حرف ذات أصالة فنية وذوق عال ورفيع باتت على أبواب الاندثار واختفاء معالمها الجميلة من الحياة، ومن بين تلك الحرف صناعة الفخار، حيث يعتبر العديد من الناس أن صناعة الفخار والأوانى نوعًا من الفن الرفيع ذات الذوق العالى، ومن الحرف التقليدية التى اهتم بها أبناء محافظة سوهاج منذ القدم، فلها أهلها المتخصصون بها فى كل مكان، وفى كل زمان يعشقونها من قلوبهم عشقًا يسير فى دمائهم، هكذا عبر أحد العاملين فى تلك الحرفة، ويدعى على الفخرانى من مدينة طما المشهور عنها صناعة الفخار. وقال الفخرانى ل"التحرير" إن قرى المدمر والهيشة والحريقة بمركز طما تشتهر باحتراف هذه المهنة وقرية شطورة والخذندارية بمركز طهطا، ويندرج أرباب هذه الحرفة تحت إطار الأعمال الحرفية اليدوية، التى تبهر الجميع كبيرًا كان أو صغيرا فى أى مكان، وفى أى زمان، وبكل الأشكال، وتعد هذه الصنعة هى ميراث فى الغالب الأعم عن الآباء والأجداد، فغالبية العاملين بها هم من توارثوها عن آبائهم وأجدادهم وتراث حضارى قديم. وأضاف صاحب حرفة صناعة الفخار أنها مهنة مربحة جدًا فى أى دولة أخرى، أما فى مصر فهى مهنة فقيرة جدًا على الرغم من أن مصر بها مدينة "الفسطاط" أقدم مدينة فى التاريخ لصناعة الفخار من عهد الفراعنة، بالإضافة إلى وجود سبع مدن مذكورة فى التاريخ لصناعة الفخار منها تونس والمغرب والفسطاط (بمصر) وتايلاند ونيوزيلندا والمكسيك والفسطاط أقدمهم جميعًا.
وتابع صانع الفخار ابن مركز طما شمال سوهاج أن صناعته مثلها مثل باقى الصناعات التى تتطلب شروطًا معينة فى العاملين بها، فهى تتطلب أن العامل بها أن يكون عمره لا يزيد على عشر سنوات، لأنها مهنة إحساس، والإحساس لا بد أن يُزرع فى الطفل، وهو صغير ويتركز فى كف اليد يعرف متى الطين خُمر أو استوى، وبعد ذلك يقدمه للصانع يصبغه، ولهذا فعامل الفخار المصرى مميز عن بقية العمال فى بقاع العالم، فهو عامل ماهر لتميزه بالمهارة والإتقان فى الصنعة، الذى جعلت له شهرة واسعة فى العالم كله.
وذكر الفخرانى أنه مع التقدم التكنولوجى وما هو مستورد من الخارج فبات الطلب على الصناعات الفخارية قليل مقارنة بذى قبل، ولهذا نجد أنه ليس هناك إقبال على تعلم هذه الصناعة، كما كان فى القدم، حيث كان التلهف على تعلم هذه الصناعة تلهفا كبيرا، وكان الآباء والأجداد حريصين على توريث هذه الصناعة، وعدم إضاعتها واندثارها، بل كانوا يحاولون أن تظل باقية مع الزمان لذلك كانوا يعلمونها لأولادهم وأحفادهم حتى يحافظوا عليها من الاندثار.
وطالب أحد العاملين بحرفة صناعة الفخار قائلا إن أرباب هذه الصنعة لا يجدون مساندة حقيقة من قبل محافظة سوهاج فى دعمهم على البقاء، بل اتهامهم بتلويث البيئة رغم الفن الراقى الذى يقدمه هؤلاء البسطاء، متمنيا أن تقام معارض لبيع منتجاتهم، بل إنه يحلم أن يتم تصديرها للخارج، وأن ترتقى الدولة بها، وتدعمها كونها يعمل عدد كبير من أبناء سوهاج فى هذه الحرفة القديمة. * 12 * 11 * 10 * 8 * 6 * * 5 * * *