سيل من الاتهامات للنظام المصرى بالإهمال الأمنى بمجرد سقوط طائرة ركاب روسية على الأراضى المصرية. وصاحب هذا حملة إعلامية ضخمة فى وسائل الإعلام الغربية، مما أدى إلى الحد من الرحلات السياحية لمصر. بصراحة، هذا إهمال أمنى يجب أن نُلام عليه، ولكن ألا يجب أن يتم التعامل معه على أساس أنه حادث إرهابى أيضًا أيها الغربى؟! عدة انفجارات فى شوارع باريس تعتبر حادثًا إرهابيًّا، وهو كذلك بالقطع، ولكن ألا يجب الحديث عن الإهمال الأمنى أيضًا؟! الغريب أنه بعد حادثة المجلة الفرنسية أثنى الرئيس الفرنسى على الجنود الفرنسيين قائلا "جنودنا يقاتلون من أجل الحرية"، ويحذر من الإرهابيين القادمين من العراقوسوريا! السؤال الآن، أن هذا ما حذرت منه بالفعل أيها الرئيس الفرنسى بعد الحادث الأول، ألا يجب أن يسألك الفرنسيون والغرب أيضًا عن كيفية وقوع مثل هذا الحادث وأن تلام بالإهمال الأمنى؟! الكيل بمكيالين ليس بالغريب على الغرب ولكن السؤال، ماذا فعلنا نحن؟ ذهب البعض إلى شرم الشيخ لمساندة السياحة والتى لن تفيد كثيرًا فى مخاطبة الغرب والرد عليهم. البعض الآخر أنكر حالة الإهمال وظل يتحدث عن نظرية المؤامرة! على الرغم من اقتناعى التام بنظرية المؤامرة وأن الغرب بالفعل لا يريد لنا أن نتقدم، فإن هذه طريقة عاطفية وليست منطقية بالدرجة المطلوبة! ألا ترون فى فشلنا في صد الغرب على الرغم من علمنا بأنه متآمر دليلًا على الغباء؟! وإن كنا على علم بنيات الغرب الشريرة، فليس من الطبيعى أيضًا أن نلوم الغرب على نياته الشريرة بعد ذلك! وطبعًا، لا يجب أن ننسى البعض "الكيوت والعاطفى" الذى حول صور الفيس إلى العلم الفرنسى تضامنًا، بالإضافة إلى "تشيير" صورة بوتين وتحتها "مافيش صاحب يتصاحب"!
ما زال الدرس مستمرًّا للأغبياء والجهلاء! هذا أقل ما يقال لنا، لأننا لا نعتبر ولا نحاول أن نفهم سياسة الغرب معنا ورؤيتهم لنا، وهذا يتفق تمامًا مع ما كتبناه الأسبوع الماضى عن الأستاذ أحمد أمين من كتابه "فجر الإسلام"! أن العقل العربى لا يميل إلى الفكر العميق والتفلسف والتحليل وفهم الصلة والارتباط بين العلة والمعلول فهمًا تامًّا! يفضل العقل العربى التفكير المادى أو الظاهرى للأشياء والحكم بأحكام الماهيات والغالب عليهم الفطرة والطبع بدلاً من النظر إلى الأشياء نظرة عامة شاملة. نكرر ما قلناه سابقًا بعد حادثة المجلة الفرنسية، الدفاع عن الإسلام لن يتم بشجب الإرهاب والتأكيد على أن الإسلام دين سماحة ومحبة. نفى صفة الإرهاب عن الإسلام يؤكد التهمة عند العقل الجمعي الغربى ولا ينفيها! الإسلام سيظل دين إرهاب بالنسبة إلى الغرب لأن فلسفة استغلال الدول الاستعمارية لدول العالم الثالث تعتمد على خلق واستمرار وجود عدو فى بلاد العالم الثالث وخصوصًا البلاد العربية! إن اتهموك بالإرهابى أيها العربى، فلتتهمه هو بالإرهاب وتذكره بتاريخه الأسود. أين الهنود الحمر أيها المهاجر الأوربى المسمى أمريكى؟ أين سكان أستراليا الأصليون؟ لماذا زرعتم جماعات الإجرام الصهيونية فى بلادنا أيها الإنجليزى؟ لماذا تقف ضد الحرية فى البلاد الإفريقية أيها الفرنسى؟
والأسهل من هذا، يا أم شارلى، يا أم كاميرون، يا أم حسين أوباما، صحيهم وقوليلهم إنى أنا العربى إرهابى تانى وتالت، ليكم شوق فى حاجة، ما أنا كده كده ميت، هاتعملوا فينا إيه أكتر من كده! فلسطين الله يرحمها، سوريا وليبيا حروب أهلية، العراق كوكتيل من الحروب الأهلية والفتن الطائفية والعرقية، لبنان انقسامات طائفية مدبرة، اليمن مقر للمرتزقة والمتشردين وحروب بين ناس لا تعلم ماذا تريد فى الأساس، السودان انقسامات وفقر مدقع، مصر فى الدوامة منذ معاهدة الخزى المسماة بالسلام، الخليج بيرعى أعظم الفرق والأحداث الرياضية حول العالم. فى الختام، ما زال الغرب مجرمًا ولكن باسم الأخلاق والمثل العليا، لأن الحروب والاستعمار لا بد لهم من غطاء أخلاقى أمام الشعوب والأمم. سقوط الطائرة الروسية فى مصر وما حدث فى شوارع باريس حوادث إرهابية ودليل على الإهمال الأمنى أيضًا. الفرق الوحيد هو أن الغرب يخطط لخلق الارهاب من أجل تحقيق أهدافه، ونحن نساعدهم بغبائنا فى رعايته وتربيته بما عندنا من بيئة سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية فاسدة! يعنى، المصيبة هى ليست فى أن الغرب سيكوباتى شرير، المشكلة الأساسية فى العربى الغبى والأبله!