معركتنا الآن هى الاستفتاء على الدستور. الملايين التى ستنزل للإدلاء بأصواتها غدا وبعد غد تعرف أنها تسدل الستار على ماضٍ لن يعود، وتفتح الأبواب لمستقبل تستحقه مصر ويليق بشعبها. الإرهاب الإخوانى الغبى يكرر أخطاءه. يتصور أنه قادر على ترويع المصريين ومنعهم من النزول. لو كان الأمر كذلك لخافت الملايين من النزول فى 30 يونيو والإخوان ما زالوا فى الحكم، وجنرالات الإرهاب يقفون حول المعزول ويهددون الشعب بالسحق وبأن قتلاهم فى الجنة وقتلانا فى النار. لنكتشف بعد ذلك أنهم كانوا فى نفس اللحظة يستعدون للقرار ويجهزون ملابس النساء وسيارات نقل الموتى للهروب من شعب قرر استرداد ثورته. الإرهاب الإخوانى يسير من إفلاس إلى إفلاس، بعد أن اتضحت خيانته للوطن وإساءته للدين وعمالته للأعداء. لم يعد لديهم إلا تهديدات جوفاء، وعمليات منحطة يقتلون فيها مواطنا بريئا أو يدبرون لعملية إرهابية خسيسة، أو يتركون مفتى القاعدة الأمريكية فى قطر «القرضاوى» يطلق أكاذيبه ويرتكب جرائم التحريض ضد وطن كان ينتمى إليه، قبل أن يذهب لخدمة حكم الانقلاب، الذى لم ينقطع فى قطر منذ ظهرت هذه «الدويلة» إلى الوجود، لتكون مجرد أداة فى يد المخابرات الأمريكية، ومقرا لأضخم قواعد أمريكا فى العالم، ومركزا لحلفاء قطر ومثلهم الأعلى من الإسرائيليين!! حين تنزل الملايين غدا للاستفتاء على الدستور، فهى تعرف أنها توجه الضربة القاضية لهذه «البواقى» العفنة من إرهاب الإخوان، ودعم من يرعونهم ويدعمونهم ولا يريدون الاعتراف بالهزيمة، لأن ذلك يعنى أن كل مخططاتهم للهيمنة على مصر وعلى المنطقة العربية قد انتهت للأبد. وحين تنزل الملايين غدا للاستفتاء على الدستور، فإنها تقول إن جهد المتآمرين على مدى ثلاث سنوات بعد ثورة يناير قد أسقطه شعب مصر وجيشها الوطنى. وأن 30 يونيو لم يكن فقط نهاية لحكم الإخوان الفاشى، بل كان إعلانا بأن الشعب قد استرد ثورته، وأن الثورة قد وعت الدرس، وأدركت أنه لا شىء سيتحقق من أهدافها إلا باستقلال القرار الوطنى وإنهاء التبعية التى تصور من خلالها البعض أن وجود 99٪ من أوراق اللعبة فى يد أمريكا هو القضاء والقدر الذى لا فكاك منه. لتكون المفاجأة بعد ذلك أن رفعت مصر الثورة راية الاستقلال الحقيقى، وقالت على لسان قائد جيشها: إن مصر لن تنسى ولن تغفر لمن عادى ثورتها وتآمر على إرادة شعبها. ستنزل الملايين غدا للاستفتاء.. ليس فقط لأنها أمام دستور هو الأرقى والأكثر تعبيرا عن مصر وأشواقها للعدل والحرية والكرامة، ولكن أيضا لكى تخطو الخطوة الأولى والأساسية فى خارطة المستقبل، ولكى تضع أقدامها وبكل ثبات، على الطريق الصحيح لبناء الدولة الحديثة، ولكى تؤكد للعالم كله أن ما بدأته «حين استعادت ثورتها فى 30 يونيو» لن يتوقف رغم التآمر والحصار ومحاولات عصابات الإرهاب ومن يدعمونهم لتعطيل مسيرة شعب مصر نحو المستقبل. الملايين التى ستنزل غدا وبعد غد لتقف فى طوابير الاستفتاء، لن تحسم فقط مصير الدستور، ولكنها ستحسم عديدا من القضايا المصيرية. ستقول إن رئيس مصر القادم لن يختاره إلا شعبها، وأن قرار مصر فى كل قضاياها لن يصدر إلا من القاهرة، وأن جيش مصر سيظل -كما كان دائما- منفذا لإرادة الشعب، ومقاتلا فى معارك الدفاع عن الوطن وعن الأمن القومى العربى، ولن يكون أبدا -كما أراده الخونة- نصيرا للإرهاب أو متحالفا ضد مصالح الأمة. الملايين التى ستنزل غدا وبعد غد هى التى نزلت قبل ذلك لميادين الثورة وكانت مستعدة لتقديم عشرات الألوف من الشهداء، لتتخلص من كابوس الاستبداد ومن الحكم الفاشى الإخوانى، ولتستعيد مصر الحقيقية التى تسكن فى ضمير كل أبنائها. هذه الملايين التى لم تشك لحظة فى قدرتها على سحق الإرهاب وعلى استعادة الثورة، تعرف جيدا أن أمامها معركة صعبة لبناء مصر من جديد. هذه المعركة التى أشار إليها الفريق السيسى فى خطابه الأخير ليست خافية على أبناء مصر وهم يبدؤون المشوار الحقيقى للبناء بالاستفتاء على الدستور. مصر جربت ذلك من قبل. بنينا السد العالى وآلاف المصانع والمدارس والمستشفيات ونحن تحت الحصار الاقتصادى والحرب التى لا تريد لمصر أن تتقدم ولا للعرب أن ينهضوا. يعرف الملايين من أبناء مصر أنهم قادرون على قهر كل التحديات حين يكون الطريق للمستقبل واضحا، والرؤية السياسية مكتملة، والقيادة من صنع الشعب وله وحده ولاؤها. غدا.. تقول الملايين كلمتها.. يثبت الشعب مرة أخرى أنه القائد والمعلم وأنه صاحب القرار وصانع المستحيل. غدا.. لن يكون الاستفتاء فقط على مواد دستور، بل على مستقبل وطن يستحق الكثير.. وسيتحقق له -بإذن الله- ما يستحقه.