اليوم.. الأوقاف تفتتح 5 مساجد في المحافظات    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري اليوم    ارتفاع أسعار الذهب الجمعة 21 يونيو 2024    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 21 يونيو    اليوم.. مصر للطيران تنظم 8 رحلات جوية للسعودية لإعادة الحجاح    لحظة تحطم طائرة مسيّرة في مصفاة نفط بمنطقة كراسنودار الروسية (فيديو)    جدل في جيش الاحتلال بعد تصريحات متتابعة عن "القضاء على حماس"    مارتنيز يشتبك مع أفراد الشرطة المتواجدة في افتتاح كوبا أمريكا 2024 (فيديو)    موعد مباراة فرنسا وهولندا في الجولة الثانية من يورو 2024.. والقنوات الناقلة    حالة الطقس المتوقعة غدًا السبت 22 يونيو |إنفوجراف    تامر حبيب يوجه رسالة لمخرج وأبطال «ولاد رزق 3» بعد مشاهدته بدور العرض السينمائي    ترامب: لن أرسل قوات أمريكية إلى أوكرانيا    بكام الفراخ البيضاء؟ أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الجمعة 21 يونيو 2024    حلمي طولان: ممدوح عباس مساند حقيقي لمجلس لبيب.. وصفقة عبد الله السعيد الأفضل في يناير    موقف الأهلي من المشاركة في بطولة كأس الأفروآسيوية    استشهاد 14 فلسطينياً جراء ضربات جوية إسرائيلية على قطاع غزة    في تغير مفاجئ، ترامب يغازل طلاب الجامعات الأجانب بمكافأة العمر    تعامد الشمس في معبد الكرنك: رمزية وتأثيرات على الحضارة المصرية القديمة    تسريبات صوتية.. أزمة جديدة بين حسام حبيب وشيرين    طريقة عمل كيكة المهلبية، تحلية سريعة التحضير    صراع الصدارة والقاع.. موعد مباراة الأهلي والداخلية في الدوري الممتاز    بوتين: ليس لنا أهداف قرب خاركوف ومهاجمة قواتنا القريبة منها ستكلف كييف ثمنا باهظا    «قندوسي» ينتظر تحديد مصيره مع الأهلي.. و«كولر» لا يُمانع على احترافه    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    الأوقاف تفتتح 5 مساجد.. اليوم الجمعة    هدايا عيد الأب 2024.. تعرف على أجمل الأفكار    طقس اليوم شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38    منظمة الصحة العالمية تحذر من أدوية مغشوشة لمرض السكري    الزعتر البري.. فوائده في مكافحة السرطان واستخدامه في التحنيط عند الفراعنة    تطوير عقار جديد يدمر خلايا السرطان ذاتيا.. تفاصيل    زيلينسكي يعلن العمل على تحويل أوكرانيا إلى الطاقة الشمسية    «أنا سبب المشكلة».. شوبير يكشف مفاجأة بشأن الصلح بين الخطيب وتركي آل الشيخ    ووكر: يجب أن نرفع القبعة للهدف الذي استقبله شباك منتخبنا إنجلترا    أميرة بهي الدين: تنبأت بعدم بقاء الإخوان بالسلطة الإ عام واحد فقط    القس دوماديوس.. قصة كاهن أغضب الكنيسة ومنعه البابا من الظهور بالإعلام    مشاجرة إمام عاشور داخل مول الشيخ زايد تشعل السوشيال ميديا.. التفاصيل الكاملة    بداية الكوبا وقمة أوروبية.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    إصابة 4 أشخاص من أسرة واحدة بتسمم غذائي في بنها    بلا مشقة بالغة.. هبة عوف: الاستطاعة الصحية شرط أساسي للحج    مطرانية مغاغة والعدوة للأقباط الأرثوذكس تنعى عروس المنيا وتوجه رسالة إلى خطيبها    تجار البشر.. ضحايا فريضة الحج أنموذجًا    ننشر نص خطبة اليوم الجمعة    أنت وجنينك في خطر، تحذير شديد اللهجة للحوامل بسبب الموجة الحارة    أسامة قابيل يكشف حقيقة وجود أعمال سحرية على عرفات    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان التشكيل الوزاري الجديد    البطريرك يلتقي عميد كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية في ليون    الحبس وغرامة مليون جنيه عقوبة الغش والتدليس للحصول على بطاقة ائتمان    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    وحيد أبوه وأمه.. غرق شاب بقارب صيد أثناء عمله في أسيوط    مصرع شخص إثر حادث مرورى بدمياط    تامر أمين عن وفاة الطفل «يحيى» بعد نشر صورته في الحج: «ربنا يكفينا شر العين» (فيديو)    سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء في عطلة الأسبوع الجمعة 21 يونيو 2024    الاحتلال يعلن اعتراض هدف جوى أطلق من لبنان    «مش بتاع ستات بس».. أحمد سعد يثير الجدل بسبب تصريحاته حول ارتداء الحلق (فيديو)    شاهد.. فرقة "أعز الناس" تشعل ستوديو منى الشاذلى بأغنية للعندليب    إزالة 11 حالة تعدي على الأراضي الزراعية ومخالفات البناء بالغربية    لعدم الاحتفاظ بالشهادة الصحية.. تحرير 17 محضرًا تموينيًا ب شمال سيناء    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدجالون.. والجن من المشايخ إلى القساوسة
نشر في التحرير يوم 31 - 07 - 2014


كتب- ربيع السعدنى
63% من المصريين يؤمنون بالخرافات.. أبرزهم الفنانون والسياسيون والرياضيون
لم يكن يدرى أشرف ما الذى يجرى له فى حياته التى تسير على غير إرادته أو وفق رغبته وأحلامه التى كان يخطط لها، وأهدافه التى يسعى لتحقيقها بصورة غريبة وأسباب خفية خارجة عنه، رغم قربه الشديد من الله، ومحافظته على أوراده اليومية من الكتاب والسنة ومداومته على الصلوات الخمس فى بيت الله، وتبليغه عن الله ونشر الأخلاق الحسنة للإسلام لمن يعرف ومن لا يعرف فى كل مكان يرتاده، حتى فى ذلك اليوم الذى أجبرته والدته وصديقه المقرب على الذهاب إلى شيخ يعالج بالقرآن ليقرأ عليه آيات الله ويرقيه ويكشف عن أسباب معاناته الخفية، ويضع حدًّا ونهاية لكل ذلك.
مخادعون باسم الدين
(أشرف.س) كان يرفض بشدة مبدأ الذهاب إلى «دجال» أو«تاجر دين»، رغم مرضه الشديد -هكذا كان يسميهم- ويطلق عليهم إذا حدثه أحدهم عن التوجه إليه، لأن الشافى والمعافى هو الله، وهؤلاء ليسوا سوى نصابين مخادعين باسم الدين حسب تعبيره، ولكن بإلحاح الأم وإصرار صديقه، اصطحباه إلى أكبر مشايخ الشرقية لفك الأعمال والسحر وإخراج الجن.
وبينما كان الجميع يتحدثون عن الجن الذى يلبس بنى آدم ويتحكم فى حياته وتصرفاته كيفما يريد، وقدرة بعض العرافين على إخراج هذا الجان من الممسوس أو المصروع أو الملبوس، تدخل أشرف خلال انتظاره دوره للدخول إلى ذلك الشيخ المعالج بالقرآن، قائلا «يا جماعة دا دجل وسحر وشعوذة وبُعد عن ربنا وكفرٌ به والعياذ بالله، مافيش حاجة اسمها مس أو لبس دا كلام شيطانى والرجوع إلى الله وإقامة الخلافة الإسلامية الطريق الوحيد لعلاج كل الأمراض والأسقام ونهضة الأمة».
هنا قاطعته إحدى السيدات الموجودات بالصالة فى انتظار انتهاء الشيخ من إحدى جلساته للعلاج بالقرآن فتدخلت لإحراجه بقولها «لما إنت قريب أوى من ربنا كده وعارف كل دا وبتدعونا إننا ما نروحش لدجالين طيب ممكن نعرف إيه اللى جابك هنا».
هنا التزم أشرف الصمت، وانتظر مثل غيره من العشرات دوره خارج الصالة وصديقه الذى اصطحبه معه من منطقة «القنايات»، إحدى قرى ديرب نجم بالشرقية وهو يمنى نفسه من حين لآخر بالرحيل بعيدا عن ذلك المكان الملىء بالشياطين ولعنة المولى الكريم، ولكن ما هى إلا دقائق معدودة وجاء دوره ودخل للشيخ المعالج بالقرآن الشهير ب«ش.ع.أ»، وقبل أن يخبره عن مشكلته ومدى معاناته لمعرفة الداء ووضع الدواء المناسب له، سأله الشيخ بداية عن اسمه واسم والدته ثم نظر إليه مليا وهو يضع كلتا يديه على جبهته، ثم أخذ يتلو عليه بعض الرقى والتعاويذ التى كان يهمس بها فى أذنيه فانتفض أشرف بين يديه ووقع على الأرض وهو يتشنج وصدرت أفعال لا إرادية منه، وما يزال الشيخ يقرأ عليه ويعلو صوته ويصرخ فى أذنيه بالتكبير وهو يردد «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»، «اخرج باسم الله» ثم يتابع تلاوة بعض آيات السحر فى القرآن حتى هدأ أشرف تماما.
300 ألف دجال فى مصر يزعمون قدرتهم على علاج الأمراض وتحضير الأرواح
اللى حلّك هو اللى ربطك
الطريق إلى الدجالين والعرافين ليس مفروشًا بالورود كما يظن البعض وليس مستحيلا كما يصور البعض الآخر، ولكنه يحتاج إلى قليل من التعقل والتفكير الجيد والإيمان القوى حتى لا يكتشفوا هويتك و«أصلك وفصلك» ومن هنا كان لا بد من طريقة للدخول إلى هؤلاء ومعرفة أسرار تلك المملكة المحصنة من الداخل والوصول إلى أساليبهم وطرقهم فى استغلال البشر من أجل زيادة همومهم وأمراضهم، بدلا من المساهمة فى حلها.
«اللى حلّك هو اللى ربَطَك».. خرجت تلك العبارة السحرية من عم محمد أبو السعيد، صاحب الأربعين عاما والذى سبق له أن اصطحب أحد أقاربه (ابن عمه) إلى أكبر هؤلاء الدجالين فى الشرقية لمعالجته من ذات المشكلة التى تعرضنا لها وهى «الربط» بعد أن أخبرناه أننا متزوجان حديثا «منذ أسبوعين» تقريبا، وغير قادرين على ممارسة العملية الجنسية بصورة طبيعية، الأمر الذى حول حياتنا الزوجية إلى جحيم ونار نكتوى بلهيبه يوما بعد الآخر.
كانت البداية مع عم جمال (65 عاما) ويعمل ميكانيكى سيارات خلف موقف ديرب نجم بالشرقية، بعد أن حكينا له عن مدى المعاناة التى تعرضنا لها على مدار الأسبوعين الماضيين ليدلنا على طريقة للخروج مما نحن فيه، فأخذ يهون علينا ويحدثنا عن ابنه الأصغر الذى دار به على الأطباء والحكماء والعرافين والشيوخ «علشان يفكوا ربطته زى حالاتنا» فقال: تعرفوا إنهم دوخونى وبهدلوه وصارف عليه فوق ال6 آلاف جنيه علشان يدخل على مراته وفى الآخر عرفنا إنها مجرد حالة نفسية عند الاتنين وزيادة تفكير وخوف من بكرة».
وبين حين وآخر لم ينسَ عم جمال أن يرفع يديه للسماء ويدعوا ربه «اللهم عليك بالظالمين» وهو يدلنا على أشهر هؤلاء الدجالين والمشايخ الذين كانوا «يفتحون المندل والكتاب لابنه»، وهو حلاق يدعى «عربى السكرى»، (45 عاما) ويسكن فى مساكن السوق خلف قسم شرطة ديرب نجم، وصاحب صالونى حلاقة وشقيقيه عماد وقاسم.
«مساء الخير عم عربى.. عايزينك فى حاجة خاصة جدا»، فأصر على معرفتها فى التليفون أولا قبل مقابلته، فقلنا له: إحنا جايين لك مخصوص من مصر علشان تحل لنا مشكلتنا.
ودلنا على عنوان عمله الخاص، الذى يبعد نحو ثلاثمئة متر عن صالون شقيقه، خلف كافيتريا الأحلام، فوجدته فى انتظارى وتحدثت إليه عن مشكلتى، فأصر بداية على معرفة اسم من أخبرنى عنه، فذكرت له اسما من «ديرب» ويعمل صنايعى «نجار مسلح» فى زهراء مدينة نصر، فاطمئن قليلا غير أن نظراته لا تزال زائغة وهو يسألنى عن اسمى وزوجتى ثم قال عليكما جن وشخص ما «سحر لكم» و«ربطكما» انتقاما منكما، وعليه فلا بد من اصطحاب زوجتك إلى حتى أقرأ عليكما معا وبعدها تغتسلان بمياه قرأ عليها بعض آيات فك السحر».
الغريق يتعلق ب«قشاية»
بعد لحظات قال له «إنت يا عم أشرف لابساك جنيّة مسلمة من العالم التانى فى يوم جمعة بالليل من سنتين بالضبط، وعندك وجع مستمر فى الضهر أسفل العمود الفقرى، وآلام فى الخصية الشمال، وهى عايزاك تنام باستمرار، رغم إنك تعمل الخير لكل الناس، وساعة ما تعمل حاجة لنفسك تكسل، وتنسى نفسك وعصبى جدا وروحك دايما فى مناخيرك».
هنا تغيرت قناعات أشرف تماما، والتزم الصمت كأنه مسحور بكلام الشيخ الذى تمكن بتلك الكليمات من امتلاك عقله وقلبه، ذلك الشاب المتدين خرِّيج إحدى الكليات الأزهرية ووضع له روشتة علاج يسير عليها لمدة سبعة أيام.
وهى عبارة عن بعض الوريقات التى كتب عليها عبارات وآيات وأوراد متداخلة وغير مفهومة، ليقوم بغليها فى المياه والاستحمام بها لمدة سبعة أيام فى «طست» ثم رمى تلك المياه فى مكان آخر غير موضع اغتساله، ويشرب من نقيع تلك المياه دون أن يسمى عليها، فقاطعه أشرف: ليه مش هاسمى عليها يا مولانا؟
فأخبره الشيخ أن تلك المياه تشرب منها الجنية، هنا اقتنع ذلك الشاب الأزهرى، صاحب السبعة وعشرين عاما بكل كلمة وورقة كتبها الشيخ الذى كان يصفه ب«الدجال وتاجر الدين»، فصار يترقب يوم زيارته الثانية بفارغ الصبر من أجل معرفة النتيجة ووضع حد لصراعاته مع نفسه، وحتى الآن مر عامان عليه وحالته كما هى بل تزداد سوءًا، حتى إنه ما ترك بابا إلا وطرقه وقد أنفق أهله ما يقرب من 7 آلاف جنيه فى علاجه والذهاب به إلى الدجالين والعرافين والمشايخ والأطباء النفسيين، ولكن دون أدنى نتيجة فعالة أو جذرية حتى الآن.
أشرف مثال حى على عشرات بل آلاف الحالات التى تذهب يوميا إلى الدجالين والعرافين وقارئى الكف والطالع والمشايخ والأطباء النفسيين، كالغريق الذى يتعلق ب«قشاية» للخروج من صراعاته ومعاناة روحه الداخلية التى غالبا ما تكون ناتجة عن حالة نفسية حادة تعرض لها ذلك الشخص.
دجالون.. بدرجة مشايخ وقساوسة
شاب أزهرى اقتنع بكلام الدجالين وذهب إلى شيخ يخرج له الجن من جسده
شيخ رفاعى.. يعالج بالقرآن
حاولنا البحث عن شيخ يعالج بالقرآن، فدلنا أحدهم على الشيخ محمد شوقى أحمد عطية الشهير ب«خليفة الرفاعى» صاحب الطريقة الرفاعية الشهيرة بالشرقية، يبلغ من العمر خمسة وأربعين عامًا ويقطن فى منزل مكون من ثلاثة طوابق بديرب نجم البلد بالشرقية، ويعمل موظفا فى إدارة الأوقاف بالمحافظة، ومع وصوله إلى منزله عصر اليوم يجد صالة الدور الثانى وحجرته الخاصة والبلكونة مكتظة بالمرضى فى انتظار العلاج بالجلسات أو الوصفات التى يتفنن فى وضعها، ومعظمها متشابهه إلى حد كبير إن لم تكن واحدة. اتجهت إلى هناك كأحد المرضى المصابين وقد ادعيت أننى «مربوط»، وهى حالة نفسية تنتاب المتزوجين حديثا من ممارسة علاقته الزوجية بشكل طبيعى، وذلك بعد زواج دام أسبوعين فسألنى بداية عن اسمى وزوجتى وأمهاتنا ليحدد أبراجنا، ثم أخذ يجرى بعض العمليات الحسابية على الآلة الحاسبة التى بجانبه، ويكتب بعض الآيات القرآنية الخاصة بالسحر والمعوذتين وآية الكرسى وسورة القدر وبعض اللوغاريتمات والرموز والشفرات التى لا أفهمها، مستغرقا فى ذلك أكثر من ساعة تقريبا قبل أن يصل إلى نتيجة، وفى أثناء ذلك يحدثنى عن عصبيتى الزائدة وهدوء زوجتى «الوهمية».
وبين حين وآخر يشعل سيجارة المرلبورو الخاصة به من على المكتب المجاور له وينفث دخانها بشراهة فى سماء القاعة، وكأنه يحضر أرواحا بأنفاسه هذه على جموع الحاضرين فى القاعة. وخلال الجلسة دخل علينا أحد تجار القاهرة المشهورين بالأعشاب والعطور المفاجأة هى مدى العلاقة الوطيدة التى تربط الشيخ برجل الأعمال الشهير وغيره من الأسماء الكبيرة اللامعة فى السوق المصرية، لإتمام الصفقات والفوز بالمناقصات والعطاءات وشراء الأراضى والعقارات والسيارات وغيرها من الأعمال التجارية، كما علمنا بعد ذلك خلال الجلسة الخاصة به.
ممارسة الدجل والخرافة.. داخل الكنيسة
العديد من الكرامات والمعجزات التى كان يفعلها المسيح عليه السلام أظهرها لنا أتباعه حينما سألناهم عنه ومقدرته فى العلاج ومعظم من يتابعون عظته الأسبوعية فى الكنيسة المرقسية الكبرى الشهيرة ب«البطرخانة» بشارع كلود بك بحى الأزبكية يومى الأحد والجمعة أكدوا لنا ذلك، مع أن الكنيسة نفسها لا تعترف بالمعجزات التى يقوم بها أى قديس إلا إذا مر على وفاته 50 عامًا.
ذهبت إلى الأنبا مكارى يونان، أسقف كنائس شبرا الجنوبية، برفقة أحد الأشخاص المسلمين لعلاج ابنه الشاب الذى «مسّه» جن، كما يقول بعد أن فاض به الكيل وضاقت أمامه السبل وأغلقت فى وجهه جميع الأبواب، وأنفق ما يقرب من 10 آلاف جنيه على علاجه عند المشايخ والدجالين والأطباء النفسيين.
ولم يجد أمامه بدًّا أو حرجا من الذهاب إلى قسيس وهو مسلم، ولكن كما يقولون فإن «الغريق يتعلق بقشاية»، وانتظرنا الأنبا مكارى حتى فرغ من عظته الأسبوعية بالكنيسة عند نحو الساعة الثامنة والنصف مساء.
هنا بدأ هذا الشخص المريض فى الاتيان بأفعال تشنجية، فيصرخ فيه الأنبا مكارى، قائلا: «اقعد»، ويستمر الجدال بين الأنبا مكارى والجن، الذى يصرخ بأن «يسوع المسيح هو الله» عندما يسأله مكارى: من الله؟
وسط ذهول تام من والده وتصفيق شديد من قبل الحاضرين معنا الجلسة فى الكنيسة، ولحظات وقرأ عليه مكارى قسم إخراج الجن حسب تعبيره.
هنا يبدأ هذا الشخص فى التشنج والصراخ بشدة من جديد، متواعدا بأنه يريد لصاحب الجسد أن يموت، إلا أن مكارى يعود ليمسك به ويردد القسم بكل قوة حتى يهدأ الشاب، مؤكدا خروج الجن منه بشكل نهائى، على حد قوله.
10مليارات إنفاق المصريين على السحر والشعوذة
عشرة مليارات من الجنيهات سنويا تنفق على هؤلاء الدجالين والمشعوذين. هذا ما توصلت إليها الدراسة التى أجراها الدكتور محمد عبد العظيم الخبير بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة.
كما كشفت الدراسة أن نحو 300 ألف دجال فى مصر يزعمون قدرتهم على علاج الأمراض وتحضير الأرواح، وكشفت الدارسة التى أجراها الباحثان رشدى منصور ونجيب إسكندر بالمركز القومى للبحوث النفسية أن 63% من المصريين يؤمنون بالخرافات والخزعبلات، وأهم المترددين على الدجالين هم الفنانون والسياسيون والمثقفون والرياضيون والذين يمثلون نسبة 15% من المؤمنين بتلك الخرافات.
غياب التفكير العلمى ينشر الخرافة
«حالة نفسية».. أخذنا الخيط من على طرف لسان أحدهم وتوجهنا إلى أحد الأطباء النفسيين، الدكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، والذى ضرب لنا مثلا على ذلك بإحدى الحالات المرضية التى ترددت عليه، والتى كانت تحمل دكتوراه فى الطب وقد بلغت (53 عاما) ولم تتزوج بعد، فلجأت إلى كثير من المشايخ فى مصر وخارجها فى المملكة العربية السعودية، ظنا منها أن إحداهن صنعت لها سحرا وعملا لكى لا تتزوج، ولكن حينما استمع إليها اكتشف أنها وحيدة أمها، حيث تراها الأم أجمل بنات الله «فاستخسرتها فى الرجالة» حسب تعبيره، ومن ثم فإنها لم تكن ترى أنها وأمها تلعبان الدور الأكبر فى وصولها للعنوسة.
وعلى صعيد آخر أكد بحرى أن من يلجؤون للعلاج الشعبى لم يجدوا الخدمات الطبية اللازمة، والاهتمام الكافى فى المستشفيات الحكومية والخاصة، لكى يكفوا عن ذلك، فضلا عن معاملة المريض فى تلك الأماكن بمنتهى الإهانة والقسوة، دون أن يستمع إليه، والاستماع يمثل نصف العلاج كما يقولون، وهذا ما يجعل المعالج الشعبى يتفوق عن الأطباء وغيرهم، فكلما تقدم العلم كلما تلاشت الخرافة والعكس صحيح. وفى ما يخص قيام بعض المشايخ والقساوسة بالنصب والدجل على المرضى تحت ستار الدين تؤكد الدكتورة هدى زكريا، أستاذ الاجتماع السياسى بكلية الآداب، جامعة الزقازيق أن الدين له وظيفة اجتماعية لتنظيم حياتنا فى الجانب الأخلاقى والأديان السماوية الثلاثة تنكر الشعوذة وتحارب الخرافة.
نفسيون: الخرافة تنتشر بسبب غياب المنهج العلمى فى التفكير
أزهريون: ضعف الخطاب الدينى الموروث يكرس انتشار ثقافة الشعوذة
خطاب دينى غير مستنير
وعلى صعيد دينى أكد الدكتور إبراهيم رضا، أحد علماء الأزهر الشريف أن ضعف الخطاب الدينى الذى يقدم للناس فكرًا دينيا رجعيا وموروثًا غير مستنير السبب الأكبر فى التكريس لفكرة الشعوذة وانتشار الخرافة فى المجتمع، رغم أن الدين الإسلامى أول من تصدى للدجل والشعوذة والفكر الخرافى حينما ردد بعض الناس فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم أن الشمس كسفت لموت ابنه الوحيد إبراهيم، فصعد رسول الله المنبر وخطب فيهم: «إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتموهما فقوموا فصلوا». ومن ثم فقد مارس النبى حيادا موضوعيا فى المنهج العلمى فى التفكير ولكن اليوم حسب تعبيره فإنه على المؤسسة الدينية والأزهر أن يضعا نصب أعينهم أن الخطاب الدينى المقدم ضعيف جدا، ويجب أن نبحث عن لغة دينية جديدة تهتم بمشكلات الناس لا خطاب من الماضى لا يقدم بل يؤخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.