شدَّد سامح شكري وزير الخارجية على أنَّ مصر ستبذل قصارى جهدها داخل الجامعة العربية وبالتنسيق مع "الأشقاء العرب"؛ لتمكين الجامعة العربية من أداء دورها العروبي وتعزيز آليات التعاون والتضامن بين الدول العربية خلال المرحلة المقبلة. وقال شكري، في مقال بعنوان "مصر والجامعة العربية.. تاريخ ومستقبل"، نشر اليوم الثلاثاء على مدونة وزارة الخارجية، بمناسبة يوم جامعة الدول العربية والذي يوافق اليوم: "تحتفل الدول العربية اليوم بذكرى إنشاء جامعة الدول العربية، الإطار الجامع الذي انضوى تحته العرب لأكثر من سبعة عقود خلت استطاعت الجامعة خلالها خدمة المصالح العربية والوقوف في وجه العديد من التحديات التي ألمت بمنطقتنا العربية واستطاعت من خلالها الدول العربية تحقيق الكثير والكثير من الإنجازات على صعيد العمل العربى المشترك". وأضاف: "ولمصر مع الجامعة تاريخ طويل يضع مزيدًا من المسؤولية على مصر لدعم مستقبل الجامعة لتمكينها من القيام بمهامها، وقد جاء فوز المرشح المصري أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري الأسبق بمقعد الأمين العام لجامعة لدول العربية مؤخرًا إضافةً جديدةً في مسيرة العلاقة الخاصة بين مصر والجامعة العربية، ولترسى هذه الخطوة حجر أساس جديد في بنيان جامعة العرب تستكمل به مسيرتها في مواجهة المخاطر والتحديات الجمة التي تواجه أمتنا العربية.. ونتطلع في مصر، ويشاركنا الأشقاء في الدول العربية، إلى أن يتمكن الأمين العام الجديد من استكمال الجهود الكبيرة التي قام بها الأمين العام السابق الدكتور نبيل العربي في توجيه دفة العمل العربي المشترك داخل جامعة الدول العربية بما يعزز من قدرة الدول العربية على تحقيق طموحات الشعوب العربية فى الاستقرار والتنمية". وتابع: "علاقة مصر بجامعة الدول العربية علاقة تاريخية، ترجع إلى ما قبل إنشائها.. فلقد شكل بروتوكول الإسكندرية، الوثيقة الأساسية التي بُنى عليها ميثاق الجامعة العربية، والذي تمَّ توقيعه بناءً على المشاورات التي دعا إليها مصطفى النحاس باشا، ليتم إقرار ميثاق الجامعة العربية بمقر الخارجية المصرية في مارس 1945، وليتم تعيين الأمين العام الأول لها وهو الدبلوماسي المصري عبد الرحمن عزام باشا وليتولى من بعده سبعة مواطنون مصريون منصب أمانة الجامعة من أصل ثمانية أمناء عامين لها وهم عبد الرحمن عزام، محمد عبد الخالق حسونة، محمود رياض، أحمد عصمت عبد المجيد، عمرو موسى، نبيل العربى، أحمد أبو الغيط.. ولاريب أنَّه كان لكل قامة من هؤلاء اسهاماته التي لن ينساها التاريخ، ودوره الرائد في تعزيز دور الجامعة العربية وتطوير آليات عملها استنادًا لما يملكه من خبرات دبلوماسية كبيرة، بالإضافة إلى الحفاظ على آليات عملها دون توقف، حتى في أحلك اللحظات التي مرت بها المنطقة العربية". واستطرد: "أود هنا أن أوضَّح للمشككين في جدوى بقاء الجامعة، أنَّ مسيرة العمل العربي المشترك قد شهدت في إطار جامعة الدول العربية العديد من الإنجازات على المستويات الاقتصادية والسياسية التي لا يمكن إغفالها، فقد أسهمت الجامعة في بداياتها وبشكل فاعل في دعم تحرير أجزاء كبيرة من العالم العربي ومساندة تحرير العديد من الدول الإفريقية والآسيوية، كما شهدت الجامعة وعلى مدار تاريخها العريق، إنشاء العديد من الهيئات كالاتحادات العربية النوعية مثل الاتحاد العربي للمواصلات السلكية واللاسلكية، واتحادات إذاعة الدول العربية، التوقيع على العديد من المواثيق كميثاق الوحدة الثقافية العربية وميثاق المعلم العربي، واتفاقيات التعاون العربي في العديد من المجالات، وتأسيس الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والأكاديمية العربية للنقل البحري لتوفير الكوادر البشرية العربية في مجالات الملاحة البحرية، والصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الإفريقية، وإنشاء مجالس كل من وزراء الداخلية ووزراء الإسكان والتعمير ووزراء الكهرباء العرب، وإصدار الميثاق العربي لحقوق الإنسان وإنشاء صندوق القدس والأقصى عقب اندلاع انتفاضة الأقصى، وإقرار ميثاق العمل الإعلامي العربي المشترك، وغيرها من عشرات الفعاليات والمجالس والمواقف والقرارات التي أسهمت في دفع العمل العربي المشترك، والتي أسهمت مصر فيها بشكل فاعل ومؤثر". وذكر شكري: "برغم نجاح الجامعة على مدى سنوات عملها في تخطى العديد من التحديات، إلا أنَّ ما تمر به الأمة العربية حاليًّا يعد تحديًّا غير مسبوق، وبخاصةً مع تزايد مخاطر تفتيت الدولة الوطنية وانتشار ظاهرة الإرهاب والتطرف في العديد من الدول العربية، الأمر الذي يدفعنا إلى التفكير الجاد والسريع في كيفية تطوير عمل الجامعة لتستجيب للتحديات المماثلة.. إنَّ عملية التطوير يجب ألا تتأخر، وأن تتضافر الجهود العربية لتوثيق العمل لمواجهة التطرف والإرهاب والتكاتف لتحسين معيشة الشعوب العربية، وزيادة معدلات التنمية لتوفير عدد أكبر من فرص العمل بما يستوعب حجم العمالة الجديدة الشابة في سوق العمل العربي". وأوضح: "إيمان مصر بدور جامعة الدول العربية ثابت ولن يتغير، حيث ترى أنَّ الظروف الراهنة والتدخلات الخارجية في الشأن العربي تستدعي تنسيقًا أكبر بين أعضاء الجامعة وتفعيلاً لأطر الشراكة والتعاون القائمة، بل وإيجاد آليات جديدة تستجيب للتحديات، ومن بين هذه الآليات القوة العربية المشتركة التي اقترحتها مصر، والتي تستهدف خلق آلية تنفيذية فاعلة في مواجهة التحديات الأصيلة التي يتعرض لها النظام العربي.. فلا غنى للعرب عن الإطار متعدد الأطراف الذي يجمعهم من المحيط إلى الخليج مهما بلغت قوة التنسيق على المستوى الثنائي، كما أنَّ الجامعة العربية وتفعيل دورها أصبح أكثر إلحاحًا في المرحلة المقبلة للحد من التدخلات الخارجية سواء كانت من دول الجوار الاقليمي أو من قوى أخرى خارجية". واختتم مقاله بالقول: "أود أن أؤكِّد مجدَّدًا التزام مصر بدعم الجامعة العربية لتظل بيت العرب الذي يلتئم فيه الأشقاء في أوقات المحن والشدائد للدفاع عن مصالح الأمة العربية في مواجهة ما يتهددها من أخطار".