تعقيبا على حادث المنشية كتب علِى أمين: الإرهاب لم يعد موجَّهًا ضد زعيم أو رئيس حكومة وإنما أصبح موجَّهًا ضد جميع طبقات الشعب كامل الشناوى: الإرهاب حكم على مصر بالشلل والتأخر والفزع لم تكن جماعة الإخوان على مدى تاريخها مقبولة من الجماعة الثقافية والكتاب والمبدعين، لضلوعها الثابت والدائم والمستمر فى إشعال الفتن المتعددة، الطائفية والسياسية والفكرية، ومنذ أن وضع مؤسسها حسن البنا البنود التى انبنت عليها الجماعة، وحالة الهدم تتراكم، هدم الحياة، وتكريه الناس فيها، تحت شعارات ورايات إسلامية، وتأويلها تأويلات خاطئة وكارثية، اقرؤوا ماذا كتب فى نهاية رسالة الجهاد، وماذا كان يعلم أبناء الجماعة: «أيها الإخوان: إن الأمة التى تحسن صناعة الموت وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة، يهب لها الله الحياة العزيزة فى الدنيا والنعيم الخالد فى الآخرة، وما الوهن الذى أذلّنا إلا حب الدنيا وكراهية الموت، فأعدوا أنفسكم لعمل عظيم واحرصوا على الموت توهب لكم الحياة، واعلموا أن الموت لا بد منه وأنه لا يكون إلا مرة واحدة، فإن جعلتموها فى سبيل الله كان ذلك ربح الدنيا وثواب الآخرة»، هذا وغيره من تعاليم وأوامر ما كان يبثه فى نفوس وأرواح شباب الإسلام، وهذه التعاليم هى التى ما زالت الجماعة الإسلامية تتداولها وتتبناها حتى اليوم، وهذه هى التعاليم التى دفعت شباب الإخوان إلى ارتكاب الجرائم الإرهابية منذ الأربعينيات حتى الآن، منذ اغتيال القاضى الخازندار الذى قضى بحل الجماعة، ثم محمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء، ثم محاولة اغتيال جمال عبد الناصر فى أكتوبر عام 1954 فى المنشية، وتفجير دور السينما والمطاعم والمحلات وليس بعيدا أن يكون لهم دور فى حريق القاهرة المشؤوم فى يناير 1952، وغيرها من جرائم عديدة، هذا غير الدور الرجعى الذى كانت تبثه الجماعة فى الفن والفكر والأدب، لذلك كان الكتاب والمثقفون على طرف نقيض دائم فى مواجهة الجماعة، وما نراه اليوم من كتابات وأفلام ومسلسلات إلا الامتداد الطبيعى لتيار كان فاعلا على مدى التاريخ الثقافى المصرى، وهذا هو محمد التابعى يتحدث عن الشباب المغيب الذى ذهب للانضمام إلى الجماعة التى ستهديه إلى الصراط المستقيم، ولكنها أوصلته إلى طريق آخر، يقول التابعى: «شبان وفتيات مسلمون امتلأت صدورهم بحماسة الشباب وقلوبهم بحب الله والرسول فذهبوا إلى جماعة الإخوان يطلبون مزيدا من الهداية ومن نور الله! وأن تبصِّرهم الجماعة بأمور دينهم وأن تهديهم سواء السبيل، وما أظن واحدا منهم خطر بباله وهو يطرق باب الجماعة أنها سوف تجعل منه قاتلا باسم الله الرحمن الرحيم! وغادِرًا لئيما باسم الدين الحنيف، ما أظن أن أحدا منهم مرّ بباله هذا الخاطر وإلا لكان نكص على عقبيه. شبان وفتيان فى مقتبل العمر تنقصهم التجربة وينقصهم الإدراك السوىّ والقدرة على وزن الأمور بميزانها الصحيح، هؤلاء الشبان جميعهم ضحايا، فليس الضحايا وحدهم هم الذين أُريقت دماؤهم ظلما وعدوانا على أيدى هذه الآلات المسخرة الخرساء، بل هناك كذلك الضحايا التى امتلأت نفوسها سمًّا صبّه فيها زعماء الإخوان ممزوجا بآيات القرآن الكريم!!». وتعقيبا على حادث المنشية عام 1954 كتب علِى أمين سلسلة مقالات جاء فيها: «الإرهاب لم يعد موجها ضد زعيم أو رئيس حكومة، وإنما أصبح موجها ضد جميع طبقات الشعب، وكميات الجليجنايت والديناميت التى كانت مخبأة، لم تكن معدة لقتل جمال عبد الناصر وحده ولا لقتل زملائه التسعة ولا لقتل 160 ضابطا من الضباط الأحرار، إنها كانت معدة لقتلِى وقتلك، معدَّة لقتل ابنك وهو فى السينما، وزوجتك وهى تشترى من المحل التجارى، وأخيك وهو يعمل فى المؤسسة، ووالدك وهو يشهد فى المحكمة، فالمواد الناسفة لا تصوَّب إلى فرد وإنما إلى المجموعات المارة فى الشارع والنائمين فى البيوت، والجالسين فى مكاتبهم، فقضية الإرهاب لم تعد قضية الحاكم، لقد أصبحت قضيتى وقضية أسرتك وأسرتى، وقضية شعب بأكمله، ويوم نقضى على الإرهاب تستطيع أن تخرج من بيتك وأنت واثق أنك ستعود إليه فلا تجده أنقاضا!!». وإذا كان الصحفيان الكبيران التابعى وعلى أمين كتبا هذا الكلام مثلما كتب صحفيون كثيرون، فماذا قال الشاعر المرهف كامل الشناوى: «إن هذا الإرهاب هو حكم على مصر بالشلل، والتأخر والفزع، إننى لا أعجب كيف استطاعت السلطات أن تضع يدها على كل هذه الأهوال، ولكنى أعجب كيف استطاع الإرهابيون أن يصنعوا كل هذا وهم آمنون مطمئنون! إننى حزين أن يوجد إنسان واحد، لا جماعة، يصنع الموت للناس، ويحترف التخريب والتدمير، وإن قلبى ليقطر حزنا إذا كانت هذه الجماعة ترتكب جرائمها باسم الإسلام، وتجد من يصدقون دعواها!، إن الإسلام الذى يدعو إلى المحبة والسلام برىء من أسلحة المقت والختل والاغتيال، الإسلام يقول فى كتابه الكريم: (وجادلهم بالتى هى أحسن)، لا يقر الجدل بالمسدسات والمدافع والمتفجرات». هذا بعض ما كتبه قامات صحفية وثقافية وأدبية فى إرهاب الجماعة وتاريخها وتاريخها المشؤوم، وكأنهم يتابعون ما يحدث الآن، وبالأساليب ذاتها، ولو حدث أن جمعنا ما كتبه كُتّاب ومثقفو ومبدعو هذه الأمة عن هذه الجماعة، لن تكفيه عشرة مجلدات، ونحن مطالَبون بالفعل بالتعرف على الوجه الحقيقى المنبوذ والملعون لهذه الجماعة من خلال ما كتبه رموز الثقافة والفكر والصحافة.