مقابر كوم الشقافة التي تسبب «حمار» في اكتشافها أغرقتها المياه الجوفية وأحاطت بها الثعابين قبل أن تنقذها منحة أمريكية من الضياع.. وأثري: مزيج فرعوني مصري روماني يوناني كانت الصدفة سببًا في اكتشافها قبل 120 عاما، وأغرقتها المياه الجوفية على مدى عقود طويلة، حتى بدأ السائحون في هجرها، إلا أن التطوير جاء ليعيد لنا مقابر كوم الشقافة بغرب الإسكندرية، إلى ما يجب أن تكون عليه، لتصبح مقصدًا أثريا وسياحيا لجميع الوافدين إلى الإسكندرية، وتسهم في انتعاش حركة السياحة بالمحافظة، فلا تخلو أي رحلة أو برنامج سياحي للوافدين دون أن يتضمن زيارة «كوم الشقافة» باعتبارها واحدة من أهم المقابر الأثرية ليس في مصر فحسب، وإنما على مستوى العالم. الدكتور إسلام عاصم، الباحث فى التراث الأثري ونقيب المرشدين السياحيين السابق، قال إن مقبرة كوم الشقافة تم اكتشافها عام 1900 ميلادي عن طريق الصدفة، مشيرا إلى أن حمارًا كان يجر عربة "كارو" وراء هذا الاكتشاف، بعد أن سقط داخل بئر وتبين أنها المقبرة الرئيسية لكوم الشقافة، وتم إسناد العمل لمجموعة من الأثريين. وأضاف الدكتور إسلام عاصم، الباحث فى التراث الأثري ونقيب المرشدين السياحيين السابق، قال إن مقبرة كوم الشقافة تم اكتشافها عام 1900 ميلادي عن طريق الصدفة، مشيرا إلى أن حمارًا كان يجر عربة "كارو" وراء هذا الاكتشاف، بعد أن سقط داخل بئر وتبين أنها المقبرة الرئيسية لكوم الشقافة، وتم إسناد العمل لمجموعة من الأثريين. وأضاف عاصم، في تصريحات خاصة إلى "التحرير"، أنه تم إسناد أعمال الحفر والبحث الأثري للإيطالي جوزيبى بوتي، والذى قام بالعمل داخل تلك الحفرة وتمكن من العثور على مجموعة من التوابيت الجرانيتية، كما تمكن من اكتشاف مقبرة كاراكالا المجاورة لمقابر كوم الشقافة، وخلفه في البحث والتنقيب الأثري "آلان رو" وتمكن من اكتشاف أكثر من 500 قطعة أثرية. وأوضح أن مقبرة كوم الشقافة مقبرة فريدة من نوعها، منحوتة فى الصخر وبها زخارف وهي عبارة عن مزيج بين الفن المصري القديم والفن اليوناني والفن الروماني، مشيرًا إلى أن المزج ليس فنيا فقط وهناك مزج في الديانة، حيث امتزجت الآلهة الفرعونية مع الآلهة اليونانية والرومانية. ولفت إلى أن المقبرة ترجع لأحد حكام الإسكندرية في أواخر القرن الأول الميلادي، لأنه تم العثور على رأس إنسان يرتدي "التاج المزدوج" وهو ما يؤكد أهمية المتوفى، وأنه آخر الحكام الرومان الذين حكموا مصر أواخر القرن الأول الميلادى، طبقا للشواهد الأثرية. وأضاف: "المقبرة الرئيسية يحيط بها نحو 300 فتحة دفن، فكانت مقبرة خاصة ثم تحولت بعد ذلك لمقبرة عامة ضمت جميع الطبقات، وليست الطبقات الغنية فقط نظرا للحالة السيئة التي وجدت عليها المومياوات، وتم الاستدلال على ذلك من فقر التحنيط". وشدد "عاصم" على أن المقبرة عانت الإهمال وأغرقتها المياه الجوفية دون إيجاد حلول جذرية، على الرغم من أن هذه المقابر تعد من أهم الأماكن الأثرية على الإطلاق فلا يوجد برنامج سياحي لا يتضمن زيارة هذه المقابر، لافتا إلى أن مشكلة المياه أثرت وأدت إلى سقوط النقوش وانتشار الثعابين فكانت عوامل تنفير أكثر منها جذبا، حتى إن بعض الشركات السياحية العالمية كانت تنوي تنظيم زيارات للإسكندرية وتراجعت لتهالك حالة المقابر. وأكد أن مشروع تجفيف منسوب المياه الجوفية الذى قامت به الوزارة بمنحة أمريكية نال اهتماما عالميا واسعا، لتتحول مقابر كوم الشقافة مؤخرا إلى عامل جذب كبير، مشيرا إلى أنه "لأول مرة نستطيع زيارة المقبرة والنزول لأسفل فى الدور الأخير حيث كانت تمر منه المومياء وتخرج من المقبرة الرئيسية، وبسبب المياه كان يعتمد المرشدون السياحيون على الشرح فقط والسائح كان يتخيل، لكن في الوقت الراهن سيتغير نسق الزيارة وتصبح أكثر فاعلية". وقال المهندس وعد أبو العلا، رئيس قطاع المشروعات بوزارة الآثار، إن مقابر كوم الشقافة تعد أحد أهم أمثلة العمارة الجنائزية الرومانية من طراز الكتاكومب، حيث حُفرت بعمق ثلاثة طوابق تحت الأرض واستخدمت الجبانة في النصف الثاني من القرن الأول الميلادي واستمر استخدامها حتى القرن الرابع الميلادي حيث أضيفت إليها العديد من الدهاليز وفتحات الدفن. كان الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، قد أكد خلال افتتاح المقابر مطلع الشهر الجاري، إن مشروع تجفيف المياه الجوفية وحماية المنطقة الأثرية والمقابر من خطر التآكل والتلف بسبب تسرب المياه أعادها إلى الحياة مرة أخرى. وأضاف الأمين العام للأعلى للآثار، أنه تم حفر 6 آبار بعمق 40 مترا وتركيب طلمبات غاطسة بنظام تحكم إلكتروني عن طريق مبنى تحكم جديد تم إنشاؤه في المكان، بالإضافة إلى خطوط لطرد وصرف المياه وتزويد المكان بمظلات جديدة لحماية المقابر والدرج المؤدي إليها من أمطار الشتاء. وأكد "وزيري"، أن مشروع التطوير شمل الاهتمام بمسار الزيارة للمقبرة الرئيسية والمسار المحيط بها من الخارج؛ حيث أضيفت قطع أحجار كبيرة الحجم منتظمة الشكل لتأمين مسار الزائر بعد سحب المياه الجوفية ليتحول المشروع إلى متحف مفتوح. وأشارت د. نادية خضر رئيسة الإدارة المركزية لآثار الوجه البحري، إلى أن المقبرة باتت مفتوحة أمام السائحين ويمكن زيارة المقابر والنزول لأسفل مما يسهم فى إثراء الحركة السياحية في الإسكندرية. وقال الدكتور خالد العناني وزير الآثار، إن ارتفاع منسوب المياه الجوفية بدأ في المنطقة منذ اكتشافها وكانت هناك محاولات عدة لتخفيض منسوب المياه، أبرزها كان خلال تسعينيات القرن الماضي حين قام المجلس الأعلى للآثار آنذاك بعمل طلمبات لشفط وسحب المياه. وأضاف العناني أن استمرار رشح مياه ترعة المحمودية والتمدد العمراني بالمنطقة السكنية المجاورة للمنطقة، أدى إلى ارتفاع المنسوب مرة أخرى فتم التفكير فى مشروع تجفيف المياه والذى تم بمنحة من الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 2017 مقدارها 5.7 مليون دولار.