عاد مسلسل فساد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى الساحة مجددًا، وذلك بعد أن أوصت شرطة الاحتلال رسميًا مساء أمس، القضاء بتوجيه تهم للأخير تتعلق بالفساد والاحتيال واستغلال الثقة. وسرعان ما خرج نتنياهو عبر شاشات التليفزيون ليرد على لائحة الاتهام بتأكيد براءته مستبعدًا تقديم استقالته، مسترجعًا ذكرياته كأحد أفراد القوات الخاصة، وكونه لم يحاول قط تحقيق أى مكاسب شخصية خلال تواجده بمنصبه. وقال نتنياهو: "لا قيمة قانونية لهذه التوصيات فى بلد ديمقراطي"، مضيفا أن حكومتنا ستكمل ولايتها وأنا متأكد من حصولى على ثقتكم مرة أخرى بالانتخابات المقبلة المقررة فى نوفمبر 2019". وتحدث نتنياهو عن تاريخه فى خدمة أمن إسرائيل واقتصادها وبدا واضحا عليه الغضب، حيث قال: "كل عمرى لا يواجهنى شيء سوى مصلحة الدولة وتقدمها الأمنى والاقتصادي، منذ أن شاركت ضابطًا فى وحدة عسكرية مختارة لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين من طائرة سابينا وحتى تولى منصب المندوب الدائم فى الأممالمتحدة إلى أن أصبحت وزيرًا للمالية ونقلت إسرائيل إلى عهد الازدهار، واليوم أنا رئيس حكومة، بفضل دعم غالبية الجمهور". وأوضح "منذ أن أصبحت رئيسًا للحكومة، وأنا أتعرض لمؤامرات مختلفة لإسقاطي عن الحكم.. وأرى فى هذه التوصيات من الشرطة جزءًا من هذه المؤامرة"، مؤكدًا ثقته بأن هذه التوصية ستُرفض من المؤسسات القضائية، وأنه سيظل رئيسًا للحكومة حتى نهاية دورتها، وسينتخب مجددًا رئيسًا للحكومة. ورغم أن بيان الشرطة الإسرائيلية خلص إلى أن هناك أدلة كافية ضد رئيس الوزراء لاتهامه بقبول رشى والاحتيال واستغلال الثقة، إلا أن وزيرة العدل إياليت شاكيد، قالت: إن "توجيه الاتهام رسميًا إلى رئيس الحكومة لا يعنى أنه سيكون مجبرًا على الاستقالة". تخلى أمريكي لم يتخيل أحد أن تتخلى الإدارة الأمريكية عن حليفها الإسرائيلي، لكن ما حدث هو أن واشنطن لم تدعم نتنياهو فى تورطه بقضايا فساد. وهذا ما ظهر من خلال تعليق الخارجية الأمريكية على تورط رئيس الوزراء الإسرائيلي، والإشارة إلى أن هذا الموضوع "شأن داخلي". وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناورت: إن "بلادها على دراية بالتطورات، لكنها لا تتدخل نظرًا لأن الإدارة الأمريكية لها علاقات قوية مع الحكومة الإسرائيلية، وليس مع نتنياهو". انتهاء عهده من جهة أخرى، قال زعيم حزب العمل المعارض آفى غاباى إن "عهد نتنياهو انتهى". وكتب "غاباي" تدوينة عبر تويتر "من واجب كل شخصية عامة محترمة تعزيز سلطة الشرطة والقانون، والعمل على إنهاء مسيرة الحكومة التى يقودها نتنياهو". وأشار معلقون إلى أن مصير نتنياهو سيكون مرهونا إلى حد بعيد بموقف وزير المالية موشيه كحلون، وهو رئيس حزب ينتمى ليمين الوسط... وإذا تخلى هذا الحزب (لديه عشرة نواب من أصل 120) عن نتنياهو فسيخسر الأغلبية البرلمانية المؤلفة من 66 نائبا. فيما دعت زهافا غالوون رئيسة حزب ميترس، "نتنياهو" للتنحى عن منصبه قائلة: "على نتنياهو إعلان تعذره عن أداء منصبه بسبب توصيات الشرطة، حيث لم يعد يتمتع بالشرعية لمواصلة مهامه، إذ لا يمكن الاعتماد على شخص التصقت به قضايا فساد تنطوى على مثل هذه الخطورة". من ناحية أخرى، قال الخبير بالشؤون الإسرائيلية أوفر كينيغ من "معهد الديمقراطية فى إسرائيل" لوكالة الصحافة الفرنسية: إنه "عندما يتم توجيه الاتهام لرئيس الوزراء، فلن يطلب منه الاستقالة إلا بعد استنفاد جميع الطعون ضد قرار الاتهام". الكرة فى ملعب النيابة وبعد أن أوصت الشرطة الإسرائيلية، بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو بات القرار النهائى بتوجيه الاتهام لنتنياهو الآن بيد النائب العام أفيشاى مندلبليت، الذى قد يستغرق قراره أسابيع أو أشهر قبل أن يحسم هذه المسألة. وفى هذا الصدد، يرى خبراء أنه من الناحية القضائية، ستنتقل الكرة الآن إلى النيابة ثم إلى المستشار القضائى للحكومة، الذى يعتبر صاحب الكلمة الأخيرة فى اتخاذ القرار بمحاكمة نتنياهو أو رفض توصية الشرطة. وأوضح مصدر فى النيابة الإسرائيلية بعد صدور التوصيات، أن الاتهامات فى الشرطة أكبر وأشد مما توقعوا، لذلك فإن الاتجاه السائد هو قبول التوصيات، حسب صحيفة "الشرق الأوسط". يُذكر أن نتنياهو كان على علم بصدور التوصيات فى هذا الموعد، لذلك حرص خلال اليومين الماضيين، على إجراء مشاورات مغلقة مع كبار المسؤولين ومقربيه قبيل نشر التوصيات، وكان متواجدًا، أمس، فى الكنيست لفترة قصيرة فقط وعاد إلى مكتب رئيس الحكومة بعد اجتماع قصير، وألغى أيضًا فى اللحظات الأخيرة، مشاركته فى مراسم وضع حجر الأساس فى مستشفى بوريا فى طبرية، وفضل البقاء فى مكتبه فى القدس وإجراء مشاورات مكثفة وصاغ معهم خطابه المذكور. غير نزيه بالعودة إلى الوراء قليلًا، خاصة منذ مطلع العام الماضي، نرى تواجدًا لحركة شعبية واسعة قد خرجت فى تظاهرات للمطالبة بإسقاط نتنياهو. الحراك الجماهيرى فى إسرائيل، هو بمثابة تأكيد على أن الشارع سيكون له دورًا حاسمًا خلال الأشهر القادمة، إلى أن يصدر قرارًا من المستشار القضائي. يأتى ذلك فى الوقت الذى أجرت فيه شبكة "103 FM" الإسرائيلية استطلاع للرأى، أظهر أن 59% من الإسرائيليين يرون أن رئيس الحكومة نتنياهو" غير نزيه، ويستحق المحاكمة فى القضايا المتهمة فيها ولديه انحرافات مالية. الاستطلاع الإسرائيلى الذى أظهر تدنى شعبية نتنياهو، دفع كلا من وزير الدفاع أفيجدرو ليبرمان، الذى يتزعم حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير المالية موشية كحلون زعيم حزب "كولانو" إلى الاستعداد لانتخابات برلمانية جديدة من أجل الحصول على أعلى مقاعد فى الكنيست لتشكيل حكومة جديدة بعد التأكد من أن "رئيس الحكومة لن يفلت من جرائم الفساد المُوجهة إليه. تغيرات محتملة بعد لائحة الاتهام التى صدرت ضد نتنياهو، ربما تشهد إسرائيل تغيرات محتملة خلال الأشهر المقبلة، ففى حال تقديمه للمحاكمة فإنه سيضطر لتقديم استقالته والدعوة لانتخابات مبكرة، وهو ما يعنى أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سيضطر لتأجيل اتخاذ قراره بنقل السفارة إلى القدس لعدم وجود حكومة رسمية فى إسرائيل. وحسب مواد القانون في إسرائيل "يُجبر رئيس الحكومة وأى من وزرائه على تقديم الاستقالة فى حال وجهت إليه تهمًا بالفساد بشكل رسمي، والدعوة مباشرة لانتخابات مبكرة"، حيث يتم دعوة الناخب في إسرائيل لاختيار الحزب الذي يمثله فى الكنيست، وبعدها يُكلِف الحزب صاحب أعلى الأصوات لتشكيل حكومة جديدة. بالانتقال إلى القضايا الموجهة لنتنياهو، نجد أن القضية الأولى -معروفة باسم الملف 1000- تتعلق بشبهة الانتفاع من أثرياء مثل جيمس باكر الملياردير الأسترالي، وأرنون ميلكان المنتج الإسرائيلى الهوليودي. وفى القضية الثانية المعروفة باسم الملف 2000، رأت الشرطة أن هناك فسادا فى صفقة سرية كان نتنياهو يحاول إبرامها مع ناشر صحيفة يديعوت أحرونوت أرنون موزيس، لكى يحصل نتنياهو على تغطية إعلامية إيجابية مقابل التضييق على صحيفة "إسرائيل اليوم".