علم اللوع أكبر كتاب فى الأرض!!.. هكذا قال عمنا صلاح جاهين فى إحدى رباعياته الجميلة، وهكذا تؤكد التجربة مع «الإخوان المسلمين» منذ الثورة!! دعونا لا نقف كثيرًا عند التجارب الأولى.. الانسحاب من الميدان، والصفقات مع المجلس العسكرى!! الوعود بالترشح على 30٪ من مقاعد مجلس الشعب ثم التراجع!! التعهد بعدم تقديم مرشح للرئاسة ثم تقديم مرشح أساسى وآخر «استبن»!! كل هذا وغيره كانت صفحات من كتاب اللوع قبل أن يصل الأخ مرسى إلى الرئاسة.. فماذا بعد أن أصبح فى الحكم؟! كان الأخ الرئيس قد تعهد، من أجل الفوز فى معركة الرئاسة، بتغيير تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، لتكون أكثر تعبيرا عن الوطن بأطيافه المختلفة، بعد الفوز بالرئاسة كان «علم اللوع» حاضرًا.. ليس فقط بالإبقاء على تشكيل اللجنة بأغلبيتها من الإخوان والسلفيين، وإنما بعد ذلك بتحصينها ضد أى أحكام قضائية تصدر ببطلانها، لكى تتاح لها الفرصة لسرقة الدستور وتفصيله على المقاس المطلوب من الرئيس وجماعته وحلفائه!! وكان الرئيس قد تعهد بتشكيل حكومة وحدة وطنية تستطيع إنقاذ مصر من أزمتها، فإذا به يأتى بحكومة صغار كبار الموظفين، لكى يكون القرار الحقيقى فى يد الرئيس وجماعته وحزبه، ولكى يتحول الوزراء إلى سكرتارية فنية لمركز القرار فى المقطم، ولكى تدفع مصر الثمن الباهظ لهذا العبث وتقف على حافة الانهيار، بنيما الأخ الرئيس يعلن اطمئنانه الكامل على سلامة الأوضاع!! فى صفحات أخرى من كتاب «علم اللوع».. وجدنا الإخوة يصرخون على المنصات داعين لتحرير فلسطين وفك أسر القدس، بينما الأخ الرئيس يخاطب الرئيس الإسرائيلى القاتل شيمون بيريز بأنه «الصديق الوفى»، ويعلن مرتين فى اليوم التزامه بالمعاهدات الدولية، ويسكت عن دماء شهدائنا فى سيناء، ثم ينتهى الأمر بتصريحات الأخ العريان «التى أيدتها قيادات أخرى فى الجماعة» بدعوة اليهود المصريين الذين هاجروا إلى إسرائيل للعودة، وأيضا لاسترداد ممتلكاتهم!! الصفحات كثيرة، واللوع لا ينتهى.. من حصار المحاكم إلى الاعتداء على القانون إلى عزل النائب العام دون سند قانونى، إلى فرض نائب عام بقرار باطل!! ومن محاولة «أخونة» الصحافة والإعلام الرسميين، إلى مذبحة «الاتحادية» على يد ميليشيات موالية، ثم محاولة اختطاف دماء الشهداء، والتغطية على جريمة تعذيب الأبرياء فى حِمى قصر الرئاسة، وعلى أيدى جماعة الرئيس وحلفائها!! قبل نهاية العام كانت هناك صفحة مبتذلة فى كتاب «علم اللوع» الكشف عن مشروع قانون منع التظاهر الذى يعيدنا إلى أيام إسماعيل صدقى وربما أسوأ.. ومع ردود الفعل الغاضبة خرج مسؤولون فى جماعات الإخوان وحزبها يصرخون غضبا على شاشات التليفزيون بأن هذا كذب وافتراء، وأنه لا يوجد قانون ولا يحزنون «وفتشونا» إذا كنتم لا تصدقون!! كان من بين هؤلاء كالعادة هذه الأيام الأخ عصام العريان الذى عاد بعد ساعات ليقول إن المشروع موجود، ولكنه من صنع الحكومة وليس الجماعة!! بينما كانت الحكومة- على لسان وزير العدل- تقول: ماشفتوش، ما اعرفوش!! ثم ليتم الكشف بعد ذلك عن أن المشروع قدمه بالفعل وكيل إحدى لجان مجلس الشورى، وهو القيادى الإخوانى عز الدين الكومى.. وعليك أن تصدق أن قياديا إخوانيا سيتقدم بمشروع قانون من وراء ظهر الجماعة!! ثم عليك أن تنتبه إلى أن كل هذا «اللوع» هو الطريق الطبيعى عند الحكم الآن لتمرير ما يريد من قوانين وقرارات لإقامة دولة الاستبداد!! وعليك أن تدرك أن مشروع القانون الحقيقى لمنع التظاهر يتم إعداده وتفصيله الآن على يد ترزية القانون الجدد، وأنه لن يختلف كثيرا عن المنشور، وأن إسماعيل صدقى نفسه يتوارى الآن خجلا فى قبره وهو يرى ورثته فى الفاشية يتفوقون عليه!! «علم اللوع.. أكبر كتاب فى الأرض» هكذا قال صلاح جاهين.. لكنه يضيف بعد ذلك «بس اللى يغلط فيه.. يجيبه الأرض».. الإخوة فى الحكم وفى الجماعة توقفوا عند البيت الأول من رباعية صلاح جاهين.. ولهذا يستمرون فى «اللوع» ويرتكبون الأخطاء وربما الجرائم، ويتصورون أن هناك نهاية لكل ذلك غير السقوط.