ما زال الدرس مستمرا للأغبياء والجهلاء! هذا أقل ما يقال لنا، لأننا لا نعتبر ولا نحاول أن نفهم سياسة الغرب معنا ورؤيتهم لنا. المشهد الذى رأيناه الأسبوع الماضى فى مظاهرات باريس المنددة بالإرهاب، مشهد يدعو إلى الحزن على حالنا نحن العرب! نعم العرب وليس المسلمين فقط! مشهد هزلى مسرحى متكرر، لتبرير ما هو قادم من كوارث وحروب على دول العالم الثالث وخصوصا الدول العربية. استغل الغرب الحادثة ليجعلوا من مجلة فرنسية نكرة رمزا لحرية الرأى والتعبير، لخدمة أهدافهم التوسعية (الإمبريالية). ما حدث لم يكن بالجديد، بل تكرر كثيرا عبر التاريخ، ولكن العرب لا يعتبرون! يعلمنا الأستاذ هيكل أن الحرب والاستعمار لا بد لهما من غطاء أخلاقى أمام الشعوب والأمم. فالغرب الاستعمارى لم يتغير وما زال يتحدث عن الأخلاق والمثل العليا، قبل قتل الأبرياء وشن الحروب على دول العالم الثالث الفقيرة فى جميع الفترات والحقب التاريخية، فلنتذكر معا الآتى: ألم يرفعوا لنا شعار المحافظة على حق الأقليات من المسيحيين لتبرير الحملات الصليبية على الشرق؟! لماذا جاءت إلينا الحملة الفرنسية؟ ألم يكن باسم العلم والتنوير؟ ألم يفتعلوا حرب أفغانستان مدعين محاربة الإرهاب والحفاظ على السلم العالمى؟! ألم يتم غزو العراق باسم الدفاع عن الديمقراطية؟ إن أردنا تحليل المشهد، فعلينا أن نعلم من المستفيد مما حدث فى باريس، أو مما يحدث فى الوطن العربى الآن. أولا: يثنى الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند على الجنود الفرنسيين قائلا: جنودنا يقاتلون من أجل الحرية ، ويحذر من الإرهابيين القادمين من العراقوسوريا! أولا: أى حرية يتكلم عنها رئيس وزراء فرنسا؟ لا نعلم! ثانيا: لماذا يُتهم القادمون من العراقوسوريا بالإرهابيين، ومن جعل العراقوسوريا مناطق إرهابية من الأساس؟! المشكلة هنا تكمن فى عدم وضوح المفاهيم. من يحدد مفهوم الإرهاب؟ ومن ثمّ من هو الإرهابى؟ ثانيا: ومما يدعو إلى السخرية أن نشاهد رئيس الكيان الصهيونى الإجرامى الممول والمدعوم من الغرب يتصدر المشهد فى محاربة الإرهاب. الأخطر من هذا هو اجتماع الرئيس الأمريكى مع رئيس وزراء بريطانيا لمناقشة عمل جبهة موحدة لمحاربة ما سموه بالتطرف الإسلامى ! فهل هذا ينذر بمزيد من الحروب فى المنطقة العربية بعد أن وجد الغرب الغطاء الأخلاقى لحروبهم؟ الدفاع عن الإسلام لن يتم بشجب الإرهاب والتأكيد أن الإسلام دين سماحة ومحبة. نفى صفة الإرهاب عن الإسلام يؤكد التهمة عند العقل الجمعى الغربى ولا ينفيها! الإسلام سيظل دين إرهاب بالنسبة إلى الغرب، لأن فلسفة استغلال الدول الاستعمارية لدول العالم الثالث تعتمد على خلق واستمرار وجود عدو فى بلاد العالم الثالث وخصوصا البلاد العربية! إذن، أنا إرهابى يا شارلى ، ليك شوق فى حاجة، ما أنا كده كده ميت، هتعملوا فينا إيه أكتر من كده؟! فلسطين: الله يرحمها، سوريا وليبيا: حرب أهلية، العراق: كوكتيل من الحروب الأهلية والفتن الطائفية والعرقية، لبنان: انقسامات لا تنتهى، اليمن: مقر للمرتزقة والمتشردين، السودان: انقسامات وفقر مدقع، مصر: فى الدوامة بعد معاهدة الخزى المسماة بالسلام، الخليج: بيرعى أعظم الفرق الرياضية الأوروبية وأشهر الأحداث الرياضية فقط! وطبعا الجزائر سعيدة بمنتخبها الكروى الذى يتأهل لكأس العالم! وفى النهاية وللإنصاف، المشكلة ليست فقط فى أن الغرب هو من يحدد مفهوم الإرهاب ومَن الإرهابى! ولكن فى أن العرب ما زالوا غافلين، وهم من يعطون الغرب الحجة لمحاربتهم بسبب التكاسل عن محاربة الفكر المتطرف منذ قرون طويلة! يا مهلبية يا! حذرت دار الإفتاء المصرية من إقدام مجلة شارلى إبدو على نشر عدد جديد مسىء للنبى ردًّا على الهجمات الإرهابية. وأكدت أن الإقدام على هذا هو استفزاز لمشاعر مليار ونصف المليار مسلم عبر العالم. إلى علماء دار الإفتاء، وأنتم مالكم يا حضرات، خليكم فى حالكم! أنتم جهة للفتوى الدينية فقط!