فى الأيام الأولى للثورة كانت هناك ظواهر كلامية كثيرة يطلقها النظام البائد وأعوانه القنوات الخاصة والبرامج المسائية.. ومن بين تلك الظواهر ظاهرة الإعلامى الذى يطلقون عليه الإعلامى الكبير أو «الطخين» المعروف عنه علاقاته ببعض الدول والأجهزة. ولم يترك الإعلامى أى قناة أو برنامج إلا وقد ذهب إليه حتى البرامج التى يقدمها مذيعو الرياضة.. ويدافع عن النظام وسياساته وذلك بعد الحديث عن طهارة الشباب، وموقفهم يوم 25 يناير.. وكفاية ما فعلوه فى هذا اليوم من مظاهر عصرية ورائعة وأدوا ما عليهم واستجاب النظام لهم بعد جمعة الغضب، وأتى بحكومة جديدة وعين نائبا لرئيس الجمهورية، فيجب عليهم احترام الشرعية وترك ميدان التحرير وميادين مصر والعودة إلى البيوت، طبعا اختزل الثورة فى مجموعة من الشباب، لا الشعب كله، مدافعا عن الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وإعلانه حبه له.. وهو من حقه ذلك، فهو أحد المستفيدين الكبار من هذا العصر، فضلا عن أنه واحد من الذين خططوا وروجوا منذ البداية لمشروع التوريث. الغريب أن هذا الإعلامى «المنفوخ» فى أحد البرامج التى ظهر فيها أعلن أنه سيفجر مفاجأة.. فكانت مفاجأته اتهامه إحدى الحركات وشبابا معينا وواحدا منهم على وجه أخص بأجندات خاصة، ولهم دور كبير فى خروج الناس إلى الشارع للمطالبة بإسقاط النظام.. وأعلن أن سلطات التحقيق بدأت فى التحقيق فى ذلك وأنهم، أى الشباب أو الشاب الذى تحدث عنه، تلقوا أو تلقى تدريبا فى الخارج على قيادة المظاهرات والاعتصامات.. وتكرر هذا الكلام فى برامج كثيرة، وأفرد كثير من المذيعين والإعلاميين -الذين تحولوا بعد ذلك وأصبحوا ثوريين أكثر من الثوار- حلقات للأجندات الخاصة والأجنبية، وهى التعبيرات التى كان يستخدمها النظام السابق وأجهزته الأمنية. لكن الأكثر غرابة أن يأتى المجلس العسكرى الذى حمى الثورة ودافع عن شبابها، وشجعهم على الانخراط فى الحياة السياسية، وأبدى استعداده لدعمهم فى هذا الأمر، بعد 6 أشهر ليستخدم نفس اتهامات الإعلامى «المنفوخ»، فهل وصلهم مدد من الإعلامى الكبير أو ممن يطلقونه.. ويتهم مجموعة من الشباب الوطنيين المخلصين لهذا البلد، ويريدون له أن يستعيد عافيته ومكانته إقليميا وعالميا، بعد تحقيق الديمقراطية وحكم الشعب. لقد كان غريبا أن يصدر البيان أو الرسالة رقم 69 لمهاجمة شباب 6 أبريل، واتهامهم بأنهم يحرضون على الفتنة والوقيعة بين الجيش والشعب.. وعلى تقويض استقرار مصر، لينضم هذا البيان إلى بيان «إصبع الفنجرى» فى رؤية جديدة لتعامل الجيش مع الشعب، لتصبح «حاكم ومحكوم».. ويطبق الأوامر العسكرية على المواطنين، ناسيا أن هؤلاء المواطنين هم الذين خرجوا بالملايين، ويعرف الجيش عددهم، غير عابئين بقمع النظام السابق المريض، الذى كان مستعدا لأن يفعل أى شىء للبقاء فى السلطة. وفى النهاية هذا الشعب، بمن فيه شباب 6 أبريل، هو الذى وثق بالجيش وطالبه بتسلم السلطة وإدارة البلاد إلى حين الانتقال إلى المرحلة الجديدة.. ليأتى اليوم الذى يهاجم فيه المجلس الأعلى هذا الشباب الطاهر، الذى كان له دور عظيم فى ثورة 25 يناير، فأجندتهم الخاصة كانت تتمثل فى إسقاط النظام.. وتتمثل الآن فى تحقيق مطالب الثورة التى قام بها الشعب كله، وكانوا هم إحدى فصائله والمحرضين عليها. إنه بيان تخوينى لمجموعة من أطهر شباب الثورة، الذين صقلتهم الثورة والتف حولهم كثير من الشباب فى الفترة الأخيرة، ولم يكن لهم طموح أو منافع شخصية للاستفادة من الواقع الحالى، اللهم إلا مشاركتهم القوى الشعبية الحية فى تحقيق أهداف الثورة. لقد ذكر البيان أن «الفتنة التى تسعى إليها حركة شباب 6 أبريل للوقيعة بين الجيش والشعب ما هى إلا هدف من الأهداف التى تسعى إليها منذ فترة، وقد فشلت بسبب الخطوات التى اتخذت أخيرا». ... طب ومين يحمى ويشجع جماعة روكسى، وجماعة مصطفى محمود.. وجماعة مسجد الفتح.. وجماعة مسجد النور؟! ألا يثير هؤلاء الفتنة بين الشعب والشعب.. وبين الشعب والجيش؟! ... وأين الخطوات التى اتخذت أخيرا؟! حكومة تم «ترقيعها».. ووعود بمحاسبة الفاسدين سياسيا، وقانون لمجلسى الشعب والشورى على طريق ترزية قوانين حسنى مبارك.أين ذلك من أهداف الثورة التى وثق الشعب بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة وأمنه عليها؟! يا أيها الذين فى المجلس الأعلى.. الشعب خرج فى الثورة منذ اليوم الأول رافعا شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، فسقط رأس النظام، لكن النظام لم يسقط بعد!