1⁄4 تقول العرب: حدِّث المرأة حديثين. فإن لم تفهم فأربع.. وتفسر العرب ذلك بأن المرء ينبغي أن يذكر للمرأة الحديث مرتين.. أو يكرر علي مسامعها الفكرة والرأي مرتين.. فإذا لم تفهم فإن عليه أن يكف ويغسل يده من قدرتها علي الفهم.. وفعل الأمر "أربع" أي توقف وكُف. ولا تحدثها مرة ثالثة.. ويقال: إذا لم يفهم الرجل فإن العيب في المرسل أو الشارح أو القائل أو الكاتب. وإذا لم تفهم المرأة فإن العيب فيها. أي في المتلقي أو السامع أو القارئ.. "خلقتها كده".. وهذا ليس ذماً للمرأة أو انتقاصاً من قدرها. ولكنه تقرير لواقع.. وقول رسول الله "صلي الله عليه وسلم": "ناقصات عقل ودين".. ليس ذماً للمرأة. وإنما هو حديث عن تكوينها الخلقي.. وتقول العرب أيضاً: إن أحسنت إلي المرأة الدهر كله. ثم رأت منك سوءاً.. قالت: ما رأيت منك خيراً قط.. "يعني ما شفتش معاك يوم عدل". وتقول العرب أيضاً: المرأة تحب أن تكون مظلومة حتي وهي ظالمة.. وتحب أن تكون مضطهدة وهي جائرة.. وتحب أن تبدو تعيسة في حياتها الزوجية حتي وهي ملكة متوجة.. وتحب أن تشكو وتكره أن تشكر.. وتحب الكلام الحلو حتي إذا كان كاذباً.. وتعشق جثة الرجل. ولا تعشق روحه.. وتحب وسامته الشكلية. ولا تحب دسامته العقلية.. "خلقتها كده".. وهذا ليس ذماً ولكنه تكوين.. وإذا لم تكن المرأة كذلك. فهي بالتأكيد ليست امرأة.. والنساء في أيامنا يحاولن الاسترجال بالشكل والمضمون. لذلك رقصن علي السلم.. فلا بقين إناثاً. ولا أصبحن رجالاً "حاجة كده ملهاش وصف. وما تعرفش هي إيه". وكل هذا الذي قلته ليس مشكلة.. لكن المأساة هي شيوع طبائع وأخلاق النساء في المجتمع كله.. المأساة هي "نسونة" المجتمع. وخصوصاً نسونة الرجال. وتلك هي الحالقة أو الطامة الكبري.. فأنت اليوم تحدث الرجل مرتين وعشراً. ولا يريد أن يفهم. لذلك عليك أن تربع. أي تكف. وتغسل يديك منه.. والرجال صاروا ذاتيين. لا موضوعيين. مثل النساء تماماً.. فنحن نحب الكلام من شخص ما. ونكره نفس الكلام من شخص آخر.. ونحن نعشق الداعية لا الدعوة.. وتأسرنا وتسحرنا الجثة. ولا نعشق المنطق والروح.. وإذا أحسنت إلي الرجل الدهر كله. ثم رأي منك سوءاً قال: ما رأيت منك خيراً قط.. والرجل في مجتمعنا مدمن شكوي وحزن واكتئاب كالمرأة تماماً.. وهو دائماً يحب أن يبدو مظلوماً ومضطهداً ومقهوراً.. وهو دائماً يطالب بحقوق ليست له. ولا يحرص علي أداء واجباته.. "يعني بلطجي".. وأسوأ الرجال أخلاقاً وأقلهم عملاً وإخلاصاً. وأكثرهم لصوصية وجرأة علي الحرام. تراهم دائماً في مقدمة "الهتيفة" والمعتصمين والمطالبين بحقوق ليست لهم. الثقافة النسوية أو "النسوانية" هي السائدة في مجتمعنا الآن.. وهي ثقافة الصورة لا ثقافة الأصل.. وثقافة الذات لا ثقافة الموضوع.. وثقافة المكابرة والعناد واللا فهم.. والأهم ثقافة الأبيض والأسود.. يعني التطرف مع الشيء أو ضده.. وثقافة الانفعال التي تحكم سلوكيات المرأة. وصارت أيضاً تتحكم في سلوكيات الرجل.. وليس صحيحاً أن المرأة عاطفية. لكن الصحيح أنها انفعالية ومندفعة.. وهكذا صار الرجال أيضاً. نتيجة شيوع النسونة في المجتمع كله. كل الأحكام الآن مطلقة وباتة.. عند الرجال كما هي عند النساء.. وهناك إسراف في استخدام أفعل التفضيل في الحكم علي الأمور.. وهناك صراع بلا نهاية. وعراك لا يمكن حسمه حول أشخاص. لا حول قضايا.. فريق يقول إن جمال عبدالناصر أعظم زعيم.. وآخر يقول إنه الأسوأ.. ويقال نفس القول عن أنور السادات. وحسني مبارك. ومحمد مرسي. ومَن سيأتي بعد ذلك إلي يوم يبعثون.. والكلام في السياسة أصبح مثل الكلام في كرة القدم. لا يمكن حسمه ولا الاتفاق بشأنه.. فإذا انهزم الأهلي. فإن الحكم هو الذي هزمه.. وإذا انهزم الزمالك. فإن الأهداف التي دخلت مرماه غير صحيحة.. والهدف في المرمي واحد.. لكن عيناً تراه صحيحاً. والأخري تراه تسللاً.. وما حدث في الثلاثين من يونيه واحد.. لكن عيناً تراه ثورة. وأخري تراه انقلاباً "زي النسوان".. نري الشيء بما نريده نحن ويعجبنا. لا بما الشيء عليه فعلاً.. لذلك لا توجد حقائق عندنا.. وإنما توجد انطباعات مثل انطباعات النساء "ومن ليس معنا فهو ضدنا". وبسبب الثقافة النسوانية الانفعالية لا نصل إلي نتيجة أو هدف وإنما هو "ردح مثل ردح النسوان".. كل امرأة تقف في شرفتها وتردح لجارتها في الشرفة المقابلة.. وثقافة ردح النسوان من البلكونات انتهت من زمان لكنها انتقلت إلي حوارات وندوات ومؤتمرات الرجال.. وكل الحوارات الآن سب وقذف ولعن واتهام.. تماماً مثل ردح النساء من الشرفات.. ومواقع "التفاصل" الاجتماعي. أصبحت بلكونات لردح الرجال والنساء. وتبادل السب والقذف. وتداول الأكاذيب والشائعات. * * * * 1⁄4 ولأن الثقافة النسوانية هي السائدة فقد انتشرت الأكاذيب والشائعات والثرثرة "علي الفاضي".. وتلك رذيلة نسوية أصابت الرجال أيضاً.. فنحن كالنساء لا نصدق إلا الكذب والشائعات.. ونفي الأكاذيب والشائعات عندنا هو الكذب.. والحوار مع الرجال يستهلك ويحرق دمك مثل الحوار مع النساء.. وقد تلقيت رسالة من صديق أو صديقة. تجاهل أو تجاهلت. أو نسي أو نسيت ذكر الاسم.. وبدا صاحب الرسالة حاداً حول توصيف ما حدث في الثلاثين من يونيه بأنه انقلاب.. وبدا قاطعاً وحاسماً في الفصل التعسفي بين المدني والعسكري.. وبين ما يراه حقاً وما يراه باطلاً.. وبدا واعظاً حول الإسلام وأركانه. وعلاقة العبد بربه. وعلاقة العبد بالعبيد.. ومعني السمع والطاعة.. وهو كلام نظري خطابي لا ألمح له وجوداً علي أرض الواقع.. ولا أجد سوي أناس يرفعون المصاحف علي أسنة الرماح.. أو يرفعون شعارات الديمقراطية والليبرالية علي محال البقالة التي يمتلكونها.. فنحن مدمنو لافتات وشعارات. لا يهم أن يكون لها وجود علي أرض الواقع.. ونحن نبيع سلعاً مغشوشة. ومضروبة في بقالة سميناها بقالة الأمانة.. ونحن نبيع المخدرات في صيدلية الشفاء.. ونبيع الموت في سوبر ماركت الحياة.. ونبيع القسوة في بقالة الرحمة.. "المهم المنظر واللافتة والشعار". ونحن نتهم حكاماً بأبشع الاتهامات. كما فعل صديقي أشرف الحسانين من نبروه.. دقهلية وهو يكيل الشتائم لحسني مبارك ويكيل الثناء لعبدالناصر والسادات.. نفس الرذيلة.. رذيلة الذات لا الموضوع.. والمقارنة الخائبة بين أشخاص. وأفعل التفضيل. مدحاً أو ذماً "مين أحسن لاعب؟!.. أبوتريكة ولا شيكابالا؟!.. مين أحسن؟!.. ناصر ولا السادات ولا مبارك ولا مرسي؟!!".. "ملك ولا كتابة؟!".. ملاك أم شيطان؟!.. والسياسة ليس فيها ملائكة ولا شياطين.. وليس فيها مؤمنون في مواجهة كفرة.. كما أننا نتغافل عن السؤال الأهم وهو: هل الحاكم هو الذي يفسد الشعب.. أم أن الشعب هو الذي يفسد الحاكم؟! لا يمكن لفرد مهما أوتي من قوة ومن رباط الخيل أن يصلح شعباً فاسداً.. ولا يمكنه أن يفسد شعباً صالحاً. وأن الشعب الفاسد يفسد أكثر الحكام صلاحاً.. والشعب الصالح يصلح أكثر الحكام فساداً.. البيئة والوسط اللذان ينمو وينشأ فيهاما الفرد هما السبب في فساده "إلا من رحم ربي وقليل ما هم".. وروي عن رسول الله "صلي الله عليه وسلم" أنه قال: إياكم وخضراء الدمن.. قالوا: وما خضراء الدمن يا رسول الله؟!.. قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء" "يعني الوسط السييء.. والبيئة عندنا طاردة للصلاح.. جاذبة للفساد.. طاردة للإبداع.. جاذبة للغباء.. طاردة للتحضر.. جاذبة للتخلف.. طاردة للاعتدال.. جاذبة للتطرف والتعصب والإرهاب.. البيئة عندنا هي التي تجعل الأدمغة والرءوس أحذية و"شباشب".. نحن نتعلم في البيوت والمدارس والشوارع ووسائل المواصلات ومؤسسات العمل.. كيف نكون أغبياء. ومتعصبين.. ومتخلفين.. كيف نكون كذابين ومنافقين؟!.. كيف نكون غشاشين؟!.. والمؤمن قد يكون جباناً. وقد يكون بخيلاً.. لكنه لا يمكن أن يكون كذاباً. كما أخبرنا رسول الله "صلي الله عليه وسلم".. وأشد الناس عذاباً يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم.. هؤلاء الذين يكذبون ويدلسون ويزيفون باسم الدين.. هؤلاء الذين يلوون ألسنتهم بالكتاب لنحسبه من الكتاب وما هو من الكتاب.. وتفسير النصوص الدينية علي الهوي والمزاج هو نفسه تحريف هذه النصوص. ولا أقول بشبه التحريف.. هؤلاء الذين يحرفون الكلم عن مواضعه. ويشترون بآيات الله ثمناً قليلاً. هم آفة هذه الأمة وسرطانها. وجرادها المنتشر.. هؤلاء أشد خطراً علي الأمة من أعدائها.. ومن الكفار الصرحاء الواضحين.. لأنهم يحشدون الناس علي ضلالة. والناس يحسبون أنهم محتشدون علي هدي. هؤلاء هم الذين يهدمون الدين ويحتشد الناس خلفهم ظناً أنهم بناءون.. هم يهدمون ويوحون لنا بأنهم يبنون.. هم يخربون تحت لافتة الإعمار.. وهؤلاء إصلاحهم مستحيل.. وهدايتهم محاولة عبثية. لأنهم مفسدون ولا يشعرون.. ولأنهم ضالون مضلون. ولا يعلمون.. وقادتهم فقط هم الذين يعلمون.. وهم الذين يصرون علي ما فعلوا وهم يعلمون. * * * * 1⁄4 والبيئة الملوثة بالغباء والعناد والإرهاب "والردح النسواني" هي التي تفسد الحكام والمسئولين.. بل وتفسد أي إنجاز.. في هذه البيئة المعدية يتلوث الناس والمناهج والأفكار والثورات والدساتير والقوانين.. بل يتلوث الدين نفسه.. الزبالة في الرءوس لا في الطرقات.. وزبالة الطرقات طفح أدمغة. وطفح قلوب مظلمة سوداء. لا تجيد سوي الكراهية والنقمة. ولا تتعاون إلا علي الإثم والعدوان والإرهاب.. لا يمكن أن نصل إلي شوارع نظيفة طالما بقيت القلوب قذرة. والرءوس خربة.. طالما نتحسس جيوبنا. ونحن نتبني فكرة. أو نناصر تياراً. أو نخرج في مظاهرة. أو نخرب أو ندمر.. ونحن دائماً نحرق مراكب الرجوع في كلامنا. ونمضي في غينا إلي أبعد مدي.. نحن إرهابيون في القول والفعل.. إرهابيون في اليقظة والنوم.. لا يمكن أن تكون سماحة الإسلام والإيمان علي هذه الوجوه العكرة التي عليها غبرة.. ترهقها قترة.. فالمؤمن أو المسلم سمح إذا باع.. وسمح إذا اشتري.. وسمح إذا اقتضي.. "أي طلب ماله من دين عندي".. المؤمن سمح إذا تحاور.. وسمح إذا اختلف في الرأي.. بل سمح إذا كره أو أبغض.. معتدل.. يكره هوناً. ويحب هوناً.. "دخلنا في المواعظ اللي مش جايبة نتيجة. ولا جايبة همها".. فالقلوب عليها أقفالها.. والناس في بلدي لهم عيون. ولكن لا يبصرون بها.. ولهم آذان. ولكن لا يسمعون بها.. ولهم قلوب. ولكن لا يفقهون بها.. هم كالأنعام. بل هم أضل سبيلاً.. "فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتي يلاقوا يومهم الذي يوعدون".. هناك سحابة سوداء تحجب الحق عن الناس. وتحجبهم عن الحق.. هناك رياح وعواصف وضباب. تفتح علي هذا الوطن "باب الهباب".. فاللهم يا مسبب الأسباب.. يارب كل الأرباب.. يا مجري السحاب.. افتح لنا الأبواب.. وهييء لنا الأسباب.. ونجنا من الباب المؤدي إلي الهباب!!! نظرة 1⁄4 كل من يتابع برامج "التوك توك شو" عبر التليفزيون. يخرج بانطباع أو بما يشبه الاقتناع التام بأن كل الذين يعملون في السياسة والمهن والأعمال المكملة لها في مصر خونة. ومأجورون. و"قبيضة". وعملاء للغرب. أو الشرق. أو الشمال والجنوب.. تُصاب بالغثيان والقرف وأنت تسمع قوائم بأسماء أناس.. قبضوا أو تآمروا. أو تجسسوا.. والذي يستعرض الأسماء والقوائم هناك أيضاً من يتهمه بالعمالة. وبأنه مأجور.. في مصر حالة صعبة من عدم اليقين.. وغياب الحقائق.. نحن نقول كل شيء إلا الحقيقة.. ونكتب كل شيء إلا الحق والصواب.. وهناك مهن كثيرة مكملة للسياسة.. مثل الإعلام والصحافة والعمل النقابي. والعمل الدعوي.. وبالتالي ينطبق علي هؤلاء جميعاً اتهام الخيانة و"القبض".. وهناك ظل من الحقيقة لهذا الاتهام.. لأن العمل بالسياسة وتوابعها يحقق الثراء الفاحش.. وكل الذين يعملون في السياسة وتوابعها مليونيرات علي الأقل.. حتي أهل الدين أثروا عندما عملوا ترزية فتاوي علي مقاس السياسة.. وتلك أحدث نظريات السياسة. وهي اختراع مصري أو عربي.. وهي نظرية "الفتة".. وهي خلطة من الدين والسياسة والإعلام "لا هنا ولا شفا"!!!