لا تبدو أن الخطوة المفاجئة والجريئة من جانب الهيئة العليا لحزب الوفد بفصل الأعضاء السبعة المشكِّلين لتيار الإصلاح من الحزب ومؤسساته كافة، فضلًا عن إلغاء قرار تعيينهم فى الهيئة العليا، ستمر دون تداعيات، خصوصًا مع تحرُّك المجموعة المفصولة من جديد، فى محاولة لسحب الثقة من رئيس الحزب الدكتور السيد البدوى، وذلك لأنهم يعتبرونه، حسب تأكيد عبد العزيز النحاس، أحد الأعضاء السبعة المفصولين، فى حواره ل«التحرير»، قد انقلب على مبادرة رئيس الجمهورية التى اقتضت تعيين الأعضاء السبعة وإنهاء الأزمة الداخلية للحزب، قاطعًا بأن البدوى هو سبب كل المشكلات التى يعانى منها الحزب، وأن رحيله سيُنهى الأزمة. النحاس: الفصل يخالف كل قواعد الحزب ولوئحه الداخلية ■ كيف ترى أزمة قرار فصلكم من الهيئة العليا للحزب؟ - هذا قرار باطل ويأتى فى إطار القرارات العشوائية التى تؤكد أن «الوفد» بعيد كل البُعد عن المؤسسية وعن العمل السياسى بمفهومه العام، وأن «الوفد» يُدار بطريقة الإقطاعيات أو الدكاكين، ولم تعد له علاقة بالعمل السياسى بمفهومه المعروف. ■ لماذا رفضتم التعيين فى الهيئة العليا؟ - أين قرار التعيين كى نرفضه أو نقبله، نحن لم نرَ قرار تعييننا وكل ما قيل تصريحات فى وسائل الإعلام، ونحن لا نثق بأى تصريحات إعلامية للدكتور السيد البدوى على الإطلاق. ولو كان صحيحًا أن هناك قرارا بضم عدد من أعضاء تيار الإصلاح إلى الهيئة العليا، فإن فصل عضو الهيئة العليا يحتاج إلى إجراءات طبقًا للائحة الحزب، وهذه الإجراءات تبدأ بمناقشة مخالفة عضو الهيئة العليا فى المخالفات واستدعائه للتحقيق، ثم عرض الأمر على الهيئة العليا مرة أخرى، وكلها إجراءات قانونية ومحددة فى لائحة الحزب، ولم يحدث أى شىء واحد منها، بدءًا من الادّعاء بأننا أعضاء فى الهيئة العليا، وانتهاءً بقرار عبثى، وكله يأتى فى إطار العبث ب«الوفد»، ولعل هذه الواقعة تؤكّد أن كل ما حذَّرنا منه فى «الوفد» يحدث بشكل فجّ ولا يمتّ إلى العمل السياسى ولا العمل الحزبى ولا القانون بأى صلة. ■ هل تغيُّب عضو الهيئة العليا عن اجتماعاتها يؤدِّى إلى فصله؟ - الدكتور السيد البدوى ذاته فى فترة رئاسة الدكتور محمود أباظة، وطوال أربع سنوات، لم يدخل حزب الوفد، ولم يحضر اجتماع الهيئة العليا إلا 5 أو 6 مرات، منها اجتماعان كانا بسبب مشكلات فى الجريدة، وانضمامه إلى رئيس التحرير فى هذا الوقت ودعمه ضد رئيس الحزب، ومع ذلك لم يتعرَّض لأى عقوبات، كما أن اللائحة لا يوجد بها ما يُدين العضو على التغيُّب عن أى جلسات على الإطلاق. ■ وبماذا تفسِّر ما حدث معكم؟ - هو تأكيد لما حذَّرنا منه سابقًا من العبث بحزب الوفد، وأن الدكتور البدوى منذ اللحظة الأولى انقلب على مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى، وتأكيد لما حذَّر منه عصام شيحة فى حضور السيد الرئيس، عندما قال إننا لا نضمن أى اتفاق يبرمه السيد البدوى، إلى حد أن الرئيس السيسى أكد أنه الضامن لهذه المبادرة، وهو تأكيد أيضًا لما ذكرناه من قبل بأن الجمعية العمومية ل«الوفد» جمعية مصنوعة بعيدًا عن اللوائح والقوانين، وتأكيد أن الدكتور السيد البدوى يعمل على تفريغ «الوفد» من كل أبنائه الذين حملوه على الأكتاف لأكثر من 30 عامًا واستبدال أشخاص بهم لا نعرف توجهاتهم أو أهدافهم فى هذه الظروف الدقيقة التى تمر بها البلاد. ■ وما خطواتكم المقبلة؟ - لدينا كثير من الخطوات تنتهج عدة مسارات، على رأسها اللجوء إلى الوفديين فى كل محافظات مصر، واليوم أصبح تيار الإصلاح يمثّل حزب الوفد الحقيقى فى مواجهة أصحاب المصالح الذين اختطفوا «الوفد»، وهناك أيضًا المسار القانونى، ثم هناك مفاجآت سوف نعلن عنها فى حينها. ■ هل قرار الاعتصام فى الحزب وارد؟ - كل الخيارات مفتوحة أمامنا لحين عودة حزب الوفد إلى ثوابته. ■ هل ستطعنون على قرار فصلكم؟ - هذا قرار باطل ومنعدم، مثله مثل كثير من القرارات التى سبق واتخذها الدكتور السيد البدوى، وهناك دعوى للتزوير فى لائحة الحزب نفسها، وهى منظورة أمام القضاء الآن، وهناك عشرات وربما مئات الوفديين تقدَّموا ببلاغات، وهناك تحقيق يتم الآن فى إهدار المال العام وأموال «الوفد»، وهى بالمناسبة لا تقف عند رقم 90 مليون فقط، بل هى أكثر من ذلك بكثير، وسوف تكشف التحقيقات القادمة عن كثير من المفاجآت. ■ وما مصلحة الدكتور السيد البدوى فى ضياع حزب الوفد؟ - نظرًا إلى ارتباط مصالحه الخاصة بحزب الوفد.. كلنا يعلم أن ارتباط المال بالسياسة له توابعه الخطيرة، وليس أدل على ذلك من أن إهدار أموال «الوفد» السبب الوحيد فيها هو الدكتور السيد البدوى، عندما تعاقد مع شركة إعلانات للقنوات الخاصة به، وأيضًا لحزب الوفد، وهو ما حدث دون العرض على الهيئة العليا أو المكتب التنفيذى أو إدارة الجريدة أو حتى الشؤون القانونية، وهذا مثبت فى تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات ومثبت فى مذكرات قدمناها فى هذا الوقت اعتراضًا على هذا التعاقد الذى تم بموجبه التنازل عن قسم إعلانات الجريدة والشركة المعلنة، وهو أحد أهم أقسام الإعلانات فى مصر، لأنه كان قد سبق ومر عليه أكثر من 30 عامًا، وله عملاؤه، وهذا القسم كان يدر عائدًا سنويًّا نحو 11 مليون جنيه، والقسم فى حد ذاته له قيمة سعرية تفوق ال100 مليون جنيه، وهذا القسم تم التنازل عنه لشركة الإعلانات فى هذا الوقت دون مقابل، كما أن بنود العقد لم تحافظ على حقوق الجريدة كما أكد تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات، وعندما فسخ الدكتور السيد البدوى تعاقده فى قنواته الخاصة مع هذه الشركة، تركت الشركة جريدة «الوفد» دون أن تدفع ل«الوفد» كامل حقوقه، ودون أن يُلزِمها العقد بدفع فترة السنوات الثلاث، أو حتى إعادة قسم الإعلانات مرة أخرى، من هنا أصبح «الوفد» دون دخل من الشركة ودون دخل من أى إعلانات أخرى، لعدم وجود قسم إعلانات به، وتم فك الودائع التى كانت تدر عائدًا سنويًّا 9 ملايين جنيه، وأصبح «الوفد» معلَّقًا فى الهواء يستنزف ودائعه ومدخراته، حتى أصبح الآن على وشك الإفلاس، وكلنا يعلم أن الحالة التى بات عليها «الوفد» تهدِّد وجوده، وهذا يفسر لنا السبب الحقيقى وراء استقطاب بعض رجال الأعمال الذين عليهم علامات استفهام كثيرة جدًّا، وهذا جعل «الوفد» يبدو معرَّضًا للبيع أمام الناس وأمام أعضائه، وهذا يفسِّر الأسباب الحقيقية وراء إبعاد الوفديين وجلب بعض الأشخاص إلى «الوفد»، ولكننا لن نقف كوفديين مكتوفى الأيدى، ولن نترك «الوفد» للبيع. ■ لمَن باع البدوى الحزب من رجال الأعمال وأعضاء الحزب الوطنى؟ - محمد فريد خميس وطلعت السويدى، وغيرهما كثيرون ممن يأتى بهم البدوى.. وما يحدث فى «الوفد» الآن من تغيير ودخول شخصيات من الحزب الوطنى أمر بات يعرفه الجميع، هذا إضافة إلى انضمام بعض الإخوان. ■ ولماذا لم تعترضوا على انضمام أعضاء «الوطنى» والإخوان إلى الحزب؟ - نحن كوفديين عارضنا هذا الأمر بشدة أكثر من مرة، ولكن الدكتور السيد البدوى كان يبرر ذلك بأن الانتخابات تحتاج إلى مال، وأن بعض الأشخاص من هؤلاء لديهم القدرة المالية للمساعدة فى الفوز بالانتخابات. ■ هل ستلجؤون إلى رئيس الجمهورية مرة أخرى لحل الأزمة؟ - رئيس الجمهورية يتابع ويعرف كل ما يدور على أرض مصر، بدليل أنه هو مَن بادر فى لفتة كريمة وفى خطوة حُسبت له عند الوفديين، ومن المؤكد أنه وكل الأجهزة يعلم انقلاب البدوى على هذه المبادرة، والأهم أن ما تم التحذير منه أمام الرئيس قد حدث بالفعل. ■ ماذا عن توقيعات حملة «ارحل»؟ - أول من أمس، كنا فى المحلة، وطلب الناس استمارات للتوقيع عليها، ونحن نهدف إلى جمع 10 آلاف توقيع خلال الأيام العشرة المقبلة. ■ ولكن لائحة الحزب تؤكد أن جمع 500 توقيع كافٍ لسحب الثقة من رئيس الحزب؟ - صحيح، ولكننا غير معترفين بهذه الجمعية، لأنها غير حقيقية، ولذلك نحن نعود إلى القاعدة الوفدية، للتأكيد أن كل الوفديين معنا. ■ هل رحيل البدوى ينهى الأزمة؟ - برحيله سينتهى كثير من المشكلات، لأننا كتيار إصلاح لدينا مشروع كامل لإعادة بناء الوفد كحزب مؤسسى، لإعادته إلى الثوابت الوطنية كمكون رئيسى للتيارات السياسية وتوجيهها فى الاتجاه الصحيح، خصوصًا أن الأمة المصرية فى حاجة ماسَّة إلى عودة «الوفد» إلى ثوابته الوطنية، وليس «الوفد» القائم على المصالح.