رغم أن المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء وصفها فى بيان (أمس) بأنها «تصريحات غير دقيقة واُنتزعت من سياقها»، فإن تصريحات المهندس إبراهيم محلب عن التوك توك خلال حواره مع الإعلامى أسامة كمال فى برنامج «القاهرة 360» على قناة «القاهرة والناس» أول من أمس، والتى دعا فيها الشباب إلى العمل فى قيادة التوك توك، لانتهاء عصر الوظائف الحكومية، فإنها لا تزال تثير جدلا كبيرا، خصوصا أنه رغم النفى الحكومى فإن تسجيل الفيديو يؤكد ما قاله محلب نصا قائلًا: «الوظائف الحكومية انتهت، وماتفكرش إنك تفتح كافيه علشان تكسب، معترضا -فكر أنك تنزل وتشتغل- أو تسوق توك توك». كما أنه بذلك التصريح التلقائى قد تعدى على قرار محافظ القاهرة، الذى لم يمر عليه 48 ساعة بحظر سير التوك توك فى شوارع القاهرة. ومن ضمن الأمور التى دفعت الحكومة إلى قرار منع التوك توك قرار المرور 121 لسنة 2008، الذى يسمح بالتصالح مع المخالف بدفع غرامة قيمتها 50 جنيها فى حالة عدم استخراج رخصة القيادة، وهو ما يفتح الباب لعدم الالتزام بالقانون نظرا لقيمة المخالفة الزهيدة. فى فبراير من العام الماضى قرر مجلس الوزراء خلال أحد اجتماعاته تكليف وزارة المالية بمنع استيراد الدراجات البخارية كاملة الصنع والتوك توك لمدة عام، وكذا منع استيراد المكونات الإنتاجية لمدة ثلاثة أشهر للدراسة، ووضع ضوابط صارمة من قبل وزارة الداخلية تطبق عند شراء وترخيص أى دراجات بخارية جديدة، كما أعطى المجلس مهلة مؤقتة لمدة أسبوعين للمالكين الحاليين للدراجات البخارية والتوك توك لتوفيق أوضاعهم فى ما يتعلق بالترخيص. جاء ذلك القرار استجابة لتقرير هيئة المفوضين الذى أعده المستشار شادى حمدى الوكيل، وأشرف عليه المستشار الدكتور محمد الدمرداش العقالى، بإلزام الحكومة بمنع استيراد التوك توك، وإلغاء الترخيص له، إذ أشارت إلى أن التوك توك انتشر كالسرطان فى كثير من المحافظات فى غفلة عن العامة من الناس، وبإهمال وتقصير من المسؤولين عن البلاد والعباد، وتأصل استخدامه على طبقات من الشعب بغير علم أو دراية بأضراره على النفس والمال والبيئة المحيطة، أو بمعرفة مع استسلام بمصير مكتوب عند عليم قدير، لما يوفره التوك توك لتلك الطبقات من وسيلة انتقال زهيدة الثمن كثيفة الوجود سريعة الوصول، وزاد على ذلك تراجع دور الحكومات المختلفة فى توفير فرص عمل مناسبة، ووسائل مواصلات ملائمة، مما تفاقمت معه المشكلة، وما ترتب على ذلك من إضرار بالنظام العام، ومخالفة للقانون واللوائح. وأكدت الهيئة فى تقريرها على تقاعس القائمين على الضبط الإدارى فى استخدام السلطات التى منحهم إياها القانون لوقف استيراد التوك توك، وعلى وجوب وقف ترخيص جميع مركبات التوك توك ومصادرتها، لما لها من أضرار، مشيرة إلى أن القول بأن التعديلات التى أدخلت على قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 من تعديلات بالقانون رقم 121 لسنة 2008 تسمح بتسيير تلك المركبة التوك توك وترخيصها، ومن ثم تفتح الباب أمام الجميع لاستيرادها، مردود عليه بأن المشرع قد تدخل بتلك التعديلات درءا لما استشعر من خطر يهدد النظام العام، من حيث سلامة الأفراد وأمنهم وسكينتهم، فسارع بتعديل القانون لمجابهة وتقنين ما هو أمر واقع فى الشارع المصرى، وذلك لتتمكن الجهات الإدارية من متابعة تلك المركبات وحصرها، وضبط المخالفين من ملاكها وسائقيها. التقرير أشار إلى أن الواقع العملى كشف عدم تمكن الجهات المنوط بها ترخيص وتنظيم سير مركبات التوك توك من حصر مخالفة سائقى التوك توك، وتقاعس أغلب ملاكه عن ترخيصه وتقنين أوضاعه، وكذلك تكاسل سائقيه عن طلب الترخيص اللازم لقيادته. وردا على القول بأن التوك توك وفر فرص عمل لكثير من الأفراد، قالت الهيئة فى تقريرها إن الأضرار المترتبة على تسيير التوك توك قد فاقت فوائده، موضحة أن الكثير من سائقى تلك المركبات هم إما عمالة غير مشروعة أو عمالة غير منظمة، وذلك بكونهم إما صغار فى السن، قصر، أخرجهم آباؤهم من المدارس ليقتاتوا عرقهم، وما ترتب على ذلك من حرمان هؤلاء القصر من أعز الحقوق وأولها بالرعاية، وهى حقهم فى التعليم والتمتع بطفولتهم، وإما أن تكون تلك العمالة غير مرخص بها من الجهات المسؤولة عن التنظيم والإدارة. وفى نوفمبر من نفس العام أصدرت محكمة «القضاء الإدارى»، قرارا بتأكيد رفض الدعوى المقامة من قدرى على صالح، المحامى، التى طعن فيها على قرار وقف استيراد الدراجات البخارية بجميع أنواعها و«التوك توك» و«التروسيكل» ووقف استيراد مكوناته. وفى يوليو من العام الماضى أعلن الدكتور جلال مصطفى سعيد محافظ القاهرة أن المحافظة بصدد إصدار قرارات جديدة من شأنها حظر سير مركبات التوك توك نهائيا بشوارع القاهرة، وضبطه ومصادرته وفرض غرامة لا تقل قيمتها عن ألف ونصف الألف جنيه، وذلك بناء على طلب مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة تحقيقا لعودة الانضباط للشارع القاهرى، ومواجهة ظاهرة انتشار التوك توك، حيث لم يصدر ترخيص رسمى واحد بسيره فى العاصمة. وقبل أيام قليلة أصدر قراره بحظر سير «التوك توك» بشوارع وسط القاهرة حظرا نهائيا كمرحلة أولى، بنطاق أحياء غرب القاهرة والأزبكية وعابدين والموسكى والوايلى وباب الشعرية وبولاق أبو العلا ووسط القاهرة. وقرر محافظ القاهرة أن يتم التنسيق بين الإدارة العامة لمرور القاهرة والأجهزة التنفيذية بالأحياء المعنية للتحفظ على أى مركبة توك توك مخالفة، التى يتم ضبطها ولا يتم تسليمها إلا بعد تقديم أوراق الملكية، يتم تحصيل الغرامات المقررة لحساب صندوق الخدمات والتنمية المحلية بالمحافظة، على أن يتم استغلالها بنسب مقدرة لصندوق تحسين المرور وحوافز للجهات القائمة على الضبط من وحدات المرور والأحياء والجهات المعاونة لها. وبعد أقل من 48 ساعة من قرار محافظ القاهرة، قال المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء: «لازم الشباب تدور على وظائف جديدة ونجدد نفسنا، يعنى روح اشتغل بتاع توك توك بدل ما تفتح كافتيريا جنبها 5 زيها».