كان الاحتفال بذكرى السادس من أكتوبر هذا العام له مذاق خاص، فقد كان احتفالًا مصريًّا خالصًا أعاد الفضل إلى أصحابه كرم أصحاب الفضل الحقيقيين. فى نفس الوقت فشل مخطط الجماعة لتعطيل وتشويه الاحتفال، حاولوا نشر الفوضى فى ربوع البلاد، وسعوا لإراقة دماء المصريين فى يوم نصر على إسرائيل، تصدى لهم مواطنون عاديون هالهم ما رأوا من أفعال الجماعة التى انفصلت تمامًا عن الوطن وجدانيًّا، وباتت تعيش بخيال خاص ووجدان لا علاقة له بالمصريين. ويبدو أن نجاح الاحتفال مصريًّا وعربيًّا وحالة السعادة التى غمرت المصريين بعودة بلدهم لهم يبدو أنها دفعت الجماعة إلى التخطيط للقيام بعمليات إرهاب عشوائى لا هدف له سوى الانتقام من المصريين، فبعد منتصف ليلة الاحتفال أقدمت عناصر مسلحة تابعة للجماعة والجماعات القريبة منها على مجموعة من العمليات الإرهابية ضد رجال الشرطة والجيش والمواطن المصرى العادى، أقدمت جماعة إرهابية على شن عدوان على كمين بمنطقة نادى الرماية بمحافظة الجيزة، كان الهدف قتل عدد من جنود وضباط الكمين، وبعد ذلك بساعات وقع الهجوم على سيارة تابعة للقوات المسلحة على طريق الإسماعيلية وبمحافظة الشرقية، ومع فجر يوم الإثنين استيقظ سكان ضاحية المعادى بجنوب القاهرة على صوت انفجار ضخم تأكد لاحقًا أنه ناجم عن إطلاق قذيفة «آر بى جى» على مبنى القمر الصناعى بالمعادى. خلال يوم الاحتفال ألقت آجهزة الأمن القبض على 37 عنصرًا من عناصر الجماعة كانوا يضعون قنابل على مسار مترو الأنفاق بمنطقة شبرا الخيمة، وقد بلغ عدد القنابل التى تم زرعها 57 قنبلة. وإذا أمعنا النظر فى هذه الحوادث الإرهابية سوف نجدها عبارة عن أعمال عنف عشوائى طائش لا هدف لها سوى قتل وإصابة مواطنين مصريين وتخريب منشآت عامة، وهو هدف الجماعة حاليا وفق تعليمات التنظيم الدولى، فالجماعة فقدت الأمل فى إعادة مرسى إلى السلطة، ففقدت صوابها، وبدأت فى ممارسة العنف العشوائى بلا هدف سوى التخريب، وهنا نقول إن الجماعة تواصل الخسارة، فقد أدت أعمال العنف والإرهاب إلى غضب شعبى شديد على الجماعة تجسد فى تصدى المواطنين العاديين لعناصر الجماعة وملاحقتهم. فى نفس الوقت تواصل الأجهزة الأمنية المصرية أعمالها فى تأمين مصر والمصريين، ويحقق تعاون الجيش والشرطة نتائج باهرة فى مواجهة الجماعات الإرهابية، ووسط هذه الأجواء خرج علينا من يقول إن هذه العمليات سوف تستنزف قدرات أجهزة الأمن وتضعف الدولة المصرية ومن ثم لا بد من فتح حوار مع عناصر الجماعة للوصول إلى حل سياسى، وهناك من ذهب خطوة إضافية طارحًا سؤال «أليسوا مصريين؟»، وهو سؤال يستهدف خدمة الدعوة للدخول فى حوار مع الجماعة. وهناك من قرر السير خطوات إضافية فى الدعوة للحوار مع الجماعة من خلال أحداث حالة فزع لدى المصريين عبر تذكيرهم بالسيناريو العراقى، أى العيش فى ظلال العمليات الإرهابية سنوات طويلة والتفجيرات اليومية، وهو أمر غير صحيح بالمرة، فمصر بعيدة كل البعد عن السيناريو العراقى، فالعراق غرق فى دوامة العنف والإرهاب بفعل تفكيك جيشه واستبدال النظام بمؤسسات طائفية، وهو أمر لم ولن يحدث فى مصر لسبب بسيط للغاية هو أن جيش مصر هو جيش الشعب يمثل كل المصريين وهو مدرسة الوطنية المصرية يخدم فيه كل مصريين ولا يفرق بينهم بسبب دين، طائفة أو عرق. لكل ذلك أقول بوضوح شديد إن الدولة المصرية سوف تنتصر على الإرهاب كما انتصرت عليه فى أعقاب اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، ومرة ثانية فى منتصف التسعينيات، المهم هنا هو دعم الدولة المصرية وتمكينها من الانتصار فى معركة الإرهاب، وفى سبيل ذلك لا بد أن تتوقف الأصوات التى تتحدث عن مصالحة مع الجماعة فلا مصالحة مع من يرفع السلاح فى وجه الدولة، ولا مصالحة مع من يستهدف جيش وشرطة مصر، لا مصالحة مع من يقتل المصريين ويضع القنابل لتفجير مترو الأنفاق، باختصار لا مصالحة مع الإرهاب، فمصر دولة مركزية لم ترضخ فى يوم أمام الإرهاب ولم تنحنِ له، وهو ما يميز مصر عن غيرها من الدول التى تعانى من الإرهاب والعنف، فالدولة المصرية أولا.