بعد أربعة أشهر من الآن سوف تكمل والدة إلهام شاهين عامها السادس من الغياب، لكن لماذا لا تزال الابنة ترتدى الأسود حتى الآن؟ وتشعرنا أن الأم رحلت للتوّ، أو مرّ بالكاد أسبوع أو أكثر على موتها؟ تفسر إلهام شاهين هذا الأمر بقولها: «سوف أظل أرتدى الأسود على رحيل أمى ما بقى من عمرى، فأنا بالفعل أشعر وكأن الوفاة حدثت بالأمس فقط، ويبدو أن هذا الشعور لن يفارقنى أبدا». الأم الصغيرة، ابنة الستة عشر عاما، اكتشفت صداقتها مع ابنتها الكبرى إلهام شاهين التى تعتبر أن هذا أمر نادر الحدوث. «والدتى تزوجت وهى فى الثانوية العامة، وكانت تقولى لى: إنتى بنت عمرى كله»، فالفرق بيننا كان ستة عشر عاما فقط، وطوال حياتها لم أبتعد عنها أبدًا، حتى إننى عندما تزوجت، كنت أزورها يوميا ولم أنقطع عن زيارتها طوال خمس سنوات كنت أعيش فيها بالعجوزة، وهى بمصر الجديدة. فى بدايات إلهام شاهين كان للوالدة دور كبير جدا، والحقيقة أن هذا الدور بقى كما هو بجميع تفاصيله حتى وفاتها، فتقول إلهام: «بدأت العمل فى السينما وأنا عمرى 17 عاما، وكى لا أنشغل عن دراستى، كانت والدتى تقرأ لى سيناريوهات الأعمال التى تعرض علىّ، وتشترى لى ملابس الشخصيات، وتختار منها ما يليق، وظلت تقوم بهذا الدور طوال حياتى فى ما بعد تلك الفترة، حتى إننى لم أكن أثق برأى أحد غيرها، سواء فى ملابسى أو فى اختياراتى الفنية، هى كانت تهتم بكل شؤونى فعلًا، حتى فى ما يتعلق بأكلى ووزنى، فهى مصدر الثقة والأمان فى حياتى، وأنا أعيش بها حتى هذه اللحظات، وكلما صادفت أمرًا جيدًا أكون على يقين بأن هذا بسبب دعائها الدائم لى بالتوفيق والراحة». ورغم الوفاة فإنها لا تزال، إلهام شاهين، تعيش مع والدتها حتى الآن: «أمى حتة منى، حتى فى ملامحى وتكوينى الجسدى نبدو كأننا متطابقتان، وهى حصنى المنيع، ودومًا أتحدث إلى صورها التى تمتلئ بها جدران منزلى».