أثار إعلان مشروع قانون الكهرباء الجديد، من قبل حكومة المهندس إبراهيم محلب، حالة كبير من الجدل حول جدوى إصداره في الوقت الحالي، محاطة بالعديد من التساؤلات حول ما يحمله هذا القانون على المستوى الاجتماعي بصفة خاصة، وكثرت التكهنات حول تعديل أسعار الكهرباء والطاقة، وكذلك تبعات هذه الزيادة على المواطن الذي يعاني ارتفاع تكاليف المعيشة. الهدف المرجو من المشروع الجديد، زيادة أسعار الطاقة الكهربائية التي تعد عبئًا كبيرًا وصداعًا مزمنًا يدق في رأس الحكومات المتعاقبة منذ حكومة الدكتور عاطف صدقي في حقبة التسعينيات من القرن الماضى، لا سيما بعد تصريحات المسئولين الدائمة بأن هناك أزمة طاقة والتحذير من الاستهلاك المتزايد، بالإضافة إلى الحديث عن ديون وزارة الكهرباء لدى وزارة البترول الناتجة عن عدم سداد قيمة الوقود المستخدم في تشغيل المحطات المنتجة الكهرباء. ورغم كل ما شهدته مصر خلال الفترة السابقة من أزمات عديدة في مجال الطاقة بصفة عامة وفي الكهرباء بصفة خاصة، وكثرة الحديث عن الدعم وانخفاض أسعار الكهرباء قياسًا بتكلفة الإنتاج، إلّا أن القانون المزمع إصداره في هذا الشأن لم يتطرق بشكل مباشر إلى أسعار الطاقة الكهربائية زيادة أو نقصانًا، بينما جاءت معظم نصوصه في شكل إعادة ترتيب وتنظيم منظومة الطاقة الكهربائية في مصر. منظومة الكهرباء في مصر حاليًا ووفقًا للقوانين القائمة، ورغم وجود الشركة القابضة لكهرباء مصر كشركة مساهمة؛ فإن الاستثمار في قطاع الكهرباء غير مصرّح به إلّا لوزارة الكهرباء والهيئات الحكومية التابعة للوزارة أو الشركات التابع لها، وهو ما يهدف مشروع القانون إلى تعديله؛ حيث نص على فتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في البنية الأساسية للكهرباء؛ كإنشاء المحطات وإنتاج الكهرباء، واستغلال جميع المصادر المتاحة في مصر لإنتاج الطاقة الكهربائية والطاقة النظيفة من المصادر المتجددة. قسم مشروع القانون منظومة الكهرباء إلى أربعة أقسام أو قطاعات، هي الإنتاج والنقل والتوزيع والاستهلاك، كما نص في مشروعه الجديد على إنشاء جهاز تنظيم مرفق الكهرباء، وحماية المستهلك، ليقوم بتنظيم ومتابعة ومراقبة كل ما يتعلق بنشاط الكهرباء في القطاعات الأربعة، وتأتي هذه الخطوة استعدادًا لتنفيذ العقود التي تم توقيعها مع الشركات الأجنبية، وبصفة خاصة شركة سيمينس الألمانية، لإنشاء محطات جديدة لتوليد الكهرباء في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، وتوسيع دائرة الاستثمار في كل قطاع على حدة، إلّا أن القانون نص على احتكار الشركة للمصرية لنقل الكهرباء لنشاط نقل الكهرباء، وتشغيل الشبكة مع فتح المجال لتعدد الشركات في مجال التوزيع. بينما نص القانون على اختصاص جهاز تنظيم مرفق الكهرباء؛ بتحديد السعر العادل لبيع الكهرباء، وهو ما يعني أنه طبقًا للقانون الجديد، سيتم إعادة تقييم الأسعار التي تقدّم بها الخدمة في الوقت الحالي، ووضع تعريفة جديدة لشرائح المستهلكين، لا سيما في ضوء ما نص عليه القانون من تصنيف المواطنين إلى نوعين من المشتركين، الأول المشترك المؤهل وهو المواطن الذي يحق له اختيار مورد الكهرباء الخاص به، أمّا الثاني فهو المشترك غير المؤهل وهو المواطن الذي ليس له حرية اختيار مورد الكهرباء الخاص به، ولكل منهما تعريفة تختلف عن الآخر، أي أن هناك تعديل سيجرى على خطة أسعار الكهرباء، عقب إصدار اللائحة التنفيذية لهذا القانون، وهو ما سيتبعه ارتفاع أسعار الكهرباء، نتيجة مرور الخدمة بأكثر من مرحلة؛ حيث يقوم المنتج ببيع الكهرباء التي ينتجها إلى شركة النقل التي تبيع بدورها الكهرباء إلى شركات التوزيع التي ستتولى بيع الكهرباء للمستهلكين بأسعار مرتفعة، نتيجة إضافة هامش الربح إلى مصاريف التكلفة والإنتاج والنقل، ما يؤدي إلى ارتفاع السعر لثلاثة أمثال تكلفة الإنتاج. إضافة إلى ذلك؛ فإن دخول القطاع الخاص للاستثمار في الكهرباء من خلال الإنتاج والتوزيع، يدفع المواطن للتعامل المباشر مع الشركات مقدمة الخدمة دون الحصول على دعم حكومي على الطاقة الكهربائية، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض فاتورة الدعم التي تتحملها الموازنة العامة للدولة، وهو ما تسعى إليه الحكومة جاهدة، ما يضيف في نهاية المطاف مزيد من الأعباء على كاهل المواطن محدود الدخل.