اللوع المصري.. وحسرة ع الحصري! صدق صلاح جاهين عندما قال علم اللوع أضخم كتاب في الأرض بس اللي يغلط فيه يجيبه الأرض ومن ينظر إلي الشخصية المصرية الآن يلاقيها في الأرض. من ينظر إلي كم اللوع المحيط بنا في جميع تعاملاتنا يدرك كم الزيف الذي نعيشه ومدي الانهيار الذي نشهده وللأسف نكمل الطريق فيه. ويأخذ علم اللوع توسعاً كبيراً وأشكالاً كثيرة من حولك، بدءاً من الطبقات الدنيا وحتي أعلي الطبقات. انظر إلي تعاملك مع البواب في العمارة التي تسكن فيها، فهو يلاوعك في غسيل السيارة وفي تعطيل الأسانسير وفي تكليفه ببعض المشاوير لشراء احتياجاتك. انظر إلي مهندس أو عامل تلجأ له في تشطيب منزلك، تجده يلاوعك في الوقت وفي الخامات التي يستخدمها.. وانظر إلي الوزير وهو يلاوعك ويؤكد لك أنك السبب في عدم ترشيدك لاستهلاك الكهرباء، ومن هنا جاء الظلام، وليس السبب تصدير الغاز لإسرائيل وعدم توفير الطاقة اللازمة للشعب. وانظر إلي رجال الدين- للأسف- وهم يلاوعون في بعض المواقف لخدمة مصالحهم الشخصية، بل يفسرون كلام ربنا لهذه المصالح، يترجمونه ويفسرونه لأهوائهم والناس طبعاً لازم تصدقهم!! بل داخل المنزل الواحد تجد الزوج يلاوع زوجته والزوجة أيضاً تلاوعه، والأولاد يلاوعون الآباء والأمهات. وامتد هذا العلم- علم اللوع- إلي منابر المثقفين وشاشات التليفزيون، ورسخ داخل رموز الفن أو ما قد يعتقد جمهورهم أنهم رموز.. وساد اللوع في الإعلام. انظر إلي كلمة «حصري» التي يستخدمها التليفزيون المصري مثلاً أو بعض القنوات فلا تجد لها مصداقية، حيث لا يوجد شيء حصري. بل انظر إلي لقاءات الفنانين والفنانات في البرامج الرمضانية تجد اللوع «بينط» من عينيهم، وقلما تجد فناناً- أو فنانة- صادقاً فيما يقول، ولديه قدر كبير من الصراحة بل يستوقفني هنا كم «النفسنة» الموجودة بداخل هؤلاء تجاه بعضهم البعض، و«النفسنة» مصطلح شبابي يعني أن هناك نفوساً تحمل أحقاداً وكراهية وغيرة للغير، فما إن يسأل المذيع أو المذيعة سؤالاً عن زميل أو يتم مواجهته بما قاله زميل عنه إلا وتجد خزينة من الغيرة والحقد قد فتحت وخرجت منها درر الضعف البشري. ثم ما هذا الكم من الغرور الذي أصاب هؤلاء البشر، الذين للأسف يأخذهم الجماهير قدوة لهم في أحيان كثيرة؟! فهذه ممثلة تقول: أنا أحسن واحدة ممكن تمثل ومذيع يقول: أنا برنامجي أفضل برنامج في الدنيا وما حدش يقدر يكلمني، وأنا أجرأ واحد في الدنيا!! ومنتج يقول: أنا اللي عملت النجم فلان والنجمة فلانة، وبعيد عن إنتاجي مالهومش ثمن ولا يمكن أن ينجحوا!! ليه كدا؟! وحنوصل لفين؟! وعايزين نعلم الناس إيه؟! واستكمالا لعلم اللوع تجد برامج سخيفة تستخف بعقول الشعب المصري وتُظهر سذاجته وذلك علي أنها برامج كوميدية وتُضفي ابتسامة للمشاهد في شهر رمضان!! بلا خيبة.. حتي البرامج الكوميدية مش عارفين نقلدها. فهناك برامج كوميدية نعم في تليفزيونات العالم، ولكنها تقوم علي الأفكار الراقية والمواقف الكوميدية دون الاستخفاف بعقول الناس ودون الإقلال من شأنهم. فمن يري برنامجاً مثل «بحث ميداني» الذي يسمونه «زي العسل» يستشعر أن هذا الشعب عبيط وساذج ويصدق كل شيء يُقال له، وهذا غير صحيح، فهم يختارون من بين تسجيلاتهم ما يتناسب مع فكرتهم، ولكن المؤكد أن هناك كثيرين تم التسجيل معهم ولم يصدقوا ما يُقال ولكنهم حُذفوا من الإذاعة.. وهو فصل جديد من كتاب «اللوع» الذي يسود في المجتمع. مشاهدات رمضانية الجماعة هو أفضل مسلسل بكل المقاييس تأليفاً وإخراجاً وأداء، حيث إن الفكرة والموضوع هما أبطال العمل دون الاعتماد علي بطل بعينه يتم تفصيل مسلسل له. العار: هربت الشخصية من مصطفي شعبان لمحاولته تقليد نور الشريف في فيلم «العار» أو لسيطرة أداء نور الشريف طوال الوقت في ذهن مصطفي ومحاولته إيجاد أداء جديد، ولكنه لم يستطع، في حين أن أداء شريف سلامة تميز بإحساس عالِ وتلقائية مقنعة. مازالت ليلي علوي تأخذ في التألق عاماً تلو الآخر وتتبسط في الأداء، وتعطي للممثلين معها فرصة في الظهور، وتشعرهم بالطمأنينة، وهي سمة المتواضعين والكبار في نفس الوقت. وفاء الكيلاني في برنامج «بدون رقابة» أشعر بأنها ستفقد أعصابها مع الضيف، وشوية حتقوم تاخذه بالقلم!.. والمحقق التليفزيوني لا ينبغي أن يفقد أعصابه إلي هذه الدرجة، ولو أن هناك مواجهات معينة فلابد أن يكون المذيع - أو المذيعة- جاهزاً بالمستندات والأدلة التي يواجه بها الضيف، ولا يعتمد علي الثقافة السمعية.. ففي أكثر من حلقة تقول لضيفها: لأ أنا عارفة إنك عملت كده أو قلت كده!! القاهرة والناس: فكرة اتحرقت!! التليفزيون المصري يترنح، يريد أن يتطور وينافس ولكنه حبيس الأفكار التقليدية والأداء التقليدي، ويستعين بكل من هب ودب، ربما يصلح أن يكون مذيعاً أو معداً أو أي مهنة أخري، ولم أشاهد فيه حتي الآن فكرة بها ابتكار وتجديد، ولذلك يستمر هروب المشاهد منه، ولكنها محاولات لإعادة الحياة إليه، وعودة النبض من جديد، بينما هناك حالات تؤكد الموت الإكلينيكي وضرورة الرفع من علي الجهاز!!، ورفع شعار: حسرة علي الحصري. شريف منير: ممثل محترم، وإنسان صادق بين قطيع اللوع. محمد منير: إضافة لأي عمل فني حتي لو إعلان دقائقه معدودة، وأوكد له أنه أكبر من أي نقد، ويا ملك لا تُلقي بالحجارة إلا الأشجار المثمرة. كان بودي أن أكتب شيئاً به تفاؤل أكثر، ولكنني لم أستطع، وقد وصلنا إلي أسوأ حالات يصل إليها الشعب المصري، ولا أعلم حتي إذا كان يفيد أن ننادي بإنقاذ ما يمكن إنقاذه أم لا! هل انفرط العُقد؟! أم سنردد مع صلاح جاهين أيضاً: الدنيا من غير ربيع ميتة ورقة شجر ضعفانة ومفتتة لا يا جدع غلطان تأمل وشوف زهر الشتا طالع في عز الشتا نفسي أطلع غلطان يا عم جاهين ويطلع زهر الشتا.