ما تفعله الإدارة الأمريكية معنا يزيدنا يقينا أننا نسير على الطريق الصحيح. آخر وقاحات واشنطن هو استمرار التدخل فى شؤوننا الداخلية. تطلب الإفراج عن المعزول مرسى، وفى نفس الوقت ترسل بعض أسطولها البحرى إلى قرب شواطئنا فى البحر المتوسط! على عكس ما تتصور الإدارة الأمريكية فإن ذلك لا يهز شعرة فى رأس مصرى واحد. ولكنه يؤكد أن أوباما وإدارته يعيشون حالة من الارتباك، وأنهم لم يفاجؤوا فقط بالسقوط السريع لحكم الإخوان تحت أقدام ملايين المصريين التى خرجت فى 30 يونيو، ولكنهم أيضا مفاجؤون بهذا الضعف المزرى لجماعة «الإخوان» التى راهنوا عليها وجعلوها أساسا لمشروعهم الجديد لفرض السيطرة الأمريكية «والإسرائيلية طبعا» على العالم العربى. وكل ما تفعله إدارة أوباما هو المحاولة اليائسة لتعطيل مسار ثورة الشعب فى 30 يونيو، وإعطاء بعض حقن التقوية لبقايا الإخوان حتى لا يستسلموا أمام إرادة الشعب قبل أن تعيد واشنطن ترتيب أوراقها! قلنا قبل ذلك إننا نقدر مدى الصدمة التى يعانى منها أوباما وإدارته بعد هذا السقوط المزرى لحكم الإخوان، الذى منحه الدعم الكامل وراهن عليه ليكون أداته فى إبقاء مصر فى ظل التبعية لأمريكا، وفى تمهيد الطريق لخريطة جديدة تفرضها أمريكا على المنطقة على حساب مصر والعرب ومصالحهم المشروعة فى التقدم والاستقلال والوحدة. نعرف الصدمة التى تلقاها أوباما بسقوط حكم الإخوان والارتباك الذى تعانيه إدارته فى التعامل مع واقع جديد فرضه شعب مصر وهو يستعيد ثورته فى 30 يونيو. لكن هذا لا يبرر مطلقا أن تستمر أمريكا فى دعم «الإخوان» ورعاية الإرهاب واستباحة الدم المصرى فى محاولة «لا بد أن تفشل» لتمهيد الطريق للتدخل الأجنبى لإعادة حكم أسقطه الشعب وألقى به فى مزبلة التاريخ! ما تفعله إدارة أوباما يؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح. ويكشف أن ما أسقطناه لم يكن فقط حكما فاشلا وفاشيا، ولكنه كان أيضا حكما عميلا تفعل أمريكا من أجله ما لم تفعله لمبارك حليفها الاستراتيجى. وهو أيضا حكم يفتقد للوطنية ويلجأ بعد السقوط للخيانة العظمى حين يطلب تدخل أمريكا وغيرها، وحين يلجأ للإرهاب وسفك الدماء فى مواجهة الشعب الذى ثار، والجيش الذى انحاز لإرادة الشعب. يعرف أوباما وإدارته أن حكم «الإخوان» الفاشى قد سقط إلى غير رجعة، ولكنه يخشى من آثار هذا السقوط الذى تعرف أمريكا أنها ستمتد إلى دولة عربية أخرى كان الرهان الأمريكى فيها أيضا على امتدادات «الإخوان» وحلفائهم. بل ويعرف أوباما أن آثار سقوط «الإخوان» سوف تمتد إلى ما هو أبعد.. إلى تركيا وغيرها من الدول التى دعمت فاشية الإخوان فى مصر! والأخطر أن أوباما يدرك الآن أن عليه أن يدفع هو نفسه ثمن سقوط «الإخوان» ونهاية استراتيجيته الفاشلة فى المنطقة، وعليه أن يواجه حسابا عسيرا فى بلاده على ما قدم من دعم سياسى ومالى للإخوان، وعلى وقوفه الآن فى صف واحد مع الإرهاب الذى يتوهم أنه قادر على معاقبة شعب مصر على إسقاط فاشية الإخوان بتحويلها إلى سوريا أخرى! يبدو أن أمريكا فى حاجة إلى إنقاذ نفسها من رئيس يرفض الاعتراف بالفشل فيقود بلاده إلى كارثة جديدة، حين يقف فى صف واحد مع فاشية الإخوان وهوس الإرهاب فى مواجهة شعب مصر وثورته المنتصرة. هل يدفع أوباما ثمن فشله، أم تسألنا أمريكا كالعادة: لماذا تكرهوننا؟!