جلال عارف رحم الله شاعرنا الراحل العظيم صلاح جاهين، هو الذي نبهنا في إحدي رباعياته العبقرية إلي »علم اللوّع« ووصفه بأنه أضخم كتاب في الأرض! وأظن أن الكثير مما نعانيه الآن في حياتنا السياسية يجئ من هذا العلم الجديد الذي اكتشفه عمنا جاهين! بفضل »علم اللوع« ها نحن بعد عام ونصف العام من الثورة بلا دستور وبلا لجنة لإعداد هذا الدستور، وبلا قواعد متفق عليها لتشكيل هذه اللجنة! وبفضل »علم اللوّع« لدينا برلمان أقسم أعضاؤه علي احترام »دستور« غير موجود! ولدينا انتخابات لرئيس الجمهورية غدا، ومازلنا حتي كتابة هذه السطور نريد فقط أن نعرف اختصاصاته! أثناء الثورة وفي أعقابها كان الكل بلا استثناء يعلن التزامه بالدولة المدنية ويبشرنا بدستور يصون الحريات. ثم كانت بداية »اللوّع السياسي« مع استفتاء مارس، ومع خديعة »غزوة الصناديق« التي حكمت علي كل من يقول »لا« ويطلب الدستور أولا، بأنه كافر أو علماني والعياذ بالله! بعد الاستفتاء بدأنا الفصل الثاني في »كتاب اللوّع« بالتنصل من الالتزام بالدولة المدنية، وبالتحايل لمنع التوافق علي مبادئ أساسية تحكم الدستور وقواعد محددة لاختيار اللجنة التي ستقوم بوضعه! ثم دخلنا بعد ذلك في نفق التسويف والمماطلة ومحاولة الاستحواذ علي لجنة الدستور، وعندما قال القضاء كلمته عاد »اللوّع السياسي« يتحكم في الموقف.. الاتفاق الذي تم بين القوي السياسية في حضور قادة المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي معايير تشكيل جمعية الدستور تم التنصل منه في اليوم التالي! وكل محاولات عبور الأزمة تم ضربها عمداً، والإعلان الدستوري المكمل كان حلا ممكنا قبل أسابيع من باب »اللوّع« وكسب الوقت، أما الآن فالمطلوب أن يتم »تفصيل« كل شيء علي نتائج الانتخابات الرئاسية وأن يحتفظ الرئيس باختصاصاته إذا جاء من فريق الأغلبية التي ستضع الدستور، فإذا حدث العكس وجاء من فريق آخر أصبح بين يوم وليلة بلا اختصاصات! والمطلوب أيضا أن يضمن »علم اللوّع« ان يبقي البرلمان في موقعه حتي لو صدر الحكم ببطلان الانتخابات التي جاءت به! وأن يصدر التشريعات ويراقب الحكومة وهو محكوم ببطلانه! ولهذا وليس لوجه الله والوطن يتم القتال ضد أي نص دستوري يسمح بحل البرلمان، ولو كان ذلك بعد استفتاء الشعب! إنها تجليات »علم اللوّع« التي تقود خطوات البعض منذ استفتاء مارس من العام الماضي وحتي الآن. يتصور هؤلاء ان هذا هو السبيل للسيطرة علي الحاضر والمستقبل، مع انهم لو قرأوا رباعية صلاح جاهين للنهاية لفهموا قوله إن »علم اللوّع أضخم كتاب في الأرض.. بس اللي يغلط فيه يجيبه الأرض«.. وما أكثر الأخطاء حين تترك كتاب الثورة إلي كتاب اللوّع!