استمرار الادارة الأميركية باستخدام طائرات "الدرونز" وشنّ عمليات اغتيال يظهر تناقض تصريحات الرئيس أوباما ووعوده التي أطلقها العام الماضي للحد من غارات هذه الطائرات ودور المحاكم الاتحادية في شرعنة تلك الغارات لتثبيت الهيمنة والغطرسة الأميركية في المنطقة. "استراتيجية الدرونز الفتاكة أضحت ركناً أساسياً في السياسة الأمريكية لمكافحة "الارهاب" .. وأقصت (الادارة) الأبعاد والأطر الاستراتيجية الحقيقية" عن التداول العام، "وحصرت محور التداول في أضيق نطاق حول فعالية (الاغتيالات) .. وهل تحصد أرواحاً كبيرة من المدنيين". الكلام السابق موجز اجماع آراء مراكز الأبحاث والمعنيين، يتصدره معهد "مشروع الأمن الأميركي،" في مسعاه لاشراك أكبر قطاع ممكن من الرأي العام والمختصين والتصدي للسلطات الاضافية التي أقرها الرئيس أوباما العام الماضي. أصدرت ادارة الرئيس أوباما في شهر مايو 2013 مذكرة أسمتها "بالكتاب الأبيض،" لاضفاء أطر قانونية وتدابير معينة "تضبط" سياسة الاغتيالات بالدرونز عقب تصاعد الجدل الشعبي واتضاح حجم ضحاياها من المدنيين، قوامها حصر مسؤولية استخدام الدرونز بوزارة الدفاع بعيداً عن سيطرة وكالة الاستخبارات المركزية كسلاح فتاك يخدم الاهداف الاستراتيجية الأمريكية. مع الاشارة إلى السرية المطلقة التي تحيط بطبيعة الأهداف والمستهدفين وآلية الاختيار. وسعى الرئيس أوباما إلى طمأنة الرأي العام المعارض إلى عدم اللجوء لشن غارات بطائرات الدرونز ضد أي مشتبه به .. إلا في حال تعذر اعتقال المشتبه به، وعند توفر حالة شبه اليقين بعدم تعرض المدنيين" لعواقب الاجراء كجرحى أو قتلى". في الخلفيات، تلبدت الأجواء السياسية في واشنطن مطلع العام الجاري عقب اعلان الادارة الأميركية عن نيتها "للمصادقة على شن غارة جوية فتاكة تستهدف مواطن أميركي يقطن في باكستان .."، وهي المرة الأولى التي ينطق بها مسؤول أميركي بصراحة اللسان "المضي باغتيال مواطن أميركي" يقطن خارج الأراضي الأميركية منذ اصدار الادارة "كتابها الأبيض" لتقنين عمليات الاغتيال بطائرات الدرونز. يذكر أن المرة الأولى (المعلنة) التي أقدمت فيها ادارة الرئيس أوباما على اغتيال مواطن أمريكي كانت في شهر سبتمبر 2011، استهدفت أنور العولقي في اليمن، الذي يحمل الجنسية الأميركية. كما أقرت ادارة الرئيس أوباما نهاية العام الماضي بمسؤوليتها عن اغتيال "أربعة مواطنين أمريكيين" منذ تسلم الرئيس أوباما مهام ولايته الرئاسية. وأوضحت صحيفة "نيويورك تايمز،" 10 فبراير 2014، حملة الانتقادات الشديدة الصادرة عن الممثل الجمهوري رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، مايك روجرز، الموجهة للرئيس أوباما والمناهضة لما أسماه ميل الرئيس "لتقييد حرية سياسة الاغتيالات" ومعارضته سحب مسؤولية الاشراف على عمليات الاغتيالات من وكالة الاستخبارات المركزية ووضعها تحت مظلة وزارة الدفاع. وسرعان ما اتسعت دائرة الانتقادات والمعارضة للرئيس أوباما لاخفاقه تطبيق سياسته المعلنة على خلفية جملة من المعطيات، لعل أهمها أن "سياسة الدرونز اشد خطورة كونها تغذي سباق تسلح جديد بلغت تكلفته عدة مليارات من الدولارات،" سيما وأن هناك ثلاث كيانات سياسية استخدمت طائرات الدرونز للاغارة المسلحة: أميركا وبريطانيا و"اسرائيل؛" والأخيرة تعد "في المرتبة الأولى" عالمياً لتصدير طائرات الدرونز المسلحة، تليها الولاياتالمتحدة في المرتبة الثانية. ورصدت منظمة "هيئة التحقيقات الصحفية" المستقلة حصيلة ضحايا اغتيالات طائرات الدرونز التي تراوحت بين 2،296 و 3،178 فرد ثلثهم من المدنيين (مع الاشارة إلى انعدام توفر احصائيات دقيقة). ويشير الخط البياني للاغتيالات الى تصاعد ثابت على امتداد بضع السنوات الأخيرة، أدى تزايد الطلب الرسمي لتطبيقها إلى "نقص في الطواقم البشرية لادارتها، بالزعم أن الاطقم ضئيلة التدريب مما يتسبب في وقوع مزيد من الضحايا". استفاق العالم في شهر ديسمبر من العام الماضي على أخبار غارة لطائرات الدرونز استهدفت حفلة زواج في اليمن، ذهب ضحيتها نحو 12 فرداً وجرح 15 آخرين من بينهم العروس. وزعمت كل من الحكومة الأميركية واليمنية أن الضحايا هم أعضاء فاعلين في تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، فندته شهادات شهود العيان وأقارب الضحايا جمعتها منظمة "هيومان رايس ووتش" لحقوق الانسان؛ والتي أتت في تناقض صارخ مع بيان ادارة الرئيس أوباما بأن السياسة الأميركية تقتضي قدراً من "التيقن يقترب من اليقين" بعدم تعريض المدنيين للاصابة في تلك الغارات. في الشاطيء المقابل من المحيط الهاديء، صوّت مجلس الاتحاد الأوروبي باغلبية ساحقة، 534 الى 49، للمصادقة على قرار يطالب الدول الأعضاء "مناهضة وحظر سياسة الاغتيالات خارج نطاق القضاء،" ومطالبتها أيضاً "بعدم ارتكاب اغتيالات غير قانونية أو توفير تسهيلات لاغتيالات تقوم بها دول أخرى؛" بغية مضاعفة الضغوط على بعض الدول الأوروبية لوقف عملية انتاجها واستخدامها لطائرات الدرونز المسلحة، خاصة بريطانيا وألمانيا وايطاليا وفرنسا، والضغط لوقف تعاونها مع سياسة الدرونز الأميركية. الصدى الأوروبي انعكس أميركياً تمثل باعلان أكبر تجمع كنسي أميركي، مجلس الكنائس العالمي، معارضته لاستخدام طائرات الدرونز في بيانه الصادر في 13 شباط/فبراير 2014. وأوضح بيان المجلس أن استخدام طائرات الدرونز في عمليات الاغتيال يشكل "تهديداً جاداً للانسانية" جمعاء، وأدان بشكل خاص الاغتيالات التي تقوم بها الولاياتالمتحدة في باكستان. النقابة الأمريكية للحريات المدنية (ACLU) وصفت سياسة الدرونز بأنها كمن يعيش في "منطقة آمنة من عواقب الدستور Living in a Constitution-free Zone" وما يترتب عليها من متطلبات. وانضم "مجلس الأممالمتحدة لحقوق الانسان" لجهود المعارضة باصداره تقريراً قبل بضعة أسابيع يناشد الادارة الأميركية اجراء مراجعة لسياسة الدرونز المعتمدة والكشف عن العوامل التي تعينها في تحديد أهداف اغتيالاتها. وأوضح التقرير أنه يتعين على الولاياتالمتحدة بذل جهود مضاعفة للكشف عن معلوماتها المتوفرة الخاصة بآلية قرارها تحديد ما إذا كان عنصر ما "يشكل تهديداً وشيكاً" لمصالحها في العمليات السرية الجارية على الأراضي الباكستانية والأفغانية واليمينة والصومالية ودول أخرى. وطالبتها أيضاً "مراجعة موقفها حيال التبريرات القانونية الخاصة باستخدام الأسلحة الفتاكة في هجمات طائراتها من الدرونز،" واجراء تحقيق لتبيان الانتهاكات وتعويض أهالي الضحايا. في هذا السياق تزعم السلطات الأميركية ومؤيديها في وسائل الاعلام بأن مسألة الاغتيالات بطائرات الدرونز "لا تثير موجة غضب شعبية او تعاطف مع الحركات الارهابية" في الدول المستهدفة أراضيها، باكستان واليمن، "استناداً لتقارير الاستقصاء الصحافية المقدمة ممن زاروا البلدين". غياب المعلومات الدقيقة والغموض المتعمد الذي يلف مسألة الاغتيالات يسهم في اضفاء بعض عناصر"الموضوعية" الصحفية لتلك المزاعم، سيما عند الأخذ بعين الاعتبار ما جاء في تفسير "مكتب التحقيقات الصحفية Bureau of Investigative Reporting " المستقل الذي أكد "قدرته على توثيق كل غارة أميركية شنت بطائرات الدرونز، بيد أن ما ينقصه هو التفاصيل .. فالتفاصيل الحرجة تستدعي تحديد هوية من لقي حتفه" من ضحاياها. تقرير معهد "مشروع الأمن الأميركي،" الذي يرأسه المرشح الديموقراطي الرئاسي السابق غاري هارت، يشاطر المكتب الصحفي فيما ذهب إليه، موضحاً أن "عدداً من الدراسات (التحقيقات) العلنية تناقض بعضها بعضاً أو تنشر معلومات يستحيل التوفيق فيما بينها .. نظراً لعدم الجزم بدقة المعلومات المتوفرة حول الدرونز". تعكف بعض الدول اثارة سياسة الاغتيالات الأميركية على مستوى هيئة الأممالمتحدة، تتصدرها الباكستان لاستصدار قرار أممي يشترط انشاء هيئة تحقيق مستقلة للوقوف على غارات الدرونز الأميركية وانتهاكاتها لحقوق الانسان، توّج بتناول مجلس حقوق الانسان النظر في طلب باكستان للمرة الثالثة كان آخرها يوم 19 مارس الماضي. كما ترمي الباكستان تضمين القرار معلومات أكثر تفصيلاً لاعداد الضحايا الناجمة عن الدرونز. المعارضة الأميركية لأي دور للهيئة الأممية أوضحته نشرة "فورين بوليسي،" التي طالبت بعدم اتاحة الفرصة لمجلس حقوق الانسان "بسط ولايته القضائية" على انتهاكات حقوق الانسان الناجمة عن الغارات، اتساقاً مع نظرة كافة المؤسسات الأميركية الرافضة التعرض لسلوك الولاياتالمتحدة، التي "تعهدت بالتعاون مع المجلس" في اعلان انضمامها له عام 2009، ورفضت الافصاح عن أي تفاصيل تتعلق بالأمر. ونقلت "فوريسن بوليسي" عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الاميركية قوله ان الولاياتالمتحدة "لا تعتبر مجلس حقوق الانسان اطاراً مناسباً للنقاش في مسألة ضيقة الافق تتمحور حول نظام تسليح احادي." وعليه، تستطيع الولاياتالمتحدة تجاهل كل ما يصدر عن المجلس من توصيات وقرارات بالاحجام عن حضور جلساته. في البعد الداخلي الاميركي، من غير المرجح تبلور حملة محلية واسعة للضغط باتجاه تعديل سياسة الدرونز، خاصة بعد تساوق السلطة القضائية ممثلة بالمحاكم الاتحادية المتعددة مع ادارة الرئيس اوباما ومنحها الغطاء القانوني للمضي في تسيير الاغتيالات بالدرونز. في هذا الصدد، رفضت محكمة اتحادية برئاسة القاضية روز ماري كوليير، قبل نحو اسبوعين، دعوى مقدمة من ناصر العولقي، احد اقارب انور العولقي ونجله الاميركيين اللذين قضيا في غارات الدرونز باليمن والباكستان، على التوالي. المدعي العام الاميركي، اريك هولدر، زعم ان انور العولقي له دور شخصي مباشر في "التخطيط المتواصل وتنفيذ هجمات ارهابية تستهدف اراضي الولاياتالمتحدة." وروجت الادارة باتهام العولقي في محاولة لتفجير طائرة مدنية متجهة الى ديترويت ابان فرصة اعياد الميلاد عام 2009، وكذلك الزعم بضلوعه في حادث اطلاق النار داخل القاعدة العسكرية الاميركية، فورت هود، عام 2009 ايضا. استدركت المحكمة المذكورة قرارها "بامكانية" انتهاك السلطات القضائية لحقوق العولقي المدنية المنصوص عليها في المادة الخامسة من الدستور الاميركي، القاضية بضرورة تقيّد السلطات بحق المتهم في اجراء محاكمة عادلة وفق الاسس المنصوص عليها. وسرعان ما تراجعت القاضية عن تعليلها ورفضت النظر بالقضية استنادا الى عدم توفر آليات مناسبة للمعالجة. قرار المحكمة ينطوي على تسجيل سابقة خطيرة لشرعنة برنامج الاغتيالات للايحاء المتضمن بعدم توفر فرصة قانونية يلجأ لها من يتعرض للهجمات. مستشارة الشؤون القضائية السابقة للجنة الاستخبارات الخاصة بمجلس الشيوخ، فيكي ديفولي، علقت على "تواطؤ" السلطة القضائية بالقول ان "المدعي العام استند الى نص قانوني هزيل، غير موجود بالمطلق او انه بحاجة لتوفير تضليل كي يتسق مع المعطيات المقدمة." واضافت "لم نعهد اي رئيس (اميركي) سابق .. استهدف مواطنين اميركيين بالغارات العسكرية." سعى "بعض" ممثلي الكونغرس مساءلة الادارة الاميركية وتبريرها للاغتيالات ومدى اتساقها مع النصوص الدستورية، كان من ابرزهم رئيس اللجنة الدستورية في مجلس الشيوخ، باتريك ليهي، الذي اخفق في مواصلة جهوده لملاحقة الارضية القانونية لسياسة الادارة والتي رفضت بحزم توفير اي معطيات قانونية تدعم مزاعمها. واوضحت ديفولي ان الادارة مغتبطة لدخول المحاكم الاتحادية على الخط لحل الازمة الناجمة عن تحديد الصلاحيات والميل لجانبها رغم ادراكها ان صلاحياتها لا تخولها الحسم في مسائل ذات بعد سياسي. واستدركت بالقول ان الرئيس اوباما بحكم مهنته السابقة كاستاذ جامعي لمادة القانون الدستوري "يدرك بعمق حدود الصلاحيات" المنصوص عليها، ويستغل كل ما يتوفر من ثغرات لتبرير سياساته "حتى وان تعارضت مع الدستور .. ومن المفارقة ان النصوص الراهنة المعتمدة تتيح للكونغرس والمحاكم الاتحادية التدخل للحد من تجاوزات الرئيس (للحقوق المدنية) .. لكنها تستثني دورها في التدخل عند مقتل مواطنين اميركيين." عضو مجلس الشيوخ "المشاكس،" رون وايدن،" اتهم الرئيس اوباما وادارته بتعطيل جهود الكشف عن ملابسات الصلاحيات الدستورية المتعلقة بالاغتيالات. وقال ان "الصلاحيات المتاحة للرئيس، لا سيما في زمن الطواريء، تخوله تطبيقها في السر دون ادنى جهد للرقابة او المساءلة .. الامر باطل وضار بالمصالح العامة." توخى "الكتاب الابيض" الصادر عن الادارة الاميركية توضيح "السياسة الراهنة للسلطة التنفيذية" بالزعم ان الرئاسة "مخولة بتعقب وقتل مواطنين اميركيين في الخارج والذين يشكلون تهديدا داهما والقيام بهجمات ارهابية" ضد الولاياتالمتحدة. قرار المحكمة الاتحادية بشأن اغتيال العولقي تناول مطابقته للشرط المذكور آنفا، بالقول "في الحقيقة انور العولقي كان عضواً فاعلاً وعدواً خطراً للولايات المتحدة." بيد ان المحكمة اغفلت "امكانية" انتهاك السلطة لحقوق العولقي المدنية باجراء "محاكمة مطابقة للاجراءات" باستنادها الى ما جاء في نصوص "الكتاب الابيض" ذات الستة عشر صفحة من ادعاء متواصل بتوفر الشروط لمقاضاته. بوسع مصطلح "محاكمة مطابقة للاجراءات" ايجاد ارضية واسعة للجدل نظرا لمرونة تفسيره، اذ ان وزارة العدل، نيابة عن السلطة التنفيذية، ترى تنفيذه مرتبط بجملة من المصالح الخاصة المنظور بها: اي ان مقياس استبعاد فرد يأخذ بعين الاعتبار المصالح التي تعتبرها الحكومة ضرورية لحماية سلامة المواطنين الاميركيين. الجهاز القضائي ينظر بعين العطف عادة للشروط والتوصيات المدرجة من قبل المدعي العام "كي ينطبق شرط الاسراع في استيفاء عوامل بدء محاكمة الفرد المستهدف،" التي تكمن بؤرتها في مدى أهمية الموضوع المتناول، وليس بالاتساق مع توفر الاجراءات القانونية. وعليه، فسّرت وزارة العدل مسار التقييم المتضمن في "الكتاب الابيض" بانه "يخضع لتقييم مسؤول حكومي رفيع المستوى ومطلع على الحقائق وتقديم استنتاجه بأن الفرد المستهدف يشكل تهديدا ماثلا" للولايات المتحدة. اما تعريف مصطلح "مسؤول رفيع المستوى" فلم يستحق التناول لتحديد منصبه الرسمي في المذكرة. تجدر الاشارة الى ان تفسير الادارة لفهمها الوارد اعلاه لا يحظى بالاجماع، بل جرّت على نفسها حملة انتقادات من كافة الاطياف السياسية. القاضي المحافظ بالمحكمة العليا، انتونين سكالِيا، انتقد بشدة ميوعة التفسير عام 2004 ابان الجدل حول تطابق المادة مع الاعتقالات التي تجري في زمن الحرب. السيناتور الديموقراطي "المشاكس،" رون وايدن، ايضا وجه انتقاده للادارة متسائلا "هل هناك من قيود جغرافية امام سعي الرئيس لاغتيال اناس عبر طائرات الدرونز؟ بصيغة اخرى، هل يستطيع الرئيس اصدار امر لطائرة درونز مسلحة بصواريخ "هيل فاير" باغتيال مواطنين اميركيين في منازلهم على الاراضي الاميركية؟" على ضوء قرار المحكمة الاتحادية الصادر المشفوع بتنامي استخدام الحكومة طائرات الدرونز لمراقبة الاجواء الاميركية، تشكل السرية المرافقة لتطبيق الاجراءات القانونية مصدر قلق لعدد من الهيئات الحقوقية والمسؤولين على السواء، لقناعتهم ان حق المتهم الامتثال لمحاكمة عادلة منصوص عليه في الدستور الاميركي، والذي رمى لتقييد الحكومة من اصدار احكام سرية وتعريض المواطنين لخسارة ممتلكاتهم وحرياتهم، وربما ارواحهم. وسائل الاعلام الاميركية سلطت الضوء في الآونة الاخيرة على استخدام الحكومة المركزية طائرات الدرونز لتتبع واعتقال مواطنين اميركيين، وقع ضحيته الاولى المواطن توماس بروسارت، عام 2011 في ولاية نورث داكوتا، بعد اعتقاله لرفضه اعادة بعض رؤوس الماشية من الابقار التي قادها مسار البحث عن الكلأ الى ارضه. اعتادت اجهزة الشرطة الاميركية المتعددة والمنتشرة على طول وعرض الاراضي الاميركية استخدام طائرات الدرونز لاغراض المراقبة. اعربت النقابة الاميركية للحريات المدنية (ACLU) عن قلقها العميق من مصير المعلومات، اذ " تقودنا الحيلة للقول اننا بحاجة الى نظام يستند الى قواعد محددة كي نضمن امتلاكنا ميزات تقنية الدرونز دون الوصول الى مرتبة مجتمع يخضع للمراقبة الدائمة." واردفت ان ما تطالب به هو "حجب قدرة الدرونز على الرقابة الجماعية وفي نفس الوقت اتاحة الفرصة لاجهزة الشرطة استخدامها في حالات المخالفات." اتساقا مع وعود الرئيس اوباما الوردية، الزم نفسه العام الماضي ببلورة سياسة جديدة توضح اسس استخدام طائرات الدرونز، ولم يكترث قيد انملة للادانة العالمية الواسعة لسياساته، بل من المرجح استمراره في الاعتماد على طائرات الدرونز كسلاح. فضلا عن ان قرار المحكمة الاتحادية المشار اليه مؤخرا سيمهد الارضية السياسية للادارة ومؤيديها بالاستمرار في سياسة الاغتيالات.