المشهد الأول هبوط اضطرارى: تجمع عشرات من مؤيدى الرئيس «المخلوع»، والآلاف من أهالى شهداء الثورة ومصابيها، واشتباكات، وتبادل قذف بالحجارة، أصيب خلالها 56 مواطنا، وقوات الأمن المركزى والشرطة العسكرية تحول دون تطور هذه الاشتباكات. مع مرور الوقت، هدأت الأمور قليلا، وتجمع الآلاف أمام شاشة العرض الكبيرة، خارج القاعة. مروحية «طبية»، تظهر فى سماء المنطقة وسط تهليل وهتاف الجانبين، ولا عجب فهى المروحية التى تقل «المخلوع». الطائرة تهبط، وسط هتافات متضاربة بين الجانبين. المشهد الثانى كارافان مكيف: سيارة إسعاف، تتجه ببطء نحو قاعة المحكمة، تجمع حولها عديد من رجال الجيش والشرطة. تقف السيارة ويهبط «المخلوع»، على تروللى، ويتم نقله «بهدوء»، إلى كارافان «مكيف» تم تصميمه خصيصا من أجل ظروف الرجل الصحية.
المشهد الثالث نجلا المخلوع: يظهر نجلا «المخلوع»، علاء وجمال، وهما يرتديان «الأبيض»، يتحدثان إلى وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى المتهم معهم بقتل المتظاهرين خلال ثورة يناير، والتربح والإضرار العمدى بالمال العام، وتصدير الغاز لإسرائيل. حبيب العادلى يدخل إلى القفص الحديدى، ويتبعه مساعدوه الستة، ثم يدخل علاء، وفى يده مصحف، وجمال، ووراءهم «المخلوع» على «التروللى»، مصبوغ الشعر، كما عهدناه. نجلا «المخلوع» حاولا الوقوف أمام الكاميرات، إلا أن كاميرات التليفزيون المصرى، التى أخذت حق نقل المحاكمة بشكل حصرى، نجحت فى التقاط كادرات كثيرة له. يبدو «المخلوع» فى كامل وعيه، ويضع يده على خده بطريقة اعتاد عليها. المشهد الرابع أمام منصة المحكمة: فور دخول المتهمين إلى قفص الاتهام، دخلت هيئة المحكمة، برئاسة المستشار أحمد رفعت، وكانت هيئة الدفاع عن المتهمين اتخذت مكانها المحدد لها فى القاعة، فيما اتخذ المحامون من المدعين بالحقوق المدنية عن أسر الشهداء والمصابين فى أحداث الثورة مواقع أخرى، أما الصحفيون ورجال الإعلام، فكانت لهم الصفوف التالية. سكرتارية الجلسة «أمناء السر»، اتخذوا أيضا مواقعهم بجوار المنصة، استعدادا لبدء مهامهم بمعاونة هيئة المحكمة برئاسة المستشار أحمد رفعت، وعضوية المستشارين محمد عاصم بسيونى وهانى برهام، فيما مثل النيابة العامة المستشارون مصطفى سليمان المحامى العام الأول لنيابة استئناف القاهرة وعدد من أعضاء النيابة العامة. رئيس المحكمة بدأ وقائع الجلسة بتلاوة كلمة قصيرة، نبه فيها أن من حق رئيس المحكمة أن يأمر بإخراج كل من يتسبب فى إحداث بلبلة فى القاعة، بعد إقدام بعض الحضور على ترديد هتافات معادية ضد «المخلوع»، وقت دخوله القاعة. نادى رئيس المحكمة على المتهمين فى القضية الأولى، رقم 1227 لسنة 2011 جنايات قصر النيل، والمتهم الأول فيها حبيب العادلى، وأثبت حضور المتهمين السبعة كل على حدة داخل قفص الاتهام. فريد الديب المحامى عن العادلى، طلب من المحكمة إعادة الدعوى إلى الدائرة الرابعة بمحكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار عادل عبد السلام جمعة، معتبرا أن قرار المحكمة الأولى بضم القضية إلى الدائرة الخامسة بمحكمة الجنايات، جاء مخالفا لصحيح حكم القانون، وهو الطلب الذى انضم إليه بقية دفاع العادلى. المحامى محمد عبد الفتاح، وهو حاضر عن العادلى ومساعده مدير أمن القاهرة الأسبق إسماعيل الشاعر، طلب من المحكمة أن تنتقل بكامل هيئتها إلى مقرات: المتحف المصرى والجامعة الأمريكية ووزارة الداخلية ومبنى مصلحة الأدلة الجنائية وسنترال باب اللوق وفندق رمسيس هيلتون، لإجراء معاينة على تلك الأماكن، التى ذكر الشهود فى أقوالهم أنها كانت مكان إطلاق النيران تجاه المتظاهرين. دفاع المتهمين طالبوا منحهم أجلا مناسبا للاطلاع على أوراق قضية محاكمة الرئيس «المخلوع» وآخرين، والحصول على صورة رسمية منها، ومناقشة شهود الإثبات فيها، فيما طالب دفاع بعض المتهمين بعدم جواز ضم القضيتين إلى قضية واحدة.. فى المقابل أشار المدعون بالحقوق المدنية إلى عدم قانونية المطلب الخاص بهيئة الدفاع برفض قرار ضم القضيتين معا، موضحين أن ضم القضيتين سيساعد على سرعة تحقيق العدالة والفصل فى القضية، وتسهيل الأمر على هيئة الدفاع عن المتهمين.. بعد ساعة، أعلن رئيس المحكمة، المستشار أحمد رفعت، رفع الجلسة للاستراحة. المشهد الخامس عودة إلى قاعة المحكمة: المستشار مصطفى سليمان، المحامى العام الأول لنيابة استئناف القاهرة، يقرأ أمر الإحالة، الذى جاء فيه أنه فى غضون الفترة من 2001 وحتى 2010، وخلال الفترة من 25 يناير وحتى 31 يناير 2011، بمحافظات القاهرة والجيزة والسويس والإسكندرية والبحيرة والغربية والقليوبية والدقهلية والشرقية ودمياط وبنى سويف، قام المتهم الأول محمد حسنى السيد مبارك بالاشتراك بطريق الاتفاق مع المتهم حبيب العادلى وزير الداخلية «وقتئذ» بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتل عدد من المتظاهرين فى المظاهرات التى اندلعت فى المحافظات سالفة البيان احتجاجا على تردى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية فى البلاد والمطالبة بإصلاحها عن طريق تنحيته عن رئاسة الدولة وإسقاط نظامه المتسبب فى تردى هذه الأوضاع. وأضاف المستشار سليمان أن مبارك سمح للعادلى باستخدام الأسلحة النارية والمركبات التى تعين قوات الشرطة على تنفيذ الجريمة، وتابع عمليات إطلاق ضباط وأفراد الشرطة الأعيرة النارية على هؤلاء المتظاهرين فى مواقع قاتلة من أجسامهم، ودهسهم بالمركبات لقتل بعضهم، ووافق على الاستمرار فى الاعتداء عليهم دون أن يتدخل بما يملكه من سلطات وصلاحيات لمنعهم أو وقفهم عن ذلك، قاصدا من ذلك إزهاق أرواح عدد من المتظاهرين لحمل الباقين على التفرق وإثنائهم عن مطالبهم وحماية منصبه واستمراره فى الحكم. وأكد ممثل النيابة العامة أن مبارك وافق على الاستمرار فى الاعتداء على المتظاهرين دون أن يتدخل بما يملكه من سلطات وصلاحيات لمنعهم أو وقفهم عن ذلك، قاصدا من ذلك إزهاق أرواح عدد من المتظاهرين لحمل الباقين على التفرق وإثنائهم عن مطالبهم وحماية منصبه واستمراره فى الحكم، فقامت بعض قوات الشرطة بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم على المجنى عليهم ودهس ثلاثة منهم بمركبات فى أثناء مشاركتهم فى تلك التظاهرات، قاصدين من ذلك قتلهم، فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بتقارير الطب الشرعى والصفة التشريحية والتقارير الطبية الأخرى التى أودت بحياتهم، حال كون بعضهم أطفالا، وقد غابت آثار تلك الجرائم لأسباب لا دخل لإرادة المتهمين فيها، هى مداركة المجنى عليهم بالعلاج، وقد وقعت هذه الجرائم بناء على هذا الاتفاق على النحو المبين بتحقيقات النيابة العامة. وأكدت النيابة أن علاء وجمال مبارك قبلا وأخذا عطية لاستعمال موظف عمومى «والدهما» نفوذه الحقيقى للحصول من سلطة عامة على قرارات مع علمهما بسببها، بأن قبل كل منهما من المتهم الثانى حسين سالم تملك فيلتين من الفيلات الأربع وملحقاتها المبينة الحدود والمعالم والمساحة بالتحقيقات والبالغة قيمتها 14 مليونا و39 ألف جنيه مقابل استعمال والدهما الرئيس السابق لنفوذه لدى محافظة جنوبسيناء للحصول منها على قرارات بتخصيص قطع الأراضى المبينة الحدود والمعالم والمساحة بالتحقيقات لشركة نعمة للجولف والاستثمار السياحى المملوكة له بالمناطق الأكثر تميزا بمدينة شرم الشيخ السياحية مع علمهما بذلك على النحو المبين بالتحقيقات. بعد أن أنهت النيابة إعلان أمر الإحالة، نادت هيئة المحكمة على المتهم الأول، وهو مبارك، فرد ممسكا الميكروفون، «أنا موجود»، فقالت له هيئة المحكمة «سمعت التهم الموجهة إليك؟»، فرد «كل هذه التهم أنكرها كاملة»، وهو الأمر الذى تكرر مع نجليه، وكأنه شعار آل مبارك فى هذه المحاكمة. هيئة المحكمة واصلت لأكثر من ثلث ساعة، الاستماع إلى محامى الادعاء بالحق المدنى، حتى فاجأ أحدهم الجميع بإخراج حبارة، مطالبا المحكمة، بأن تقوم بأخذ بصمات مبارك ونجليه، لأن ملف القضية خلا من صحيفة الحالة الجنائية لهم. المشهد الأخير التأجيل: رفعت هيئة المحكمة الجلسة للمداولة، فكان القرار تأجيل محاكمة «المخلوع» ونجليه إلى 15 أغسطس الجارى، وإيداعه المركز الطبى العالمى، بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوى، وتأجيل محاكمة العادلى ومساعديه إلى جلسة الغد.