اليوم يجتمع البرلمان الجزائري لاختيار رئيس مؤقت للبلاد، بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الشهر الجاري، وسط اعتراضات على المرشحين على تولي إدارة المرحلة الانتقالية تتجه الأنظار اليوم الثلاثاء، إلى قصر الأمم بنادي الصنوبر في الجزائر العاصمة، حيث سيجتمع البرلمان الجزائري بغرفتيه، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، لإقرار شغور منصب الرئيس، بعد استقالة رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل الجاري عقب مظاهرات شعبية استمرت لستة أسابيع اعتراضا على ترشحه لعهدة رئاسية خامسة، ومن المقرر أن يتولى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، منصب الرئيس لمدة 90 يوما لحين عقد انتخابات رئاسية، وفقا لدستور البلاد، إلا أن اختياره يواجه اعتراضات شعبية فماذا سيحدث اليوم؟ وفقا للمادة 102 من الدستور الجزائري، فإنه "في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا ويثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية، وتبلغ فورا شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان، الذي يجتمع وجوبا"، وهو ما سيحدث اليوم. وتضيف المادة "يتولى رئيس مجلس الأمة، مهام رئيس الدولة، وفقا للمادة 102 من الدستور الجزائري، فإنه "في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا ويثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية، وتبلغ فورا شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان، الذي يجتمع وجوبا"، وهو ما سيحدث اليوم. وتضيف المادة "يتولى رئيس مجلس الأمة، مهام رئيس الدولة، لمدة أقصاها 90 يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية، ولا يحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة أن يترشح لرئاسة الجمهورية"، وهو في هذه الحالة بن صالح الذي يرفض الشارع الجزائري مشاركته في الفترة الانتقالية. وكانت شوارع البلاد، قد شهدت الجمعة الماضية، تظاهرات للجمعة السابعة على التوالي والأولى بعد استقالة بوتفليقة، ورفعت شعار رفض "الباءات الثلاث"، في إشارة إلى عبد القادر بن صالح والطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري، ونور الدين بدوي رئيس مجلس الوزراء. الرفض لم يكن شعبيا فقط، حيث أعلنت أربعة أحزاب وحركات وكتل سياسية معارضة في الجزائر مقاطعة جلسة البرلمان وفقا لما ذكرته وكالة "سبوتنيك" الروسية. وأكد بيان صادر عن حركة مجتمع السلم أن "حضور الجلسة هو تثبيت تلقائي لعبد القادر بن صالح كرئيس للدولة وهو موقف مخالف لمطالب الشعب المعبر عنه بوضوح في الحراك الشعبي". واعتبرت الحركة أن "استقالة بوتفليقة نهائية بأحكام الدستور، وأن جلسة البرلمان شكلية وفق منطوق المادة 102 ذاتها من الدستور في حالة الاستقالة". وفي السياق ذاته أعلنت كتلة "الاتحاد من أجل النهضة والبناء والتنمية" التي تضم نواب ثلاثة أحزاب هي حركة البناء الوطني وحركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية، في بيان مشترك، عدم المشاركة في جلسة البرلمان، واعتبرت أنه "من غير المعقول المشاركة في جلسة يرأسها رئيس مجلس الأمة بن صالح الذي هو مرفوض شعبيا"، وفقا ل"سبوتنيك". وفي إشارة إلى أن إبعاد بن صالح أصبح قريبا، قالت شبكة "فرانس 24" الفرنسية، إن صحيفة "المجاهد" الحكومية التي تنقل رسائل السلطة في الجزائر، طرحت الأحد الماضي، احتمال استبعاد بن صالح من رئاسة البلاد في المرحلة الانتقالية عبر اختيار رئيس جديد للمجلس. خبراء: الوقت ما زال مبكرا للحكم على مصير الجزائر وكتبت صحيفة "المجاهد": "يجب العثور في أسرع وقت ممكن على حل لمسألة رئاسة مجلس الأمة، إذ إن الشخصية الحالية غير مقبولة من المواطنين". وأضافت أن "الأمر ليس مستحيلا، فيمكن إيجاد شخصية توافقية لها مواصفات رجل دولة لقيادة مرحلة انتقالية قصيرة لأن المهم هو تجاوز الخلافات". وأشارت الشبكة الفرنسية إلى أن صحيفة "المجاهد" كانت قد دعمت أولا ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، مما فجر موجة الاحتجاجات، لكنها وقفت بعد ذلك مع الجيش في تحديه لسلطة رئيس الدولة ودفعه إلى الاستقالة. ودعت صحيفة "المجاهد" إلى تنظيم انتخابات رئاسية بالمؤسسات الموجودة في أقرب وقت، بينما يطالب الشارع بوضع مؤسسات انتقالية تضمن حرية الانتخابات قبل كل شيء. وبحسب الصحيفة فإن "أي مرحلة انتقالية طويلة وغامضة يمكن أن تقفز على تطلعات المواطنين"، واعتبرت أنه "لا بد من العودة إلى صناديق الاقتراع لأنها الوحيدة التي يمكنها أن تقرر من يحكم الدولة". وفي هذا الصدد، قال عبد الوهاب بن زعيم النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني، لشبكة "سكاي نيوز عربية" إنه "لا بد من الالتزام بالحل الدستوري"، المتمثل في تنصيب بن صالح رئيسا مؤقتا. وأضاف أنه "بالنسبة لمواد الدستور، فإن المادة 102 تؤكد بوضوح أن رئيس مجلس الأمة هو الذي ينصب رئيسا للدولة لمدة أقصاها 90 يوما"، لافتا إلى أنه في ظل الحراك الشعبي الذي تشهده البلاد، فإن هناك "مهمتين أساسيتين" تنتظران بن صالح. وأكمل أن "المهمة الأولى تتمثل في استدعائه الهيئة النافذة لانتخاب رئيس جديد، وهذا الدور الذي يُنتظر منه في لحظة جلوسه على كرسي الرئاسة"، وتابع "أما الدور الثاني فهو إصدار مراسيم تنفيذية من أجل إنشاء هيئة مستقلة لتسيير ومراقبة وإعلان نتائج الانتخابات، وبهذا نكون قد احترمنا الدستور". «طرد الباءات الثلاثة».. الجزائر تنتفض ضد فلول النظام وأشارت شبكة "سكاي نيوز عربية" إلى أنه في حال استجاب بن صالح للمطالب الشعبية الرافضة لتسلمه رئاسة المرحلة الانتقالية، وأعلن استقالته، فإن الأمور قد تسير بطريقتين: الأولى، تكمن في استقالة بن صالح قبل اجتماع البرلمان لإعلان الشغور الرئاسي، وفي هذه الحالة، يجري مجلس الأمة اجتماعا طارئا، لاختيار رئيس جديد له من أعضائه الحاليين، ثم يتم إبلاغ المجلس الدستوري بالعملية. أما الثانية، فهي أن يعلن بن صالح استقالته بعد اجتماع البرلمان لإعلان الشغور الرئاسي، وفي هذه الحالة، تذهب الرئاسة المؤقتة للبلاد بصورة تلقائية إلى رئيس المجلس الدستوري، بلعيز، الذي يرفضه الشارع الجزائري أيضا. وتعليقا على الاحتمالين، قال بن زعيم ل"سكاي نيوز عربية": "تتطلب الحالة الأولى المزيد من الوقت لإتمام جميع هذه الإجراءات، بالإضافة إلى أن المجلس الدستوري يجب أن يصادق على قرار مجلس الأمة باختيار رئيس جديد، مما يعني أنها قد تستغرق 10 أيام أخرى، وهو الأمر الذي يتنافى مع الدستور الجزائري". حيث ينص الدستور الجزائري على أنه "أمام البرلمان 10 أيام لإثبات ثبوت حالة الشغور الرئاسي، منذ إبلاغه باستقالة رئيس البلاد". وفيما يتعلق بسيناريو الاستقالة الثاني، أشار البرلماني الجزائري إلى أنه "لن تكون له جدوى"، نظرا لأن الرئاسة المؤقتة تذهب في هذه الحالة تلقائيا إلى بلعيز، المرفوض شعبيا، وأضاف: "إذا استقال وقتها بلعيز أيضا فسندخل في فراغ كبير وستتعقد المسألة أكثر". وأشارت الشبكة إلى أن بن زعيم رفض الحل الذي اقترحه مصطفى بوشاشي المعارض الجزائري، بشأن تشكيل "إدارة جماعية" للمرحلة الانتقالية، قائلا: "بيان الجيش كان واضحا، كل الحلول التي تأتي من خارج الدستور مرفوضة تماما". وتساءل النائب الجزائري "مَن مِن حقه أن يختار أو يعين أعضاء هذه الإدارة؟" مشيرا إلى أنه "ليست هناك أي شخصيات توافقية، لذا ندعو لانتخابات نزيهة، يقرر الشعب فيها من يريد". الاقتصاد والإرهاب.. أزمات تواجه الجزائر بعد بوتفليقة وأشارت "سكاي نيوز عربية" إلى أن بوشاشي كان قد اقترح تنصيب رئاسة دولة فردية أو جماعية، مفضلا أن تكون جماعية مكونة من 4 إلى 5 أشخاص "من غير المتورطين في الفساد وسوء الإدارة، خلال السنوات العشرين الماضية"، على أن يتم اختيار هؤلاء من المجتمع المدني. بوشاشي لم يكن الوحيد الذي اقترح تنصيب رئاسة جماعية، حيث نقلت قناة "العربية" عن المحامي مقران آيت العربي اقتراحه خطة تتكون من خمس نقاط للخروج من الأزمة، منها خلق هيئة رئاسية من طرف الحراك الشعبي، شرط أن تكون من خارج النظام. بالإضافة لذلك، تشكيل حكومة كفاءات مقبولة من طرف الشعب، تتمتع بصلاحيات واضحة، إلى جانب إنشاء لجنة مكونة من شخصيات مستقلة لغرض تنظيم انتخابات رئاسية في موعد أقصاه عام. إلا أن "العربية" أكدت أنه حتى الآن، لم تظهر أي مؤشرات تدل على أن المحيطين ببوتفليقة ينوون التخلي عن مناصبهم، والسماح ببدء مرحلة انتقالية هادئة، ليبقى الغموض مكتنفا تفاصيل مرحلة ما بعد بوتفليقة، في ظل الجدل الدائر حول الأولوية بين الشرعية الشعبية والشرعية الدستورية.