د. مجدي العفيفي أما قبل: فما إن يطل علينا نور هذا الحدث الثوري العظيم المضفر بالنور المحمدي، المتجدد باليقين غير المراوغ.. ما إن يشرق في الكون ضياؤه وتنساب الروح في موجات الذكرى والتذكر والتذكير بالهجرة النبوية الشريفة والشفيفة والعفيفة.. فإذا القلب تتغشاه في نداءاته الكونية مفردات لغة الأعماق البعيدة بمناجاته الروحية تهتف مجددا ودائما وأبدا.. أما قبل: فما إن يطل علينا نور هذا الحدث الثوري العظيم المضفر بالنور المحمدي، المتجدد باليقين غير المراوغ.. ما إن يشرق في الكون ضياؤه وتنساب الروح في موجات الذكرى والتذكر والتذكير بالهجرة النبوية الشريفة والشفيفة والعفيفة.. فإذا القلب تتغشاه في نداءاته الكونية مفردات لغة الأعماق البعيدة بمناجاته الروحية تهتف مجددا ودائما وأبدا.. عام هجري جديد.. معطر بالسلام عليك يا أيها النبي ورحمة الله وبركاته وتحياته وتجلياته.. السلام عليك يا من ناداك ربك.. واصطفاك.. وناجاك.. وأدناك فكنت قاب قوسين أو أدنى.. السلام عليك يا من خاطبك ربك وحدك بصيغة (يا أيها النبي) فكل من دونك محب وأنت حبيب الله.. أصلي عليك وأصلك في كل طرفة عين، وفي كل رعشة طرف، عام هجري جديد.. معطر بالسلام عليك يا أيها النبي ورحمة الله وبركاته وتحياته وتجلياته.. السلام عليك يا من ناداك ربك.. واصطفاك.. وناجاك.. وأدناك فكنت قاب قوسين أو أدنى.. السلام عليك يا من خاطبك ربك وحدك بصيغة (يا أيها النبي) فكل من دونك محب وأنت حبيب الله.. أصلي عليك وأصلك في كل طرفة عين، وفي كل رعشة طرف، وفي كل ذبذبة نفس، وقد علمتنا كيف (نهجر) ل(نهاجر) وكيف نفكر ونمنهج حركة حياتنا فلا خوف علينا ولا نحن نحزن، أو يفترض ذلك، إذا أقمنا المنهج وتوسمنا المنهاج. عام هجري جديد.. أصلي فيه عليك يا سيدي صلاة محب، بالفؤاد والقلب والعقل والروح والنفس المطمئنة والراضية والمرضية والأمارة بالخير واللوامة والزكية وما دون ذلك، صلاة ينفطر لها التكوين القابض على جمر دينه مستمسكا ومتشبثا بعروة أهداب حروف اسمك ورسمك وسمتك وصوتك وصمتك وكلك.. وأسلم لك تسليم إدراك طاعة متصلة، وطاعة منفصلة، وأنت الذي حولت المطلق إلى نسبي ضمن حدود الله، وهذه هي جوهر سنتك في الزمان والمكان والإنسان يا من أعدت انسجام الإنسان مع الوجود كله، بمن فيه وما فيه! عام هجري جديد.. أسلم فيه مجددا لك وعليك يا سيدي بكل جوارحي وملامحي، وشواهدي ومشاهدي، ومعالمي وملامحي، وقواعدي وقوائمي، وظواهري وبواطني، تسليم إنسان ليس فقط مجرد كائن مسلم مؤمن، بل إنسان عالمي ومواطن عالمي، يعيش في قلب القرن الخامس عشر الهجري، ويقف على مشارف العقد الثالث للقرن الحادي والعشرين الميلادي.. يحدق ويحلق، وينظر ويناظر، بمعطيات عصره، وعطاءات أصله، فيشهد هاتفا بعمق وحق: أنك أنت فينا يا رسول الله يا من أعدت ولا تزال تعيد انسجام الإنسان مع الوجود كله. عام هجري جديد.. والسلام لك وعليك يا سيدي يا من جئتنا من أنفسنا، عزيز عليك ما عنتنا، حريص علينا، وبنا رؤوف رحيم، وللعالمين أجمعين رحمة، ألست أنت رحمة رب العالمين للعالمين، ورسالتك هي العالمية (برؤيتها الإنسانية) والعولمة (بمفهومها الكوني البريء) والعلمانية (بشرطية العلم والدين معا) والحداثة والمعاصرة (كرموز للتحولات الجوهرية في تاريخ البشرية) وهل يعقل آيات الله إلا العالمون؟! @ ثنيات الوداع... في هذه الومضة المهادية والتمهيدية يحسن بنا أن نتوقف إزاء تعبير هو في الذاكرة الإسلامية الجمعية مستقر، وفي الوجدان له وقع جميل وفي التكوين له شذى عبير محمدي عظيم، ذلكم التعبير المكاني هو (ثنيات الوداع).. الذي نتغنى به منذ الإشراقة المحمدية التي غيرت مجرى التاريخ الإسلامي، نغرد به وفيه بكل محبة وتردده نفوسنا في كل المراحل العمرية، وستظل: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع جئت شرفت المدينة مرحبا يا خير داع فما هي (ثنيات الوداع) التي ضمها حفل استقبال سيدنا محمد صلى الله عليه وملائكته في أول زيارة للمدينة التي صارت منورة بعد أن وطأها نوره.. ولماذا سميت ثنيات الوداع؟ طبقا للأدبيات والشواهد التاريخية والمشاهد الجغرافية فقد جاء في الأثر أن الثنية هي طريق ضيق بين (جبل سلع واللابة الغربية) وهو (جبل فى المدينة) وتعتبر ثنية الوداع من المواقع التاريخية المهمة في التاريخ الإسلامي، وهي تقع على مدخل المدينةالمنورة (يثرب قبل الرسالة المحمدية) والتي عندها تبدأ اللحظة التاريخية لهجرة النبي منذ 1440 عاما. وتشير المراجع إلى أن ثنية الوداع كمكان كان وكرا للفساد والمنكرات، وتدبير المؤامرات من قبل اليهود، وكان مكانا لقطاع الطرق واللصوص، وكان الذى يمر منه يودع الحياة، وكان الأوس والخزرج يخافون الاقتراب من ثنية الوداع حيث أشاع اليهود أنه من يقترب من هذا الطريق يرجع.. (كعادتهم البغيضة الحاقدة في كل زمان ومكان). وهناك -والعهدة على المصادر والمراجع التاريخية- ثنيتان، الثنية الشمالية وتقع قرب رابية محدودة الحجم، حيث أقيم مسجد صغير بالقرب منها، ثم أزيل المسجد لاحقا، وأزيلت الرابية أيضا بعد تنفيذ مشروع جديد للطرقات في المنطقة، أما الثنية الجنوبية التي شاع عنها الكثير من الأساطير عند العرب في العصر الجاهلي قبل الإسلام، فقد انتشرت أسطورة على لسان عبّاد الأوثان واليهود تقول -بحقدها اليهودي- إن كل من يدخل يثرب (المدينةالمنورة) من هذه الثنية عليه أن يتوقف عندها ثم ينهق كالحمار، وإن لم يفعل أصابته الحمى، وربّما أودت بحياته! وعلى الرغم من إبطال هذه الأسطورة من قبل الشاعر العربي الجاهلي المعروف (عروة بن الورد) الذي دخل المدينة دون أن ينهق فلم يحدث له شيء، فانتهت بهذه الحادثة الأسطورة الكبيرة، مثلما تلاشت أساطير بدائية وانتهت خرافات كثيرة. وكان الصحابة ينتظرون الرسول الكريم فى الطرق الرئيسية، ولم يخطر ببالهم أنه يسلك طريق ثنية الوداع، ولكن الله أمر الناقة القصواء بسلوك طريق ثنية الوداع، حيث قال الرسول الكريم لكل من يقترب من الناقة (دعوها فإنها مأمورة) ليثبت كذب اليهود وافتراءات المشركين ويبدد خوف الأوس والخزرج، وأنه جاء بالدين الحق الذى يقضى على الأوهام والخرافات ويؤمِِّن الناس وطرقاتهم ولذلك فوجئ أهل المدينةالمنورة بخروجه -صلى الله عليه وملائكته- من ثنية الوداع فاستقبلوه بالنشيد الشهير الذي يردده المسلمون عبر التاريخ في كل احتفال بالهجرة النبوية الشريفة. (ملحوظة: ثمة مجموعة من المرجعيات التاريخية والأثرية يمكن الرجوع إليها لمن يريد الاستزادة، منها: عبد القدوس الأنصاري، آثار المدينةالمنورة، الطبعة الثالثة، 1393 ه – 1973 م - معجم معالم الحجاز 2/93 أحمد ياسين الخياري- تاريخ معالم المدينةالمنورة قديما وحديثا ص 217 تعليق عبيد الله أمين كردي -مطابع دار العلم / ط1 - 1410ه - 1990م - مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي-المغانم المطابة في معالم طابة- ج 2 ص 707 - ط1/1423ه - عمدة الأخبار ص 283 - الشيخ عبد الجليل أفندي برادة ياقوت: (ثنية الوداع) ومعجم ما استعجم 4: 1372 - الروض المعطار في خبر الأقطار ص 151 عاتق البلادي - معجم معالم الحجاز ج 2 ص 93 - معجم معالم الحجاز ج 1 ص 95). ونتواصل في اللقاء القادم مع نور البدر الذي لا يزال يطلق ويشرق وينير ويضيء ويسطع رغم أنف الذين يصطنعون الحواجز والأشواك والحجب والأحجار!