كتب: محمد سليمان وعمر فارس نواب: لسنا كبرلمان تونس ومجلسنا «الأتعس حظًّا».. وخبير برلمانى: تركيبة المجلس تصعِّب سحب الثقة من أى وزير أقل من 30 يوما، وينتهى دور الانعقاد الأول لمجلس النواب الحالى برئاسة الدكتور على عبد العال، وفقًا للدستور الحالى، إلا أن المجلس لا يزال حتى الآن بعيدًا عن استخدام أدواته الرقابية تجاه حكومة المهندس شريف إسماعيل، والتى أعلنت برنامجها أمام مجلس النواب فى 27 مارس «قبل 4 أشهر» ووافق عليه أكثر من نصف عدد أعضاء المجلس وتحديدًا 433 عضوًا، فلم يتم مناقشة عشرات الاستجوابات المقدمة من قبل النواب والموجه للحكومة، رغم أن هذا حق أصيل للمجلس الذى من المفترض أن دوره رقابى وتشريعى. وبدأ مجلس النواب عمله فى شهر يناير الماضى، واستمر حتى شهر مارس، دون أى دور رقابى بداعى أن الحكومة لم تعلن برنامجها وقتئذ، إلا أنه عقب إعلان المهندس شريف إسماعيل برنامجه أمام أعضاء مجلس النواب، لم يتغير من الأمر شىء، حيث لم يحضر أى وزير من وزراء الحكومة؛ للرد على طلبات الاستجوابات المقدّمة، بينما اكتفى مجلس النواب، بمناقشة موضوعات بعض الاستجوابات، وطلبات الإحاطة، والأسئلة العاجلة التى تقدم بها أعضاؤه فقط دون حضور الوزراء، واكتفى بالاستماع إليهم خلال اجتماعات اللجان النوعية. ويأتى ذلك رغم اقتراب دور الانعقاد الأول للمجلس من الانتهاء، وبالتوازى مع الحراك الحاصل فى عدد من البرلمانات الأخرى، سواء على المستوى الدولى أو الإقليمى، ومنها البرلمان التونسى والذى صوّت الأسبوع الماضى، على سحب الثقة من الحكومة التونسية والتى يرأسها الحبيب الصيد، بعد عامٍ ونصف فقط من تشكيلها، اعتراضا على أدائها وفشلها فى تحقيق برنامجها الذى أعلنته من قبل. وتصل أدوات مجلس النواب -وفقا للدستور- إلى حد إمكانية استجواب أى وزير فى الحكومة، ثم سحب الثقة منه، حيث تنص المادة 113 من الدستور، والمندرجة تحت باب السلطة التشريعية على أنه: «لمجلس النواب أن يقرر سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم. ولا يجوز عرض طلب سحب الثقة إلّا بعد استجواب، وبناء على اقتراح عُشر أعضاء المجلس على الأقل، ويصدر المجلس قراره عقب مناقشة الاستجواب، ويكون سحب الثقة بأغلبية الأعضاء، وفى كل الأحوال، لا يجوز طلب سحب الثقة فى موضوع سبق للمجلس أن فصل فيه فى دور الانعقاد ذاته، وإذا قرر المجلس سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، أو من أحد نوابه أو أحد الوزراء، أو نوابهم، وأعلنت الحكومة تضامنها معه قبل التصويت، وجب أن تقدم الحكومة استقالتها، وإذا كان قرار سحب الثقة متعلقًا بأحد أعضاء الحكومة، وجبت استقالته». لا نتربص بالحكومة من جانبها، علّقت مارجريت عازر، القيادية بائتلاف دعم مصر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، على سحب البرلمان التونسى الثقة من الحكومة، بأنه لا توجد مقارنة بين البرلمانين التونسى والمصرى، خاصة وأن نظام كل منهما بعيد كل البعد عن الآخر. وأضافت عازر، ل«التحرير» أن سحب الثقة من الحكومة قرار سياسى فى الأصل، ويأتى بناءً على إجماع من نواب الشعب، طبقًا لما يقرره الدستور، مستدركة: «فى تونس رأى البرلمان أن الحكومة مقصّرة، فاتخذ هذه الخطوة وفقًا لقواعده المقررة فى دستوره، لتلبية طموحات الشعب من خلال حكومة جديدة». وأكدت عازر أن البرلمان المصرى لا يتربص بالحكومة نهائيا بسحب الثقة منها، لكن يمكن سحب الثقة من أكثر من وزير، وذلك بناءً على تقييم هؤلاء الوزراء، مشيرة إلى أن هناك عددًا من الوزراء مقصّرون، لكن فى مجمل الأمر الحكومة تعمل بشكل جيد وهناك وزراء آخرون يعملون بطريقة سليمة وجيدة، لذلك لا يمكن القول بأن سحب الثقة من الحكومة أمر وارد. وتابعت القيادية بائتلاف دعم مصر: «التقصير فى الأداء الرقابى للنواب المصريين وخصوصًا فى طلبات الاستجوابات يأتى لعدة أسباب، أهمها انعقاد الدور التشريعى الأول بعد موعده ب3 أشهر، وثانيها التحقيقات الدستورية التى كلّف بها النواب فى أول دور الانعقاد وهى مناقشة القرارت بقوانين، التى أقرّها الرئيسان عدلى منصور وعبد الفتاح السيسى، وإعداد اللائحة الدخلية لتنظيم عمل مجلس النواب، فضلًا عن مناقشة مشروعات القوانين التى يتقدم بها النواب»، لافتة إلى أن النواب يعملون بجهد كبير، مستخدمين أدواتهم الرقابية داخل اللجان، ويتقدمون بطلبات إحاطة كثيرة جدا. عقبات فى طريق المجلس بينما رأى الدكتور مجدى المرشد، رئيس لجنة الصحة بالبرلمان، أن «هناك عقبة أمام النواب تمثلت فى بدء العمل منذ شهرين فقط فى اللجان بسبب تأخر تشكيلها، مما أعطى انطباعًا بأن مجلس النواب غير منتج وجعلته غير ظاهر بأدائه أمام الناس وليس فعالا، وأقولها بكل جرأة إن مجلس النواب 2015 هو أفضل مجلس نواب منذ فترات كبيرة، لكن الشعب بقى عنده استعجال شديد ولم يعد صابرا على أى شىء». وتابع: «من يقل إننا مجلس الصوت الواحد فإنه ليس فى قواه العقلية وكلامه منافٍ للحقيقة، فهناك 395 اتجاها داخل البرلمان، ومصيبة هذا المجلس أن كل واحد فيه فى اتجاه، بدليل أن قانون الخدمة المدنية عرض فى أول دور الانعقاد وتم رفضه، ثم تم عرضه مرة أخرى وإقراره، فى وجود دعم مصر خلال التصويت فى المرة الأولى والثانية». يمكن ل«الأقليه» سحب الثقة ويقول رامى محسن، مدير المركز الوطنى للاستشارات البرلمانية، «إن النظام البرلمانى التونسى يشبه إلى حد كبير النظام البرلمانى المصرى، من حيث إجراءات ومتطلبات سحب الثقة من الحكومة، مؤكدًا أن قرار البرلمان التونسى لا بد أن يكون درسا للبرلمان المصرى، بأنه لا يوجد لا أحد فوق سلطة سحب الثقة من الوزراء». وتابع محسن: «إلّا أن أقلية مجلس النواب يمكنها أن تصل إلى مرحلة ما قبل سحب الثقة، بالبدء فى إجراءاتها حتى عملية التصويت والتى سترفض من الأغلبية، إلّا أن التهديد بسحب الثقة سيكون مكسبا فى ذلك الوقت».