بعد نشر مقالة يوم الجمعة الماضى التى كانت تحت عنوان «كرات الدم الأهلاوية» تلقيت عديدًا من التعليقات على ما كتبت.. منها المؤيد من عيِّنة «والله شوية كلام زى الفل»، ومنها المعارض مثل «يا أخى حرام عليك، الظروف هى اللى ظلمت الأهلى»، ومنها المتعصب أحادى التفكير من طراز «باين عليك زملكاوى ومتغاظ من الأهلى»، لكن أجمل الرسائل وأكثرها عمقًا ووجعًا للقلب، فكانت من صديقى الشاعر النابه خالد سعيد، الذى كتب إلَىَّ قائلًا: «أرى أن مأتم الوطن لم يدَع وقتًا ولا اهتمامًا لشعب جريح بأن يغنى ويرقص ويقيم الليالى الملاح عند الفوز ببطولة كروية أو رياضية، فلم يبقَ إلا قلة ربما تهرب من هذا الواقع قليلًا، ولكن لم تعُد تشغلنا كثيرًا الساحرة المستديرة، وهنا يا سيدى ونحن بصدد الموضوع الذى طرحته فى مقالك.. اسمح لى أن أستعرض معك تلك النظرية البالية (إحنا إللى خرمنا التعريفة)، ولا أقصد هنا النادى الأهلى بصفة خاصة أبدًا، فله منا كل التقدير كَنَادٍ عريق، ولكن المسألة أكبر وأعمّ بكثير، وتلك النظرية التى أشرت إليها وتكملها (وإحنا اللى دهنَّا الهوا دوكو)، هى سبب تدهورنا، ليس فقط فى الكرة ولكن فى مجالات أخرى عديدة جعلتنا محلك سِرْ، بل محليين بكل ما تحمل الكلمة من معنى! فمتى نعترف بالفشل ونعكف على دراسته والاستفادة منه بدلا من أن نكتفى بتبريره والتماس الأعذار له؟ متى نعترف بأننا نعيش فى فوضى يومية وفى نفس الوقت نتشدق بأننا نحن من علَّمنا العالَم؟ خلاص العالم كبر واتعلم ومش محتاج معلمين، بل إحنا اللى تلامذة ومحتاجين نتعلم من أول وجديد! حتى ونحن نفتخر بالفحولة المصرية لأحفاد الفراعين نعانى فى الوقت نفسه من أكبر نسبة أمراض فى العالم من نوعية فيرس سى ووالسرطان! إحنا عيانين معنويًّا وماديًّا ونحتاج إلى أكثر من صدمة لنفيق، لنستيقظ، فكفانا صناعة الأصنام والتابوهات، بل كفانا عبادتها أحيانًا. قد تعتقد أننا بعدنا عن موضوعنا الأساسى، على العكس نحن فى صميمه، وإثارة تلك الشجون استدعاها مقالكم حتى من عنوانه، فربما احتجنا إلى كرات دم حمراء بالفعل لضخّ دماء جديدة من التحدى لمستقبل حقيقى حتى تكون الكرة ولو لمرة فى ملعبنا!». شكرًا صديقى خالد.. بصراحة شوية كلام زى الفل رغم أنه قلّب علينا المواجع! فعلًا نحن فى حاجة ماسَّة وعاجلة إلى أن نستفيق على كل الأصعدة لا فى مجال الرياضة فقط... نحتاج إلى أن نكون أكثر صراحة وواقعية مع النفس لنعرف موقعنا الحالى بدقة ومنه نبدأ من جديد على نضيف. حال الرياضة فى مصر الآن لا يسرّ عدوًّا ولا حبيبًا.. فالوزير مشغول بصراعه مع اللجنة الأوليمبية ومع مجالس إدارات الأندية على حساب الاهتمام بمسؤولياته الأساسية فى دعم الرياضيين وإصلاح الخرابات المسماة بمراكز الشباب! اتحاد الكرة زى ما احنا عارفين «إيد ورا وإيد قدام»! الأندية الكبرى على وشك إشهار إفلاسها فى ظل توقف النشاط، فما بالك بالأندية الصغرى التى لا تملك أى موارد؟! مستوى الفرق فى تراجع رهيب، واسالوا الأهلى ومنتخب مصر! اللاعبون على وشك «الطفَشان» والهجرة من مصر بحثًا عن لقمة العيش، وراجعوا ما فعله شيكابالا وما سيفعله بعده عديد من لاعبى الزمالك والأهلى وحتى البلاستيك! كل ذلك يؤكد أننا «ماشيين غلط» فى ظل سوء التخطيط وحالة التخبط التى تسببت فيها القيادات الرياضية الحالية التى تنقسم إلى نوعين: إما قليلة الكفاءة وتسعى فقط للحفاظ على المنصب الذى جاءها فى غفلة من الزمن، وإما قيادات تملك مقومات النجاح ولكنها انشغلت عنه بالصراعات والمجاملات واستعراض العضلات! فى ظل هذا الجو المسموم بالنياة غير الخالصة أرى أن ما نفعله الآن من محاولة «تلصيم المواضيع وتكبير الدماغ علشان المسائل تمشى» يشبة تمامًا من ينفخ فى قربة مخرومة، أو بمعنى أدق.. فى كرة مخرومة!