كشف القضاء الأمريكي، عن وثيقة، يوم الجمعة الماضي، بعد أن ظلت سرية لسنوات، أظهرت أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان يتوجب عليه الموافقة على أية عمليات يتم التخطيط لها لاستهداف إرهابيين في الخارج، بما في ذلك تلك التي يتم تنفيذها بواسطة طائرات بدون طيار "درونز" أو بأية أسلحة أخرى خارج مناطق الحرب. وتلك الوثيقة التي تم الكشف عنها بأمر قضائي أمريكي هي عبارة عن "دليل الاستخدام" للطائرات بدون طيار التي تستخدمها الولاياتالمتحدة في المجال العسكري، حيث يتضمن الدليل المكون من 18 صفحة المعايير التي يتم الامتثال لها عند اتخاذ القرار باستخدام هذه الطائرات، ومن بينها وجوب موافقة الرئيس على أية عملية باستثناء بعض الهجمات المحددة التي لم يوقع الرئيس بالموافقة عليها. ويؤكد "دليل الاستخدام" على ضرورة "التحقق من الأهداف عالية القيمة" قبل القيام بأية عملية، إضافة إلى أن الدليل يتحدث عن ضرورة وجود "شبه يقين" بأن الهدف الإرهابي موجود في المكان، وأن المكان لا يتواجد فيه مدنيون، وأن الغارة الجوية القاتلة سوف لن تؤدي إلى سقوط قتلى أو جرحى من المدنيين، كما أن عملية الاغتيال بطائرة "درونز" يجب أن تتم عندما لا يكون الاعتقال ممكنًا، كما أنه يتوجب أن يكون الهدف لا يزال يشكل تهديدًا "وشيكًا أو مستمرًا للأمريكيين"، أي أنه يجب أن يكون إرهابي نشط يواصل عملياته ضد الأمريكيين. وجاءت هذه المعلومات لتكشف الدور الحقيقي للرئيس الأمريكي في الضربات الجوية التي تقوم بها الولاياتالمتحدة بواسطة طائرات بدون طيار، وهي الضربات التي تثير جدلاً واسعًا داخل الولاياتالمتحدة وخارجها، أما سبب الجدل والانتقاد لهذه الضربات فيدور حول محورين، الأول أنها تشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان، والثاني أنه تم بواسطتها اغتيال مواطنين أمريكيين في الخارج بسبب الاشتباه بصلتهم بالإرهاب، وهو ما يشكل انتهاكًا لدستور الولاياتالمتحدة الذي يوجب على السلطات أن تحمي مواطنيها في الخارج لا أن تقوم بتهديد حياتهم. والوثيقة ذات ال18 صفحة ظلت سرية لدى الإدارة الأمريكية منذ صدورها وبدء العمل بها في مايو 2013، إلا أن البيت الأبيض أصدر في حينها ورقة تتضمن مختصرًا للإجراءات الواردة في هذه الوثيقة والتي تمتثل لها الإدارة الأمريكية عند القيام بعمليات بواسطة طائرات ال"درونز"، كما تنص الوثيقة المشار إليها إلى ضرورة الامتثال لكافة القوانين المحلية والدولية عند القيام بهجمات بواسطة "طائرات بدون طيار"، وعدم انتهاك هذه القوانين. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي نيد برايس قوله: إن "الرئيس أكد بأن حكومة الولاياتالمتحدة يجب أن تكون شفافة قدر الإمكان مع الشعب الأمريكي بشأن عمليات مكافحة الإرهاب، بما في ذلك الطريقة التي يتم بها الأمر ونتائج هذه الطريقة". وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من التعهدات بالشفافية فإن الإدارة الأمريكية انتظرت حتى بقيت للرئيس أوباما شهور معدودة في منصبه قبل أن تعلن عن معلومات مفصلة بشأن عمليات طائرات الدرونز، والغارات الجوية القاتلة". وتابعت أنه تم الإعلان الشهر الماضي عن الأعداد الإجمالية للمدنيين الذين قتلوا من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والغارات العسكرية الأمريكية في دول بالخارج من بينها باكستان واليمن والصومال وليبيا، حيث تبين بأن ما بين 64 إلى 116 مدنيًا قتلوا، إضافة إلى ما بين 2372 ل2581 مقاتلاً لقوا حتفهم في 473 غارة جوية نفذتها طائرات أمريكية في هذه الدول التي هي ليست مناطق حرب بالنسبة للولايات المتحدة، وهذه الأرقام لا تشمل بطبيعة الحال "مناطق الحرب" التي تعمل بها الولاياتالمتحدة بشكل علني مثل سوريا والعراق وأفغانستان. جدير بالذكر أن الكثير من المنظمات الحقوقية والنشطاء يتهمون الولاياتالمتحدة بالتوسع في استخدام الطائرات بدون طيار في عمليات خارج الأراضي الأمريكية، وهي هجمات كثيرًا ما تؤدي إلى سقوط ضحايا من المدنيين أو تقصف أهدافًا خطأ، على الرغم من أن الأمريكيين يؤكدون فعالية هذه الضربات في التصدي للمنظمات الإرهابية التي تخطط على الدوام لاستهداف المصالح الأمريكية أو المواطنين الأمريكيين.