أرسل المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، بالتعاون مع نقابة العاملين بالضرائب على المبيعات، وبالاشتراك مع عدد من الاتحادات والنقابات العمالية والمهنية، اليوم الأحد، خطابًا موجهًا إلى كل من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية، ورئيس مصلحة الضرائب المصرية، بخصوص ما أعلنته وزارة المالية في الشهور الماضية عن اعتزامها الانتقال للتطبيق الشامل لضريبة القيمة المضافة، وهي الضريبة التي ستأتي لتحل محل الضريبة العامة على المبيعات. وذكر الموقعون، أنه وفي ظل هذه التطورات، يظل التعتيم على تفاصيل هذه الضريبة الجديدة هو سيد الموقف، حيث يستمر عقد مشاورات مغلقة حول مشروع القانون، مع استبعاد أهم الفاعلين منها، سواء كانوا من المجتمع المدني أو الاقتصاديين أو الإعلاميين، أو العاملين في مصلحة الضرائب، فيما تستمر بعثات صندوق النقد الدولي لمصر، وذلك لتقديم الدعم الفني للحكومة المصرية في هذا الصدد. وأشار الخطاب، إلى أنه وبالرغم من أن ضريبة القيمة المضافة (value-added tax VAT) من أشهر الضرائب عالميًا، ويتم تطبيقها في أكثر من 130 دولة، إلا أنها تعد من الضرائب الأكثر مساسا بحقوق المواطن، خاصة بسبب أنها تفرض على كافة السلع والخدمات، ولا يتحمل أثر الضريبة الا المستهلك الأخير، أي المواطن. ومن هنا، كان يتعين على الحكومة المصرية دراسة تأثير الضريبة الجديدة على وصول المواطنين للسلع والخدمات. وهكذا طالب الخطاب الحكومة بالإفصاح عن أية دراسات أثر قامت بها في هذا الصدد، خاصة أن عدم الافصاح أصبح موقفا عاما، تمثل على سبيل المثال في التعتيم في مرحلة إعداد الموازنة، وذلك في غياب برلمان منتخب. ويأتي التخطيط للتطبيق الشامل لضريبة القيمة المضافة في نفس الوقت الذي اتخذت فيه الحكومة خطوات جادة لخفض فاتورة الدعم، من خلال إعادة هيكلة دعم المحروقات والتفكير في استبدال منظومة الدعم بالمساعدات النقدية لبعض الفئات وهو ما يهدد بزيادة الأعباء على المواطنين، وخاصة محدودي الدخل. فكل هذه الاجراءات، التي تأتي في المقام الأول لسد عجز الموازنة، تعني أنه على المواطن تحمل أعباءً مادية جديدة على الاستهلاك، خاصة في ظل معدلات البطالة والفقر المتزايدة، ومستويات الأجور الحالية المتدنية. كما تأتي هذه الاجراءات في حين تعاني مصر من ضعف في النمو السنوي، ومن زيادة مستمرة في معدلات التضخم، والتي تصيب أسعار السلع الغذائية بشكل لا يحتمله المواطن، فقد ارتفعت أسعار الغذاء بنسبة حوالي 20% في الفترة بين سبتمبر 2012 وسبتمبر 2013 على سبيل المثال. وبرغم إعلان الحكومة عن التحول لنظام ضريبة القيمة المضافة في البيان المالي لعام 2014-2015 وعن الأخذ في الاعتبار جزء من الأثر المالي المتوقع بسبب الانتقال إلى التطبيق الكامل لضريبة القيمة المضافة، فنجد أن ايرادات ضريبة المبيعات في مشروع موازنة 2014-2015 أقل من تلك المعلن عنها في مشروع موازنة 2013-2014. وهو ما يثير التساؤلات حول جدوى تطبيق ضريبة القيمة المضافة، إن لم تخطط الحكومة لزيادة الإيرادات الضريبية من خلالها كما يعكس البيان المالي للعام المالي الحالي. وبالتالي، فالافصاح عن خطط الحكومة المتعلقة بإصلاح المنظومة الضريبية ضروري من أجل فهم مدى جدوى الانتقال لضريبة القيمة المضافة وتحميل المواطن أعباء أضافية. وأردف الموقعون أنهم على دراية بأهمية العدالة الضريبية في إصلاح الاقتصاد المصري، وكذلك بترشيد الدعم خاصة فيما يتعلق بضرورة تدخل الدولة لإلغاء الدعم الموجه لبعض المصانع الكبرى كثيفة استهلاك الطاقة وهو ما سيوفر دعم الطاقة الذي يصل للقطاع الصناعي. وفي النهاية يؤكد الموقعون أن مخاطبة الحكومة حول ضريبة القيمة المضافة يأتي إيمانا منهم بأهمية الزيادة المستدامة لدخل الدولة، ولاسيما الدخل المعتمد على الإيرادات الضريبية، والتزاما منهم بمسؤوليتهم كشركاء للحكومة في تنمية الموارد، دون الإضرار بحقوق المواطن. كما يعبر الخطاب عن آمال في إشراك دوائر أكبر من أصحاب المصالح في صنع السياسات العامة، من أجل اختيار النموذج الاقتصادي المناسب لتحقيق العدالة الاجتماعية، ومن أجل تطوير البدائل الأكثر عدالة لزيادة دخل الدولة. ومن هنا يطالب الخطاب الحكومة بالافصاح عن مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة، كما يطالب بالإفصاح عن الخطط الاقتصادية والسياسات العامة، حتى يتسنى للمجتمع المدني القيام بدوره كشريك في تحقيق التنمية مع الوفاء الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.