قبيل احتفال مصر باليوم العالمى للشعر تتوالى أسئلة ملحة لاتفصلها سوى ساعات عن هذا الاحتفال المرتقب يوم السبت المقبل لعل في مقدمتها:«متى تبدع الثورة الشعبية المصرية قصيدتها التي يرددها الشعب في شوارع المحروسة وأرض الكنانة»؟!. وهذا السؤال مبرر تماما لأن الثورة قد ابدعت بالفعل روايتها المصرية الكبيرة التي يجسدها السفر الروائي لعمار علي حسن «سقوط الصمت»، فيما لايمكن القول بالدرجة ذاتها من الثقة أن هناك قصيدة واحدة منذ انفجار الموجة الأولى للثورة الشعبية المصرية في الخامس والعشرين من يناير 2011 هي قصيدة الثورة بما هو عميق وحقيقي وإنساني في هذه الثورة وهنا فإن الشارع المصري هو المقياس والحكم!. واحتفالات هذا العام تقام عالميا تحت شعار «100 ألف شاعر يجتمعون من أجل التغيير» فيما تعد الثورة المصرية فعلا تغييريا فذا على عديد المستويات وينتظر المعادل الابداعي الشعري. وإذا كان السؤال الكونى مازال يتردد بقوة: هل ينجح الشعر فى تغيير العالم؟! فإن هذا السؤال ينسحب على المشهد الشعري في مصر الذي يبدو مفتقرا إلى الحد الكافي من المغامرة الإبداعية الجمالية المغايرة والخارجة على السائد والمألوف بقدر مايبدو هذا المشهد بحاجة لقدرات معرفية باتت جزءا لايتجزأ من قدرة المبدع على الابداع في القصيدة كما يظهر المشهد العالمي. ومن نافلة القول إن الشعر يؤثر ويتأثر ويتفاعل مع بقية الفنون ولابد من انفتاحه على جديد المشهد العالمي محتفظا بنسغه المصري دون تعصب مقيت او شوفينية تحجب الحقائق وبريئا من اصفاد واغلال الانغلاق والظلامية ومتفاعلا مع حركة الشعب نحو اهدافه الكبرى وواصلا بين المرئي واللامرئي. ولاجدال أن الشعر كذروة من ذرى الفن ترياق مضاد لنزعة التسليع وقيم السوق المتنامية في زمن العولمة، كما أن القصيدة بجمالها الداخلي وجوهرها المتفرد وضياء النفس مازالت تبرهن على قدرة المبدع الفرد بروحه الثرية ووهجه وتوهجه وحلمه وطموحه وبصيرته في تحقيق القيمة المضافة ابداعيا وبصورة تتحدى الانتاج النمطي الجماعي فهي لاتستنسخ الكائن وانما تحلق نحو ماينبغي أن يكون. اليس الشعر محاولة لاتنتهي للاجابة على سؤال الفن المتمرد على كل معيار وامثولة وانماط واحكام مسبقة والمنفلت من كل تحديد والمتحرر من كل الحدود إلا حدود الفن إن كان للفن حدود؟!..اليست القصيدة رد اعتبار للذات وسط زحام الكائنات؟!..هي كذلك سعي ابداعي بحساسية الشاعر الحق لتوليف صيغة تمزج بين التجربتين الفنية والانسانية فتتناغم المتناقضات وتتصالح الأضداد ويتوالى الجمال ضوءا ولونا وصوتا ورائحة وعبقا وغيوما واصداء وواقعا كالخيال وخيالا كالواقع!.