و ما الغريب فى تلك البروموهات الرخيصة لتلك الأفلام الرخيصة التى يتولى إنتاجها منتجين رُخاص يتقاولون فيها مع ممثلين رُخاص وكُتَّاب رُخاص ومخرجين رُخاص لعمل أعمال رخيصة تليق وتتوائم مع تلك الحقبة الزمنية الرخيصة التى نحياها ؟! ما الغريب فى الإستعانة بأصوات رخيصة للتعبير عن فن تلك المرحلة الرخيصة من التاريخ الفنى الرخيص لمصر.. فإذا كانت حقبة سعد الصغير وحبة العيال اللى بتترقص حواليه قد ولت.. وإذا كانت حقبة محمود الليثى وغناء الكباريهات قد استنفدت اغراضها.. فإن موسيقى المهرجانات الرخيصة قادمة بكل ما لها من أوبشانات قادرة على خلق حالة من الإنسجام بين بيئة المزيكا المنبعثة من الفِسَب خارج دار العرض وبيئة المزيكا المنبعثة من الفيلم داخل دار العرض لتتحول الحياة بأكملها إلى فيلم عيد رخيص وبيئة ؟! ما الغريب فى تحقيق تلك الأفلام الرخيصة لكل هذه الإيرادات التى وإن جاءت على هيئة ملايين إلا أنها تظل برضه رخيصة.. وما الذى ينبغى على منتج رخيص أن يفعله عندما ينظر حوله فيجد الحياة الرخيصة وقد أصبحت أكثر رخصاً مما قبل ؟!.. يواصل إنتاج الرُخص طبعاً من منطلق انه.. حد يلاقى قدامه ناس عايزة الرخص وما يبقاش رخيص ؟! ما الغريب عندما تفقد القيم قيمتها وتتنازل المعايير عن معاييرها وتتراجع الأخلاقيات عن أخلاقياتها وينقسم المنطق على نفسه فجأة لتخرج منه يرقة العبث لترفرف فوق هشيم العقول الذى باتت تمتلىء به ثنايا وحواشى تلك الأرض الخربة التى بات دخان الرُخص يتصاعد من حطام أطلال منطقها المتهدم ؟!.. ما الغريب فى تسيُّد الرخص للمشهد الرخيص أساساً ؟!.. أليس الفن إنعكاساً للمجتمع.. إذن.. ها هو الإنعكاس أمامكم فى السينمات الرخيصة.. فلتذهبوا لمشاهدته ! ما الغريب فى استمرار فيلم سوريا ( الرخيص أيضاً شأنه فى ذلك شأن أى فيلم للسبكى ).. العالم يجتمع مع بعضه.. ومجلس الأمن يجتمع كل شوية.. وطيارات رايحة وطيارات جاية ولقاءات واجتماعات وتصريحات وبروباجندا وناس شعرها أبيض والمفروض انهم حكماء.. وفى النهاية ولا كأن فيه أى حلجة بتحصل.. لا والنبى.. هل يشتغل هؤلاء الناس انفسهم ام انهم بيشتغلونا إحنا ؟!.. ما كل تلك الهرتلة التى يتعامل معها العالم على أساس أنها ليست هرتلة.. وما كل ذلك العبط واللا أخلاقية التى بات العالم العبثى يتمرمغ فيها كخنزير يتمرمغ فى الوحل.. هل لتلك الدرجة وصلت حماقة الإنسان ؟!.. وأى حضارة تلك التى يمكننا أن نتحدث عنها فى ظل كل ذلك اللا تحضر الذى يعد ما يحدث فى سوريا مجرد وجه من أوجهه القاتمة الكثيرة التى تصلح لأن يرى كل إنسان على ظهر ذلك الكوكب التعس حقيقته القبيحة فيه ؟! ما الغريب فى سيطرة الحزن على الروح.. وفى سيطرة الرُخص على الحياة.. وفى سيطرة أمريكا واسرائيل على الكوكب.. وفى سيطرة شركات السلاح على الإقتصاد العالمى.. وفى سيطرة مطاعم الوجبات السريعة الأشبه بالبلاستيك الملون على البطون.. وفى سيطرة الحرب على الحب.. وفى سيطرة موسيقى المهرجانات على الخلفية الصوتية للشارع.. وفى سيطرة الظلم على العدل.. وفى سيطرة النحت على اللانحت.. وفى سيطرة الواقع القبيح على الخيال.. وفى سيطرة الزبالة على أرصفة الشوارع.. وفى سيطرة الهم على القلوب.. وفى سيطرة الفراغ على الجيوب.. وفى سيطرة الدمار والدم على سوريا.. وفى سيطرة الفوضى على ليبيا وتونس.. وفى سيطرة القاعدة على اليمن.. وفى سيطرة النزاعات الأهلية على لبنان.. وفى سيطرة السيارات المفخخة على العراق.. وفى سيطرة الهرتلة على جامعات مصر بدون تدخل أى حد من الحكومة لتظبيط الأوضاع وإيقاف هؤلاء الشلحلجية من ذوى الأربع صوابع عند حدهم؟!.. لا يوجد ما هو غريب فى كل ذلك.. بل الغريب هو أن نتنازل عن كل ما يمت للمنطق بصلة ثم ننتظر حدوث أشياء منطقية بعد ذلك.. هذا هو الغريب بجد !