان يتمتع بحب الجميع من الأهالي لدرجة أنهم أعدوا "فراشة العزاء" له بعد عودتهم من المقابر، وعلق أصدقاؤه لافتة تحمل صورته ولقبوه ب"شهيد الرجولة" كونه مات مدافعا عن شقيقته التي تعرضت للمعاكسة من القاتل، مؤكدا أن شقيقه كان فني كهرباء، ويدرس في الثانوية الصناعية، ويمارس الرياضة، ولا يفتعل مشكلات مع أحد، مُدللا على ذلك: "كان بيعمل شغل كتير للناس من غير فلوس وكان بيقول أجري عند الله وإحنا ناس في حالنا مش بتوع مشاكل". وأعرب ابن عم المجني عليه عن حزنه بسبب أن الجاني لن يطبق عليه حكم الإعدام أو السجن المؤبد حسب المادة 111 من قانون الطفل، إذ إنه لم يتجاوز ال18 عاما. والد المجني عليه التقط أنفاسه وعاود الحديث بنبرة حزينة: "أنا ساكن هنا من نصف قرن وأهل المتهم ساكنين قدامنا على طول، وعمرنا ما اختلطنا بيهم كنا طول الوقت في حالنا، عبد الرحمن كان بيشتغل معايا في المحل وبيساعدني في مصاريف إخواته التلاتة، ووالدته مش مستوعبة إنه مات ومش هتشوفه تاني، أنا عايز حق ابني اللي اتقتل غدر". تفاصيل اليوم المشؤوم لا تزال عالقة في ذهن عبد السلام حسن، صديق المجني عليه وشاهد عيان على الواقعة، قائلا: "يوم الواقعة محمد أخو عبد الرحمن كان بيعاتب المتهم يوسف وماكنش رايح يتخانق معاه، قال له إنت ليه عملت كده مينفعش تعاكس أختي واعتبرها أختك"، مضيفا: "يوسف قال له هو كده. وفجأة لقينا والد يوسف وأخوه وعمه بيتخانقوا مع عم خالد والد عبد الرحمن. يوسف دخل البيت جاب سكينة وقتل عبد الرحمن في الشارع في 5 دقائق". وأوضح: "قبل الواقعة عبد الرحمن كان بيقولي نفسي أخلي بالي من أبويا وأهلي الناس كلها بتحبه وبيدخل كل بيت في الشارع وكان مؤدب والناس كلها حزينة عليه، هو مات غدر وكان بيدافع عن حق أخته". بداية الواقعة كانت بتلقي قسم الزاوية الحمراء إخطارا من المستشفى بوصول طالب، 21 سنة، جثة هامدة مصابا بجروح طعنية بالجسد. وانتقل رجال المباحث للمستشفى، وبسؤال والد المجنى عليه اتهم جاره بالتعدي على نجله بالضرب وإحداث إصابته التى أودت بحياته بتحريض من والده وشقيقه لقيام المتهم بمعاكسة شقيقته. وتمكن ضباط الإدارة العامة لمباحث القاهرة من ضبط المتهم، واعترف بارتكاب الواقعة، وتحرر المحضر اللازم.